عبدالرزاق الربيعي: الشعرُ... الفنُّ الحاضر باقتدار وبوّابة كلّ الفنون

عبدالرزاق الربيعي:  الشعرُ... الفنُّ الحاضر باقتدار وبوّابة كلّ الفنون

عبدالرزاق الربيعي... صورة الإبداع الجاد والهادف في لوحتهِ الفسيفسائية، الكريستالية الظلال... والكتابة لها ديكتاتوريتها المريحة، ولا فواصل لديه بين فنون الكتابة... والشعر الحاضنة الدافئة لكلّ فنون الكتابة... والشاعر ترمومتر الحياة بكل عناصرها وأشكالها! بينهُ وبينَ القصيدة علاقة دفء وإغراء، بلْ القصيدة لحظة إغواء، ربما تضاهي إغواء امرأة جميلة... تمنحهُ اللذة والمتعة، مقابل سكينته وطمأنينته! والكتابة فعلُ تحرّرٍ، لهُ جانبان: اللاوعي والوعي، الأولُ فيه القصيدة ومضة غامضة... وفي الثاني القصيدة صناعة وبلاغة ولعبة كلمات، بعيدًا عن أي زخرفٍ لفظي رتيب ومكرور.

 

عبدالرزاق الربيعي الشاعر والمسرحي العراقي يرى أنه لا قواعد للكتابة! وكلّ عملٍ إبداعي ذروة ثورة تجريبية، والحداثة بدأت قبل التسمية عند «ابن قتيبة» و«ابن رشد» و«النفّري». كلّ شكلٍ إبداعي لديه هو رؤية، وينبغي عدم مصادرة أي شكلٍ وأيّ نوعٍ من أنواع الإبداع... فالمعاناة والهموم مشتركة.
الشاعر الكبير عبدالرزاق الربيعي لم يهاجر إلى المسرح بعيدًا عن مدنِ الشعر، بل إنَّ المسرح والشعرَ هما المهاجران الدائمان إليه، وهو الزورقُ الآمنُ! ولديه لقرّاء مجلة العربي الكثير من دفء الحديث في الحوار التالي:

الشعرُ الفضاءُ الأوسعُ
● عبدالرزاق الربيعي وديكتاتورية الكتابة بحق... فسيفساء إبداعية ضاجة بالألوان والخطوط: شعر - مسرح - صحافة وإعلام - نقد - يوميات ثقافية - مقالات - أدب رحلات... أينَ أنت في هذه الرحلة - المغامرة الشاقة - العذبة في آنٍ؟ أي زورقٍ هذا الذي ينقذك في بحار الحياة؟ 
- بالنسبة لي، لا أجد حدودًا فاصلة وأسيجة عالية بين الفنون، فبينها قواسم مشتركة كثيرة، لكنها تختلف في الأساليب، ووسائل التعبير، وطرائقه، وبالتأكيد كانت محطتي الأولى، أما نقطة انطلاقي إلى عالم الثقافة من محطة الشعر فهي الفضاء الأوسع الذي يتخلل الحياة بتحولاتها، وأقرب وسائل التعبير عن الذات، إلى النفس، ولا يحتاج سوى ورقة وقلم، لتدوين «خربشات» أولية، وهو يجمع العذوبة بالعذاب فبه مرج البحرين يلتقيان، فهو عذب لأن تعقب الانتهاء من كتابته نشوة عظيمة لا تعادلها نشوة، وهو عذاب، ألم يقل الفرزدق «إن خلع ضرس أهون عليّ من قول بيت شعر في بعض الأوقات»؟ فالشعر «صعب وطويل سلّمه» كما يقول الحطيئة، وحين كبرنا وجدنا أن الشعر له حضور أوسع في الحياة، بل وجدناه حاضرًا في المسرح والصحافة والمقال، فاللغة الشعرية هي التي تقرّب النص للمتلقي وتداعب مشاعره وتستفزّ أحاسيسه، ومن هنا كان من الطبيعي الانتقال إلى الأجناس والفنون الأدبية الأخرى، فلم يغادرني الشعر لا في المقال ولا في المسرح ولا في الصحافة.


