لماذا اخترت هذه القصص؟

لماذا اخترت هذه القصص؟

وقع اختياري على هذه القصص لكونها تعبر عن بعض المعاني والتجارب الإنسانية التي قد يتعرض لها أي شخص في أي مجتمع عربي، فهي إما تعبر عن عادات وثقافة المجتمع الريفي البسيط مثل قصة «لزوم ليلة الحناء»، أو الإنسان الموظف المجتهد الذي يجد نفسه فجأة أمام وضع جديد وغريب لم يعتده بإحالته إلى التقاعد مثل «طابور الأحلام»، أو همّ الدراسة والحصول على الشهادة الجامعية التي ينظر إليها أغلب الشباب والشابات على أنها مفتاح الأمل الذي سيغير حياتهم للأفضل. 
لقد تميزت هذه القصص بقربها من الواقع رغم التصوير الفني والجمالي والخيالي الذي أجاده مؤلفوها، وهي بعيدة عن الغموض الزائف أو الألم المصطنع  والمشاعر المبالغ فيها، وفيما يلي عرض للقصص الفائزة:

المرتبة الأولى: «لزوم ليلة الحناء» لمها كمال النجار/ مصر:
في هذه القصة تصف المؤلفة حفل زفاف في أرياف مصر، حيث يتجمع الضيوف المحتفلون بالزفاف في ليلة الحناء، ويتجمع الرجال لأداء رقصة التحطيب والتنافس فيما بينهم من خلال التغني بالأشعار المرتجلة، وكل منهم يحاول أن يطرب الحضور بكلمات البهجة بالاحتفال، وكذلك النساء من جهة أخرى يحتفلن بطريقتهن من خلال توزيع الحناء على الفتيات وهن يرقصن ويغنين ابتهاجًا واستمتاعًا بالحفل. وما يميز هذه القصة أنها لم تركز على العروسين مثلما يحدث عادة في وصف وسرد أحداث حفلات الزفاف في بعض القصص وإنما ركزت على طريقة تعبير الضيوف عن فرحهم واستمتاعهم بالاحتفال والاستعدادات التي تسبق الزفاف في ليلة الحناء، وهي من التراث الذي ورثته غالبية المجتمعات العربية المتمسكة بالعادات والتقاليد، وقد برعت المؤلفة في وصف طقوس التنافس بين الفتيات على الحناء والاستمتاع بالحفل لدرجة أنها حزنت في النهاية لأن النوم قد غلبها وأفسد عليها متعة متابعة الاحتفال حتى نهايته.

المرتبة الثانية: «طابور الأحلام» لسفين سعد أيوب/ مصر:
تصور هذه القصة الإنسان الموظف العامل المجتهد، والصدمة التي يواجهها هذا الإنسان عند إحالته إلى التقاعد وإنهاء خدماته بعد حياة طويلة من العمل الجاد، عمل فيها لدرجة أنه نسي أنه سيتقاعد يومًا ما، وأنه يجب أن يرتب لنفسه بديلًا أو مصدرًا للرزق يضمن له حياة كريمة بعد أن يترك العمل، هذه الشخصية تمثل فئة مهمة في المجتمع قد تكون منسية في أماكن كثيرة من العالم، أي فئة المتقاعدين الذي يجدون أنفسهم فجأة تم الاستغناء عنهم بعد أن كانوا يعتبرون أنفسهم عنصرًا مهمًا في مجالهم، وعملهم لسنوات طويلة أعطاهم أملًا في الحياة، ظنًا منهم أن سنوات خبرتهم ستكون محل تقدير في النهاية، لكن كثيرًا منهم  يواجهون مثل صدمة شخصية بطل هذه القصة خاصة عندما يحال إلى التقاعد بلا مقدمات، فيشعر بأن سنوات عمره قد ذهبت هباء. ويلفت انتباهنا المؤلف في هذه القصة إلى ما يظنه أكثرنا أن المتقاعد سيرتاح أخيرًا وسيقضي حياته في الاسترخاء، في حين أن الحقيقة قد تكون مختلفة تمامًا في الكثير من المجتمعات، إذ إن كثيرًا ما يشعر هذا الإنسان بالأسى على نفسه ليس لأن جهة عمله قد استغنت عنه فقط، بل لأنه قد يشعر بأن المجتمع بأكمله قد استغنى عنه.

المرتبة الثالثة: «لقد نجحت» لأسماء بن علي/ تونس:
تمثل بطلة هذه القصة الفتيات اللاتي يحلمن باستكمال دراستهن الجامعية للحصول بعدها على وظيفة مناسبة تعينها على بناء مستقبلها وإعالة أسرتها وتحسين مستوى معيشتها وتخفيف العبء عن والدها الذي يعمل ليلًا ونهارًا لتوفير لقمة العيش لأسرته ولضمان مستقبل ابنته.
والمحزن في قصة البطلة هو وفاة والدها المفاجئة، التي حطمت أحلامها التي بنتها وكانت تنتظر هي وأسرتها تحقيقها، فشكلت هذه المأساة عائقًا أمام طموحها لتغيير واقع أسرتها البائس. المؤلفة في هذه القصة تصف مشاعر الحزن والأسى لمن يتعرض أو تتعرض لمثل هذه الظروف القاهرة، وما أكثرهم في عالمنا، وكأنها - أي المؤلفة - تقول إن مثل هذه الشخصية تستحق أن تحصل على فرصة لاستكمال دراستها لأن ذلك من شأنه أن يحول حياتها وحياة أسرتها تحولًا جذريًا للأفضل، وأن عبارة «لقد نجحت» التي كانت  تسمعها عند انتهاء السنة الدراسية لن تسمعها مستقبلًا، وإذا سنحت لها الفرصة للاستمرار والنجاح في الدراسة فستكون عبارة «لقد نجحت» لا تعني فقط نجاحها في السنة الدراسية، بل تعني أنها نجحت في التحدي والعبور بحياتها من مرحلة بائسة إلى مرحلة يملؤها النجاح والتفاؤل، لكن لا مفر من الاستسلام لقدرها حيث توقفت دراستها فتوقفت معها أحلامها.