المحصول الزراعي في المغرب ربح وفرح وإبداع

المحصول الزراعي  في المغرب  ربح وفرح وإبداع

لا تقتصر أهمية موسم الحصاد بالمغرب، على جمع المحصول قليله أو كثيره. ويشكل مناسبة للاحتفال والفرح وإحياء وترسيخ تقاليد من قلب الموروث والتراث الشعبي، مرتبطة بالحصاد ونقل الزرع ودرسه وتخزينه وبناء التبن والحفاظ عليه كلأ الماشية شتاء. الجميع يجند في عمليات تضامنية متواترة ومتتالية تكشف حجم الكد والصبر والإبداع. ولا يفرط فيها في المتوارث عن الأجداد، من حيث تقديس البيدر ومنع دخوله على الحائض والنجس والأطفال، وعادات أخرى، لينتهي بإقامة الأعراس كلما كان المنتوج أوفر والمدخول أكبر.     

 

ترتبط بجمع المحصول الزراعي ودرسه وتركيب التبن في المغرب، طقوس وعادات وتقاليد تتشابه في كثير المناطق والتجليات، إلا من اختلافات بسيطة. ويتناسق في كل المراحل، المجهود البدني مع الغناء وإبداع مواويل تستمد مضمونها من لحظة يذوب فيها التعب منصهرًا مع أجواء الفرح بمحصول يشكل زاد مزارعين يعيشون من الأرض ولأجلها.
ينطلق إعداد عدة الحصاد، ما أن ينضج الزرع، بتوفير أدواته التقليدية المعتمدة إلى الآن بقرى جبلية صعبة الولوج على الآلات العصرية بسبب تضاريسها الصعبة. وما زالت العملية بكثير منها، يدوية بدل الحاصدة. وتستعمل فيها أداة وحيدة تسمى «المنجل» بيد خشبية ورأس حديدي معقوف عادة ما يكون صنعًا تقليديًا محليًا من طرف ممتهني الحدادة.
يدخل الحصاد الحقل مسلحًا كجندي له كل وسائل حماية النفس. ويضع فوق لباسه آخر واق من الحشائش والحشرات، غالبًا ما يكون بلاستيكيًا. ويلبس في أصابع يده اليسرى، ما يسمى بـ«الصباعية» تصنع من القصب، وتحميها من الجرح المحتمل جراء استعمال المنجل. ويجمع سنابل القمح في شكل حزم كبيرة تسمى «ربطة» أو «غومرة»، يتخلص منها وراءه.
يرافق العملية في تراتبيتها، ترديد أغان ومواويل، قد تحول الفدان لركح يتفنن فيه كل واحد في إبداع جميل الكلام، ولو اقتضى الحال التحاور شعرًا بين شخصين أو أكثر، خاصة أن أهل الريف المغربي عادة ما يحصدون ما زرعوه بشكل تضامني بينهم يعرف بـ«تويزة».
«وا اطلع على يدك، وا طلع عليه... سيدي محمد صليو عليه»، نداء يرددونه بصوت قوي، يحفزون به بعضهم على الصبر والكد وعدم الغش، عادة ما يختم بالصلاة على النبي محمد صلوات الله عليه، في جو يمتزج فيه العملي بالاحتفالي. النساء بدورهن يتضامن بينهن ويخلقن فرجة أكبر بغناء مقاطع العيطة ومواويل «أعيوع» (فن متأصل في الشمال المغربي)، أشهر مبدعاته الفنانة المرحومة شامة الزاز ابنة محافظة تاونات وأيقونة الطرب الجبلي.