الشعر مَن يجيب عن أسئلتي
● مَنْ الأقرب إليك؟ والذي يجيبُ عن أسئلتك الإنسانية؟
- غالبًا ما أجد الإجابة في الشعر فهو عالم مليء بالأسرار، والرؤى الفلسفية والأفكار المتقاطعة، لكن أحيانًا قد أجد الإجابة على لسان شخصية من شخصيات المسرحية سواء أكانت هذه الشخصية مستقدمة من التاريخ أو الواقع، وأحيانًا قد أجد الإجابة في حادثة أو قضية أو مشكلة أو ذكرى أقف عندها في مقالاتي الأسبوعية.

النصّ الشعري ساحة 
● أكثر من أربعين عملًا شعريًا راقيًا، احتوتها ثلاثة مجلدات - أعمال كاملة صدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر ببيروت بالتعاون مع دار سطور ببغداد... أهوَ هاجسُ القصيدة المداهمة - حوارُك الأوحد مع الأشياء والناس والعالم والكون والكتب؟ 
- قضايا كثيرة، أو قلة النتاج الشعري للشاعر تنطوي على متانة وديمومة علاقته بالكتابة الشعرية وتفاعله مع الأحداث التي يمر بها في هذا الواقع من قضايا ذاتية وأخرى موضوعية تهم المجتمع والوطن والإنسان، فضلًا عن مدى تفاعله مع ما يكتب من شعر، لأن ذلك يديم التواصل مع الشعر بلغته ومضامينه ورؤاه، فالشاعر لا يكتب القصيدة بمعزل عن محيطه الاجتماعي، والثقافي، والسياسي، والإبداعي، والشعري، فالنص هو ساحة تتقاطع فيها النصوص الأخرى.
● هل الشعر البوابة الدافئة لكلّ فنون الكتابة لديك... وأنها بلا شعر لا يُعوّلُ عليها... أمْ ماذا؟
- لأنني كتبت القصيدة والمسرحية والمقال الصحفي والتحقيق والحوارات أجد أن الشعر هو المنطقة المشتركة التي يجب أن يمر بها ولو على مستوى اللغة كل من يلج هذه الفنون والأجناس الأدبية ويكتب بها، لأنه يفجّر الطاقات الدلالية والعاطفية للغة على مستوى المفردات والتراكيب والأساليب والصور لذلك تجد الشعر حاضرًا فيما أكتبه من مسرح ومقالة.

القصيدة امرأة باهرة الجمال
● بدءًا من ديوانك «إلحاقًا بالموتِ السابق» منتصف ثمانينيات القرن الماضي، وليس انتهاءً بـ«شياطين طفل الستّين» في الألفية الثالثة... أي سرٍّ بينكَ وبينَ القصيدة؟ ماذا أعطتكَ؟ وماذا أخذت منك؟ 
- القصيدة عالم جميل وفضاء غامض أحيانًا وهي امرأة مكتنزة بالجمال، غالبًا ما تغري الشاعر عندما تلوح الفكرة في ذهنه وتعتلج في صدره وتتفاعل مع مشاعره، أعطتني محبّة أصدقائي، ووسّعت دائرتهم كثيرًا، وأخذت منّي سكينتي، وطمأنينتي، وحياتي لصالح حيوات أخرى ربما ستظلّ مصلوبة على الورق.

القصيدة ومضة غامضة من الغيب
● مَن الذي بدأ أولًا بالعزفِ على أوتار الروح وقيثارة الجسد؟ كتبتَ القصيدة أم إنها كتبتكَ؟ 
- لم تكتبني القصيدة، كما يدّعي الكثير من الشعراء، فأنا من يفتح باب هذا العالم العجيب وأنا من يعيد صياغة المضامين والرؤى والجمال في بنيتها، فالقصيدة تقبل عليّ في شكل ومضة غامضة من الغيب، وأنا أعيد إنتاجها نصًا كاملًا، ولطالما أعدت النظر فيها بوعيي، مشذّبا تارة ومضيفًا بعض الرتوش تارة أخرى.

