«شيفرة دافنشي» أمانة في الاقتباس الأدبي أم تحوير سينمائي مختلف؟

«شيفرة دافنشي» أمانة في الاقتباس الأدبي  أم تحوير سينمائي مختلف؟

استلهمت السينما منذ ميلادها كثيرًا من الأعمال الأدبية، خصوصًا منها الرواية، فما أكثر الأعمال الأدبية - من كل العصور - التي تم اقتباسها لتحويلها إلى أعمال سينمائية، مع قدر من الوفاء يزيد أو ينقص، أو عن طريق الاقتباس الحر، دون أن يسيء ذلك في شيء إلى العمل الأصل ولا إلى نظيره. وقد كان من أمر هذا الزواج الناجح بين شكلين من التمثيل، يختلفان في بنيتهما الفنية لكنهما يلتقيان في أكثر من جانب، أن أمتعنا بأفلام لا تحصى ولا تنسى.

 

يمكن تأويل هذا الانجذاب والهوس باقتباس الأعمال الأدبية (رواية أو قصة أو مسرحية) ونقلها إلى الفن السابع، بإمكانيات السينما وتقنياتها الفنية القادرة على الجمع بين المرئي والصوتي، وهي الخاصية التي استفادت منها الرواية لتوسيع مساحتها الإبداعية وبلوغ جمهور أوسع - صغارًا وكبارًا - من الجنسين معًا. ولهذا فلا ينبغي أن تعالج قضية الاقتباس من منظور الاستنساخ التام  أو المنافسة الفنية، بل من حيث هي تبادل ومشاركة وأخذ وعطاء وتأثير وتأثر.
فالسينما لا تترجم النص الأدبي ولا تنقله إلى شاشتها نقلاً أمينًا، بل يملك المخرج كل الحرية في التصرف والتحوير والتغيير، ذلك لأن النص السينمائي هو غير النص الأدبي، مختلف عنه في وسائله وتقنياته وأساليبه الفنية. وهذا ما يجعلنا أمام مجالين مختلفين ومتباينين في أسسهما وأصولهما الإبداعية.
الأدب قوامه اللغة والتركيب اللفظي والأسلوب البلاغي، والسينما مادتها الخام هي الصورة ومرفقاتها التقنية التي تنتمي إلى عالم التكنولوجيا ووسائلها السمعية والبصرية. الأدب ذهني التلقي، مجرد في عوالمه، تخييلي في استقباله، بينما السينما تشخيصية في أدوارها، تفاعلية في بنائها، مجسدة في هيئتها.
والنص الأدبي موجه لقارئ متعقب لوحداته الصوتية والتركيبية والدلالية والتداولية...إلخ، بينما النص السينمائي موجه لمشاهد يوظف حاسة البصر في تأويل الصورة وقراءة عناصرها: المشهد واللقطة والزاوية والإنارة والصوت والموسيقى والزي واللون... إلخ.
وبالرغم من هذا الاختلاف في خصوصيات كل نوع من هذين النمطين، فإنهما يشتركان ويتآلفان في طبيعة المنحى الحكائي الذي يوجه بوصلة خطابهما. ذلك أن السينما تشترك مع النصوص الأدبية السردية في القواعد الحكائية الكبرى: الأحداث، الشخصيات، الزمن، المكان... وهي قواعد عامة صاغها دارسو الحكاية بمختلف تنوعاتها وتفصيلاتها، فاستخلصوا أنها تجمع عديد الأنواع والأجناس: القصة، الرواية، السيرة، المسرح، السينما... هذا وإن كانت السينما بصرية المنزع، فهذا لا ينفي طابع الحكي عنها، لأن الحكاية تتم، هنا، بواسطة توالي الصور، على غرار توالي المقاطع اللغوية في النصوص الأدبية.
وهناك قاعدة أساسية تحكم علاقة الفن السينمائي بالعمل الأدبي، إننا بصد مواجهة وتقابل بين مجالين مستقلين بآلياتهما الإبداعية ومختلفين من حيث وسائلهما التعبيرية: فن الحكي، وفن العرض. لا يتعلق الأمر هنا بترجمة، مهما وصلت أمانتها وذكاؤها، أكثر من ذلك لا يتعلق الأمر باستلهام حر، من أجل إنجاز فيلم يكرر الرواية، وإنما يتعلق ببناء عمل ثان على الرواية بواسطة السينما، وهذا العمل ليس فيلمًا قابلاً للمقارنة مع الرواية، أو قابلا لكي يكون فوق أو دون مستواها، ولكنه كائن استطيقي جديد.
