شاعر الحب والغزل يعقوب يوسف السبيعي

شاعر الحب والغزل يعقوب يوسف السبيعي

 

يشدُّ عليكِ في قلبي الوثاقا     
غرامٌ جاوز السَّــــبعَ الطباقا 
ويسعى بي إلى عينيكِ شيءٌ     
تعاظمَ أن أسمِّيهِ اشـــتياقا 
أنا الفيَّاضُ بالأشواقِ تسري      
إلى من لا أطيقُ لها فراقا 

نعم هذا دأبه في معظم قصائده، إنه الشاعر الكويتي يعقوب يوسف السبيعي، الذي نشر هذه القصيدة في (مجلة العربي، عدد أكتوبر1996، بعنوان: إن لها رفاقًا، ونشرها في ديوانه: إضاءات الشيب الأسود، ص163). 

 

كانت مدينة الكويت تتكون من قسمين: حي القبلة، وحي الشرق، لكن في عهد الشيخ مبارك الصباح خرج للوجود حي ثالث، هو حي المرقاب، وهو حي يقع جنوب ساحة الصفاة، وفي هذا الحي ولد الشاعر يعقوب يوسف السبيعي عام 1945، وتلقى العلم في مدارس الكويت حتى أنهى الثانوية العامة. 

ثقافة مبكرة
كان في المرحلة الثانوية يسكن في السكن الداخلي، الأمر الذي مَكَّنَه من قراءة كثير من الكتب التراثية والشعرية، فمن مكتبة المدرسة الثانوية اكتسب ثقافةً كبيرةً مَكَّنَتْه من الكتابة الصحافية، فعمل في بداية حياته بوزارة الداخلية، لكن حب الاطلاع والقراءة جعله ينتقل بعمله إلى جامعة الكويت، لينهل من معين العلم ويكون قريبًا من مصادر العلم والمعرفة، فعمل في مكتب الأمين العام، وكان قريبًا من مكتبة الجامعة، لذا قرأ كثيرًا من دواوين الشعر العربي وحفظ قصائد كثيرة، ففاضت قريحته بإصدار ديوانه الأول سنة 1979. 
أصدر السبيعي عدة دواوين شعرية منها: 
1- السقوط إلى الأعلى، طبع في منشورات ذات السلاسل، الكويت، سنة 1979، في 128 صفحة، واحتوى على 26 قصيدة.
2- مسافات الروح، طبع في دار الربيعان للنشر والتوزيع، الكويت، سنة1985، في 120 صفحة، واحتوى على 27 قصيدة.
3- الصمت مزرعة الظنون، طبعته الأولى في مؤسسة الرياضي للطباعة سنة 1989، في 140 صفحة، واحتوى على 20 قصيدة، وقد حصد هذا الديوان الجائزة التشجيعية لأحسن ديوان شعر.
4- إضاءات الشيب الأسود، طبع بدعم من المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب. سنة1997، في 168 صفحة، واحتوى على 27 قصيدة.
له قصائد أخرى لم تجمع في ديوان، منها ما هو مبثوث في الجرائد والمجلات، ومنها ما هو بالكتب المدرسية، ولم تجمع بعد في ديوان، أما عدد صفحات دواوينه الأربعة المنشورة فبلغ 556 صفحة، احتوت على 100 قصيدة، وبها قصيدتان جعلهما تحت عنوان واحد هو قبلتان للوطن (الكويت بلادي)، وله كتاب: أوراق، كتابات أدبية، طبع من خلال وزارة الإعلام بالكويت، سنة 1996، في 143 صفحة. وقد نظم السبيعي في أغلب موضوعات الشعر العربي، وتغنى بالوطنية والمديح والوصف، وكان الحب من أبرز قصائده، ولا أعدو الحقيقة إذا قلتُ: إن موضوع الحب قد استولى على الشاعر، وظهر ذلك جليًا في غلبة التفاؤل والحب في شعره، وأقصد بالحب: حب الجمال، وإظهار المشاعر تجاهه، وحب الأفعال والأقوال، وكذلك تحرك مشاعره نحو المرأة فهو نوع منها، وهو ما يطلق عليه فنيًا (الغزل)، فكانت هذه القصائد تربو على نصف شعره، حتى ليصدق تسميته بـ«شاعر الحب».
من عناوين بعض قصائده نجد نزعة الحب الذي ذكرناه،  ومن أمثلة ذلك قصائد من ديوان  «السقوط إلى الأعلى»: أغار عليك، عطر الحديث، عيناك عرشي، تساؤلات، اعترافات محب، الحب والحزن، الليل الأزرق، والوصول.
ومن ديوان مسافات الروح، نجد قصائد مثل: هاك، والزجاجة، ودعوات في ملتقى الفجر، انطفاءة، ويبقى شيء، وبنت السماء، وقلبان في الشعر، وليلى، وإليها، وصياد الغواني، والموعد، وتهنئة، وسدرة الحب، وكان أجمل ما في الحب، وحضرة الحب.
ومن ديوان الصمت «مزرعة الظنون»، نجد قصائد: كسرة حب، لبيك ولكن، أغنية للسيدة الكويتية، وكريستال، وأنت، وهيزوف، ولقاء ليس إلا، وعروق الليل، وكلا... بلى، ويا فاتني، الهدية، ولابد أن نلتقي.
ومن ديوان إضاءات «الشيب الأسود»، نجد قصائد مثل: وطني المفدى، والشهيدة س، وقلب الكويت، والنيل يصب في الكويت، ولا يشكر الله من لا يشكر الناس، وجامعة الكويت، وطائر العينين، وأتدين، وكنا وأمسينا، وامتزاج، وشكرًا، وإن لها رفاقًا... وغيرها.
في هذه القصائد وغيرها نجد الحب الذي يشمل كل شيء، في الحياة وما فيها من جمال وعلاقات وأقوال وأفعال، ولتفصيل بعضها نذكر التالي:

مضامين الجمال عند السبيعي 
يتغزل الشعراء بالجمال، المادي والمعنوي، ونواحي الجمال كثيرة تلك التي أبدع فيها الشعراء العرب فيها منذ العصر الجاهلي، ووجد الشعراء الجمال الحسي في العيون والقوام وغيرهما من أجزاء الجسم، بيد أن الجمال المعنوي يوجد في القيم والأفكار والمبادئ ذات القيم الروحية والإنسانية. 
وجد الشاعر يعقوب السبيعي العشق متمثلًا في مضامين الجمال، ووجد الجمال في الوجه الحسن، والزهور، والورود... ووجده في نفسه المعبرة عن الحب والعشق، ووصف شعوره تجاه من يحب بأروع الكلمات، وأحيانًا تضيق الكلمات عن التعبير عما يختلج في صدره من حب؛ فلا يجد إلّا الطبيعة للتعبير عما يكنه صدره. 
يشبه الشعراء العرب النساء الجميلات بـ:  «الغزالان، والمها، والظباء...»، كما يرون الجمال في: الأزهار، والرياحين، لذا كانت الطبيعة مصدر إلهام للتعبير عن الجمال، وشاعرنا السبيعي تفنن في صياغة الصور الفنية المعبرة عن خلجات صدره، ولا أظنه قد بلغ ما يريد، وكان: الليل، والنهار، والفجر، والنسيم العليل، والأنواء... تعبر عن صوره الفنية، فكانت نظرته للعيون نظرة لا تكاد تخطئ، ويرى جمال العين متجليًا فيها الجمال الإلهي الذي يحرك وجدانه، فيقول في قصيدة له بعنوان: طائر العينين، من ديوانه «إضاءات الشيب الأسود»: 
عيناكَ والليلُ الطويلُ أضافا
هَمًّا لقلبي أَنْتَ مِنْهُ مُعافَى 
عيناكَ والليلُ المريرُ تَناصَفا
تَمْزِيقَ قَلْبٍ لَمْ يَجِــدْ إِنْصـافا 
نَهبا مَسافات انْفِرَادي عنْوَةً
وَسَـــــلَبْنَ مِنِّي زَوْرَقًا وَضِفافا 
رأى الشاعر السبيعي في العينين والليل صورة لمشاعره، فبين الجفاء واللقاء بون شاسع من الآهات والزفرات، فكأن الليل كان حاجزًا عن لقاء المحب، لكن العينين تبصران ذلك الفراق الأليم كأنه ظاهر في وضح النهار.
يقول في قصيدة له بعنوان: «كرستال» من ديوانه «الصمت مزرعة الظنون»: 
ما لِلْعيُونِ ومالي 
مِمَّا يَدُورُ بِبالي 
أَرْقَى إِلَيْها بِحُلْمي
في شاهِقاتِ الْلَيالي 
ويُسْلمُ النَّجْمُ دربي 
إلى النُّجوم التَّوالي 
حتَّى إذا بشَّرتني 
بها الطُّيور الغَوالي 
وكدتُ ألمحُ وجهًا 
له يُضِيء انْفِعالي 
تنقَّل الليلُ عني 
بِها وَرَدَّ انْتِقَالي
وَجاءَ صُبْحٌ يَرَانِي 
بِعَيْنِ مَنْ لا يبالي
يا ليلُ يا صبحُ كُفّا
عَنِّي، وَرِفْقًا بِحالِي

