كوسوفو «الطائر الأسود» يحلّق بعيدًاباتجاه الحقول

كوسوفو «الطائر الأسود»  يحلّق بعيدًاباتجاه الحقول

لا تعرف كوسوفو البحر، لكنها خاضت محيطات من الصراعات عبر تاريخها، حتى لحظة منحها صفة دولة، مستقلّة أو ذات حكم ذاتي، فما يعنيها أنها رفعت رايتها الزرقاء، وإن بدت في كثير من الأمكنة تجاور الراية الحمراء لجارتها ألبانيا، فأغلب سكّانها هم «ألبان»... كوسوفو.

 

ولا نكاد نعرف أن عاصمتها بريشتينا، ونحن إذ نخلط، لجهل سياسي في متابعة نشرات أخبار معقّدة، بينها وسربرنيتسا، ويدرك البعض متأخرًا أن كوسوفو، الواقعة في جنوب شرق أوربا، هي إحدى شظايا الحرب التي فكّكت ما كان يعرف بجمهورية يوغوسلافيا، فولدت عدة دول من ذلك الرحم المهيض، في عملية قيصرية عرفها الشرق الأوربي، وباركها الشق الغربي منه، ووقعت شهادات الميلاد من قبل الإدارة الأمريكية في واشنطن... وكما يحدث في حفلات عقد القران في بلادنا، يقول الشهود، وهم هذه المرة الأمم المتحدة: «تم»!
وحين وضعتها على خارطة الارتحال لم يكن عبثًا أن يسألني كثر: هل هي في البوسنة؟ أم إنها عاصمة صربيا؟! وكأنّما كثرة التوائم الخارجة من الرحم عطّلت الذاكرة عن حصر أسمائهم. 

أرض الغابات
لم يكن في بال أولئك المتسائلين أنها بلد متخم بجماليات اللون الأخضر، حيث تشكّل الغابات أكثر من ثلث مساحة أراضيها، وتجري من خلالها الأنهار كشرايين حياة على أرضها البالغة نحو 10.887  كم2، فتكون إحدى دول البلقان بجوار مقدونيا الشمالية في الجنوب الشرقي، وصربيا في شمالها الشرقي والجبل الأسود من الشمال الغربي وألبانيا من الجنوب.
يقول التاريخ الحديث لكوسوفو إنها ولدت من رحم حروب، فبعد فشل المقاومة السلميّة ضد حكم الصرب لها عام 1990م وما تبع ذلك من حركات تمرد مسلحة وردود فعل عنيفة أشعلت النيران في هذه البقعة الصغيرة، محدثة المذابح والدمار، ما دعا الناتو، حلف الشمال الأطلسي، إلى شنّ هجوم عسكري ضد صربيا والجبل الأسود لنحو 78 يومًا، وفي عام 1999م، وقبل أن تكمل الألفية الثانية عامها الأخير، وبناء على قرار مجلس الأمن الدولي شكّلت الأمم المتحدة بعثة تدير «محافظة كوسوفو» لكن البرلمان فيها أعلن استقلالها كجمهورية، فاعترفت بها نحو 97 دولة من أعضاء الأمم المتحدة، بينها 22 من دول الاتحاد الأوربي، والتحقت بعضويات أخرى تؤكد استقلالها، من بينها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وغيرهما.

