كأس العالم في قطر 2022 وميلاد السردية الكروية العربية

كأس العالم في قطر 2022 وميلاد السردية  الكروية العربية

شكلت النسخة الثانية والعشرون من فعالية كأس العالم لسنة 2022 بقطر حدثًا استثنائيًا بالنظر لكونه الحدث العالمي الأبرز الذي عرفته المنطقة العربية، فتظاهرة كأس العالم لكرة القدم ليست بالحدث العادي والمألوف في سياقنا العربي المعاصر؛ لكون المنطقة تعاني العديد من الصعوبات والتحديات الجيوإستراتيجية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، بيد أن نيل دولة قطر شرف تنظيم هذه الفعالية كان مرحلة مفصلية في تاريخ هذه المنطقة، وذلك بالنظر إلى حجم التنافس المحموم بين الدول للظفر بتنظيم مثل هذه الفعاليات. وقد نسجت العديد من الروايات والأقاويل والشائعات والشكوك (خصوصًا من طرف الإعلام الغربي) حول استحقاق دولة قطر تنظيم كأس العالم، لكن كل ذلك لم يثنِ القائمين على المشروع في المضي قدمًا لإنجاح هذه الدورة وهو ما تحقق بالفعل، إذ أجمع الكل على نجاح التظاهرة. 

 

وبلغة الأرقام، بلغ حجم الاستثمارات التي ضختها حكومة قطر في هذه الدورة ما يناهز 220 مليار دولار، والتي لم تكن مخصصة فقط لتنظيم كأس العالم، بل للاستثمار في البنية التحتية وتأهيل البلد في إطار رؤية 2030 الطموحة.  أما من حيث الأرقام المسجلة في هذه الدورة، فقد أكد رئيس الفيفا (جيوفاني إنفانتينو) قبل يومين من إسدال الستار على التظاهرة العالمية، النجاح المبهر لهذه الدورة، وإحصاء أكثر من خمسة مليارات مشاهدة عبر العالم، وأكثر من سبعة مليارات ونصف المليار دولار كمداخيل، علاوة على أكثر من ثلاثة ملايين وسبعة عشرين مليون مشجع. ولم يكن هذا النجاح فقط على مستوى المداخيل والمشجعين والتنظيم وما إلى ذلك، والذي فاق كل التوقعات، بل على مستوى الارتياح الكبير لغياب مظاهر العنف والشغب والارتباك وسوء التنظيم التي عادة ما كانت تلازم كل التظاهرات الرياضية العالمية. بيد أن المفارقة التي ميزت هذه التظاهرة الرياضية هي حجم الضغوط الإعلامية والبروباغاندا التي تعرضت لها قطر قبيل انعقاد البطولة، والتي بيّنت مجموعة من العناصر سنحاول التوقف عندها في هذه المساهمة.  بالمقابل، ورغم كل تلك الضغوط رشحت للسطح العديد من المؤشرات الإيجابية التي سمحت لنا بالحديث عن السردية الكروية العربية، والمتمثلة في بداية تفتق الحلم العربي في النهوض من التخلّف والوصول إلى النديّة في التعامل مع الآخر، والاعتزاز بالهوية العربية والقيم الأخلاقية والإنسانية التي تحتاجها البشرية جمعاء.

أولى هذه المفارقات: 
التجاذبات بين السياسي والرياضي:
ما يمكن قراءته في النسخة الثانية والعشرين من كأس العالم التي أقيمت في قطر، أنها شكلت حدثًا عالميًا بارزًا يختزل علاقة السياسي بالأيديولوجي والرياضي، والجدل القائم بينهما من خلال مجموعة من المؤشرات التي ظهرت مؤخرًا على الساحة، الأمر الذي  يتجلى في علاقة العرب بالغرب، وهي العلاقة التي مازالت تستبطن فيها النظرية التي تسمى بالتفوق الغربي (Égocentrisme)؛ اعتبارًا لكون هذا الغرب هو الذي كان السباق لإبداع هذه اللعبة وتنظيم كأس العالم، وبالتالي فهو يستكثر على العرب القدرة على تنظيم مثل هذه التظاهرات الكبرى، كأنه يقول: لا يمكنكم أن تصبحوا مثلنا وأن تدخلوا نادي «الكبار» فهذه التظاهرات حكر على الدول التي تحظى بمباركة النظام الغربي الكولونيالي.