الشعرُ فرسُ الرهان في سباق الجمال
● هل لا يزال الرهان على الشعر في عالمٍ لم يعُد شعريًا؟
- يظلّ الشعر فرس الرهان في سباق الجمال، وهنا تحضرني عبارة شهيرة للشاعر لوتريامون هي «الشعر يجب أن يكتبه الجميع» فهو لصيق بحياة الإنسان وكيانه ووجوده في هذا العالم المضطرب، فما دامت هنالك عواصف تظل البحار هائجة، والأمواج عالية، حسب القانون الفيزيائي «لكلّ فعل ردة فعل تساويه في المقدار، وتعاكسه في الاتجاه»، ولا أعني أن الشعر ردّات أفعال فقط، بل في الغالب يكون أفعالًا، تحرّك الواقع، وتجعل رؤيتنا للأشياء مضاعفة، يقول أفونسو كروش في روايته «هيا نشتري شاعرًا» ننقذ كل شيء بالشعر، ننظر إلى جذع ميت فنبعث فيه الحياة، هو فقط نسي ما كان، علينا تحرير الأشياء وهذا عمل كبير».

الشعرُ سؤالٌ واستشراف
● الإبداعُ بمجموعهِ سؤال! والشعرُ سؤال ميتافيزيقي!! أي سؤالٍ محيّرٍ هذا الذي لم تستطع اغتيالهُ الإجابة؟ أهو حياتي؟ أم وجودي؟ أم كوني؟ أم هو سؤال الذات الباحثة أبدًا عن ذاتها؟ أم هو كلّ ذلكَ؟ قلْ لي أي أبجديةٍ مستحيلة هذهِ التي تحتويه؟
- الشعر هو لغة ثانية تسمو على الواقع لكنها تستوعبه، الشعر هو سؤال واستشراف، ورؤية وثورة والشعر يجمل حتى القبح، الشعر يغوص في الأفكار والمضامين مثلما يغوص في المفردات والتراكيب، والشعر هو الذات الباحثة عن ذاتها، وعن الآخر، وهو الذات المندمجة بالآخر، لتعبر عن نفسها، وهو الذات المتقابلة مع الآخر للتعبير عن الآخر، وواجبه كما يقول أنتونان أرتو «أن يتقدّم إلى الخارج من أجل خلخلة ومهاجمة الروح الجماعية».
● قالَ لي الصديق شاعرُ الحداثة الكبير الراحل عبدالوهاب البياتي ضمن حديث دافئ بغاليري الفينيق بعمّان صيف 1995 «لا شكلَ للقصيدة»... وأنا من خلال تجربتي في الهايكو أرى أنَّ القصيدة أكبر من كلّ الأشكال، بلْ تتسعُ لكلّ الأشكال، ولا قواعد للكتابة عمومًا في أدقّ تعبير ماذا تقول؟ لماذا يزعج هذا ميليشيات شعراء العمود والقريض، وهم لا يزالون مصرين على كتابة شعرٍ موزون ومقفى في زمنٍ غير موزون... وعدالة غائبة وعرجاء؟
- هذا الأمر حسمهُ النقاد العرب القدامى، فلو رجعنا إلى القرن الثالث الهجري لوجدنا ابن قتيبة قد جعل الجودة معيارًا للمفاضلة بين الشعراء في كتابه «الشعر والشعراء» حينما قال «كل من أتى بحسن من قول أو فعل ذكرناه له، وأثنينا عليه، ولم يضعه عندنا تأخر قائله، أو فاعله، ولا حداثة سنّهِ»، فالشعر عالم من الرؤى والجمال لا يحدده شكل ولا يحد من جماله ومن إبداعه شكل، فقد أبدع شعراء في قصيدة الشطرين أيما إبداع والقائمة تطول بدءًا بامرئ القيس والمتنبي والجواهري وعبدالرزاق عبدالواحد، كما أبدع بالتفعيلة شعراء أيما إبداع: السياب، نازك، البياتي، سعدي يوسف، أحمد عبدالمعطي حجازي، وصولًا إلى عدنان الصائغ وعماد جبار، كما أبدع شعراء في «قصيدة النثر» كأُنسي الحاج والماغوط وسركون بولص وغيرهم، وهناك من أبدع في الأنواع الثلاثة وفي ديوان واحد كما فعل أدونيس في كتابه «الكتاب أمس المكان الآن»، إذن الإبداع والتحديث قائمان وممكنان في كل الأنواع الشعرية، وإذا تفاوت مستوى التحديث من نوع إلى آخر فيجب أن نتقبل الآخر، فكل يشتغل في مجاله وكل نوع له متلقوه، فقصيدة الشطرين لها شعراؤها ومتلقوها وكذلك التفعيلة والنثر، ويجب ألا نصادر الإبداع أيًا كان شكله أو نوعه، فالفضاء يسع الجميع.
 
