الضوء في العمارة الإسلامية

الضوء  في العمارة الإسلامية

وضّحت بعض الدراسات الفارق بين مصطلحي ضوء الشمس Sunlight وهو الضوء القادم من الشمس، والذي يُمكن أن يُوظف لاستخدامات عديدة في تصميم الإضاءة. والمصطلح الثاني مصطلح الضوء الطبيعي (ضوء النهار) Daylight، ويُقصد به الضوء القادم من قبة السماء باستثناء أشعة الشمس، وهو مُتغير تبعًا لحالة الطقس. 
إلى جانب ضوء الشمس يأتي ضوء القمر والنجوم ضمن تشكيلات الضوء الطبيعي، والذي يتميز عن الضوء الصناعي الناجم عن أدوات الإضاءة الصناعية والتي يتحكم فيها الإنسان في شدتها وموضعها.  

أنماط الإضاءة الطبيعية التقليدية

تلعب العمارة كغيرها من الفنون دورًا بارزًا في إبراز خصائصها وعناصرها. ظهر النور في الإسلام بأبعاده الجمالية والوظيفية والروحية، ويلاحظ في الأبنية الإسلامية التي تمزج المساحات الداخلية والخارجية، ويتحقق ذلك من خلال إنشاء النوافذ والردهة المفتوحة أو الفناء الذي يحيط بالداخل. مساحة حدود المبنى، ساهم المسلمون بفاعلية في تصميم الإنارة في مبانيهم، بدءًا من استخدام الأفنية والمستنقعات والفتحات المجوفة على الأسقف العالية والفتحات، فقد اهتم المهندس المسلم بأمرين لإضاءة مبناه أثناء اليوم. الأول: الظروف البيئية المرتبطة بالمناخ، والثاني: الظروف الاجتماعية، المرتبطة بمبدأ الخصوصية في الواقع، تشترك هذه المباني في نفس الميزات المناخية. إن الضوء الطبيعي الذي يبتلع المبنى بأكمله هو الرابط الضروري والأساسي بين الفضاء الداخلي والفضاء الخارجي، ويظهر الضوء في الفن الإسلامي، تتخلله قباب ونوافذ بإيقاع غير محدود وتكرار وحدات متشابهة في الحجم واللون وتنظيم الوحدات ممثلة في إطارات متتالية تتحرك بإيقاعات فنية، حيث يؤكد التكرار على الانسجام والتناسق والتركيز ويبرز عناصر الفن ومن ثم اختلف مفهوم التجريد عندما اختلف الفنان المسلم عن غيره، حيث عبر عن الواقع المرئي والملموس فيما يتجاوز البصر المباشر، في منظور فلسفي وتأملي، وتمّ استخدام الضوء لإرسال انعكاسات روحية تسللت إلى الفضاء الداخلي للعمارة الإسلامية. وفي المساجد الأندلسية، ظهرت فكرة العقود المُتراكبة بتوزيع هندسي مدروس يزيد من الفتحات والتنويع والأشكال، وكلما ارتفعت العقود الأكثر مقاومة، كان الهواء أسرع والضوء أكثر انتشارًا.

نمط فريد
وفي قبة الصخرة، استخدم الفنان المسلم نمطًا فريدًا من نوعه للاستفادة من الإضاءة الطبيعية، حيث تظهر الفسيفساء وتغطي بعض الأجزاء الداخلية، على شكل مكعبات صغيرة من الزجاج الملون، والشفاف. وتظهر فُصوص من الأصداف وجميعها مثبتة في وضع أفقي مثالي، يتم وضعها بإمالة صغيرة لتعكس الضوء، مع استخدام أشكال الفسيفساء من الصدف و الأحجار الكريمة والمُثبتة في أشكال نباتية في قبة الصخرة، والتي أعطت بريقًا لامعًا ساهم في انتشار الضوء في الفراغ الداخلي، وهذا يدل على أن اختيار مادة في فنون العمارة الإسلامية كان لها غرض وظيفي وجمالي في إبراز الضوء واللون في العقود الإسلامية، ويظهر نوع من الإيقاع الهيكلي من تكرار العقود المعمارية والتسلسل والتدرج، مما يعطي فراغًا منظمًا للكتلة والفراغ؛ وذلك من خلال الضوء الساقط على هذه المنحنيات، حيث يحدد الظلام والنور معناه، وقد ساعد وجود الممرات المرصوفة في المربعات الوسطى على تقليل الإشعاع الشمسي إلى الداخل وفي نفس الوقت وجود إضاءة كافية وكافية في المساحات الداخلية، ساعدت الرؤوس على نشر الضوء على نطاق أوسع في المساحات في بعض المباني الإسلامية، تم استخدام العقود والقباب المشتقة من ضوء النهار لتوزيع الضوء داخل الفراغ. عندما ينفجر الضوء في الفضاء والفراغ المعماري يكون مشرقًا وحيويًا، وذلك من خلال التعامل مع الضوء الطبيعي والصناعي الآن.