لعل هذا النقاش الذي يدور حول هذه المركزية الغربية، والنظر إلى الآخر باعتباره قاصرًا ومتخلفًا وغير ديموقراطي ، يعيش في مرحلة ما قبل التاريخ خصوصًا في دولة صغيرة مسلمة سنية محافظة في الشرق الأوسط، لا يمكن عزله عن مسار سوسيوتاريخي مثقل بالترسبات التاريخية التي ترشح بين الفينة والأخرى، خصوصًا إذا أضفنا إليها المعطى الديني الإسلامي الذي يمثل هو الآخر عنصر تشويش عند بعض دعاة الحرب الحضارية، والذين ينظرون إليه (أي الدين الإسلامي) باعتباره دينًا يحض على التطرف والعنف والتعصب.
ومن بين القضايا التي تستأثر باهتمام المتابع للحملة التي سبقت تنظيم هذه التظاهرة ما يتعلق بالاستعلاء، بعيدًا عن نظرية المؤامرة، من خلال مسألة العلاقة بين العرب والغرب والأسئلة المطروحة في هذا السياق من قبيل: هل نعيش صدام للحضارات؟ هل تنكر الغرب لمبادئه التي تعلي من ثقافة التعايش مع الآخر؟ أين غابت قيم الديمقراطية، حق الاعتراف بالآخر؟ وهل نعيش في مجتمعات ديموقراطية؟ إلى غير ذلك.  كل ذلك سوّغ لهذا الغرب أو بعض وسائل إعلامه الادعاء بأن هؤلاء لا يستحقون تنظيم هذه التظاهرة، وبالتالي هم لايزالون قاصرين، وهنا يحضر مصطلح الأيديولوجيا بمفهومه القدحي، أي إن هناك صراعًا أيديولوجيًا وثقافيًا إن شئنا، بين مركزين أو منطقين، الغرب والشرق الأوسط أو المنطقة العربية. وبطبيعة الحال ، هذا النقاش كان موجودًا دائمًا ويختفي أحيانًا ويظهر في مثل هذه الأحداث، لهذا كان يسوغ الغرب لنفسه إعطاء دروس في بعض الأحيان كما سماها رئيس الفيفا عندما طالب الغرب بالكف عن إعطاء دروس للآخرين خصوصًا في ظل التراجعات المسجلة بالدول الغربية مثل ملف المهاجرين أو صعود اليمين المتطرف، فهم يقدمون دروسًا للآخرين في الوقت الذي ينتهكون فيه حقوق المهاجرين ويجهزون على قيم العيش المشترك.
لا يمكن أن نتجاوز تاريخًا عميقًا جدًا من الصراعات والآثار السوسيوتاريخية التي يجسدها كل طرف على الآخر من خلال الرؤية الاستعمارية المُتَغَلِّبة في النظرة إلى الآخر، ولا شيء يمكن أن نقرأه بمعزل عما هو سياسي وأيديولوجي وثقافي،  فالصراع مع الآخر وقد يغلف في بعض الأحيان ببعض التنميقات اللغوية والإعلامية، وهذا يظهر إلى أي حد نحن بمأزق في تنظيم علاقتنا مع الآخر.   وما زلنا نستحضر مقولة سارتر (الآخرون هم الجحيم). الصراع حاضر لكنه لا يبرز إلا في لحظات معينة مثل مباريات كرة القدم التي تستقطب المليارات من المتابعين في العالم، لذلك تحضر هذه العلاقات الجدلية بين ما هو سياسي أيديولوجي وسوسيو ثقافي.