من الفجر إلى العصر... كد ومرح
يغادر مزارعو الريف المغربي منازلهم فجرًا ليتيسر لهم الحصاد أطول مدة ممكنة قبل شروق الشمس وارتفاع درجة الحرارة. وعادة ما يتناولون فطورهم ووجبة غذائهم جماعة تحت ظل الشجر في فترة استراحتهم القصيرة. الجميع مجند في عملية يسابقون الزمن للانتهاء منها، تخوفًا من مطر مفاجئ يتلف الزرع. نساؤهم يطبخن وجباتهن ليلًا، وللصغار مهام بحجم عمرهم.
وطالما أن في الصيف عطلة دراسية، فالأطفال عادة ما يكلفون بجلب ماء الشرب أو رعي الغنم والبقر تحت مراقبة الكبار، أما اليافعون منهم فيجمعون رزم السنابل ويرتبونها فوق مفارش استعدادًا لنقلها إلى البيدر حيث ستدرس. وقد تكون العملية متوازية إن كان عدد أفراد الأسرة يسمح بذلك، وعادة ما تنقل حزمات الرزم على ظهور الدواب أو النساء.
ويستعمل في ذلك ما يعرف محليًا بـ«الشبكة»/ من التشبيك، حيث تجمع الرزم بحبال قنب، توضع على الظهور وتحزم بحبال أخرى. وتختلف أشكالها وحجمها. وترتب فيها الرزم وتضغط ليتقلص حجمها ويسهل حملها لمسافة طويلة دون أن تسقط أو تتسرب منها رزمة.
يحرص المزارع ومن يساعده على جمع كل الزرع قمحًا كان أو شعيرًا أو قطاني، في البيدر وغالبًا ما يكون قريبًا من المنزل، ليدرس في عملية لا تخلو بدورها من عادات متأصلة لم تنل منها مظاهر التمدن ودخولها للقرى. وتستعمل الحمير والبغال وأحيانًا البقر في العملية وقد تجمع الحيوانات كلها لتشكل فريقًا ولو لم يتوافق، وهو ما يعرف بـ«الزوجة العوجة». 
يستعمل من يتكلف بـ«قيادة» البهائم في عملية الدرس، ما يسمى «المسوطة» عبارة عن عمود رأسه حبل قنب، ولا يتوانى في تخويفها وضربها به كي تسرع الخطو. ويردد عبارات محفزة ممن قبيل «وا زيد» و«أرى يدك» لما يغير اتجاه سير الدواب. موازاة مع دفع مساعده رزم الزرع وقد فسخت، بمذراة لنفس طريقهم إلى أن تنتهي العملية وتجهز «الدرسة». 

البيدر ممنوع دخوله على الأطفال والحائض
عملية الدرس تطول أو تقصر حسب ارتفاع أو انخفاض درجة الحرارة وعدد البهائم وسرعتها ونوعية الزرع. وتدوم ساعات تجمع بعدها ما يسميه المغاربة بـ«الدرسة» قبل فصل الحب عن التبن في عملية تعرف بـ«التصفية». وتستعمل فيها المذراة خشبية كانت أو حديدية وهي بثلاثة رؤوس، و«اللوح» وهو برأس خشبي مسطح يستعمل للتنقية بعد إتمام الفرز. 
عملية الفرز تستهل بالصلاة على النبي محمد كما كل العمليات الأخرى، ويتزيا المجندون فيها برقاقة مصنوعة من الدوم وعليها ثوب وخيط كما في الحصاد، وتسمى «التابندة». ويضعون على رؤوسهم قبعة محلية الصنع من الدوم تسمى «الترازة» تقيهم من الحرارة المفرطة.    
مدة فصل التبن عن الحب، مرتبطة بسرعة هبوب ريح «الغربي» وعدد المكلفين بهذه العملية التي تتحكم فيها عوامل طبيعية. وطالما أن الجو يكون ألطف والريح أسرع، قد يبيت الفلاح الليل بالبيدر ويسمى أيضًا في بعض المناطق المغربية بـ«الكاعة» و«النادر».
البيدر تتولاه عناية كبيرة من النساء، تنقينه من الحجارة والنباتات ليصبح مسطحًا وخاليًا من كل الشوائب قبل طليه بفضلات الدواب وتركه ليجف، وتكرار العملية مرات، ويمنع دخوله بالنعال وعلى الأطفال والحائض، لرمزيته الخاصة باعتباره «مكان نعمة الله» والبركة.   
وتستعمل حزمة من النباتات تعرف بـ«شطابة» في جمع ما تشتت من الزرع بسبب دوران الدواب بشكل دائري إلى أن تتلف سيقان الزرع في تفاعل متناسق بين الحوافر والحرارة. ولا يسمح لأحد غير كبير العائلة بقياس كمية الحبوب بواسطة آنية تسمى «مد» لتنقل وتخزن في أكياس من القنب البني، وتعرف بـ«التليس»، أو تطمر في مطامر. 
ويصاحب استخراج كبير الأسرة حاجتها من الحب من حفرة «المطمورة»، طقوس وأهازيج مماثلة لتلك أثناء الدرس من قبيل «يا العاشقين فالنبي صليو عليه اللهم صلي على الحبيب وسلم». ولا ينسى العشر الواجب إخراجه زكاة رغم الصدقة المرافقة للحصاد، وزائرو البيدر يكرمهم بالأكل والزرع، ولا يبخل على من يطرق بابه طالبًا صدقة أو مساعدة كيفما كانت.   