 

الأفنية المفتوحة (الصحون)

سعت العمارة الإسلامية إلى الاستفادة من الطاقات الطبيعية إلى أقصى حد ممكن، وقد تمَّ التصميم وفق معايير تتناسب مع الظروف المناخية السائدة؛ ونتيجة لذلك مكنت الأساليب المختلفة للعمارة الإسلامية من الاستفادة من هذه الطاقات الطبيعية، وأصبح الفناء مظهرًا من مظاهر العمارة الإسلامية على الرغم من استخدامها في مختلف الحضارات السابقة. منفذ للضوء الملون والمزجج الذي يكون فوق معظم الأبواب حتى الخارجية في بعض الأحيان، وذلك لتقليل شدة الضوء وأبعاد جدران المنزل من حرارة أشعة الشمس المباشرة، وتم إحاطتها من الداخل بممرات مفتوحة وعقود مفتوحة ولا توجد أبواب تطل على الفناء الداخلي، وتطل أبواب الغرف والنوافذ الكبيرة من خلالها. وفي المناطق الباردة حيث يكون السقف مكشوفًا عادة، خاصة في المباني العامة، مثل المساجد والخانات والحمامات والمدارس وما إلى ذلك، وكانت الأسقف مصنوعة من مستويات وأشكال مختلفة، منها الأسقف المُسطحة، والأقبية، وفتحات النوافذ على الجدران العليا للإضاءة والتهوية وتخفيف الأحمال. (أشكال 2، 3، 4).

 

الفتحات (النوافذ)

تُطلق كلمة نافذة على الفتحة التي تخترق جدارًا بغرض التهوية أو الإضاءة أو المُراقبة أو الرماية أيًا كان شكلها أو حجمها، وتُؤدي النوافذ عادةً ثلاث وظائف: إدخال نور الشمس المُباشر وغير المباشر، وإدخال الهواء، وتوفير المنظر. وقد تكون النوافذ ضيقة من الداخل واسعة من الخارج، لتوسيع زاوية الرؤية من جهة وتخفيف كمية النور ومنع الأشعة المباشرة من الدخول، ومثال هذه النوعية من النوافذ مُنتشر في جُلّ العمائر الإسلامية.  
ويمكن تصنيف الفتحات المعمارية في العمارة الإسلامية إلى فتحات ونوافذ تطل على الخارج وأخرى تطل على الفناء الداخلي. غالبًا ما تكون الفتحات الموجودة في الطابق الأرضي أكثر عددًا من الطابق الأول، وذلك للسماح بدخول كمية أكبر من الضوء، وعادةً ما تحد الفتحات الصغيرة من دخول الإشعاع الشمسي.
وقد تكون النوافذ ضيقة من الداخل واسعة من الخارج لتوسيع زاوية الرؤية من جهة، وتخفيف كمية النور ومنع الأشعة المُباشرة من الدخول، ومثل هذه النوعية من النوافذ موجودة في العديد من العمائر الإسلامية، مثل قصر الزهراء بالأندلس (شكل 5)، والذي كانت بعض نوافذه عرضها من الخارج 100 سم، ومن الداخل 50 سم، وهذه النوافذ كان غرضها جلب الضوء لداخل دار الجند، وكذلك للمراقبة والحراسة. 
 إنّ توزيع الفتحات بواجهات المباني الإسلامية، خاصةً السكنية، كان يتم وفق دراسة دقيقة وفقًا لتوجيه كل واجهة، وما تتعرض له من إشعاع شمسي، وهو ما أوضحته بعض الدراسات الحديثة.
وتعطي النوافذ مستوى إضاءة مفيدًا لعمق يساوي مرة ونصف ارتفاع النافذة، ويزيد استخدام المتر المربع من الزجاج بارتفاع 1.3 إلى 3 أمتار لنشر الضوء في المساحات العميقة داخل المساجد؛ وغالبًا ما تتم معالجة النوافذ لتقليل التوهج وتقليل معدل التباين إما باستخدام الزجاج الملون أو بتغطية الفتحة بالجبس أو الخشب أو الحجر، وبالتالي يمكن تحقيق القيمة المطلوبة وظيفيًا.