لم أهاجر إلى المسرح
● عبدالرزاق الربيعي من الشعر إلى المسرح! هل عجزَ الشعر عن الإجابة على أسئلتك؟ أهي هجرة شرعية والبحرُ هادئ وأمين، أمْ إنهما يُكملان بعضهما... وأن فنون الكتابة تبيحُ الاستلاف من بعضها البعض؟ أمْ ماذا؟
- لو نظرنا للفنون من منظار واسع لوجدناها قريبة من بعض، حتى إن السينما جمعت الكثير من الفنون البصرية والسمعية والسردية تحت عباءتها، وهذا جعلها غير معزولة، يقول الناقد د. حاتم الصكر «اقتراب الفنون من بعضها أكد إمكان الاقتراض والأخذ بما يعزز بنية كل فن»، لم تكن انتقالتي من الشعر إلى المسرح هجرة، فمنذ بداياتي كنت أكتب الشعر إلى جانب المسرح، الذي أجده أقرب ما يكون إلى الشعر، بل إنه نشأ في حضنه، كما قرأنا في تاريخ المسرح اليوناني، الذي نشأ على أيدي شعراء كأسخيلوس وسوفوكلس، وما كتبته من مسرحيات تمتح من روح الشعر الكثير، فكان الحوار بنية مؤسسة فيها، فضلاً عن أن موضوع الصراع كان حاضرًا بقوة في معظم مسرحياتي، لذلك وجدت أن أقدم هذه الموضوعات في المسرح لا في الشعر الذي يعتمد على لغة اللمح والتخييل فيما يقوم المسرح بشكل كبير على الحوار، والخوض في موضوعات تقوم في الغالب على قضايا جدلية لا يتسع لها أفق القصيدة فيما لو كتبته شعرًا.
هجرة الشعراء إلى الرواية
● كيفَ ترى هذه الهجرة «شرعية» أم «غير شرعية» إلى الرواية: شعراء، صحفيين، نقادًا، وفنانين في لهاثٍ مضنٍ... أهو زمن الرواية كما يرى بعض النقاد؟ أليس لكلّ فنٍّ زمنه؟ أهو التوق للقلب الروائي، أمْ هي الجوائز المتعددة للرواية؟ أمْ إنّ المُمّول لهذهِ الهجرة الناشرون؟ ماذا تقول؟
- كثيرًا ما تطرق أسماعنا هذه الأيام أن هذا العصر هو عصر الرواية، لكننا بين الحين والآخر نجد أن الشعر حاضر بقوة بين شباب كتبوا القصيدة بمعطيات الحاضر بكل ما تتضمنه من ثورة معرفية وتكنولوجية، بل إن الرواية اليوم لا تخلو من الشعر فكثير من الروايات اعتمدت لغة الشعر إيمانًا منها بأن لغة الشعر هي التي تستفز المتلقي وتؤثر فيه وتجعله أكثر قربًا مع ما تطرحه من رؤى وأفكار، وهذا الصوت الذي يتردد كثيرًا بأن العصر عصر الرواية له أسبابه، فهذه الأحداث الكبيرة التي تمر بها المجتمعات والتحولات السريعة، فضلًا عن الاضطرابات، دفعت بعض الشعراء إلى أن يخوضوا غمار الكتابة في هذا الجنس الأدبي، وبتقديري أن يراجع هؤلاء الشعراء هذه التجربة، فإن نجحوا فيها فلا ضير الجمع بين الجنسين وإلا فالبقاء على الشعر، وقد تكون الجوائز المجزية التي تقدم للرواية حافزًا يغري هؤلاء الشعراء للعدول عن الشعر إلى الرواية.

