هل الحياة في المنظومة الشمسية خارج الأرض ممكنة؟
صحون طائرة... أم أوهام طائرة؟ آلاف من البشر، على مدى عشرات السنين، أدلوا بشهاداتٍ صادمة عن رؤية أجسامٍ طائرة غير معروفة في السماء، «يوفو»، أجسام تتحدى حركتُها الفيزياء بحسب الشهود. بين تلك الشهود هناك رجالُ أمن، عسكريون، طيارون، حراس، وأناسٌ عاديون... وأصبح هناك سجلٌّ كبير من الشهادات، أفرجت عنها وكالاتُ الاستخبارات الغربية: مثل نيكاب وموفن. وبات هناك علم الصحون الطائرة، «يوفولوجي»، انخرط فيه علماء نفس، ومحققون، وباحثون أكاديميون.
يعتقد عامة الأميركيين والأوربيين أن حكوماتَهم تُخفي عنهم أرشيفًا ضخمًا من أسرار الزيارات الفضائية. كما أن هناك شخصيات إعلامية واجتماعية وباحثين علميين ومراكز إعلامية، في أميركا وبريطانيا وروسيا وباقي أوربا، كلهم يؤمنون بأن هناك مخلوقات فضائية (alien) كانت قد زارت الأرض في الماضي وعملت على تطوير الجنس البشري. وهناك من يعتقد أن الفضائيين أدخلوا جيناتَهم على بني البشر.
وهناك من يدّعي وجودَ قواعدَ تحت الأرض أو تحت البحار أو في القطب المتجمد لكائناتٍ غير أرضية (آليان).
وكانت أجهزة الاستخبارات في الغرب الأمريكي والأوربي وروسيا قد خصّصت، طوال عقود، مكاتبَ وأجهزة لتقصّي الأطباق الطائرة وتصويرها ومحاولة التواصل مع قبطانها المفترضين. لكن تطوّرَ أجهزة الرصد الأرضية والفضائية واعتمادَها على مئات الأقمار الصناعية العاملة 24 على 24 ساعة، في الليل كما في النهار، في الطقس الجيد كما في الطقس الماطر أو العاصف، جعل من مقولة زيارة الأطباق الطائرة، التي لم يلتقط منها شيئًا منذ بدء الرصد الجدّي في الثمانينيات حتى اليوم، حكاية افتراضية وهمية، بحسب المراجع الحكومية، نشأت ونمت وانتشرت بالشائعات والتخيلات ليس إلاّ. وانتهت هذه المكاتب إلى الإقفال حديثًا.
وكثيرٌ من العلماء متفقون أن هناك قفزةً في الذكاء البشري قبل ستةِ آلاف عام تقريبًا، حيث نهضت الحضاراتُ العظيمة على الأرض (الحضارة السومرية، الصينية، المصرية...) وكأن حافزًا ما تدخّل لإيقاظ الجنس البشري من بداوته الماضية.
لكن وكالة الفضاء الأمريكية ناسا، المؤسسة الأهم والأعلم في أمور الفضاء، لا تعترف بأي من هذه الشهادات، وتعتبرها أوهامًا أو سرابًا بصريًا. وقد أقفلت معظمُ الدولُ الأوربية مراكزَ الاتصال والطوارئ للتبليغ عن مشاهدات «يوفو».
أين تمكن الحياة في مجرة درب التبانة
نحن، الأرضيون، كائنات فلكية، من سكان مجرة درب التبانة، بين أكثر من مئتي مليار مجرة في الكون المرئي. تحتوي درب التبانة على حوالي أربعمئة مليار نجم، لكل منها نظامٌ كوكبي خاص به. ونحن نقيم فيها في جوار نجمنا الأم، الشمس. ونظامنا الشمسي يبعد حوالي 26000 سنة ضوئية عن مركز المجرة.
ويبلغ قطر درب التبانة حوالي مئة الف سنة ضوئية، أي أن الضوء، كي يعبر المجرة من طرف إلى الطرف المقابل، يحتاج إلى مئة ألف سنة من الزمن! وتتراوح المنطقة الصالحة للحياة في المجرة، المنطقة المسماة منطقة غولديلوكس، بين 20000 إلى 30000 سنة ضوئية. ولحسن حظنا، يقبع نظامنا الشمسي في منتصف هذه المنطقة.
في المجرة أنواع مختلفة من النجوم، ولكل منها حدودُها الخاصة للمنطقة الصالحة للحياة. وشمسنا نجم معتدل الكتلة من فئة القزم الأصفر، نظرًا لحرارة سطحها التي تبلغ ستة آلاف درجة مئوية تقريبًا. والمنطقة الصالحة للحياة حول الشمس تمتد من مدار كوكب الزهرة إلى مدار كوكب المريخ، حيث يقع مدار الأرض في ما بينهما.