طقوس وعادات ترافق «التبراك» وعد المحصول
يعتبر «التبراك» أي كيل الحبوب، أهم عملية بالنسبة للمزارع المغربي طيلة مراحل جمعه محصوله الزراعي وقياس درجة مدخوله وكسبه، وتعقب «الدراس» وتصفية التبن عن الحب أو «عملية التصفية»، واستمدت تسميتها من البركة دليل يمن ونماء وزيادة رزق. 
وعادة ما يستعمل «المد» في هذا العملية، وهو وعاء قصديري أشبه في شكله بالسطل، ويسع عادة لنحو اثنتي عشر «كاميلة»، وهي أيضًا وعاء بنفس الشكل لكنه أصغر يزن بملئه ما بين كيلوغرام واحد وكيلوغرام ونصف حسب نوعية الحبوب أو القطاني.
وعادة ما يقوم بعملية «التبراك»، كبار السن أو الأكثر تدينًا في العائلة أو الدوار، ويرافقها صمت وحفاء بعض من طقوس مألوفة بين الفلاحين. ويسود الاعتقاد أن كثرة الكلام أثناءها يذهب البركة، لذلك يعم الصمت البيدر ومحيطه، لأن « الصمت خير»، ولعدم التشويش أيضًا على من يتكلف بالعملية كي لا يخطئ العد، والتي لها أيضًا عادات مختلفة.
ولا يسمح لمن في البيدر من غير المكلف بـ«التبراك»، بالحركة أو الكلام أو الدخول بحذاء أو نعل كما بالنسبة لحائض أو في حالة جنابة، وكأنه مسجد، ما يكشف هالة قدسية وقيمة دينية تولى للمحصول ولمن يعده من رجال كبيري السن ومتدينين ومحترمين.  
ومن المألوف خلال عملية عد المحصول، أن يضع الفاعل في مكان مخصص بجانبه حبة من الحبوب أو القطاني، عن كل مد، ويعدها بالانتهاء من العملية ليعرف عدد الأمداد التي حصلها، وكذلك لتحديد ما يجب عليه أداؤه كمقدار للزكاة، شعيرة يحافظون عليها.
الهالة القدسية للمحصول ترافقه حتى في التخزين الذي تختلف طريقته بين المناطق. ولم يمح اعتماد أكياس في ذلك نهائيًا طرقًا قديمة للاحتفاظ بالحبوب خاصة بواسطة «المطمورة» كحفرة في الأرض تشبه جرة ماء واسعة من أسفلها وضيقة من أعلاها، بالإضافة إلى «الطنة» وهي عبارة عن أسطوانة قصب تكسى بالطين. ويلجأ أحيانًا للتخزين المؤقت في ما يعرف محليًا بـ«الكرن» وله شكل مثلث عادة ما يكون في زاوية الغرفة. 

