العملات الهرمزية المتداولة والمسكوكة في عُمان

العملات الهرمزية المتداولة والمسكوكة في عُمان

تشكّل العملات النقدية أحد الشواهد المادية ذات الأهمية الكبيرة، ولا تزال الاكتشافات تبرز العديد من المعلومات التي أصبح تداولها وانتشارها أسرع بفضل التقنيات ووسائل التواصل الحديثة. تعدّ مملكة هرمز إحدى الممالك التاريخية المهمة في حوض المحيط الهندي منذ القرن السابع الهجري حتى عام 1031 هجري حيث انتهت مملكة هرمز للأبد، والتي مدت نفوذها إلى أجزاء من عمان بل اتخذت من مدينة قلهات الأثرية عاصمة ثانية لها بعد جزيرة هرمز (جرون) بل إن رواية توران شاه (أحد ملوك هرمز) أشارت إلى أن أصل السلالة الحاكمة يعود إلى رجل يقال له محمد كان ملكًا على عمان اتخذ من قلهات عاصمة له ثم توسعوا إلى أماكن أخرى في الجزيرة العربية.

 

ولم يكن معروفًا أن لمملكة هرمز عملات حتى تم التنقيب في جزيرة جرون (هرمز الجديدة) عام 1979 وتم العثور على ما يقرب من ألف عملة تم سكها في جزيرة هرمز كتب على بعضها (عدل جرون) وجرون هو اسم جزيرة هرمز الجديدة على مدخل الخليج، والتي قام الشاه عباس الأول بهدمها ونقل الميناء إلى جمبرون، التي أصبح اسمها من ذلك الوقت بندر عباس. ويبدو أن فترة ازدهار كبيرة عاشتها مملكة هرمز وحوض المحيط الهندي عامة. وكما أسلفنا، فإن نفوذ مملكة هرمز امتد إلى أجزاء من عمان، بل إن عاصمتها الثانية كانت قلهات كما وصفها ابن بطوطة في كتابه (معجم البلدان)، ولعل من أسباب ذلك رغبة مملكة هرمز في السيطرة على الطريق البحري من الخليج العربي باتجاه البحر الأحمر، والذي كانت التجارة تعبر من خلاله وتحمل البضائع بالجمال إلى الموانئ المطلة على البحر الأبيض المتوسط ثم تعبر السفن مرة أخرى إلى الموانئ الأوربية.
وقد قال ألفونسو البوكيرك: (هنالك ثلاثة أماكن في الهند (المحيط الهندي) للتجارة الرائجة وهي خليج الملقة باعتبارها مخرج خليج سنغافورة، وخليج عدن مدخل ومخرج البحر الأحمر، وهرمز مدخل ومخرج مضيق الخليج، ومدينة هرمز في اعتقادي أهمها جميعًا). 
وأشار صاحب مخطوط أول قطرة من طل في سيرة أبو محمد البطل القرن (القرن 14 هجري) (مخطوط) عن وجود بقايا أوقاف لحكام قلهات في المناطق القريبة من قلهات، بل أشار إلى وجود بعض العوائل التي تنحدر من الهرمزيين في عمان. 
وتعد العملات أحد الشواهد الحضارية المهمة التي سيكون لها بالغ الأثر في معرفة جزء من تاريخ المنطقة، والعلاقة بين مختلف المناطق الجغرافية. 
ونستعرض في هذا المقال الأثري بعض العملات الهرمزية التي ضربت في الفترة الهرمزية ومثلت جزءًا من ذلك التاريخ الغامض لسك العملات في مملكة هرمز وعمان، فاتحين المجال لمزيد من الإضافات التي قد تفيد في هذا الجانب، ولا شك أن الاكتشافات المستقبلية ستكون ثرية إذا ما تم تحليلها ونشر نتائجها. 

 أولًا: عملات  (عدل جرون) النحاسية وعملات عدل جرون 
هي في العادة ضرب عليها من جهة (عدل جرون) ومن الجهة الأخرى ضرب يشبه ضرب المرساة، وفي بعض الحلات النادرة ضرب (جرون عدل) ويبلغ وزنها في المتوسط أقل من غرامين، وقطرها في المتوسط سنتيمتر ونصف، وفي الغالب من العملات لم يضرب التاريخ. 