 

 القباب أحد مُكونات الإضاءة الطبيعية بالعمارة الإسلامية

تُعدّ القباب في المساجد مصدر ضوء النهار في السقف، ويمكن استعادة قاعة الصلاة بقبة واحدة أو أكثر، فتفتح النوافذ التي تصبح المصدر الرئيسي للضوء وموزعًا جيدًا لضوء النهار فيها (أشكال 6، 7، 8)؛  الحصول على الضوء من مستوى عالٍ يُتيح التوزيع المعياري للضوء والذي يُعد أحد أهم المتطلبات في قاعة الصلاة التي تتم فيها طرق العبادة مثل الصلاة، وقراءة القرآن في أي جزء من المسجد.

 

الجدران مُوزع رئيس للضوء داخل المنشآت المعمارية

كانت الجدران هي المصدر الرئيس للإنارة في المساجد والمنازل خاصة الجدران المُطلة على الساحات الداخلية، حيث تمثل أهمية كبرى في الإنارة، ويتم فتح النوافذ في مساحات كبيرة قد تصل إلى عرض الحائط بالكامل وهذا ما يخلق الكفاية من الضوء للمساحة الداخلية. كما كان للفناء الداخلي نفسه أهمية كبيرة في ضبط وتنظيم الضوء الموجه إلى المنازل والمساجد من خلال انكسار الإشعاع على الجدران المحيطة، أما بالنسبة للمساجد، فإن الجدران تمثل المصدر الثاني لتوفير ضوء النهار من خلال فتحات النوافذ، سواء كانت ثابتة أو ممتدة متحركة على طول جدار المسجد، باستثناء اتجاه جدار القبلة الذي لا يحتوي على نوافذ في كثير من الأحيان لسببين، الأول هو توفير رؤية أكثر لتجنب إجهاد عيون المصلين من أشعة الوهج في حالة فتح النوافذ في اتجاه حائط مكة أمامهم، لأن العيون تتكيف مع شدة الإضاءة والتباين الشديد في الإضاءة بين النوافذ والنافذة؛ والمنطقة الداخلية المحيطة تجعل من الصعب على العين التكيف معها، وبالتالي يصبح هناك ضغط مستمر على عيون المصلين؛ والسبب الثاني: تجنب تشتيت انتباه المصلين بالمناظر الخارجية (شكل 9)، وللسبب الأخير، نلاحظ أن فتحات النوافذ في معظم المساجد مرتفعة لأن الوظيفة الرئيسة للنوافذ هنا هي الإضاءة ثم التهوية.
وأما الاتصال بالخارج، فلا يشترط في المساجد، ولكن الفصل البصري للداخل من الخارج هو المطلوب لتعزيز انتباه الصلاة من خلال فصلها عن العالم المادي الخارجي والمساعدة في توفير الجوانب الروحية (شكل 10). 

الإضاءة الشاملة

 قد توجد على الأسطح الرأسية سواء على الجدران أو على الأعمدة لتعادل قيمة الوهج المنبعث من الضوء العام الموجه من خلال توفير مناطق الإضاءة حولها، مما يجعل الإضاءة متجانسة ويقلل من الإحساس بالوهج غير المريح (شكل 11).
 كما تُستخدم الإضاءة الشاملة لأغراض جمالية في تأكيد الزخارف القرآنية والآيات التي تزين الجدران الداخلية. ومن العوامل المؤثرة على الإضاءة الداخلية اختيار لون المواد التي تعكس المواد اللامعة الإضاءة على العين، مما يسبب عدم ارتياح بصري إذا لم يتم اختيار المواد بدقة، وتغطية أرضية المساجد بالسجاد، بالإضافة إلى استخدامها في أماكن الصلاة. كما أن اللون يساعد على تقليل معدلات السطوع والانعكاس للأرضيات خاصة إذا كانت من الرخام الذي يتميز ببريقه الشديد مما يتسبب في سطوع عال في حالة الإضاءة العالية. 