«التوقاف» ترافقه طقوس وتقاليد واحتفالات
بعد نقل الحبوب وتخزينها، يحتفظ بالتبن في ركن جانبي بالبيدر. ويغلف عادة بقطع البلاستيك أو ما يسمى «البرومي» وهو أصول القمح الصلب أو اللين، لحمايته وتفادي تسرب الماء إليه وإتلافه، في حال تهاطل مفاجئ للمطر. هذه العملية تسبق تركيبه بأحجام وأشكال مختلفة، كآخر عملية تسبق إقامة الأفراح. وعادة ما يقيم أهل البادية في المغرب، أعراسهم بعد الانتهاء من جمع المحصول، وكلما كان وفيرًا عمّت الفرحة أكثر.
تركيب وبناء التبن يسميه المغاربة بـ«التوقاف»، وتقام العملية ليلًا أو صباحًا أنسب توقيت حيث الجو رطب مساعد على إتقان بنائه وبدقة. وترافقه طقوس وتقاليد واحتفالات وتحضير أطعمة خاصة أكلات الدجاج المحمر والديك الرومي والكسكس، وعمليته «تتطلب مهارة لا يعرفها إلا الراسخون في الطقوس الفلاحية المحلية» وفق الباحث محمد بوجيدة. 
«هذا الطقس مؤلف من عدة مراحل، وهو عبارة عن عمل فلاحي تضامني على شكل «تويزة» ظاهرة اجتماعية متأصلة ومستحبة «كممارسة اجتماعية تضامنية بقيت صامدة رغم كل التطورات السوسيولوجية» لتبقى موروثًا يثبت بإحكام روح التآزر والتآلف بين أفراد المجتمع الواحد على مدار السنة لكي تتقوى وتظهر بشكل جلي خلال موسمي الحصاد والدرس وجني الثمار والبناء وتحضير الولائم أيضًا»، يقول زميله عبد اللطيف بنزينب.  
واللافت للانتباه أنه خلال تجميع التبن في أشكال تختلف حسب حجمه وطبيعته ورغبة الفلاح، يسمح للأطفال الصغار بدخول البيدر حيث يجمع، ومساعدة شباب القرية ولم لا اللعب عكس ما عليه الأمر في مراحل سابقة يمنعون خلالها حتى من الاقتراب منه. 
وهي مرحلة تأذن للفرح للكبير والصغير، الذكور والإناث، وتجسّد قيمًا مجتمعية متأصلة. وتشكل إبداعًا في أبهى صوره وتجلياته، تختصره أشكال تجميع التبن في ما يعرف بـ«التمون» وما يسبقه ويعقبه من صور الفرح والفرجة وحتى الطرائف في حضرة شباب نشطين يحافظون على ما تركه أجدادهم من عادات مرافقة بدء من إدخال التبن للبيدر إلى تسييج «التمون»، وما بينهما من عمليات تتعلق بالبناء والتسوية إلى أن يتخذ شكله النهائي. 