عبر حدود... خضراء
لم ندخل كوسوفو عبر فضائها الأزرق، بل عبر حقولها الخضراء، هذه هي تلك البلاد التي عرّفتنا عليها نشرات الأخبار، وسمعنا دوي الصواريخ مقرونًا باسمها، وتهجّينا أسماء مدنها وما جاورها فتشابهت علينا الأسماء، كونها جميعًا معمّدة بالدم، كأنها لم تنفض أجنحتها من حمرة الراية الشيوعية المزروعة على تربتها الطيّبة عشرات السنين، فاسمها كما يعني بالصربية «الطائر الأسود»، لكن هناك من يرجّح أن العثمانيين كانوا يطلقون على المنطقة، وقد كانت تحت حكمهم، اسم قوصوة، ومع مرور الزمن حرّفت المفردة تدريجيًا، وفق مقتضيات اختلاف طرق النطق بين الشعوب... حتى وصلت إلى «كوسوفو».
وصل العثمانيون إلى هذه البلاد عام 1389م، حينما فتحت على يد السلطان مراد الأول، وظلوا فيها نحو خمسة قرون، وبعد حرب البلقان الأولى عام 1912م تقاسمت أراضيها مملكتا الصرب والجبل الأسود، وبعد الحرب العالمية الأولى كانت ضمن مملكة يوغوسلافيا، وبعد «الثانية» ضمّ هذا الإقليم إلى ألبانيا المحتلة من قبل الإيطاليين الذين تخلّوا عنها سريعًا، لتضم عام 1946 إلى يوغوسلافيا الاتحادية، وبعدها بعام عرفت حكمًا ذاتيًا ضمن اتحاد الجمهوريات اليوغوسلافية، لكن مع رحيل الرئيس جوزيف تيتو واتحاده اليوغوسلافي، وفي عام 1989 بالتحديد انتزع الرئيس الصربي سلوبودان ميلوسوفيتش حق الحكم الذاتي منها، فكانت فترة قمع دموي عرفه ألبان كوسوفو، فبدأوا مرحلة نضال على يد رئيس حزب الاتحاد الديموقراطي الألباني، الأديب والأستاذ الجامعي إبراهيم روغوفا، نضال سلمي على طريقة غاندي، ونظموا استفتاءً عامًا أظهر رغبة الألبان في الانفصال عن صربيا، مستعيدين نظام الحكم الذاتي الذي ضمن لهم حرية تامة خلال تاريخهم الطويل، رغم كل المحطات التي عرفوها مع محتلين سابقين: آل عثمان، أو الطليان!
جرت الأحداث كما هو معروف، وصولًا إلى لحظة نهاية المشهد التراجيدي في ملحمة ألبان كوسوفو المأساوية، لذلك لم يكن عجبًا أن نلحظ انتشار العلم الألباني مقرونًا بعلم كوسوفو الأزرق، فالبلاد تكاد واحدة، لذا، وحينما وصلنا إلى الحدود الفاصلة / الواصلة بينهما اكتفى رجل الأمن بالرد الإيجابي من السائق حينما سأله إن كان من الألبان، دون سؤاله عن الراكبين الآخرين من عمان!
محفوفون باللون الأخضر، ندخل وطنًا آخر للألبان، وحيث الأنهار تجري، كأنما لم نبتعد كثيرًا عن البحر الأدرياتيكي، فنهر ببلي دوريم في كوسوفا يسير إليه، وكذلك يمضي نهر أبيار ليلتقي نهر مورافا الأشهر في شرق أوربا، والذي يعد حدودًا طبيعية تفصل سلوفاكيا، عن جارتيها تشيكيا والنمسا، فيفصّل المناخ أرديته المناسبة لكوسوفا، فترتفع درجة الحرارة إلى الثلاثين صيفًا، وتنخفض إلى عشر درجات تحت الصفر شتاء، وهكذا يبدو الفارق كبيرًا بين أشهر صيفها، المعتدل وفق حساباتنا، وشتائها الجليدي، المحفّز لحياة مختلفة، ورياضات تثير شغف هواة التزلج، ففيها من الجبال ما يجعلها وجهة معروفة في شرق القارة العجوز، وقمة ديرافيكا أعلى قمة في البلاد، على ارتفاع 2656 مترًا فوق مستوى سطح البحر، إضافة إلى منطقتي كرنولجيفا وغولجاك، حينها تتعمّم جبالها بالبياض، فتغدو إضافة سياحية جاذبة، ومهوى أفئدة المغامرين.

بريزرن... آثار الغزاة باقية
قبل أن تغيب شمس يوم آخر من الترحال بين بلدين يسكنهما ألبان تصافحنا أول مدن كوسوفا، وأضيع بينها ونطق المدينة الأسترالية بريزبن، وأحتاج زمنًا، كعادتي مع مسمّيات هذه البلاد وتقسيمات جاراتها بعد سقوط اتحادين: السوفييتي واليوغوسلافي، لينتظم لساني في نطق بريزرن، هذه المدينة التاريخية الواقعة على حدود ألبانيا، وليست ببعيدة عن مقدونيا، تستند إلى سفوح جبال السار في الجزء الجنوبي من كوسوفو.
يعود تاريخ المدينة إلى العصر البيزنطي، ووصل إليها العثمانيون في القرن السادس عشر لتكون ضمن محافظة روميليا، فاستفادت من موقعها في قلب الطرق التجارية للإمبراطورية العثمانية فازدهرت أحوالها، وتمكّنت من أن تكون أهم مدن بني عثمان الذين وطّنوا المسلمين فيها على حساب السكان المسيحيين، لكن في القرن السابع عشر تمكنت الإمبراطورية النمساوية، وبدعم من الجارة صربيا، من استعادة السيطرة على المدينة، ولأن الحرب سجال عاد العثمانيون إليها من جديد... ونتيجة كل ذلك موت وهجرات، على وقع الانتقام الذي ينزله المنتصر على الخاسر.
تنقّلت بريزرن بين غزاة تناوبوا السيطرة عليها: العثمانيين، الصرب، القوات النمساويّة المجرية... وفي عام 1929م تم ضم مملكة يوغسلافيا لتصبح جزءًا من إقليم فاردار بانوفينا، لكنها عرفت دورة جديدة من الصراع، مع غزو إيطالي هذه الكرّة، لتستقر أخيرًا ضمن كوسوفو، بوصفها الإقليم ذي الحكم الذاتي، كأنه حكم مؤقت حيث إنها ما زالت محسوبة ضمن الأراضي الصربية، حتى مع إعلان نفسها «جمهورية»، وفتح الملفّات من جديد يعني، فتح جبهة حرب... لا يريدها أحد.