فيجعل الشاعر العيون طريقًا إلى المحبة، وعنوانًا لما في القلب من خلجات وآهات، لكن وراء ذلك جهد وتعب وازورار.
 يقول في قصيدة له بعنوان: «هيزوف» من ديوانه «الصمت مزرعة الظنون»: 
سَأَكْتَفِي مِنْ عُيونِ الْغِيدِ بِالْأَلقِ 
ومِن تَلَاوين هَذا الْيَوْمِ بالشَّفَقِ 
وَأَسْــتَريحُ... فَإِنَّ الْحُبَّ أَتْعَبَني 
وَشَــدَّني نَحْوَهُ في كُلِّ مُفْتَــــرَقِ 
سَأَنْتَقِي مِنْ نُجُومِ الصَّيْفِ وَاحِدَةً 
    أَبُثُّها بَعْضَ ما في الرَّوح مِنْ قَلَقِ
فإرادة الشاعر واضحة في التخلص من مشاعر الحب والغرام والتملص منها، لكن هيهات!  يعبّر عما يجيش في صدره عندما عجز عن دفع هذه المشاعر الجياشة، ويبث لإحدى النجوم بعض مشاعره.  ويظهر لنا من شعره أن شاعرنا قد غرق في دهاليز الحب، فمرة يشكو، وأخرى يطمئن للمحب، الذي يبادله حبًا بحب وشعورًا بشعور، لكنه لا يفكر في الرجوع عن التعبير عن محبته للعيون الجميلة، والقوام الرشيق، فهو عاشقٌ ولهان، ومحبٌ مخلص في حبه. 

الصور الفنية للجمال 
    الشاعر فنان وذو قدرة على خلق صور بديعة، وأفكار نيرة تبرز صورًا بلاغية فيها حيوية وأنسنة الطبيعة الصامتة، فجمع في شعره بين المتضادات، إذ جمع بين: الليل والنهار، وبين الجمال والقبح، وأبرز الأزهار برياحينها وألوانها الجذابة، واستخرج من الطبيعة ما يعبر به عن خلجات صدره، وشغفه تجاه من يحب، ويحاول في صياغة صوره الفنية التجرد من الضغوط والكبت حتى يكون حرًا في صياغة أفكاره، ويبتعد عن الصور التقليدية للحب، فهو فنانٌ مبدعٌ.
    يقول في قصيدة له بعنوان: مطاردة الأيام، من ديوان «مسافات الروح»: 
أضيئي، فلولا الليل ما كان لي ذنبُ    
   ورقّي، فإنَّ العمر منفـلتٌ صعبُ 
أراكِ بلا وعدٍ فيصـعدُ مسـرعًا 
   فينظر من عيني إلى عينكِ القلبُ 
فلا تسرفي في البعدِ عني تشفيًا 
 ولا تقــربي من حيثُ أبعدكِ القــــربُ 
ولا ترهــقي قلبي بحبـكِ كـلَّما 
تعارضت الآراء، ما هكذا الحـبُّ 
أنا بالهوى أدرى، وأرحبُ ساحة
 وهل يجهل المنهوبُ ما فعلَ النهبُ 
يمضي شاعرنا السبيعي في محاورته مع محبوبته، في تصوير بديع لمشاعره، يراها 
فلا يمتلك قلبه صبرًا، بل يلاحقها مسرعًا، فيعاتبها لأنه قد مارس الحب وشغف به، فكيف ترهقه هي بحبها؟!
يقول الشاعر في قصيدة له بعنوان «ليلى»: 
أحتمًا يغمض الليلُ العيونا
وتكسرُ سطوةُ الريح الغصونا 
إلى كم يا نداء النور تسري
ويرجعك الصدى عرقًا وطينا 
وتغرينا الليالي بالليالي
فنـهجرُ بينها صـبحًا مبينا 
لقد شربت همومُ الليلِ كاسي
فماذا أطعم الصـبحَ الحـزينا 
هكذا يصّور الشاعر مشاعر مرّت عليه مع من يحب، ويرى أن المحبوب لا يبادله المشاعر، لذا يلجأ إلى الطبيعة يحاكيها لعله يجد فيها ما يجيب عن تساؤله، ثم يدرك الواقع، فيقول: 
لأن الحلم أمسى غير مجدٍ 
علانيةً، ولا يغري الجـــفونا 
لك الحسنى مخبَّأة بصمتي 
إذا ما جئتُ يا ألمي معينـا
شقيتُ بقدرتي في منع روحي 
وقد يُشقي التُّقى قلبًا أمينا
فماذا يكون رد فعل الشاعر وهو يرى الهجران بلا سبب؟ ليس له إلا الصبر والبعد، فيقول: 
ولن أشتاق ليلى حين تنأى 
بلا سبب، لكي أبدي الحنينا 
وداعًا يا التي عودت قلبي 
عليك، فإنَّ بي ملـلًا دفينــا 
وما انفصلت عيونك عن عيوني
 ولكن الهوى ليس العيونا 
صوّر الشاعر واقعه، واستعار الليل ليعبر عن ذلك الواقع الحزين، لكنه اصطدم به ولم يعد الليل يسعفه فلا بد له من معرفة الواقع، وإن حاول أن يتخذه دربًا إلى المحبة. 