مراحل دقيقة ومهام مختلفة في بناء «التمون»
يؤكد الباحث محمد بوجيدة أن الفلاح يستعد لبناء التبن بعد الانتهاء من حصاد الزرع ودرسه، و«التمون» المبني بعد استكمال كل مراحل ذلك، «يجسد عراقة العمل التعاوني والتضامني، وسيادة روح التآخي والتآلف المتجذرة في التراث والتقليد الفلاحي المحلي».
عمليات متنوعة يتشكل منها بناء «التمون»، وقبل ذلك يؤكد بنزينب: «يجتمع الفلاحون بشكل تطوعي وتضامني قبل غروب الشمس في منزل صاحبه عادة ما يناولهم وجبة من القطاني ولحم المعز أو الغنم متبوعة بصحون البطيخ، لينطلقوا بعدها إلى البيدر محمّلين بكل الوسائل والمعدات كالمدراة ومكنسات تسمى «غرارب» وإيزار وغيرها من الأدوات.  
ويبدأ هذا الطقس بالصلاة على النبي وترديد «اللهم صلي عليك يا رسول»، و«التعشاق» في جو حماسي كله نشاط وحيوية ومتعة، قبل الشروع في العمل و«دفع أو إدخال التبن إلى البيدر عبر دفعات بواسطة المدراة من طرف المتعاونين، في حين يعمل الآخرون على تسويته بمكنسات مسطحة أعدت لهذا الغرض» يقول بوجيدة ابن محافظة تاونات.
وينفرد فردان بمهمة ملء ثوب بالمادة ويسمى «التلميطة» ورفعه إلى أعلى «التمون» في طور بنائه. ويقوم شخص قدمه بوجيدة كـ«مهندس مشروع بنائه» أو «المعلم» بـ«عدة عمليات كالتقطيع والدك والحك بالمكنسة إلى أن تتشكل كومة التبن ويجعلها على شكل أسطوانة». ويعتبر هذا الشخص خبيرًا في المجال يسمى أيضًا حسب بنزينب بـ«القطاع» - بفتح القاف وتشديد نصب الطاء - ويستعمل قصبة يحك بها التبن لإعطاء الشكل المطلوب.
ويتكلف شباب فوق الكومة بضغط ودك التبن باستعمال «شطابة» من نبات «البري» تعد مسبقًا، وتسويته ليبدو متناسقًا إلى حد الكمال بالشكل المرغوب فيه، وقد يكون في شكل قالب أو مطب أو ما يعرف بـ«ظهر الحمار»، النوع «الحماري» الشبيه بحجم هذا الحيوان. 
طيلة كل هذه المراحل والعمليات وبين الفينة والأخرى ترفع أصوات المتطوعين بالصلاة على النبي، وعادة ما تكرر لازمة «والعاشقين فالنبي صليو عليه، اللهم صلي عليك يا رسول الله» ثلاث مرات، لتختم في المرة الرابعة بترديد «أجاه النبي أمولاي إدريس».  

احتفاء بانتهاء بناء «التمون» بالكسكس والحليب
بعد الانتهاء من عملية البناء، يقول الباحث بوجيدة: «توضع على التمون شبكة سلكية سميكة تسمى كرياج، تثبت بعناية إلى الأسفل بواسطة حجارة مربوطة بأسلاك في تلك الشبكة السلكية»، وهو الأمر المعروف في المناطق الشمالية. ويتم اللجوء في مناطق أخرى على غرار قبائل الحياينة على مشارف مدينة فاس إلى «التغياس»، أي طلي التبن بالطين المبلول الممزوج بروث البهائم والتبن نفسه. وتتكفل النساء بذلك في وقت لاحق. 
بعد الانتهاء من العملية، وغالبًا ما يكون ذلك مع الساعات الأولى للصباح، يحضر صاحب «التمون» كؤوس القهوة وصحون الإسفنج إلى البيدر، وترتفع الأصوات من جديد بالصلاة على النبي إيذانًا بالفراغ من مهمة شاقة تطول ساعات، لينصرف الجميع إلى حال سبيلهم للنوم وأخذ قسط كاف من الراحة، ضاربين موعدًا مع الظهر في منزل «مول التمون». 
مأدبة الغداء تكون «في جو حميمي يغلب عليه طابع البساطة التي ورثها الإنسان على هذه الأرض»، يقول بوجيدة. وأكد أن الغرفة الحاضنة للمتطوعين، تتحول إلى فضاء لدردشات وقفشات فكاهية لخلق جو من المرح والفرح، فيما تنشغل النسوة في إعداد ما لذ وطاب. 
وعادة ما يكون بين مكونات الغذاء، وجبة الكسكس بالحليب، تقدم بعدها صحون لحم الماعز أو الغنم متبوعة بأنواع الفواكه والمشروبات، في لمة تمر في جو أخوي تضامني، ويستدعى إليها أيضًا الأقارب والجيران، وكأن الأمر يتعلق بحفل زفاف أو عقيقة.
أهل البادية المغربية يحافظون على هذه الأجواء وطرق تجميع التبن والحفاظ عليه ليكون كلأ الماشية في فصل الشتاء. وكلما كان المنتوج وفيرًا، إلا وزادت فرحتهم بالمحصول وهذه المادة، حتى أن المألوف في البوادي أن أهلها يزوّجون أبناءهم وبناتهم ويقيمون أعراسًا باذخة لما يكون محصول الزرع أوفر، تنشطها فرق فلكلورية وغنائية وتراثية محلية ■