الاتجاهات البصرية في فنّ العمارة الإسلامية

ابتكر المعماري المسلم حلولًا بصرية وهندسية، مكَّنت الإنسان من الانطلاق ببصره من داخل البناء إلى خارجه، والعكس، وفي جميع الاتجاهات، وعدم الانغلاق في الحيز والمكان المعماري. وبذلك تحققت في ذات المسلم المهام الروحية الثلاث: إحياء القلوب، وتفتيح الأبصار، وتنمية الوجدان، وقد شكّلت هذه العناصر بتضافرها معًا الشخصية الإسلامية والموقف الإسلامي من الكون. 
ولعلّ من أبرز الحلول الهندسية التي ابتكرها المعماري المسلم لتحقيق هذه الغاية توسيعه نوافذ البناء المعماري لتكون مائلة ومفتوحة لصفحة السماء، بحيث يدخل النور الطبيعي لجميع الأركان؛ وفي ذلك خطاب بصري معماري ذو دلالة تُشير إلى أهمية تبصر الإنسان المؤمن وجه الله «عز وجل»، ونوره في كل مكان، وفي التنزيل العزيز {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ۖ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ۖ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ۚ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ ۗ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (سورة: النور - الآية: 35).
ولجوء الفنان المسلم للحرص على تعدّد الاتجاهات البصرية، كان بهدف تحرير مشاعر الإنسان من قيود المادة والمكان، من خلال رؤى ذهنية وبصرية مفتوحة، وكانت له أبعاد روحية أيضًا ذات دلالات أعمق، تتمثل في التعبير عن الفكر الوسطي الإسلامي، من خلال التقاء الدنيوي بالروحي، والتقاء الأرض بالسماء، وهي رسائل أخلاقية واجتماعية تتصل بسلوك الإنسان المسلم ودوره الاجتماعي، وبذلك يمتزج الخطاب الجمالي بالروح والجوانب الاجتماعية عند تطبيق مفهوم النص المفتوح في الأعمال الفنية الإسلامية. 
وقد بات توجيه البصر من داخل الحيز والفراغ إلى خارجه في العمارة أمرًا مُلِحًا لفتح بصر الرائي المسلم وتوجيهه لصفحة السماء خارج الحيزّ والمكان، باعتبار أنّ الخالق سبحانه وتعالى (جلّ شأنه) لا ينحصر في مكان أو حيز مُحدّدين، فالخالق سبحانه وتعالى موجود في كل مكان وزمان {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ  فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ  إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (سورة: البقرة - الآية: 115).

الدُور الوظيفي والنفعي للضوء في العمارة الإسلامية

تتمثل الوظيفة الرئيسة للضوء في العمارة في الإضاءة واستغلال الضوء جيدًا لإضاءة المكان بإضاءة كافية مناسبة لطبيعة ونشاط الفضاء المعماري. ففي عمارة المنزل والمساجد، يصبح توفير الإضاءة الكافية مطلبًا أساسيًا لا غنى عنه لتلبية احتياجات أنشطة الحياة في المنزل، وحركات الصلاة، وقراءة القرآن، ورؤية الإمام لجميع صفوف المصلين في المسجد. كما سعى المهندس المعماري المسلم إلى الاستفادة من الترويج لضوء النهار من خلال تكوينات الإضاءة الاصطناعية لتوفير مستوى الإضاءة المريح في الليل أو في حالة ضعف الضوء الطبيعي.

رمزية الضوء

يتميز المنزل في العمارة الإسلامية بالإضاءة، فهو مضاء جيدًا والضوء يخترق جميع أجزائه ولا يوجد بداخله ثقب مظلم أو لا ينير بنور السماء وهو نور الله، وتزداد أهمية الضوء في المسجد حيث إنه مكان يتكون من ارتباط الإضاءة النسبية (النور) بالضوء المطلق (الله) باختيار معالمه منذ ولادته الفضاء الداخلي في المصباح المحتوي على الضوء. والمحراب من أهم مقومات المسجد لأنه العنصر الموجه نحو الكعبة، فهي مصدر الضوء على المستوى الرمزي.
ونلاحظ أن الضوء الذي ينعكس على فناء بناء المنزل والمسجد هو عنصر وظيفي ورمزي له معانٍ كبيرة، لذلك استغله المعماري المسلم في عمله الفني للوصول إلى هدفه؛ فالإنارة (النور) في المساجد هي فتحات النوافذ الموجودة فوق الجدران وتحت القبة وهي من العناصر الحاكمة لتصميم المساجد لما يرتبط بها من رموز العقيدة الدينية؛ وارتباط النور بالسماء والأرض له علاقة نسبية بارتفاع هذه الفتحات فوق مستوى الإنسان، وإلى جانب دورها الوظيفي، تمثل القبة السماء، والضوء المتخلل فيها الذي ينير أعمدة المسجد بشكلٍ متساوٍ هو نور الله؛ ويظهر التأثير الروحي للضوء خاصة في مباني المساجد، فهي بيوت الله في الأرض، وكان خلق الثقوب الروحية من أهم الجوانب حسب المهندس الإسلامي، وقد لعب النور دوره الفعال فيه (شكل 12).