ساحة... حياة المدينة
وفورًا أفتّش في خرائط غوغل عن ساحة المدينة فإذا بها إلى جواري، وحينما كنت أتأمل في سياقات الخطو كنيسة جميلة بمعمارها سمعت صوت الأذان في مسجد يبدو قريبًا، فإذا به يتوسط الساحة/ السوق، وكان يرتفع صوت التوحيد من مسجد سنان، فإذا بهذا المعماري الشهير في عهد الدولة العثمانية أصله ألباني!
ينساب صوت الأذان بردًا وسلامًا على القلوب، والمؤذن يكاد ينتشلنا من كل ما حولنا لنيمّم وجوهنا صوب خالق كل ذلك الجمال المحيط بنا، تكبر التناقضات بين عوالم مختلفة نعيشها في اللحظة نفسها، تيارات البشر الجالسين في مشاربهم، وقد جاؤوا من مشارب شتّى، أسأل عن مكان الوضوء فإذا به خلف المسجد، وسال الماء من الحنفيات باردًا، وتخيّلنا كيف يكون الوضع شتاء، خاصة أن مكان «الميضأة»، إن صحّت التسمية، يبعد قليلًا عن مدخل المسجد، وعليك أن تختلط بالعابرين للسوق كي تصل، والأهم: أن تحافظ على غضّ البصر بما يفوق الاحتمال أحيانًا، أمام ذلك الجمال الفاتن، خاصة تحت وقع حرارة صيف يدعو إلى التخفّف من الملابس قدر ما يسمح به القانون، ويبدو متساهلًا جدًا!
في أغلب المساجد يشدّنا المعمار، قطعة فنية من الخارج، ومساحات لونية تتجلّى فيها جماليات الفنون في الداخل، كل زاوية تدعوك للتأمل، كأنك أمام لوحات في معرض، وليس مكان عبادة فحسب، وحينما تركنا ذلك الأثر المحسوب على التاريخ العثماني «التركي» واجهنا مطعمًا أسعفنا بقهوة محسوبة على تلك البلاد أيضًا، وعندما حان وقت الغداء نظر صاحب المطعم نحوي بابتسامة حينما سألته كما تقتضي تقاليدنا «الغذائية» خلال تجوالنا في أوربا: «حلال؟»، أجابني بأنه لا حاجة لي للسؤال هنا، فالمسلمون يشكّلون نحو 95 في المئة من عدد السكان، فكلوا مما رزقكم الله حلالا طيّبًا... وبالطبع: لا تتبعوا خطوات الشيطان. 
يوجد في كوسوفو ما يقارب الألف مسجد، بين قديم وحديث، واحد منها في بريشتينا ويعد الأكبر في منطقة البلقان، وقد تأسست أول جامعة إسلامية بعد سنوات الحرب، أي في عام 1992م، علمًا بأن السكان يتحدثون اللغتين الألبانية (لغة الشعب الأم) والصربية، وهما المعتمدتان رسميًا، تليهما اللغتان السلافية والتركية.
ألقينا برحالنا إلى مقهى بجوار «سبيل» يتدفّق ماؤه البارد كنبع يخرج من «حنفيّة» بغزارة، وبما يشي بوفرة الماء في المدينة، يسكب «شريان الحياة» ليل نهار فيمرّ العابرون في جنبات السوق، أو بين مكان الوضوء ومسجد سنان للارتواء من جمال كهذا نرى فيه فتنة المختلف، على مقربة منه متسوّل شدّني بأمر ما يفعله، يترك على الأرض المبلّطة بالأحجار عملة معدنية على مبعدة من يده التي تبدو معاقة، كأنه يريد الوصول إليها، فيعطى البديل عنها، وتقرّب تلك البعيدة، ليضعها من جديد في موضعها، حيث تبقى على بعد خطوة من متناول اليد العاجزة.
عرفت أن كوسوفو تعدّ أفقر البلاد في القارة العجوز... تلك المتخمة بالثروات... ما استخرجت من أرضها، أو ما استنزفت عبر عقود من الاستعمار.
كوسوفو السهول والخضرة الدائمة، بلاد الأنهار الأربعة والـ17 بحيرة... البلاد ذات الأكثر من مليون هكتار يزرع نصفها بشتى المحاصيل... البلاد الغنية بالمعادن مثل الرصاص والزنك والفضة والكروم والحديد والنيكل والفحم الحجري، لكنها تشتكي الفقر!
في بقعة أخرى من الساحة الواسعة سبيل آخر لماء الشرب، لكن بمصبّات لا تغلق حنفياتها الأربع، يأوي إليها الناس وسائر الكائنات المستمتعة بجماليات الساحة وهي تعيش نبض المدينة الحي، مقاهيها الباذخة بالمعنى، إذ تبقي مقاعدها مأوى للسائرين، فالمشروبات تتعدد، والمأكولات بنكهات حضارات عبرت من هنا، تركية وإيطالية وألبانية.

