الغيرة عند الأطفال آثارها وعلاجها

الغيرة عند الأطفال  آثارها وعلاجها

الغيرة أحد المشاعر الطبيعية الموجودة عند الإنسان كالحب والألم، ويجب أن تقبلها الأسرة كحقيقة واقعة ولا تسمح في الوقت نفسه بنموها، فالقليل من الغيرة يفيد الطفل، فهي حافز يحثه على التفوق، لكن الكثير منها يفسد الحياة ويصيب الشخص باضطرابات عديدة، وما السلوك العدواني والأنانية والارتباك والانطواء إلا آثار الغيرة على سلوك بعض الأطفال، ولا يخلو طفل من إظهار الغيرة بين الحين والآخر، وهذا لا يسبب مشكلة إذا فهمنا الموقف وعالجناه علاجًا حكيمًا، غير أن الغيرة قد تصبح عادة من عادات السلوك تظهر عند أول مثير.

 

الغيرة هي حالة انفعالية يشعر بها الشخص ويحاول إخفاءها، إذ لا يمكن الاستدلال عليها إلا من خلال أنماط سلوكية معينة، وهي حالة مركبة من حب التملك والشعور بالفشل وشعور الغضب بسبب وجود عائق، مصحوبة بتغيرات فسيولوجية داخلية وخارجية يشعر بها الطفل عند فقدان الامتيازات التي كان يحصل عليها أو عند ظهور مولود جديد في الأسرة أو عند تفوق طفل آخر في المدرسة، في حين كان حظه الإخفاق في الدراسة، هذه المشاعر المركبة غالباً ما يرفض الطفل الإفصاح عنها أو الاعتراف بها لأن الإفصاح عنها يزيد من شعوره بالمهانة والتقصير.

الفرق بين الغيرة والحسد
عادة ما يستخدم الناس كلمتي الغيرة والحسد بصورة مترادفة إلا أنهما ليستا بمعنى واحد، فالحسد هو تمني زوال نعمة أو ميزة من شخص آخر والحصول عليها أو يكتفي الحاسد بالرغبة في زوالها من الآخرين فقد يحسد الطفل صديقه على دراجته، أما الغيرة فهي أن ينتاب المرء القلق والتوتر والضيق والغضب بسبب عدم حصوله على شيء ما يوجد لدى شخص آخر يجذب له القبول والحب من قبل المحيطين به.

أنواع الغيرة 
سلوك الغيرة طبيعي ويعتبر ضرورياً للطفل، وعلى الأبوين أن يجيدا طريقة التعامل مع الطفل في هذه الحالة، فقد يكون هذا النوع من الغيرة دافعاً له إلى التفوق والنجاح، أما الصراخ في وجه الطفل وضربه فليس الحل الأمثل للتعامل مع هذه الحالة، وتوظيف هذه الغيرة فيما يعود على الطفل بالمنفعة.
أما الغيرة المرضية فتنشأ مع عدم وجود البيئة الصحيحة للتعامل مع سلوك الغيرة الطبيعي، حيث تتطور الغيرة الطبيعية إلى مرضية فتطول فترتها وتترك آثاراً سيئة على الطفل، وقد يصاب الطفل بعدم التوافق النفسي مع حياته الاجتماعية فيضطرب سلوكه، وقد تنتقل حالته إلى أمراض نفسية وعقلية واجتماعية قد تدفعه إلى العدوان على الآخرين.

تأثير الغيرة 
تأخذ الغيرة صورًا متباينة مثل الغضب والعدوان والتخريب وفقد الشهية والتبول اللاإرادي ومص الأصابع وقضم الأظافر وشدة الحساسية وغيرها من الاضطرابات السلوكية والنفسية، وكذلك تسبب صراعات خفية داخل الفرد تجعله يفضّل العزلة الاجتماعية والانطواء  والاكتئاب، وقد يكون موضع سخط الأسرة، وقد يلجأ إلى أي أفعال لجذب انتباه الآخرين، فبعضهم قد يلجأ إلى الحيل النفسية مثل التظاهر بالمرض، أو استعمال العدائية والعنف الزائد مع الآخرين تعبيرًا عن غيرته، لذلك الطفل الغيور لا يجد السعادة كبقية الأطفال لأنه يعتقد أنه قد فشل في الحصول على الحب والرعاية الكافيين من الوالدين، مما يؤدي إلى انعدام ثقته بنفسه وقد يصبح خجولًا، لا يستطيع مواجهة المواقف، ويثور لأقل سبب حتى يهرب من المواجهة.