الشروط اللازمة لاستضافة الحياة كما نعرفها على كوكبنا
أول شروط الحياة هو وجود الماء السائل على سطح الكوكب، وهذا الأمر يعتمد على درجة حرارة سطح الكوكب، الأمر الذي يعتمد بدوره على نوع النجم المضيف وبُعد الكوكب المعني عن نجمه المضيف.
الشرط الثاني للحياة من حيث الأهمية أن يكونَ للكوكب غلافٌ جوي مناسب، الأمر الذي يتعلق بقوة جاذبية الكوكب ودرجة حرارة سطحه. ودور الغلاف الجوي ضروري جدًا، فهو يؤمّن ظاهرة الدفيئة أو الاحترار العالمي... وهو أمر ضروري، ولكن في بعض الأحيان كارثي.
فالأرض، بدون غلاف جوي كانت لتصبحَ حرارتُها بمعدّل 18 تحت الصفر مئوية، لكنها فعليا بمعدل 15 فوق الصفر بسبب الاحتباس الحراري الذي يؤمّنه غلافنا الجوي. ويختبر العالم اليوم كيف تؤثر الأنشطة البشرية وبث الكلور وأكسيد الكربون إلى الهواء بتغيير تركيبة الغلاف الجوي فيزيد من مستوى الاحترار العالمي.
والمعروف أن القمر وكوكب عطارد لا يتمتعان بأي غلاف جوي، لذلك نشهدُ اختلافًا كبيرًا في الحرارة بين الليل والنهار عليهما، إلى حد أن تستحيل الحياة عليهما. والمريخ لديه غلافٌ رقيق من غاز الكربون، وتتراوح حرارته بين عشرين درجة في وجه الشمس و125 درجة تحت الصفر في الظلام.
أما كوكب الزهرة، حيث هناك غلافٌ ثقيلٌ جدًا من غاز ثاني أكسيد الكربون، وغاز الميثان، والغازات الكبريتية، فمفعول الدفيئة على سطحه شديد التوحش، ما يجعل متوسط الحرارة على سطحه يقارب 500˚. والزهرة أكثر الكواكب حرارةً في النظام الشمسي. هذا الغلاف الثقيل يخلق ضغطًا على سطحها يساوي 92 ضعفًا الضغط السائد على سطح الأرض، أي الضغط الذي نتعرّض له على عمق 920 مترًا تحت الماء!
ومن الشروط اللازمة للحياة على أي كوكب، هو وجوب أن يكونَ الكوكب غنيًا بالعناصر الحيوية، مثل الكربون والكبريت والهيدروجين والنيتروجين والأكسجين والفوسفور.
كما أنه لا بد من وجود مجال مغناطيسي قوي حول الكوكب يحمي الحياة من جزيئات الرياح النجمية والأشعة الكونية.
هل هناك حياة خارج الأرض داخل المجموعة الشمسية؟
كوكب الأرض ملائم عامر بالحياة نظرًا للشروط المميزة فيه، فهو غني بالمعادن، ويغطي الماء أكثر من 70 في المئة من سطحه، ويمثل جزءًا من ألف من كتلتها. وتتمُّ حمايةَ الحياة على الأرض عبر غلافٍ جوي معتدل وحقلٍ مغناطيسيٍ قوي.
هل يمتلك القمر إمكانية للحياة؟ طبعًا لا. فلا ماء سائل على سطحه، ولا غلاف جوي حوله. إضافة الى حرارة سطحه المتغيرة والمتطرفة. ولاستيطان القمر ينبغي أن يؤمّن لرواده قواعد متينة مقفلة ومعزولة حيث تحقق شروط الضغط والحرارة والهواء شبيهة بشروط الأرض.
هل المريخ، الكوكب الأحمر، قابل لاستضافة الحياة؟ لأكثر من مئة عام، اعتقد البشر أن هناك شعبًا من المريخ يستعدُّ لغزوِ الأرض. وقد تخيلوا وجوهًا ضخمةً في التضاريس الجغرافية للمريخ. لكن ذلك كان وهمًا بالتأكيد.
في الواقع هناك بعضُ أعراضِ الحياة الماضية على المريخ، فدراسة وتحليل نيزكٍ من المريخ، وُجِدَ في القطب المتجمد الجنوبي، أنتاركتيكا، يُظهر بلا شك آثارًا بكتيرية متحجرة. كما أن رصد بحيرةٍ من الملحٍ المترسب على سطح المريخ، يعني وجودَ بحارٍ من المياه المالحة كانت في الماضي هناك.