ثانية المفارقات:  حضور القضايا المصيرية كقضية فلسطين في المشهد الكروي العالمي:
لا يمكن فهم علاقة الرياضة بكل الحقول الأخرى إلا إذا استحضرنا مقولة الكرة كحدث وظاهرة اجتماعية متعددة الأبعاد (UN FAIT SOCIAL TOTAL) كما يسميها (مارسيل موس)، بمعنى أن ما يقع في الحقل الرياضي بلغة بورديو نجد له تشابكات مع السياسي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي. انطلاقًا من ذلك، فإن حضور القضية الفلسطينية في رفع أعلام فلسطين عقب فوز المنتخب المغربي، أو عند المشجعين، التي تُعلي من شأن حقوق الفلسطينيين وحقهم المشروع، ووقف انتهاك حقوق الإنسان والمجازر في حقهم. ورغم أن بعضًا من التصريحات والتعبيرات التي كان وراءها بعض المشجعين من خلال اللباس الذي يرمز إلى الحرب الصليبية؛ كأنهم يريدون التأكيد بهذا اللباس على وجود صراع تاريخي قديم بين الغرب/المسيحيين والمسلمين، فإنها لم تستطع أن تستقطب انتباه الجماهير، وبقيت حدثًا معزولًا 
لا أقل ولا أكثر. بموازاة ذلك، عبر العديد من زوار قطر سواء من مواطني الدول العربية أو خارجها ، عن رفضهم لإسرائيل، من خلال عدم رغبتهم في مباشرة حوارات مع القنوات والمنابر الإعلامية الإسرائيلية، ما يعبر في اعتقادنا عن استفتاء شعبي لرفض التطبيع مع دولة إسرائيل وعن انتفاضة جماهيرية ضد العدوان والظلم اللذين يتعرض لهما الشعب الفلسطيني الأعزل. 
في هذا السياق يمكن أن نستحضر التظاهرات الرياضية العالمية والإقليمية التي كانت دومًا مسرحًا لصراع سياسي وأيديولوجي في قضية الأمة فلسطين، ففي فترة ما «عام 1967، خاضت الاتحادات العربية، وعلى رأسها الاتحاد الكويتي  عام  1974، معركة لطرد إسرائيل من الاتحاد الآسيوي، ونجحت في ذلك عام 1976، إذ أقر قرار الطرد في اجتماع الجمعية العمومية للاتحاد في كوالالمبور» (عمران، إبراهيم سميح ربايعة، العدد 42 - المجلد 11، سنة 2022). من هنا يظهر مدى الضغط الكبير الذي تتوفر عليه التظاهرات الرياضية في التعريف والتحشيد لقضايا إنسانية عادلة. ولعل كأس العالم الذي أقيم في جنوب إفريقيا سنة 2010، كان بدوره حدثًا استثنائيًا في التنبيه على مسألة التمييز العنصري التي كانت تنخر كيان دولة جنوب إفريقيا، وكان تنظيم كأس العالم مناسبة للرأي العام العالمي لفهم ما يجري على أرض الواقع من تحديات عنصرية لها ثقل كبير على مسار التنمية بهذا البلد، وبإفريقيا بشكل عام. 