وصف مشاعر الحب 
لقد شغف شاعرنا السبيعي بالجمال، وعبر عن مكنون قلبه بمن يحب، فوصف تلك المشاعر بأرق الكلمات وأبدع العبارات، يستحضر في نغماته الشعراء الغزليين العرب القدامى، ويرى نماذجهم أمام عَينيه إذا قام بصياغة تلك المشاعر فيقول في قصيدة له بعنوان «قوة الضعف» من ديوانه «إضاءات الشيب الأسود»:
كلَّما أشرقَ في عيني وَحَيَّا 
قال قلبي بِأَبِي هذا المُحيَّــا 
بِأَبِي من مرَّ مثلَ الحلمِ بي
والمُـنى تملأُ بالنــورِ يَدَيَّـا 
تَلْهَثُ الْعَيْنُ على أعْضائِهِ 
ثمَّ ترتاحُ على الصَّدرِ مليّــا 
كلَّما مرَّ ســـــرى في بَدَنِي 
ألفُ شيءٍ لستُ أدري عنْهُ شيّا 
وخيالي ســــابحٌ في غَيْهَبٍ
 يملأُ الكونَ - بلا صوتٍ - دويّا 
 يعبّر الشاعر عما يجيش في صدره عندما يراها، فتأخذه الكلمات إلى ذلك التعبير المفضي إلى المشاعر الجياشة. يقول في قصيدة له بعنوان «إليها» من ديوانه «مسافات الروح»: 
هي المنتهى والبدءُ والصوتُ والصد     
وكل الذي في الأرض والخصبُ والمَحْلُ 
وكل الذي في الأرضِ صعبٌ معطَّلٌ
 إذا ما نأت، والصعبُ في قربها سهلُ 
حفظتُ لها سـمعي ونطقي ونظرتي 
وأخلصتُ للأشواقِ قلبـًا بها يعلو 
ووسَّدتُها صدري وفي القلبِ دمعةٌ
فبينَ الهوى والخوف يتَّصلُ الفضلُ 
وما كان لولا الخوفُ للعقـــلِ وقفةٌ 
وما شـعَّ لولا الحبُّ قلبٌ ولا عقــــلُ 
يتمرد الشاعر على واقعه، ويجبر قلبه على الاعتراف بالواقع الصعب، على الرغم من كل مشاعر المحبة والألفة، لكنه يرى أن الظروف الواقعية أكبر من مشاعره، فلا يجد إلا الكلمات ليعبر بها عما يجيش في صدره.