بياضُ الورقة مساحة حرية
● يقول أرنست همنغواي «الورقة البيضاء أصعب ما يُمكن أن يواجههُ الكاتب»!، ويقول نزار قباني «الورقة البيضاء جسدٌ وعلى الكاتبِ أنْ يكونَ بمستواها الحضاري»... كيفَ تتعاملُ مع استفزاز بياض الورقة؟ اللغة، العاطفة، الحلم، الرؤى... هل تكفي عواصف هذهِ الأقانيم لدرء خطر بياض الورق؟ 
- الورقة عالم جميل، يغريني بياض الورقة لأن أسقط عليه انفعالاتي وأفكاري ومواقفي التي تعتلج في ذهني، فالحرية التي تمنحني إياها الورقة ببياضها أجدها دافعًا للتجريب والإبداع، وغالبًا ما كان بقايا البياض بعد إنجاز القصيدة مكملًا لجمالياتها ودلالاتها. 
● ما طقوسك للدفاع عن نفسك أمام ورقة ظمأى لأسئلتك؟
- عندما أجد نفسي، وحيدًا أمام ورقة، فليس أمامي سوى العوم في بياضها، ورشّها بحبري حتى يغرق ذلك البياض.

النقادُ معدودون والمبدعون كُثر
● كتبتَ النقدَ أيضًا! هل استطاع النقد في صحافتنا الثقافية مواكبة هذا التفجّر الإبداعي شعرًا وقصة ورواية ومسرحًا؟ النقد مُتّهمٌ دائمًا لماذا؟ وهناك مَن نادى بموتِ الناقد! هل لدينا حركة نقدية عربية جادة؟ مَنْ ناقدكَ الأمثل عربيًا وعالميًا؟
- لم يعد النقد حكمًا يطلق فالنقد هو قراءة يتسلح بها الناقد بمرجعيات معرفية وذائقة أدبية للغوص في أعماق النص وتقديمه بنص إبداعي آخر، بالنسبة لي لا أدّعي النقد لكن أحيانًا تستفزني بعض النصوص، فأحاول أن أقدم لها قراءة مستعينًا بخبرتي في كتابة النص الشعري والمسرحي وحساسيتي تجاه هذه النصوص، أما بالنسبة لموت الناقد فهذه القضية رفعها بعض من يتعصب للدراسات الثقافية والنقد الثقافي، فالنقد حاضر، لكن بالتأكيد لو وازنا بين العرض والطلب فهناك تفاوت فما ينتج من نصوص إبداعية لا يوازيه عدد النقاد الموجودين في الساحة، فالنقاد معدودون والمبدعون من شعراء وروائيين وقصاصين وكتّاب مسرح كثر، لذلك المعادلة غير متوازنة بين الطرفين، أما النقد الصحفي فيجب علينا أن نعرف أنه غير النقد المكتوب في المجلات المتخصصة لأن النقد في الصحافة يخاطب الطبقة الوسطى من المثقفين، أما في المجلات المتخصصة فهو يخاطب النخبة من المثقفين، لذلك هو أعلى من النقد الصحفي، والساحة النقدية فيها أسماء عديدة من النقاد من بينهم د. حاتم الصكر، د. سعد التميمي، د. صلاح فضل، ود. عبدالله الغذامي وعبدالسلام المسدي ومحمد مفتاح. 

