من خلف النافذة

يُحكى أن طفلًا صغيرًا أُصيب بمرض شديد غيّبه عن مدرسته، وألزمه البقاء في سريره وقضاء أيامه دون حركة، ممدّدًا على فراشه. كما منعه هذا المرض من الالتقاء بأصدقائه الذين مُنعوا من الاقتراب منه خشية انتقال عدوى ذلك المرض إليهم، وجعله هذا الأمر حزينًا جدًا لشعوره بالوحدة والعزلة. 
لم يكن للطفل الصغير المريض الكثير ليفعله باستثناء النظر من النافذة، ومع مرور الوقت كان شعوره بالملل يزداد وكذلك يأسه، إلى أن جاء يوم رأى فيه شكلًا غريبًا في النافذة التي اعتاد النظر منها. لقد رأى الطفل الصغير المريضبطريقًا يأكل شطيرة نقانق!
لم يصدّق الطفل ما رأى الى أن أطل عليه البطريق من خلال النافذة المفتوحة، وقال له: مساء الخير يا صديقي. وبسرعة استدار وغادر.
أصابت الدهشة الطفل الصغير المريض، فتفاجأ بما رأى، وراح يحاول معرفة وتفسير ما حدث! 
وفي اليوم التالي رأى خارج نافذته قردًا يمرح ومنشغلًا بتفجير بالون، فتعجب وسأل نفسه عمّا إن كان ما يراه حلمًا أم واقعًا! ولكن بعد فترة راحت المزيد والمزيد من الشخصيات ذات المظهر المجنون تظهر له من النافذة، كان ينفجر ضحكًا كلما يراها حتى إنه وجد صعوبة في التوقف!
فمَن ذا الذي لا يضحك عندما يرى خنزيرًا يلعب بالدفّ ويرقص؟! أو فيلًا يقفز على الترامبولين ويقوم بحركات بهلوانية؟! أو كلبًا يرتدي زوجًا من النظّارات ويتحدّث عن حالة الطقس؟! لم يخبر الولد الصغير أحدًا عمّا كان يحدث خلف النافذة فقد لا يصدقه أحد. ومع ذلك، انتهى الأمر بهذه الشخصيات الغريبة إلى إعادة الفرح إلى قلبه والنشاط إلى جسده، وبعد فترة تحسّنت صحته كثيرًا لدرجة أنه تمكن من العودة إلى المدرسة مرّة أخرى. 
وفي المدرسة تحدّث إلى أصدقائه، وأخبرهم بكل الأشياء الغريبة التي رآها عبر النافذة. وبينما كان يتحدث إلى أعز أصدقائه رأى شيئًا يخرج من حقيبته، فسأل الطفل صديقه عمّا لمحه، وكان مصرًا للغاية لدرجة أن صديقه اضطرّ أخيرًا إلى أن يريه كل ما هو موجود في الحقيبة! 
والمفاجأة كانت أن بالحقيبة كل الأزياء التنكرية وأقنعة الحيوانات التي كان صديقه المفضّل يستخدمها، لتجربتها ولبسها، ليقف خلف نافذة صديقه عندما كان مريضًا، ليفرحه ويسرّي عنه. 
احتضن الطفل الصغير صديقة الذي لم يتخلّ عنه في مرضه وعزلته، وتعلّم منه درسًا جميلاً، وخلقًا حميدًا، وقرّر منذ ذلك اليوم وصاعدًا بأن يكون عونًا لأصدقائه في أوقات الشدّة والرخاء، ويسعى ألا يشعر أحدًا بالحزن والوحدة.