فرغم اقتران الفيلم السينمائي بالرواية الأدبية، ورغم المساهمة التخييلية والحكائية التي تغني بها الرواية الفن السابع، ورغم التقاطع الفني بين المجالين في العديد من الصيغ الإبداعية، فإن الأفلام السينمائية التي بلغت دروب الشهرة والتفوق هي تلك التي تخلصت من عباءة الأدب وآثار المكتوب، وتفردت بأسلوبها ومنهجها في عرض مضامينها والإعلان عن رسائلها. وذلك بواسطة بناء جمالي جديد يشيد بنيانه بعيدًا عن مقومات اللغة والسرد الألسني.
واستنساخ السينما للعمل الأدبي هو أمر متعذر ومستحيل، بحكم التعارض القائم بينهما في تقنيات السرد والعرض وتقنيات القراءة والتحليل. فلكل واحد من هذين النمطين التعبيريين آليات في الدفاع ووسائل في الهجوم، ولكل واحد منهما علاقة خاصة بالمتلقي مغايرة عن نظيرتها. فالرواية تترك للقارئ مساحة من الحرية لتفعيل دوره في تأويل الأحداث وملء الفراغ وتخيل الشخصيات وتشكيل الفضاء، انطلاقًا من تجاربه الخاصة وعلاقاته المتعددة بالواقع. أما الفيلم السينمائي فإنه يعتمد - بالإضافة إلى الجانب الحكائي والروائي - على تقنيات أتاحتها الثورة التكنولوجية، فاستفادت منها السينما لتأسيس منطلقاتها القائمة على دمج الصورة بالصوت، مع إدخال كل المرفقات التقنية الأخرى المتعلقة بالضوء واللون والمونتاج والملابس وزوايا الرؤية... إلخ، وكل هذا لتأسيس عالم فني يوهمنا بالواقع في سكونه وحركيته.
إن نقل عمل روائي إلى السينما يلزم على المخرج السينمائي التسلح برؤى فنية مغايرة عن الأديب، لكونه يقوم بقراءة جديدة للعمل الإبداعي مختلفة كل الاختلاف عن قراءة الروائي. فقد يحدث أن يكون تأويله للموضوع تفقيريًا وتهميشيًا يسيء لمقاصد الرواية ويشوه شخصياتها وينقص من مضمونها ويقتطع من حمولتها الفكرية، وقد يحدث أن يكون تأويله مغنيا للموضوع، يثري القصة، ويعضد الحبكة، ويوسع من مدارات النقاش والتفكير والتواصل بين المبدع والمتلقي. إن اقتباس عمل روائي هو بمنزلة تحقق له concrétisation وانتقال به من حالة الوجود بالقوة إلى حالة ملموسة من ضمن الحالات المحتملة لوجوده بالفعل.
هكذا يظهر أن العلاقة التفاعلية بين الرواية والسينما، بالرغم من تجذرها وترابط خيوطها الإبداعية، إلا أن هذا لا يلغي الجانب المستقل في الطرفين، كونهما يتفردان بأدواتهما الجمالية، كل بتقنياته وأساليبه، وتبعًا للحقل الذي يصدران منه، وانطلاقًا من نوعية الجاذبية وطبيعة الانفعال الذي يربطهما بالمتلقي.  فالرواية ينبوعها اللغة، تستلهم وسائل تعبيرية مقروءة/مكتوبة، وتنتج صورًا فنية/بلاغية قوامها اللغة والأسلوب، ويدركها المتلقي انطلاقًا من ملكاته التخييلية بعد أن يستقبلها بحسه القرائي القائم على التتابع الخطي للمتواليات اللسانية في النص الروائي. أما السينما فمادتها الخام هي الصورة المتحركة، ومرفقاتها السمعية والبصرية، تنتج صورًا فنية انطلاقًا من وصل لقطاتها وتمازج تقنياتها وترابط مؤثراتها التكنولوجية. ويتلقاها المشاهد عن طريق العرض التسجيلي في قاعة السينما، بالاعتماد على حاسة البصر في الاستقبال وذكاء العقل في التحليل والتأويل طالما أن الموضوع مجسد، ملموس ومؤطر.