صعود بنكهة بيزنطية
أشار المرشد السياحي إلى قمة جبل، وقال هناك القلعة، وعليكم بزيارتها نهار الغد، لكن شمس النهار ذاك لا تزال طازجة بما يكفي للتعجيل بذلك الصعود فورًا، فاسم المدينة بريزرن يعني: القلعة، كأنما قد نبتت من قمة جبل سار، ثم سارت إلى جوار النهر تكتب معزوفاتها.
يا إلهي... تبدو عالية، والمرشد السياحي نبّهنا إلى مشقّة المغامرة، القلعة كأنها نقطة معلقة من السماء فجلست على الجبل تستريح، وأتخيّل المشهد: كيف تبدو بريزرن من فوق جدران حصنها المنيع، حيث النهر والبيوت المعمّمة بالقبّعات الحمراء... وحيث الغروب يمنح دفئًا للمكان ودفقًا لأرواحنا، وهي تعيش متعة السير في مدينة جديدة، بقعة عبرتها عربات التاريخ مثقلة بالجنود والمدرعات، وعرف نهرها ما لا يحصى من دماء، بعضه حمله الماء إلى حيث النهايات في البحر، أو احتفظت به التربة ليوم قد يثأر فيه الدم من الدم.
قلت لصديقي المصور عبدالله العبري: «هيّا بنا»، باحثين عن الطريق المتعرّج بين المنازل الغافية على سفوح ذلك التل الواقع شرق المدينة، وكلما أدركنا التعب أعدت عليه بيت أبي القاسم الشابي: «ومن لا يحب صعود الجبال»، وربما واقع الحال يكمل البيت عنا، فيسقط حتمًا من برج طموحاته، وطموحنا أن نبلغ تلك القلعة البيزنطية التي يقول تاريخها إنها كانت سكنًا منذ العصر البرونزي، وكانت في العصور القديمة جزءًا من نظام التحصين الدفاعي، ليعاد بناؤها في عهد الإمبراطور الروماني الشرقي جستنيان، وخلال عامي 1219 و1220 انتهى الحكم البيزنطي في المنطقة فسيطر الصرب عليها، وفي كل عصر كان هناك تطوير للقلعة.
 وصلنا إلى بوابة الحصن نلهث، لكن إغراء المشهد حفّزنا للصعود على السور المطلّ على المدينة، إن المشهد أجمل مما رسمته في مخيلتي، الواقع يختلف في حضوره عن التخيل، إذ تحضر الروح بسلطتها القاهرة آمرة العينين أن تنقلا إليها المزيد من الصور، فتختزنها بعد إدراك.
كانت الأزمنة حاضرة، أكاد أسمع حوافر الخيل على مشارف البوابة، والرايات ترتفع في سماء سابعة تطاول مجد إمبراطورية تتسيّد المكان، وصيحات الجنود بالنصر يعبرون الباب الكبير، بل لم يكن هناك إلى جوار باب القلعة سوى بائع المشروبات الباردة والآيسكريم يمد يده إلى الزوار ليرطبوا حلوقهم من جفاف صيف يبدو حارًا لهم، مقارنة بما نشعره نحن القادمين من الضفاف الأخرى للعالم.
أسوار تتداخل وأبراج تتقارب، ومن سور إلى آخر يحلو التجوال فوقهما، عين على المدينة، وأخرى على الجبال المحيطة بذلك البهاء الأخضر، لكن الشمس حاضرة بقوة، وتبقى حتى وقت متأخر تعاند للبقاء فترات أطول، مادّة ساعات النهار أكثر مما نحتاج، نحن المتعجّلين رحيلها، فليل المدينة سحر وحياة.
هبوط من جديد، لكن الأعين ما زالت تستعيد المشاهد كما بدت من فوق أعلى نقطة للمدينة، كيف بدا نهر لومباردي شريان جمال باذخ المعنى يرسم مساره كنوتة موسيقى فتحتضن الضفتان تلك البيوت والمقاهي، يبدو البشر كائنات صغيرة لا تكاد ترى كأنما حقًا التاريخ يضعهم في أجندته هكذا وهو يسير من قرن إلى آخر، ومن دورة إلى تاليتها، بما يزيد الرؤية مهابة، كم من الملايين التي وقفت هنا، وسارت هناك، يأتي جبابرة ليهدموا أسوار الحصن، ويقيموها من جديد، ترتفع راية على القلعة على وقع سقوط راية سابقة، ما تبدو بهية ومشرقة اليوم ستدوسها سنابك الخيل بعد حين من الدهر... فتلك الأيام نداولها بين الناس، كما قال الحي الذي لا يموت، جلّ وعلا.
على سفح الجبل مسجد صغير بما يبدو للرائي أن ثمّة فنانًا تشكيليًا يعرف تكوينات اللوحة فيضع كل شيء بمكانه، النهار وإطلالة مآذن جامع سنان، وفوقه ذلك المسجد الصغير، ليسير المشهد باللون الأخضر حتى بلوغ القمة، وهناك تجلس القلعة حارسة للمكان/ الصورة/ اللوحة.
نحاور دفق الجمال المكاني بالمزيد من الصور، كأنما على العين أن تكتظّ لاحقًا بالعودة إلى هذه الالتقاطات، حينما تبتغي الروح زيارة الأمكنة عبر تجلّي شاشات عرض زخم الألوان على كل صورة.

