مغامرات عالم هاري بوتر

  في إحدى زياراتي للمملكة المتّحدة، وأثناء إقامتي في العاصمة البريطانية لندن، قرّرت الذهاب لمتحف من نوع آخر أُطلق عليه اسم (-The Making Of Harry Potter صناعة هاري بوتر)، ويُقصد بهذه الجملة أن غالبية المواد والأثاث والقطع الأثرية والوحوش الخيالية التي تمّ استخدامها في سلسلة أفلام هاري بوتر الشهيرة التي ألّفتها الكاتبة البريطانية جي كي رولينغ- موجودة في هذا المكان الذي يمكننا زيارته. بدأت الفكرة بعد الانتهاء من إنتاج الجزء الثامن من السلسلة، حين اكتشفوا وجود كنز هائل من آلاف الأدوات الأصلية، والتحف الفنّية المميّزة، والمخلوقات الغريبة التي تمّ استخدامها في التصوير، والديكورات المتقنة وغيرها من الأكسسوارات التي ظهرت في تلك الأفلام، والتي تمّ وضعها في مكان أشبه بالمتحف منذ عام 2012. حافظ طاقم التصوير على قسم كبير منها، بالإضافة إلى الأزياء، وأكثر من خمسة وعشرين ألف قطعة من الملابس والمعدّات المستخدمة في التصوير، وارتأوا تخزينها في حال احتاجوا لِأيّ منها خلال تصوير الأجزاء اللاحقة، وهو ما تمّ فعلًا عند تصوير الجزء التاسع في 2022. 
  خطوات متشوّقة لدخول مبهر! 
وصلت إلى المكان بعدما حجزت تذكرتي عبر الإنترنت، فدخلت البوابة مع مجموعة زوّار من مختلف الأعمار. سرت مع الجموع سعيدة لأني لستُ أكبر منهم ولا أصغر منهم، فهو مكان لجميع أفراد العائلة. دخلنا القاعة التحضيرية، وفيها تمّ عرض فيلمين قصيرين عن الصّور السينمائية التي شاهدناها بالأفلام، فكانت بمنتهى الجمال. ومن بعدها جمعنا المرشد، وجعلنا نقف مقابل أبواب الصالة الكبرى بانتظار وشوق. وقفت أمام بوّابة ضخمة بارقةٍ ومُضاءة بصورةٍ تجعل تفاصيلها الزخرفية ظاهرة، وعلى جانبيها تماثيل لحرّاس القصر مرتَدين الخُوَذ، وحاملين الدروع والأسلحة. وعلى الرغم من أن الوقت كان نهارًا إلا أنّ المكانَ مظلم نوعًا ما، فُتِحَت البوّابة بهدوء وبطء فدخلت مع جموع من الناس.
يرتكز في القاعة الهائلة مسرح مهيب يقف عليه بعض شخصيات فيلم هاري بوتر، ومنهم مدير مدرسة السحر(دمبلدور)، وبروفيسور(سنيب)، وآخرون قد أمتعونا بأعمالهم الخيالية. إنهم مجرّد تماثيل بلا وجوه. وعلمت أنه تمّ إنشاء المعرض ذي الطوابق الثلاث على مساحة 14.000 متر مربّع، متضمّنًا صالة الاستقبال وبيع التذاكر، والمعرض الرئيسي الذي ننتقل إليه بالمصعد، مرورًا بصالة لمشاهدة فيلم ترحيبي عن سلسلة هاري بوتر.
كان هناك أربعة أقسام رئيسية، أوّلها القاعة الكبرى حيث شاهدت وقائع فعلية ووحوشًا رائعة وتصاميم سحرية كانت بالفيلم، وممرّ زنزانة السجين، وقطار هوجورتس ذو اللون الأحمر، وجانب معروضات جرافندور. لقد أضفى صوت المؤثّرات الخاصة جوًا من الحماس والترقّب، كان الأمر واقعيًا جدًا، فكيف لي ألا أصدّق أني في مدرسة السحر وعالم هاري بوتر الساحر! 
كنت أسمع صوت قطار، والزوّار من حولي في المكان يتوجّهون متشوّقين نحو مصدر الصوت، وبالتأكيد ما كنت لأفوّت الفرصة للاستكشاف، وانضممت إليهم بسعادة. رصيف 4/39 من محطّة (كينجس كروس) كان موجودًا في متحف صناعة هاري بوتر وبالفيلم، ولكنه غير حقيقي، بينما المحطّة حقيقية، حين كان ينطلق هاري في بداية كل مغامرة جديدة إلى اسكتلندا التي تقع في جزيرة شمال غرب بريطانيا، مستقلًا قطار (هوجوارتس) السريع. عربة الأمتعة اخترقت حائط الرصيف بانتظار مَن يقف خلفها، وسُمح للجميع، أطفالًا وكبارًا إمساك يد العربة كما لو كانت ستختفي بداخل الحائط لِلّحاق بالقطار، وتمكنتُ أيضًا من رؤية غُرف وكبائن القطار- حيث كان يجلس هاري وصديقاه رون وهيرمايني- بجميع محتوياته التي وُجدت بالفيلم.
فعلًا... كنت حائرة بين الاستمتاع بما أشاهده وبين التقاط الصور التذكارية من كاميرا الهاتف الجوّال المتطوّرة. سمعت أحد المرشدين يقول إنه تمّ تصوير بعض المشاهد في أماكن حقيقية في بريطانيا، فقد تمّ التصوير على رصيف رقم 4 والرصيف رقم 5 في محطة (كينجس كروس)، بينما كانت الواجهة الخارجية التي ظهرت في الفيلم هي واجهة محطّة (سانت بانكراس). وكان من بين أماكن التصوير حديقة لندن للحيوانات، وجسر ميللينيوم الذي بناه المهندس المعماري البريطاني الشهير (نورمان فوستر)، كما استُخدمت أسوار مبنى الحكومة بضاحية وايتهول على أنها وزارة السحر. أخذنا المسار لِلولوج بأنفسنا في الغابة المحرّمة، ورأينا الأشجار الضخمة، وتنزّهنا تحت الجذور العملاقة المتشابكة، محاولين استكشاف كيفية السيطرة على الطقس باستخدام نفس التقنيات المستخدمة أثناء التصوير، ما جعل الصغار يعيشون أجواء الفيلم الذي يعشقونه، فأثارت اهتمامهم وقضى الجميع وقتًا مميّزًا وماتعًا.
جولتي التي لا أريد لها الانتهاء
وفي نهاية الجولة صرت أمام قاعتين متقابلتين، إحداهما كانت استراحة للمأكولات والمشروبات الخفيفة، والأخرى متجرًا للهدايا والتذكارات الذي ضمّ العديد من المنتجات الحصرية الخاصة بالفيلم، ومن المؤكّد أنني اقتنيت شيئًا من عجائبه، وعدت محمّلة بذكريات لا تُنسى.