وقد شكل فيلم شيفرة دافنشي المقتبس من رواية دان براون نموذجًا مميزًا، يستقصي خصوصية هذه الثنائية العلائقية، ويحاول أن يبحث عن عناصر التناسق والانسجام بين مكونات النص الأدبي والنص الفيلمي من جهة، وعناصر الاختلاف والتعارض بينهما من جهة ثانية. 

أحداث الرواية/الفيلم
نجح رون هوارد مخرج فيلم «شفرة دافنشي» (The Da Vinci Code) بنقل أحداث الرواية بأمانة إلى شاشة السينما رغم تغييرات طفيفة أدخلها على نص الرواية الأصلية للضرورة الدرامية والفنية، ولكي يضع المخرج بصمته الخاصة على الفيلم.
شفرة دافنشي - الفيلم المأخوذ عن رواية بنفس الاسم للكاتب الأمريكي دان براون (دان براون، 2004) - يشكك بالرواية الكاثوليكية الرسمية للمسيحية وتاريخها، ويحمل في وقائعه البوليسية مراجعة لمجموعة من المعتقدات المسيحية كألوهية المسيح، وزواجه ونسله... إلخ.
تتنقل أحداث الفيلم بين فرنسا وبريطانيا، ويبدأ بمقتل جاك سونيير الباحث في متحف اللوفر بباريس والحارس الأخير لسر الكأس المقدسة (The Holy Grail). يجد بطل الفيلم روبرت لانغدون (توم هانكس) أستاذ الرموز الدينية في جامعة هارفارد نفسه متورطًا ومتهمًا بقتل سونير، يلتقي صوفي نوفو (أودري توتو) خبيرة فك الشفرة في الشرطة الفرنسية وحفيدة سونير نفسه، ويعملان معًا على فك رموز تركها سونيير قبل مقتله على لوحات الفنان الإيطالي ليوناردو دافنشي.
يتتبع لانغدون ونوفو الإشارات ويسافران وراء الرموز التي خلفها سونير، بحثًا عن قاتله فيصطدمان بسلسلة أسرار لا تتوقف، تغوص في عمق التاريخ لتروي قصة مغايرة للمسيح وحياته وحقيقة رسالته الدينية، وهي قصة تناقض في جوهرها القصة الرسمية للكنيسة والقائمين عليها.
ـ دينامية المكونات الفنية بين الرواية والفيلم (شيفرة دافنشي): عناصر التشابه والاختلاف.

الاقتباس السينمائي
كما أشرنا سابقًا، فالاقتباس السينمائي للنصوص الأدبية يلزم المخرج باتباع منحى إبداعي جديد، ذي طبيعة ملازمة لنوعية المجال السينمائي، ومغايرة بالضرورة لجوانب الإبداع الأدبي. وهذا ما جعل رون هاورد يتفنن في نقل أفكار العمل الروائي (شيفرة دافنشي) إلى عرض سينمائي مبهر ومدعم بجوانبه الفنية والتقنية، فاختار بذلك طريق التحويل والتحوير والتغيير في بعض الأحداث مع الاحتفاظ بالوقائع الجوهرية في قضية الفيلم. ضف إلى ذلك طرق العرض المختلفة وأساليب التعبير المتنوعة التي يمتاز بها الفن السابع والتي تتيح له إمكانية التصرف في النص الأصلي مع الاحتفاظ بروحه وفكرة الكاتب الأساسية، وكل ذلك بتوظيفات فنية مغايرة عن الأدوات التعبيرية اللغوية المميزة للنص الأدبي.
وبعقدنا للمقاربة المقارنة - بين الرواية والفيلم - توصلنا إلى مجموعة من النتائج الأساسية التي أتاحت لنا التمييز بين المكونات الأساسية التي تدخل في صلب تكوين الصورة الروائية، والمادة الخام التي تشكل هيئة الصورة السينمائية:
1 - اختار المخرج طريق التحوير والتغيير في تعامله مع أحداث الرواية ووقائعها، فرغم تقارب الرواية مع المنحى السينمائي - الرائج كثيرًا في أدب العصر الحديث - من حيث بنائها العام وحبكتها المشوقة وعوالمها الواقعية وفصولها المليئة بالعقد والتحولات، إلا أن البنية الزمنية المحدودة في الفيلم وخاصيته الحركية السريعة وطابعه الدينامي المثير أجبر المخرج على ضرورة وضع بصمته الفنية في الأحداث من خلال ثلاثة طرق:
- إضافة وقائع جديدة غير حاضرة في الرواية.