قصائد الغزليات
يتمتع الشاعر يعقوب بقدرة كبيرة على وصف المشاعر النفسية للمحب، لذا تناول جميع ما يشعر به من آهات ووجد المحب، وعلى الرغم من إصداره أربعة دواوين فإن الحب والغزل استحوذا على معظم أشعاره، فتصل نسبة القصائد في الحب والغزليات أكثر من ثمانين بالمائة مما نظم، واستعرض فيها جميع جوانب الحب والغزل؛ من مظاهر الجمال في الأقوال والأفعال، ومن مدح المحبوبة إلى وصف مشاعره، وبيان صفات المحبوبة، وما تتسم به من جمال ورقّة. يذكرني شعره بشعراء الغزل العفيف في العصر الأموي:  مجنون ليلى، وجميل بن معمر، وقيس بن ذريح... وغيرهم.  كثرة قصائد الحب والغزل توحي بتخصصه في هذا النوع من الشعر، فلا غرو إذن من كونه شعره يفوح بروح الحب والغزل، ولا يجاريه أحد من شعراء الخليج العربي، فإذا استعرضنا بعض قصائده في الغزل نجد أنه قرض قصيدة بعنوان «وكان أجمل ما في الحب» من ديوانه «مسافات الروح»: 
يا نفحة الوردِ يا ظلًا ألوذُ به    
إذا ترنَّح حولي العمرُ مختنقا 
أودي بسري التفاتي كلَّ ثانيةٍ
 ظنًّا بأنَّـك تأتي حيثما اتفقا 
ما كنت مثلي تعاني الوجدَ محتدمًا
 والصبحَ منطفئًا، والليلَ محترقا
أنتَ المحبُّ إذا ما نزوةٌ عصفت
 وإن تولت فإنَّ الحبَّ ما خُلقــــا 
كابرتَ حين رأيتَ الحبَّ مختلفًا
وجئتني حين ساءَ الكِبرُ مرتفقا 
يصور الشاعر الغزل خلجات صدره، ولواعج عشقه بصور مختلفة، لكنه يضع الدهر معاندًا لتطلعاته، ورغبته في لقاء المحبوب، والشاعر يعقوب السبيعي لا يختلف عن غيره في وصف الزمن بأنه ضد إرادته، ففي قصيدة له بعنوان:  الخروج من الزمن، من ديوانه «السقوط إلى أعلى»، يقول فيها: 
ألا أيها الزمنُ الحزينُ 
بِأَيِّ همومِ دنيانا تدينُ؟ 
عرفتُكَ والأماني شاهِداتٌ 
مَهِيضًا لا تُعانُ ولا تُعينُ 
تدبُّ مُجَرِّحًا بالصَّمتِ قلبي 
وكيفَ يفرُّ بي وهو السَّجينُ 
فليتُكَ مثلُ أنجُمَهِ ضَرير
ولونُ الصبحِ مُعتلٌّ هجينُ 
أشدُّ بضَوْئِهِ المُصْفَرِّ حِسِّي 
لَعَلَّ مَلامحًا أُخْرَى تَبينُ
لعلَّ الشمسَ تَبْعَثُ لي شعاعًا 
 فريدًا يستبِدُّ به الحنينُ 
هكذا، دنيا المحبين؛ عذابٌ دائب، وقلبٌ حزينُ، وتصوير للحالة النفسية في تعاسة وشقاء، فلا نستطيع لوم المحب العاشق على إخراجه نفثات صدره، وبخاصة عندما يعانده الدهر فلا يستطيع الوصول إلى من يحب ويهوى، وشاعرنا يعقوب السبيعي أبدع في تصوير مشاعره، لكنه لم يفصح عمن يحب، أهي حقيقة في قلبه، أم خيال ساقه إلى تصوير حالة المحب العاشق، ولم يعرف عنه أنه تعلق بامرأة، لكن ربَّما ساقه فكره وشعوره إلى ذلك التصوير البديع، ربما لكثرة ما قرأ من قصائد للشعراء الغزلين العرب.
ترنّم الشاعر بالقصائد الغزلية العربية، وغيرها مما قرأ وحفظ، ففاضت كلمات وأفكار الشعراء في قصائده، ويستطيع القارئ اكتشاف ذلك التأثير خلال قراءته قصائد الشاعر يعقوب يوسف السبيعي ودواوينه ■