أسباب الغيرة 
هناك أسباب ودوافع عديدة تجعل الطفل شديد الغيرة أهمها ميلاد طفل جديد، وحصوله على اهتمام أكبر، وقد يغار الطفل من أحد الوالدين، فالطفل الذكر يتعلق بأمه تعلقًا كبيرًا ويجد في أبيه منافسًا على حبها، والبنت الصغيرة تتعلق بوالدها وتجد في الأم منافسًا لها في حب الأب، وإغداق الامتيازات الكثيرة على الطفل العليل، كإمداده باللعب وإعطائه النقود والحلويات وغير ذلك مما لا علاقة له بعلاج المرض نفسه، مما يثير غيرة الإخوة الأصحاء، وتبدو مظاهرها في تمني المرض، وكراهية الطفل المريض وغير ذلك من مظاهر الغيرة المستترة، وقد يكون شعور الطفل بالنقص من أهم أسباب الغيرة بالآخرين، مثل نقص الجمال أو في الأمور الاقتصادية من ملابس ونحوها، أو مرور الطفل بمواقف محبطة أو فشل متكرر. ويزداد هذا الشعور نتيجة سوء معاملة الوالدين وقسوتهم والسخرية من ذلك الفشل. وقد أشارت الدراسات التي تبين الآثار السيئة، إلى سوء التربية المنزلية والحرمان العاطفي وحرمان الطفل من حنان أبويه، إما لنبذ الآباء أبناءهم، أو وقوع الأطفال ضحايا زواج تعيس ينتهي بالطلاق، أو فقدان أحد الوالدين أو كليهما، وأثر ذلك على الصحة العقلية للطفل، وبعض الأسر دخلها الاقتصادي منخفض أو شديدة البخل على أبنائها مقارنة بالأسر الأخرى فتنمو الغيرة في نفس الطفل نتيجة عدم حصوله على ما يريد من أسرته، ومن أكثر الأساليب المنتشرة في التنشئة غير السوية تفضيل الأبناء الذكور على الإناث أو الصغير على الكبير، وكذلك كثرة المديح للإخوة خاصة من قبل الوالدين أمام الطفل وإظهار محاسنهم أمامه، مع ذم الطفل أو عدم الإشادة به.

علاج الغيرة 
إن تقديم النصح والإرشاد الأسري نوع من العلاج التعليمي والتوجيهي للوالدين فيما يخص أسباب الغيرة عند الطفل وطرق التعامل الصحيحة معها، فالمرونة الكافية عند الوالدين في معرفة أن هناك خطأ ما، وأن هذا الخطأ يمكن تصحيحه، قد يفيد الطفل الغيور، مع تجنب الوالدين العقاب أو مقارنته بأصدقائه أو إخوته أو إظهار نواحي ضعفه وعجزه، وكذلك يجب تعزيز ثقة الطفل بنفسه وأن نشجعه على النجاح والإنجاز، وزرع حب المنافسة الشريفة، ويجب أن نترك مساحة من الحرية ليعبر من خلالها الطفل عن انفعالاته، وإشعار الطفل بأنه مقبول لدى الأسرة، وأن تفوق الآخرين لا يعني أن ذلك يقلل من حب الأسرة له، وتعويد الطفل على تجنب الأنانية والفردية والتمركز حول الذات، وأن له حقوقًا وعليه واجبات ونوضح له السلوك الصحيح، وكذلك اشتراك الطفل في جماعات أقران وأنشطة رياضية يجد فيها متنفسًا لرغباته ويمارس فيها العمل الجماعي القائم على التعاون والجماعية أكثر من الفردية، وإذا كانت الأسرة تستعد لاستقبال مولود جديد يجب أن نهيئ الطفل لاستقبال هذا المولود، كما يجب ألا نزجره أو ننهره إذا لاحظنا غيرته من العضو الجديد، بل ندعه يساعد في العناية بالطفل وأن نشعره بالمسؤولية، ولا نظهر اهتمامنا بالطفل الجديد في وجوده حتى لا يشعر بأنه أخذ حبه منك ■