الساحة عامرة
يا لهذه الساحة التي تغدو ضاجّة بخطوات مئات البشر، يا لهذه المدن الحيّة التي تعرف قيمة الليل، فتسهر تحت ضوء قمره ونجومه، ويا للمشهد الجديد الذي نصافحه للمرة الأولى: أطفال يحملون الطبول الصغيرة فيقرعونها بمهارة، فرادى أو مشتركين معًا، وعلى من يجد في روحه طربًا، من المتحلّقين حول الصبية، فليرقص بجسده، وأيضًا: «فرادى أو مشتركين معًا»... يتصاعد صوت الطبول والصغار يترقّبون غيث العطاء من العابرين قبل أن يسدل الليل ستارته، وتغيب الأشياء في عتمته، فالشمس تسحب آخر رداءاتها، حتى إذا ارتفع الأذان من جامع المعماري سنان سكت الطبل عن القرع... المباح.
يصعد المصوّر العبري ركنًا في المسجد لالتقاط صورة لكل ذلك المشهد العابق بالزحمة وتعدد الألوان والوجوه، نسير بمحاذاة النهر، عابرين الجسر الذي يغدو لوحة فنية في مشهد حي محسوب على واقع معيش، من الضفة الأخرى يبدو جامع سنان أجمل، والقلعة من فوقه شاهدة على عبور تلك الأزمنة التي عبرت، والتي ستعبر أيضًا، إلى أن يرث الله الأرض وما عليها.
في الزاوية الأخرى من خاصرة المدينة نستدير خلف الجبل الذي عليه القلعة، من المكان الذي رأيناه من بقعة سماوية قبل مساء، نمضي بمحاذاة الماء، بين شاهقين، فيتسع المسار للأشجار والنهر وشارع يسير على سرّة أحدهما. ومعنا سيمفونية تصنعها أصوات حشرات لا مرئية، وخرير ماء... ولا نهاية للمسار سوى ما تستطيعه أقدام السائرين، ولياقتهم.