كما أن ﻃﻴﻒ عنصر اﻟﻤﻴﺜﺎن ﻓﻲ ﺠﻮ المريخ، الذي استشعرته مركبة «مارس إكسبرس» المدارية عام 1996، ﻳﻌﻨﻲ أﻧﻪ ﻳﻮﺟﺪ اﻵن ﺟﺮاﺛﻴﻢ ﺣﻴﺔ ﺗﺤﺖ اﻟﻘﺸﺮة. إذ لا يوجد براكين ناشطة على المريخ تنفث هذا الميثان، وهو أمرٌ كان يمكن أن يكون سببًا لذلك لو وجدت.
كما يخبرنا مسبار الفضاء «كريوسيتي» أن بعض الماء موجود على الأقل بحالته الثلجية على قمة الجبال وفي المناطق القطبية.
قمر المشتري «يوربا» مليء بالمياه!!
مكان آخر في المنظومة الشمسية، يوربا، أحد أقمار كوكب المشتري، ترتسم على سطحه الجليدي خطوط وشقوق تتغير جغرافيتها باستمرار. ويعتقد أن يوربا يحتوي على لب حديدي، وغطاء صخري، ومحيط من المياه المالحة تحت قشرة جليدية تقدّر سماكتها بين 10 و25 كيلومترًا، ويقدر عمق المحيط المائي المحتمل بين 60 إلى 150 كيلومترًا، استنادًا إلى دراسة تتعلق بالكثافة الكلية لهذا القمر. لذلك، ففي حين أن قطر يوربا لا يتجاوز ربع قطر الأرض، فإن مخزونه المائي قد يحتوي ضعف كمية المياه التي تحتويها محيطات الأرض مجتمعة.
وكانت قد مرت المركبة الفضائية «فوياجر»، عام 1979، عبر منظومة المشتري، وقدمت أولى الدلائل على احتمال وجود الماء السائل في ذلك القمر. ثم أدت التلسكوبات الأرضية، جنبًا إلى جنب مع مركبة الفضاء جاليليو، والتلسكوبات الفضائية، إلى زيادة ثقة العلماء في وجود محيط مائي هناك. وهناك بيانات رصدية من تلسكوب هابل الفضائي، وأخرى من مركبة الفضاء جاليليو، أنه ربما تنبثق فوق سطح يوربا أعمدة رفيعة من الماء على ارتفاع 160 كيلومترًا. وفي نوفمبر 2019، أعلن فريق بحث دولي بقيادة ناسا أنهم اكتشفوا بخار الماء مباشرة لأول مرة فوق سطح يوربا.
ورغم أن الأدلة على وجود ذلك المحيط الداخلي قوية، فإن تأكيده ينتظر القيام بمهمة مستقبلية. ويعتبر المحيط المائي الشاسع في يوربا من أكثر الأماكن الواعدة للبحث عن حياة بحرية محتملة خارج كوكب الأرض.
«إنسيلادوس» أيضًا يعوم بالمياه الجوفية!!
إنسيلادوس، قمر صغير من أقمار زحل، لا يتجاوز قطره 500 كلم، وهو شديد البرودة نظرًا لوجوده على مسافة من الشمس تتخطى عشرة أضعاف بعد الأرض عن الشمس، ولكن، رغم برودته، هناك نوافيرٌ من المياه والثلج الجوفيّ تنبثقُ من سطحه، وهذا يشير إلى أن الماء الدافئ يقع تحت قشرته المتجمدة.
ويعود تأكيد تلك الوقائع إلى المركبة الفضائية كاسيني التي التقطت أثناء مرورها بالكواكب الخارجية صورًا لانبثاق المياه فوق إنسيلادوس.
في قمري يوربا وإنسيلادوس، الحرارة الداخلية المفترضة لحفظ المياه في حالتها السائلة تحت القشرة، تأتي من طاقة المد والجزر التي تسببها كوكبهما المضيفان.
إذًا بإمكاننا الاعتقاد بوجود حياةٍ بحريةٍ ما تحت القشرة الجليدية لإنسيلادوس. وإذا وجدنا في النهاية شكلًا من أشكال الحياة في أوربا أو المريخ أو إنسيلادوس، فقد تبدو مثل الميكروبات، أو ربما شيء أكثر تعقيدًا.
عوالم أخرى تحتمل حياة ما
قمر آخر تابع لكوكب المشتري، قمر غانيميد، وهو أكبر قمر في النظام الشمسي، حتى أنه أكبر من كوكب عطارد، ويشك العلماء في وجود كمية هائلة من المياه تحت قشرته الجليدية. فقد أتاح تلسكوب هابل أدلة على إمكانية وجود محيطات مائية بعمق أكثر من مئة كيلومتر تحت قشرته المتجمدة.