ثالثة المفارقات: حقوق الإنسان 
والبيئة والاختيارات الجنسية مشجب 
للمزايدة على دولة قطر
  فجر تنظيم كأس العالم بقطر العديد من النقاشات الإعلامية والديبلوماسية لتأليب الرأي العام ضد قطر وضد تنظيمها لهذا الحدث، وذلك بالدعوة إلى المقاطعة، وللأسف شارك في هذه الحملة المسعورة بعض النزهاء من الغرب بدعوى احترام حقوق الإنسان والبيئة والحقوق الجنسية، ضاربين عرض الحائط بكل التقاليد والقيم التي تتمسك بها الأغلبية الساحقة من سكان قطر ومن زوارها والمشجعين الذين جاؤوا لمساندة منتخباتهم، حيث برزت بعض الأصوات التي تعلي من شأن حقوق المثليين أو ذوي الاختيارات الجنسية (LGBTQ). ويظهر أن هذا النقاش تعالى وتعاظم، لأن هناك نوعًا من الرغبة في استغلال التظاهرة الكروية لتمرير قيم خارجة عن الإجماع العام وقيم البلد المضيف.  الأمر نفسه حصل مع منع قطر استهلاك الكحول والمشروبات الكحولية، ففي اعتقادي الشخصي أن هذه الأمور أيديولوجية، أو هي دعوى حق أريد بها باطل، أكثر منها دفوعات معقولة، لأننا نعرف أن دولًا غربية مثل كندا تمنع تداول الخمور في الأماكن العامة وتجرمها، ولهذا أعتقد أن النقاش لا يدخل في باب حرية حقوق الإنسان، بل شماعة من أجل التشكيك في الآخر والدولة المنظمة والهجوم عليها، ورفض مبادئها وقوانينها، أي إن الأمر يتعلق بالصراع داخل المنظومات الأخلاقية والقيمية والصراع ما بين التنوع والتعدد، وكذا بين القبول والرفض، لهذا لم نستغرب وجود أصوات في الغرب دعت لمقاطعة مشاهدة مباريات كأس العالم في قطر، بدعوى أيديولوجية أكثر منها موضوعية، هذا فضلًا عن إشهار المسألة البيئية، بدعوى أن الملاعب الضخمة التي شيدتها قطر مؤخرا مضرة بالبيئة وبالتوازن الأيكولوجي، وهي دعوى صدرت من طرف بعض النزهاء من الغرب (خصوصًا من طرف زعيم اليسار الاشتراكي جون لوك ميلونشون)، والواقع أن ما يحدثه الغرب،  ومن بينها فرنسا، من تلوث وإضرار بالبيئة في دول خارج أوربا لا يعد ولا يحصى، لذا فإن هذه الدعوى ليست سوى خطاب أيديولوجي ليس موضوعيًا. هذا مع العلم أن دولة قطر بنت هذه الملاعب باحترام تام للبروتوكولات الدولية الخاصة بالحفاظ على البيئة.
لا شك أن هذه القضايا وغيرها مما لم يسمح المجال بالتفصيل فيها ليست سوى مؤشرات على كون التظاهرة الرياضية الكروية لا يمكن عزلها عن باقي الحقول الأخرى التي تتكثف لكي يستخلص منها أي قارئ أو أي باحث أو مهتم مدى التشابكات القوية بين ما هو رياضي وما هو سياسي وما هو أيديولوجي وما هو ثقافي. لكن الأكثر من ذلك هو أن الحدث أسقط القناع عن بعض النفاق الغربي الذي رشح في بعض منابرهم الإعلامية، والتي لطالما تبجحت بالتشبت بحقوق الإنسان بأجيالها الأربعة، لكنها أظهرت معايير مزدوجة في التعامل مع العرب ومع دولة قطر تحديدًا.  فعلى سبيل المثال، لم نسمع لهذه الأصوات صدى إبان تنظيم روسيا كأس العالم عام 2018، رغم أنها من أكبر الدول انتهاكًا لحقوق الإنسان والبيئة والأديان والثقافات، بل لم يكشف عن تفاصيل بناء الملاعب وحجم الاستثمارات التي عبئت لتنظيم التظاهرة العالمية، كما هو الشأن في قطر التي بينت بشفافية قل نظيرها الاستثمارات الموظفة.  لم نسمع أحدًا يتكلم عن حقوق البيئة في روسيا، رغم أنها من أكبر الدول ملوثة للبيئة. هذه المعايير المزدوجة لم تكن لتبرز لولا وجود إرادة قوية لدى العرب للتقدم لتنظيم مثل هذه التظاهرات، والتي تبين أننا بتنا أندادًا للآخر ولم نعد أتباعًا وأذيالًا له.