بيا... بيخا... بيش
لقد أتيتُ إلى هنا
لأُتعمَّد من غير اسم
لقد أتيتُ إلى هنا
كي أُحظى بالبركة من غير تاج
لقد أتيتُ إلى هنا
لأتقدّس من غير بخور
لقد أتيتُ إلى هنا
من أجل أن تتقاطع طريقان
وجئت إلى بيخا حقًا حينما تقاطع بي طريقان، حيث كان يمكنني الذهاب من بيرزرن إلى العاصمة بريشتينا مباشرة، لكن مع تقاطع الطرق عرّجت غربًا إلى هذه المدينة التي احترت كيف أصفها لسائق سيارة الأجرة، قلتها «بيخا» فلم يفهمها، ثم «بيا» و«بيتش» محاذرًا أن يذهب بي فارق النطق إلى مدينة أخرى، في بقعة نائية.
بحثت عن بقية هذا المقطع الشعري لشاعر ولد في مرتفعات روغوفا قرب مدينة بيخا عام 1938م، اسمه عظيم اشكرلي، ويا لمفارقات الاسم في اللغة العربية، وكان سائق «التاكسي» يعبر بنا الحقول بين مدينتين كأنما المكان ولد في زمن ما بعد الحرب، لكن لا أثر للحرب هنا إلا في ذاكرات البشر، عكس ما رأيته في البوسنة، والتي احتفظت مدنها بآثار الرصاص والقذائف على مبانيها.
وسلكنا عبر خرائط جوجل نبحث عن الفندق، فالمكان أشبه بغابة، فإذا به بناية صغيرة على حدود متنزه كبير، صالة استقبال تشبه الغرف في ضيقها، لكن سعة الصدر لدى الموظفين تشبه ذلك المطعم الذي يعدّ ضمن حدود المكان المفتوح على أشجار وورد لعدة آلاف من الأمتار.
ومرة أخرى نسائل عمّنا «جوجل»: «أين نحن على وجه التحديد؟».
أجابنا بأن نهر درين/ دريني... أو درينا لا يبعد كثيرًا، وساحة المدينة على بعد أقل من كيلومترين، وهناك من المعالم السياحية الكثير، فاعمد إلى قدميك أيها المرتحل، واستكشف المزيد في هذه البقعة من أرض جديدة بأجندة سفرك.
هل هو ذاته نهر درينا الذي كتب فيه الروائي إيفو أندريتش رائعته «جسر على نهر درينا»؟ أم إنه أحد روافده، قبل أن يلتقي بأخريات ويهبط نحو البحر الأدرياتيكي كنقطة ختام؟
بيخا، ثاني مدن كوسوفو، وسكانها نحو 100 ألف أو يزيدون، ومساحتها أكثر قليلًا من 600 كم2، نفتح خارطتها فنعرف أنها تقع قريبًا من الجبل الأسود، فسرنا في طرقاتها نعبر إلى درب الساحة، كأجمل ما يكون في هذه المدن، ساحة وافرة بالحياة، المطاعم والمتنزه العائلي بجوار المقاهي، والصروح التذكارية، الدالة على حالات وطنية عاشتها البلاد، «البازار» يعرض المعتاد من الأشياء، ولا جديد يرى، ولا إضافة تقال، بجواره جامع بيخا، درنا حوله نبحث عن باب مفتوح، لم تكن ساحته إلا استراحة لنساء وأطفال، لم نتبيّن السبب، لا في إغلاق الجامع، ولا في وجوه المستريحين إلى ركنه العتيق، أو تلك الشواهد على مجموعة قبور تمجّد المكان، الموتى ليسوا بعيدين عن حياة المدينة.
مساء الساحة ليس كنهارها، الصغار هنا أيضًا يأتون بطبلاتهم الصغيرة، ويقرعونها أنسًا لمن يعجب بمهاراتهم فيمنحهم بعضًا من كرمه، لكن الراقص العجوز حكاية أخرى، مشهد سينمائي لا يمكن إلا توقيفه وإعادته مرة تلو مرة، ملامحه الحادة، وابتسامته التي تكاد تضيء سنواته التي أحسبها ثمانين حولًا، لكنه لم يسأمها كما يبدو، كقول شاعرنا العربي زهير بن أبي سلمى، تبدو الأسرة كلها صانعة للبهجة في مساء المكان، والحياة تتأنّق مع رحيل آخر خيوط الشمس نحو تلك الجبال الصانعة لجغرافيا بيخا، يزيد العجوز من حيويته أكثر حينما اقتربت الكاميرا منه، لم يقل إن التصوير غير مرغوب كالآخرين في هذه البلاد، قال إنه ألباني، جاء من تيرانا، ذلك كل ما فهمناه وهو يحدّثنا بلغته، وانسحبنا لنتركه يكسب لقمة عيشه، بذلك الفرح الذي ينثره على خاصرة مدينة تستعد للسهر، كلّ بكيفية ما.
في نهار تالٍ طلبنا من سائق سيارة أجرة توصيلنا إلى نقطة ما، أشرنا إليها على الخارطة، فالنطق صعب، مع وجود اختلافات «اللكنة»، فوضعنا بجوار فندق راق، وقال «هنا»... ومضى!
وقعنا في حيرة، أين درب الشلال، وليس أمامنا إلا هذا الفندق الأنيق؟ مؤكد أن في الأمر خدعة، لكننا رأينا خلف الفندق ما يشبه بداية متنزه وإشارات الماء العابر بغزارة تنبئ عن شيء ما لا محالة، فإذا بالمكان موغل في الجمال، كل خطوة ترفع منسوب الحسن فيه، ممر ليس متسعًا، أشبه بطريق في غابة، تسمع صوت خرير أخّاذ، والبحيرات الصغيرة المتكوّنة أمامنا تدفعنا لتتبع درب الماء نحو منابعه التي تكون الأجمل دومًا في مساحة اللوحة، فيتّضح الصوت أكثر، ويلوح الشلال هادرًا وهو يهبط بقوة من علو جبلي، للمرة الأولى أشعر بأن الماء البارد مؤلم، كالساخن، وأكثر ربما.
 وصعودًا مرة أخرى إلى القمة، من حيث يهبط الماء، مع الاستمتاع بفنجان قهوة في مقهى يطل على مهبط الشلال، آخذين درب المتعة البصرية، محاذرين السقوط في لجّة الفضول، لكن في درب العودة، أين لنا بسيارة أجرة، ولا يبدو الشارع ملاذًا لها؟! فكان علينا السير نحو عدة كيلومترات تحت شمس الظهيرة، والحقول الخضراء «مفيدة للنظر» لكنها لا تمنع عنا ذلك الشعور المرهق بارتفاع درجة الحرارة.
على الخارطة هناك متحف، بجوار النهر، عجبًا... كيف لم ننتبه إليه؟!
لم يكن سوى مبنى صغير، وكان دخولنا يتطلب القول إننا «سياح» لا أكثر، فالصيغة الصحفية تتطلب اتصالات بجهات إدارية أعلى، وعلينا التزام التعليمات بأن التصوير غير مسموح به، لم يكن المتحف إلا صورًا مكررة من متاحف أخرى، أشبه بمنزل يعرض الحياة القديمة، لكن يضاف إلى هذا بعض المعروضات الأثرية كالأحجار والنقوش والعملات، من تلك الحضارات التي عبرت تاريخ المدينة.
بريشتينا: نبع الماء
يا لمفارقات التاريخ!
اسم المدينة يعني «ينبوع الماء»...  لكن كم من الدماء سالت على هذه الأرض، منذ أن عرف سكنها الإنسان قبل نحو عشرة آلاف سنة؟!
كم من المذابح عمّدت تاريخ المدينة بالدم، وقد عبرتها حضارات قديمة عليها مثل ستار تشيفو، والفينكا، وبادن، وصولًا إلى تاريخ حديث من بين سفّاحيه هتلر وميلوسوفيتش؟!
يشير التاريخ إلى أنه في القرن الثاني قبل الميلاد تعرضت لزلزال مدمر فأعاد الإمبراطور البيزنطي جستينيان الأول بناء المدينة، وبين القرنين الخامس والتاسع كانت المنطقة جُزءًا من الإمبراطورية البيزنطية التي تنازلت عنها لاحقًا لصالح الإمبراطورية البلغارية الأولى، وعاد البيزنطيون إليها مرة أوائل القرن الحادي عشر، وكانت ضمن مقاطعة سميت بلغاريا، وهكذا استمرت دورة الغزاة والمستعمرين، نظرًا لأهمية المدينة... ووصولًا إلى الحقبة العثمانية، وعرفت فيها بريشتينا ما عرفته من تحالفات وصراعات... وانتقام.
تتكاثر النصب التذكارية في بريشتينا، فإذا كانت الحروف الأنيقة تواجه المارّة بأحرفها الملوّنة وهي تقول «new born» فإنها مدينة أيضا للإدارة الأمريكية التي ساعدت هذه البلاد للخروج من عنق زجاجة الموت بالتحالف مع حلف الناتو حينما أوقفت الصرب عن إحراق الأخضر واليابس في كوسوفو، كأنما التاريخ عملية مستمرة من التوحش الصربي للسيطرة على هذه البلاد، نقف أمام تمثال مادلين أولبرايت، وليس ببعيد عنه تمثال لبيل كلينتون، كما هو نصب آخر يذكّر دوما بالمآسي المعيشة هنا، مكتوب على اللوحة: في هذا الموقع في 23 أكتوبر 1944أعدم النازيون الألمان 104 من الوطنيين الألبان الذين ضحوا بحياتهم من أجل حرية بلدهم واستقلاله - جمعية المُناهضين للنازية وقدماء مُحاربي التحرير الوطني في كوسوفو.
وعبورًا في مساقات الماضي، فإن كوسوفو بقيت إقليمًا يتمتع بالحكم الذاتي ضمن جمهورية صربيا الاشتراكية، وكانت فترة تحوّلات متواصلة، فالشيوعيون الذين حكموها لاحقًا عملوا على تغيير الصبغة العثمانية في العاصمة بريشتينا بتدمير البازار العثماني وأجزاء تاريخية فيها، ولم تسلم حتى المساجد والكنائس الكاثوليكية والمنازل المحسوبة على بني عثمان، فاكتسحتها العاصفة الحمراء القادمة من أرض الكرملين.
تستذكر بريشتينا عملية «حدوة الحصان» التي قام بها الصرب في أبريل عام 1999م حين قامت شرطتهم باجتياح منازل ألبان كوسوفو في بريشتينا وأجبرتهم على تركها فورًا، فكانت عمليات قتل وتهجير قسري، حملت القطارات والحافلات الأحياء منهم مكدّسين من دون طعام أو ماء، إلى قرية قريبة من الحدود المقدونية، وتستذكر الكثير من جرائم الحرب التي ارتكبها ميلوسوفيتش وعصابته، من خلال تلك النصب التي تقام هنا وهناك في العاصمة، أو تلك المقابر التي تحاول بورود الأحياء فوق أجداثها منح بعض الأمل للتربة المقاومة لفعل الموت بالجملة، على أيدي المستبدّين. وقد عرفت المدينة، كسائر البلاد، الكثير من أعمال العنف، حيث يسكنها ألبان وصرب، وبقيت روح الانتقام سائدة.
خروجًا من التطواف في الصراعات والحروب، لنستكشف صروح المدينة الأثرية، المتعددة بتعدد الغزاة الذين عبروها، فالعثمانيون تركوا الكثير من الآثار، كالجوامع والبازارات، التي قاومت عواصف الحكم الإيطالي والشيوعي، فهناك مسجد السلطان محمد الفاتح، وقد بني بأمر منه عام 1461م، وضريح السلطان مراد، ويقال إن أحشاءه فقط دفنت أسفله، إذ توفي في معركة قوصوه عام  1389م، ونقل باقي جثمانه ليدفن في مدينة بورصة التركية، وهناك مسجد بيريناز المشيّد في النصف الثاني من القرن السادس عشر علي يد الوزير العثماني بيري نذير، والذي دفن فيه الأمير لازار بإذن من السلطان بايزيد الأول، لكن رفاته نقل لاحقًا إلى دير في صربيا.
وآثار السلطان بايزيد الأول متعددة، فهناك مسجد البازار، أو الحجري، ويسمى أيضًا مسجد السلطان مراد كون أن تشييده اكتمل في فترة حكم السلطان مراد الثاني في القرن الخامس عشر، أما بازار بريشتينا فتعود فترة بنائه إلى هذه الفترة أيضًا، ويقال إنه كان يضم نحو ثلاثة آلاف متجر، إضافة إلى المسجد والكنيسة والكنيس والحمام بقبابه الخمس عشرة، وبها ثقوب صغيرة لتوفير الضوء داخلها، لكن مجريات الدهر جاءت على الكثير من هذا الثراء التاريخي، فيما حاول متحف كوسوفو الاحتفاظ بمجموعة من مقتنيات وآثار تلك الفترات الصاخبة في تاريخ كوسوفو، أو ما قبل التاريخ، ويضم نحو خمسين ألف قطعة دالة على ما عبر المكان خلال فترات تاريخية مختلفة.