مسقط راحة النفس والسكينة والسلام
● من بغداد الطفولة والأصدقاء والذكريات... إلى مسقط تربة الألفة ومحبّة من نوع آخر، فضاء... وأصدقاء... وأسرة... وبيت... وعمل... بغداد - الأمس، ومسقط. اليوم إذا طُلبَ منكَ أن ترسمَ بورتريهًا للمدينتين... أي الألوان يليق بحبّ مدينتين - جغرافيا الروح، إغواؤهما يفوق إغواء أنثى لعوب جميلة؟!
- المعروف عن مسقط أنها تميل إلى البياض لما يمليه من راحة في النفوس والسكينة والسلام، حين زار الشاعر الراحل فوزي كريم مسقط في يناير 2013، وكنت قريبًا منه في تلك الزيارة، وصف عمارتها البيضاء المترادفة لا المتطابقة وبلاغتها في مقال له بـ«الغنائية» لفضاءاتها الشاسعة بين الكتل التي تضفي عليها مزيدًا من الرشاقة، وهذا اللون أتمنى أن يطغى على بغداد لما تحمله من إرث وجمال ليعم السلام والجمال على ربوعها وشوارعها المكتظة بالضحكات التي تكشف عن البياض والجمال. 

الجوائز العربيّة 
وأمزجة التحكيم
● حصلتَ على عدّةِ جوائز خليجية وعربية عن نصوصك الشعرية والمسرحية، الجائزة والمبدعُ امتحان! ما نوع هذا الامتحان؟ أهي الحافز الأكبر على المزيد؟ أم إنها مسؤولية وتأنٍ أكبر نحو اقتحام القادم؟ أم ماذا؟ حدثني!
- بالتأكيد لا أحد من المبدعين لا يتمنى أن يحصد الجوائز، التي أصبحت بمنزلة شهادة اعتراف بجودة النتاج الأدبي، رغم أن الأمر في النهاية يخضع لتوجهات وأمزجة لجان التحكيم والجهات المنظمة لها، لكن الجائزة الأكبر بالنسبة لي عندما أفاجأ بقراءة من أحد النقاد لنص لي لأكتشف الجمال فيه من هذه القراءة، أو قد تصلني مكالمة من صديق من أقصى بقاع الأرض معبرًا عن سعادته بنص، أو مقال أكتبه، لذا لم أفكر يومًا من الأيام في الجائزة بقدر ما كان يهمني تفاعل المتلقين والنقاد مع نص أكتبه.

الملتقيات الثقافية فرصة للتعرّف
 إلى ثقافة جديدة
● تتعددُ في الفضاءات الثقافية العربية الملتقيات الإبداعية والأدبية والفكرية... ماذا يحصد المبدع من هذهِ الملتقيات حتى وهي في طابعها الرسمي أحيانًا؟ هل يكفي إرضاء غرور المبدع بالتواصل مع الآخرين؟ أم لابدّ من إنجازات وليس توصيات - كما هو شائع -  للوصول إلى إبداع وأدب وفكر جادين مثمرين؟ 
- غالبًا ما تدفعني للمشاركة في الملتقيات لأكتشف المكان أحيانًا، والتعرّف إلى ثقافة جديدة، ومجتمع جديد، أو ألتقي صديقًا لا ألتقيه إلا في مثل هذه الملتقيات، وأحيانًا تأخذني الرغبة لاكتشاف ما وصل إليه الإبداع الشعري والمسرحي من خلال مشاركتي في مثل هذه الندوات والمهرجانات والملتقيات.
● ماذا تقترح كمشارك من برامج فاعلة لهذهِ اللقاءات؟
- ما أتمناه الاستمرارية في مثل هذه الملتقيات وتوسيع دائرة المشاركة وتنويع المشاركة وإقامة الورش التي تدرس الجنس الأدبي الذي تقام له هذه الملتقيات ليقدّم المعرفة للمشاركين ■