التأثيرات الجمالية للضوء

يساعد الضوء على تعزيز القيم الجمالية للعمارة الإسلامية بشكل واضح وفعال؛ فالضوء يُضيف بُعدًا للهندسة المعمارية، وبدونه تصبح الثقوب المعمارية صماء وبلا حياة، وتتنوع الرؤية والإحساس بالهندسة المعمارية على مدار اليوم، حيث إنها تمثل حياة الإنسان من البداية والقوة والنور الأول إلى الضعف وغروب الشمس والنهاية، وهذا الإحساس هو ما يحدث خلال النهار حتى غروب الشمس، حتى تأتي الإضاءة الصناعية لتصبح بديلًا لها، وقد صممت أماكنها وترتيباتها لإعطاء المكان نفس القيم التي يقدمها الضوء الطبيعي قدر الإمكان.
 ففي المنازل، تقدم المقصورات نموذجًا مثاليًا للتأثيرات الجمالية للضوء داخل فتحات المنزل من خلال تقطيع الأشكال الخشبية التي تسمح للضوء بالمرور مرة أخرى للداخل وترسم اللوحات الفنية من خلال الظلال المتكونة والتي تتحرك داخل الفتحة مع تغيير اتجاه الضوء خلال ساعات النهار (شكل 13). وقد قدّم المهندس المعماري المسلم حلولًا جمالية مختلفة لإضاءة المنازل.
وكانت المضاوي عبارة عن فتحات صغيرة في أعلى الجدار أو في السقف، تم حظرها بواسطة كتلة من الزجاج واستخدم في قباب الحمامات، وظهرت نماذج لها في العمارة الدينية (في مسجد بيت الرؤوف في بنجلاديش (شكل 14) وفي مسجد قطر (شكل 15)، وتسميتها نسبة إلى القمر تشير إلى أن الضوء الذي يخترقها خافت وفي نفس الوقت الزجاج الذي تم تلوينه به يمنح المكان تأثيرات جمالية كبيرة ناتجة عن الألوان التي يمنحها الضوء للفضاء بسبب الزجاج؛ ويُعطي اللون نوعًا من الراحة يُساعد على الاسترخاء وتحقيق الغرض المطلوب من هذه المساحة الداخلية ■

(شكل 2) صحن الجامع الأموي بدمشق

(شكل 3) صحن جامع عقبة بن نافع، القيروان

(شكل 4) بهو الأسود، قصر الحمراء بغرناطة

شكل (5) شكل النوافذ في أقصى يسار الجدار، كفتحات للتهوية، يتوجها عقد حدوة فرس Horse Shoe Arch، قاعة عبدالرحمن الثالث، قصر الزهراء، الأندلس

شكل (6) قبة النسر، الجامع الأموي بدمشق

شكل (7) قبة جامع السليمية، أدرنة، المعمار سنان

شكل (8) توزيع الضوء من خلال نوافذ رقبة القبة المُغشاة بالجص، مسجد بيبي خانوم، سمرقند

شكل (9) الضوء يتخلل العقود المُدببة بمظلة القبلة، جامع أحمد بن طولون (263-265هـ)، القاهرة

شكل (10) النوافذ الخارجية، واتصال الداخل بالخارج، واجهة مسجد قرطبة الجامع

شكل (11) الضوء القادم من النوافذ، والوهج المُريح للعين، مسجد الشيخ لطف الله، أصفهان.

شكل (12) الضوء وتأثيره الروحي على الإنسان، تسلل الضوء عبر الملاقف، مسجد بيت الرؤوف، بنجلاديش.

 شكل (13) الضوء وعوامل الراحة النفسية، بمنزل السحيمي بالقاهرة.

شكل (14) الضوء وتأثيره على سيكولوجية الإنسان من راحة شديدة، نفاذ الضوء من المضاوي، مسجد بيت الرؤوف، بنجلاديش.

شكل (15) نفاذ الضوء من المضاوي، مسجد قطر.