مكتبة كوسوفو الوطنية
من نافذة الفندق شاهدت مبنى بعيدًا، غريبًا في معماره، وكان لا بدّ من السير إليه، حتى إذا وصلت عرفت أنه مبنى مكتبة كوسوفو الوطنية، الحافظة للتراث الوثائقي والفكري للبلاد، لكنها تحتفي بالمعارض الفنية، حتى إنني شعرت بأن الكتاب ليس ضمن اهتمامات هذه المكتبة التي افتتحت عام 1982 وصمم معمارها المهندس الكرواتي أندريا موتنياكوفيتش، مع أن المعلومات تشير إلى وجود غرفتي قراءة تستوعبان مئات الزوار، ولديها طاقة استيعابية لضم مليوني مجلد بين أرففها.
وقفت أمام المتحف الإثنوغرافي في بريشتينا، وكأني لم أغادر مدينة بيرات الألبانية، هناك متحف بنفس الاسم، ويوجد داخل منزل أيضًا، ويعود لإحدى العائلات الشهيرة، ويضم المعروضات نفسها، تلك التي تشير إلى نمط الحياة القديمة، من أدوات وملابس وأسلحة، لكنه العصر العثماني الذي وضع لمسته العميقة، كونه استمر نحو خمسة قرون، المتحف في بريشتينا شيد في القرن الثامن عشر، وكأنه على المدن تقديم ما يثبت أنها عاشت حياة قديمة.
في حافلة صغيرة التقينا إبراهيم شعبان ريجيا، من مواليد 1939م، وأحد الركاب الذين لا نعرفهم، لكنه يريد أن يتحدّث عن تاريخه، سنوات عمره، وتاريخ بلاده التي عاش حروبها، ووثّق ذلك في كتاب يحمله في يديه، مضى يحدّثنا بلغته، وجلس راكب آخر يترجم لنا القليل مما يقوله الرجل العجوز، حتى إذا ساوره الملل انتقل إلى مقعد آخر، وتركنا أمام تدفّق الرجل في استعادته لما عبره من أحداث، فلا نحن نفهم، ولا الرجل يسأم. 
تركنا بلادًا متخمة بالجمال، وليس غريبًا أن نلاحظ النحل يهيم فوق أمكنة سلال القمامة في الشوارع والساحات، لأنها بلاد عرفت روائح الدم، لكنها بقيت بنكهة العسل ■