 
القوة الناعمة 
كثيرًا ما تحدث الباحثون عن القوة الناعمة وقدرتها على تحقيق المعجزات، والتي تظهر في التراث اللامادي للدول وللشعوب وفي القدرات الفكرية والإبداعية الخلاقة، ومن بينها التظاهرات الرياضية الكبرى، كتنظيم كأس العالم لكرة القدم أو ما شاكلها، وهذه القوة لا يقاس حجمها بالأموال ولا بحجم المداخيل التي تجنيها من وراء تنظيم حدث كروي أو رياضي كبير، بقدر ما يقاس بحجم التأثير على العقول والقلوب والنفوس. ولعلنا لا نبالغ إذا قلنا إن من بين أهم مكامن القوة التي برزت مع هذا الحدث الكروي العالمي تغيير بعض الأحكام النمطية التي كانت سائدة في نظرة الغرب للعرب، والتي تميزت بالاستعلائية والاستشراقية والتبخيسية، لكن ما شاهدناه عايناه من مشاهد ومتابعات أظهر كيف بدأت هذه الصور النمطية تتغير شيئًا فشيئًا، فالقيم العربية الأصيلة كالكرم والتضامن والأخوة والمحبة وغيرها تجلت في أبهى صورها على مدار شهر ونصف الشهر، هذا فضلًا عن تجسيد قيم العيش المشترك، فقد لاحظنا أن هناك حرية في اللباس والتنقل والتعبير والتشجيع لكل الأجناس والطوائف والحساسيات على اختلاف مشاربها وتوجهاتها، من دون حدوث أي مصادرات أو تنمرات من طرف المسلمين، وهذا دليل على أهمية ما يمكن أن يعطيه العرب للعالم ككل، كقيم إنسانية وعالمية وكونية ومتعددة ومتنوعة، وواهم من يعتقد أن هذه القيم وهذه الروح كانتا بتخطيط وتدبير المنظمين والقائمين على كأس العالم في قطر، فالأصل أن هذه الروح سرت في عموم المشجعين والمتعايشين بشكل عفوي وبنوع من التلقائية المنفلتة من كل ضبط وتقييد، وقد برز ذلك في أشكال الفرح التي هيمنت على بعض المنتخبات العربية، وتحديدًا المغربي منها، بحضور الدفء الأسري داخل الملاعب، كمؤشر على النجاح والتآزر العائلي الذي بدأ يفتقد في بعض المجتمعات التي تنخرها القيم الفردانية والعقلانية المفرطة التي أصبحت كما قال بذلك ماكس فيبر (مجتمعات بلا قلب). وأتصور أن هذا المسار لن يتوقف بانتهاء التظاهرة الكبرى لكأس العالم، بل علينا استثماره في المقبل من الأيام، وفي كل التظاهرات سواء الرياضية أو العلمية أو الثقافية أو السياسية، لكي يصبح كالبوصلة التي تضفي على هويتنا الأصيلة والمستوعبة للآخر في آن واحد رونقًا خاصًا وسحرًا دائمًا.
ختامًا، وفي ظل الهزائم والتمزقات والتشرذمات التي لا يزال العالم العربي يعاني منها لأسباب مركبة ومتداخلة والتي لا يسمح المجال لبسطها وتحليلها، فإن الحدث الكروي العالمي لكأس العالم بقطر 2022 أعطى للعرب دفعة قوية في تملك ناصية الاعتماد على الذات والتخلص من الأفكار السلبية حول الذات وحول ما يستطيع العرب فعله، فمع النجاح الباهر لهذه التظاهرة الكبرى في العالم والتي تنظم كل أربع سنوات، دخل في سجل التاريخ الكروي المستوى المتميز الذي ظهر به العرب، سواء على مستوى التنظيم والإعداد والتسيير أو التعايش والعقلنة والروح لأفضل كأس عالم في تاريخ العالم بشهادة المنصفين وليس أهل الدار.  ثانيًا، من شأن هذه التظاهرة أن تكون حافزًا للشباب العربي لكي يثق في قدراته وقدرات بلاده وفي قيمه وملكاته لكي يحقق المستحيل، فالمستحيل لم يعد عربيًا. وما تحقق على المستوى الكروي، من خلال الإنجاز الكبير للمنتخب المغربي بوصوله إلى الدور النصف النهائي في هذه البطولة العالمية، لا يمكن أن يكون مستحيلًا.  الأمل في  الغد العربي لتحقيق حلم التنمية والتطور والاستقرار والرفاه والحرية والكرامة، لم يعد أيضًا مستحيلاً، التغيير قادم لا محالة ■