العناد عند الأطفال

العناد عند الأطفال

إن اضطراب العناد من اضطرابات السلوك الشائعة عند الأطفال، وجميع الأطفال يمرون في إحدى مراحل النمو، ولفترة وجيزة، بسلوك العناد، ومن الممكن أن يبقى هذا السلوك ثابتًا لدى بعض الأطفال، بل ويستمر مع بعضهم إلى المراحل العمرية اللاحقة. وعادة ما يعاند الطفل والدته حتى يلفت انتباهها لتحقيق رغبة معينة، مثل أن يرتدي قطعة محددة من الملابس عنادًا بها، وقد يعاند الطفل نفسه أيضًا حين يصر على عدم تناول الطعام مثلًا، عند غضب والدته منه.

 

ويعرّف العناد بأنه السلبية التي يبديها الطفل تجاه الأوامر والنواهي والإرشادات الموجهة إليه من قِبل الكبار ممّن حوله، ولا نعني بالسلبية هنا الجمود وعدم الفعل، وإنما نعني بها الإصرار على الفعل الذي يخالف الأوامر، فمثلًا عندما يطلب من الطفل أن يذهب إلى سريره يعاند، فالعناد سلوك يتمثّل في أشكال كثيرة، منها السلبية واللامبالاة والتمرد والحقد.
يظهر سلوك العناد في السنة الثانية، وينتهي في سنّ الخامسة تقريبًا، ويُعتبر العناد في هذه الحالة طبيعيًا، ويزول أيضًا بشكل طبيعي بشرط أن يعرف الوالدان كيفية التعامل مع طفلهما، وعند التصرف الخاطئ في علاج هذه الظاهرة تظهر مشاكل عديدة في حياة الطفل، فيتحول العناد إلى عناد سيء، وقد تطول فترة بقائه إلى سنوات عديدة، تظهر كمشاكل دراسية، أو في علاقته مع أسرته.

أنواع العناد لدى الأطفال:
ينقسم العناد لدى الأطفال إلى عناد طبيعي وعناد مشكل. العناد الطبيعي لا يُعدّ خطرًا على الطفل بل يُعتبر ضروريًا له، وعلى الأبوين أن يجيدا طريقة التعامل مع الطفل في هذه الحالة، فالصراخ في وجهه وضربه ليسا هما الحل الأمثل للتعامل مع هذه الحالة، بل بإيجاد الحل الصحيح، كالتشجيع على الحالة الصحيحة التي نريدها له. 
أما العناد المشكل فهو ينشأ مع عدم وجود البيئة الصحيحة للتعامل مع العناد الطبيعي، حيث يتطور العناد الطبيعي إلى عناد مشكل فتطول فترته ويترك آثارًا سيئة يعاني منها الأهل، وقد يصاحبها اللامبالاة والاستهتار والانصراف عن التعلم، وعدم التوافق النفسي مع حياته الاجتماعية، فيضطرب سلوكه، وقد يدفعه الأمر إلى العدوان. 
وفي حالة العناد المشكل ينبغي على الوالدين أن يستعينا بالمتخصصين في مثل هذه النوعية من المشكلات لمساعدتهم على حل المشكلة.ويتدرج العناد حسب شدته إلى العناد الخفيف والعناد المتوسط والعناد الشديد.

أسباب العناد عند الأطفال:
من أهم العوامل التي تجعل الطفل يمارس سلوك العناد هو إهمال الوالدين لشؤون طفلهما، إلى أن يتحول بالتدريج إلى شخص معاند وكثير الإلحاح، ولهذا الإهمال أسباب متباينة، منها كثرة مشاكلهما ومشاغلهما، وعدم وجود الوقت الكافي للاهتمام بالأولاد خاصة في الأُسر كثيرة الأطفال. 
والحرمان بكل أشكاله يصنع حالات العناد، وخاصة الحرمان من حنان الأمومة، وهو ما يحتمل أن يؤدي في بعض الحالات إلى إيجاد ميول عدوانية. وتشتد حالة العناد حينما يدرك الطفل أنه قادر من خلالها على تحقيق مطالبه، وكذا الحال في حرمان الطفل من التحرك وتقييد حريته، وهذا يعتبر بحد ذاته صعوبة أخرى في هذا المجال، وفي بعض الحالات يتهرب الطفل من والديه إذا كانا يتصفان بالاستبداد والقسوة.والطفل بشكل عام مجبول على عدم الخضوع ولا يرتضي إطاعة الأوامر والنواهي، ويرى فيها عاملًا يتعارض مع استقلاليته، لذلك ينتهج أسلوب العناد.

الأساليب العلاجية لعلاج سلوك العناد.
تتعدد الأساليب العلاجية التي يمكن من خلالها مواجهة السلوك العنيد، ومن بينها السلوك الفردي، وغالبًا ما تكون العلاقة بين الطفل ووالديه قد وصلت إلى طريق مسدود، لذلك يصبح من المفيد دخول طرف ثالث آخر محايد ومنطقي، وهذا دور المعالج النفسي أو الاجتماعي الذي يعقد مع الطفل عدّة جلسات فردية للتعرف على مصدر الشكوى، والأسباب التي تدعوه للإصرار على هذا السلوك والتمسك به، دون تدخل الوالدين في العلاج. وهناك علاج آخر يُسمّى العلاج السلوكي، والذي يعتمد على إعادة عملية التربية للطفل في ظروف مختلفة طبقًا لمبدأ الثواب والعقاب، حيث يدرَّب الوالدان على تشجيع وتدعيم الاستجابات الجيدة للطفل، وإهمال الاستجابات السيئة، وتوقيع العقاب عند حدوثها، وبذلك تحدث ارتباطات شرطية جديدة تعطي فرصة لنمو السلوكيات المرغوبة، وهذا العلاج يحتاج لنشاط خاص من الوالدين، وربما يحتاج لأن يقضي الطفل بعض الوقت في وسط علاجي مناسب بعيدًا عن بيئته الأسرية، لكي يتعلم أنماطًا سلوكية جديدة في ظروف أفضل. 
وكذلك فإن للإرشاد الأُسري أهمية كبيرة، وهو نوع من العلاج التعليمي والتوجيهي للوالدين فيما يخص أسباب العناد عند الطفل وطرق التعامل الصحيحة، وهو يفيد إذا كان الوالدان مثقّفين ولديهما المرونة الكافية لتقبّل فكرة أن هناك خطأ ما قد حدث في تربية الطفل، وهذا الخطأ يمكن تصحيحه ببعض التعديلات في العلاقات داخل الأسرة. وعلى المعالج أن يكون حكيمًا بالقدر الكافي فلا يوجّه اللوم للوالدين أو يتهمهما بالجهل أو التقصير، وإنما يمكن أن نتقبل أن شيئًا ما قد حدث وأدّى إلى انحراف في السلوك، وهذا الشيء يمكن تداركه، بالإضافة إلى الأساليب العلاجية التي تستخدم في التعامل مع مشكلة العناد من مثل العلاج الدوائي باستخدام بعض العقاقير المثبطة أو المهدئة للعلاج، ويمكن القول بأن استخدام نمط واحد من العلاج لا يأتي دائمًا بالنتيجة المرجوّة، بل لابد من استخدام أكثر من فنية علاجية للتعامل مع هذه الظاهرة المعقدة ■