ثانيًا: العملات المؤرخة 
العملات المؤرخة قليلة في مملكة هرمز، لكنها تحوي مجموعة من العملات شديدة الأهمية لا سيما شديدة الندرة التي لا يوجد منها إلا نموذج واحد يعود للقرن الثامن الهجري ضرب في عام (792 هجري - 1390-1391 ميلادي) قراءة المأثورات بواسطة خبير العملات راشد الشحي. 

وهذه العملة المؤرخة بعام 893 هجري (1488 ميلادي) ويمثل هذا التاريخ حكم السلطان سلغر شاه حاكم هرمز وهو صهر السلطان سليمان بن سليمان بن مظفر النبهاني، وقد شهدت هذا الفترة هجمات لبني جبر على عمان وكذلك صراعًا بين سلطنة هرمز وبني جبر. 
وهناك عملة تعود إلى عام 906 هجري 1500 ميلادي وهي ليست ضمن المجموعة لذلك نعتذر عن إبراز صورة لها.

ثالثًا: عملات بأسماء الملوك 
عملة سلغر شاه، حيث سك على العملة النحاسية (سلغر شاه) وتكرر اسم سلغر شاه في سلسلة ملوك هرمز، إلا أنه من المرجح أن يكون سلغر شاه نسيب السلطان النبهاني سليمان بن سليمان حيث تزوج سلغر شاه بن توران شاه ابنة السلطان سليمان بن سليمان وكان حاكمًا على قلهات قبل أن يسيطر على الحكم بمملكة هرمز بعد حرب مع أخيه، وقد طلب من نسيبه السلطان سليمان بن سليمان أن يساعده في احتلال هرمز. 
ومن المحتمل أن تكون هذه العملة ضربت في قلهات خلال فترة حكم سلغر شاه بن توران شاه، أو تكون ضربت في أجزاء أخرى من عمان من خلال الهجوم الذي شنه سلغر شاه على عمان بمعية جيش قوامه عشرون ألفًا بينهم ألف فارس سنة 886 هجري (1481 ميلادي). 
إن هجومًا بهذا الحجم على عمان يدل على أهمية استراتيجية لعمان في ذلك الوقت، حيث اتخذ سلغر شاه بهلا عاصمة لعمان وولّى عليها غشان بن كليب الذي كان مستشارًا للسلطان سليمان بن سليمان النبهاني. 
ولم يشر الإمام السالمي في تحفته إلى هذه الأحداث. وقد تم القضاء نهائيًا على حكم سليمان بن سليمان النبهاني بعد عام 885 هجري. 

 رابعًا: عملة عدل عمان 
تعتبر عملة عدل عمان من العملات النادرة التي تم اكتشاف عدد من قطعها في السنوات القليلة الماضية ولم تكن معروفة من قبل. وهي من ناحية المأثورات تشبه عملة (عدل جرون) ولا يوجد لها تاريخ يحدد وقت ضربها.

ووجود اسم عمان في العملة يدل على أنها ضربت في عمان، ووجود عدل يدل على وجود تشريع أو حكومة. ومن المرجح أن العملة ضربت في فترة وجود مملكة هرمز لكن من الصعب الإشارة إلى الحكومة أو الجهة التي ضربتها.

 خامسًا: عدل قلهات 
توجد عملة وحيدة تحمل ضرب (عدل قلهات) وهي عملة تحمل ضربًا مستطيل الشكل سكت من جهة واحدة (قلهات عدل) وهي عملة نحاسية ولا توجد لها سكة أخرى معروفة، ونعتذر عن إدراج صورة لها لأنها ليست ضمن المجموعة. 
وقد ضربت هذه العملة الوحيدة في مدينة قلهات الأثرية ولا يوجد بها تاريخ. 

 سادسًا: العملات الفضية 
تنقسم العملات الهرمزية الفضية إلى فئتين: صغيرة ووزنها يقارب غرامًا واحدًا وكتب عليها (جرون) وعملات أكبر حجمًا كتب عليها سلطان الأعظم وبعضها به تاريخ السك، وعلى بعضها كتب جرون سلطان. 

 سابعًا: العملات الذهبية 
بعض العملات الهرمزية كانت من الذهب. وقد ورد في اتفاق الاستسلام بين هرمز والبرتغاليين عام 913 هجري الموافق 1507 ميلادي، أنه يسلم ملك هرمز خراجًا قدره عشرون ألف أشرفي، ولعله يقصد به العملات الذهبية ■