جامع سنان... ملمح معماري تركه هذا الرجل الألباني وهو متناسق مع معمار مدينة بريزرن، حيث النهر والجسور التي تربط ضفتيه

الماء يجري زلالًا على امتداد ساعات اليوم، يسقي العابرين ويحفّز الكاميرا على توثيق المكان بحيوية الحياة النابعة من «صنبور»

المعمار في القلعة يعود إلى فترات تاريخية عدة، حيث أعيد ترميمها وتجديدها مع كل غاز عبر من هنا

الزخارف تكاد تضيء السقف بجمالياتها المتسقة مع روحانيات المكان

لوحة تعكس جمال نهر لومباردي مع جامع سنان، والجبل الشرقي فوقه، وصولًا إلى القلعة \وقبل أن تغيب الشمس... سحر بريزرن كما يبدو من أعلى أسوار حصن القلعة، النهر والبيوت والمساجد

الشرفات أنيقة على ضفة النهر، وتحتها يجلس المئات في المقاهي ينصتون لموسيقى اللحظات، والماء العابر بهدوء

جانب مما تركه آل عثمان في مدينة بريزرن ليس بعيدًا عن جامع المعماري سنان

جامع بيخا وسط سوق المدينة، مغلق الأبواب، وبدت حوله شواهد القبور

صورة بانورامية لإطلالة على بريشتينا، العاصمة التي تعاقب عليها مقاتلون وغزاة من أصقاع الأرض.

كانت لوحات الماء تقودنا إلى حيث نسمع صوت شلال آتٍ من البعيد، فيتداخل اللون الأبيض مع الأخضر بكثافة

الموسيقى لغة مدنيّة تجد لنفسها بقعة في الساحات العامة، ففي المكان متّسع لكل الفنون الإبداعية

المكتبة الوطنية في بريشتينا، معمار مميز، واحتفاء بالفنون، وبخير جليس

لليل لغته، حين يهبط على المدينة، وعلى ساحتها الرئيسية المتخمة بشتى مباهج الأمسيات كالتي تعرفها المدن الحية

العلمان المقترنان دائمًا، الألباني والكوسوفي، فهنا ألبان كوسوفو

نصب الحرب في بريشتينا... هنا شاهد على آلاف الضحايا الذين قضوا بسبب الحروب