عالم آخر، تيتان، أكبر أقمار زحل، إنه عالم بارد جدًا تقل حرارته عن 180 درجة مئوية تحت الصفر، وهو القمر الوحيد بين أقمار المنظومة الشمسية الذي يتمتع بغلاف جوي كثيف. هذا الغلاف أخفى وجه تيتان عن الرصد إلى أن وصلت إليه مركبة كاسيني - هويجنز عام 2004، ثم أُنزل عليه المسبار الروبوت هيجنز عام 2005 وأرسل البيانات إلى الأرض لمدة 90 دقيقة، وصوّر محيطات من النايتروجين السائل على سطحه، وغلاف جوي مشكل من سحب من الميثان والإيثان والنيتروجين المشبع بالضباب العضوي الكثيف.
هل يمكن وجود كيمياء حيوية بديلة لنوع آخر من الحياة؟
نحن البشر كائنات كربونية، تعتمد حياتنا على كيمياء حيوية تأسست على الماء والكربون بالدرجة الأولى. لكن هل الكربون هو أساس الحياة الوحيد؟ ولماذا يعني البحث عن الحياة أن نجد الماء فقط! فلربما هناك كيمياء حيوية بديلة لنوع آخر من الحياة. وقد أظهرت تجربة الكيميائيين ميلر وموري ( Miller-Murey) أن الأحماض الأمينية، قد تتشكل عن طريق التفاعلات الكيميائية!
ويشكل النيتروجين والفوسفور روابط كيميائية مستقرة، مثل الكربون، ويمكنها ربما أن تشكل كيمياء حيوية بديلة… فالسيليكون أكثر وفرة من الكربون بـ 925 مرة. وللجزيئات المرتكزة على السيليكون خصائص كيميائية مشابهة للكربون، ولكنها تضر بالحياة العضوية... ألا يمكن أن ينمو نوع آخر من حياة غير-كربونية لأنواعٍ مختلفة تمامًا عن الكائنات الأرضية؟
عوالمٌ خارجية مثل أورانوس، نبتون، تيتان، وغيرها، لديها كميات من النيتروجين والفوسفور والميثان، وغيرها من الغازات الكبريتية والكربونية، ولديها ظروف مختلفة جدًا عن الأرض. لذا، ربما هناك نوع من الكيمياء الحيوية في الفضاء غير معروفة في مختبراتنا البيولوجية، تصنع نوعًا آخر من الحياة والمخلوقات الغريبة.
هل تمطر المذنبات بذور الحياة على الأرض؟!
المذنب أو «نجم أبو ذنب» ليس نجمًا على الإطلاق... إنه كرةٌ صغيرة (بضع كيلومترات) من الغبار والماء الجليدي والغازات المتجلدة... تتشكل مواده الأساسية من كربون وهيدروجين وأكسجين ونيتروجين، وهي العناصر الأساسية للمواد العضوية.
عند اقترابه من الشمس، يُظهِر المذنب ذيلًا يبلغُ طولُه ملايين الكيلومترات، ويُطلِقُ سحابةً من المواد العضوية على مداره. وعندما تمر الأرض بهذه السُحُب، تُجذب جزيئات الغبار نحو الأرض وتنهمر عليها كشهب... إذًا، المواد العضوية في المذنبات قد تصل إلى الأرض عبر الشهب!
وهناك نظرية نمت في أوساط علماء الفلك، تسمى «بانسبرميا» Panspermia تنطلق من مقولة أن الحياةَ موجودةٌ في جميع أنحاء الكون، موزعةٌ بواسطة الغبار الفضائي والكويكبات والمذنبات، وأن الحياةَ على الأرض نشأت من جسيمات شبه فيروسية نائمة في الفضاء البارد، تستيقظ حين تلتقي ببيئة مناسبة، كغلافنا الجوي أوالمحيطات المائية مثلًا.
في نظرية بانسبرميا، تهطل بذور الحياة على الأرض بشكل مستمر، عبر الشهب والنيازك التي تحتوي على الأحماض الأمينية والبكتيريا والكربون. وتكون محمية داخل الصخور مما يتسبب في تغيرات جينية على الأرض، فنشهد ظهور فيروسات وبكتيريا وخلايا حياة جديدة.
وربما تكون المذنبات قد جلبت الأوبئة على الأرض في الماضي، مثل طاعون جوستنيان في القرن السادس، الذي أودى بـحياة 100 مليون ضحية في سنة واحدة، والطاعون الأسود في القرن الرابع عشر الذي تسبب بـ 50 مليون حالة وفاة في سنة واحدة، وفيروس نقص المناعة الذي أودى بحياة 40 مليون ضحية منذ عام 1960 حتى الآن، والإنفلونزا الإسبانية عام 1918 أودت بحياة 20 مليون ضحية على الأقل خلال سنتين.
ويبقى السؤال المشروع عن شكل الكائنات المحتملة في عوالم غريبة خارج الأرض، وطبيعة بنيتها البيولوجية، والكيمياء البديلة التي ترعى نموها وتطورها