- استبدال بعض الأحداث بأحداث أخرى.
- الاستغناء عن بعض التفاصيل الثانوية في الرواية.
2 - بما أن الإبداع السينمائي متفرد بخصائصه الفنية عن الأدب، فقد سار المخرج رون هاورد على نفس النهج في تعامله مع شخصيات الرواية. فاختار أحيانًا طريق التخلص من بعض الشخصيات أو التقليص من بعض خصائصها نظرًا لهامشية دورها في البناء الفني للفيلم، في حين اتخذ من التحوير والاستبدال وسيلة في انتقاء بعض الأوصاف التجسيدية المتنافرة مع سمات الشخصية الروائية، وأحيانًا أخرى اعتمد طريقة الإضافة والابتداع لخلق سمات جديدة غابت عن شخصيات النص الروائي. وقد استفاد رون هاورد من التقنيات التشخيصية التي يتيحها عالم السينما للتلاعب بالشخصيات وتفعيل وظائفها في أنساق معينة ومخصوصة بحسب كل دور سينمائي. فالمكياج والأزياء والفعل ورد الفعل والحركة... كلها عناصر تضيف لمسة إبداعية للشخصية السينمائية، وتنتقل بها من طور السكون والتواري (في الرواية) إلى طور الحضور والتجلي (في السينما).
3 -  يكتسب الفضاء السينمائي قيمته المميزة من خلال مرجعيته الواقعية وطابعه الدينامي، كونه يحتوي على أماكن حقيقية لها صلة بحياتنا الدينية والثقافية والتاريخية. فباريس وصخبها المثير ومعمارها الأصيل ومتاحفها العريقة كانت مجسدة بشكل بارز في الفيلم، ناهيك عن الحواضر الأخرى (لندن - روما...) التي احتضنت أحداث الفيلم، وأحالت إلى أصوله الواقعية.
وقد عزز المخرج من خصوصية الفضاء السينمائي واستقلاله عن الفضاء الروائي من خلال الاعتماد على «ديكورات» سينمائية أجْلَت المكان وجسّدته بصريًا عبر موضعة العدسة في حقل التصوير وتركيزها على الموضوع ومرفقاته من عناصر الديكور. هذه الأخيرة تتنوع بتنوع المصادر التي تنبع منها: ديكورات طبيعية - ديكورات فنية وثقافية - ديكورات دينية وتاريخية - ديكورات حضارية عامة - ديكورات منزلية... إلخ. 
بينما مُثِّلَ عنصر الفضاء في الرواية عن طريق اللغة، والوصف المستدعي لملكة الخيال وشبكة الذهن لدى المتلقي. هذا الأخير يعيد تركيب مكونات المكان في عوالمه الداخلية ويشارك بحسه ومشاعره في تأثيث جوانبه وأبعاده المختلفة، خلافًا لمتلقي الفضاء السينمائي والذي يقدم له المنتوج الفني جاهزًا والفضاء مؤطرًا وملموسًا عبر حاسة البصر.
4ـ يساهم الإيقاع الزمني، بشكل واضح، في إبراز دينامية الأحداث عبر وتيرة متولدة ومتدافعة من الوقائع ذات النمط الحركي السريع. وبالرغم من كون المساحة الزمنية الشاملة في الفيلم مساحة محدودة وقصيرة لم تتعد اليوم، فإن المخرج تلاعب في هذه المدة باحترافية فنية جعلته يبسط ويمد ويوسع في المشهد أحيانًا عبر تقنيات متعددة: الحوار، الفلاش باك، الزمن النفسي...إلخ. ويختصر ويسرع من إيقاع اللقطات أحيانًا أخرى عبر طرق فنية أخرى: الحذف - التلخيص - القطع - الاستباق... إلخ.
وقد اتخذ رون هاورد من المونتاج وسيلة أساسية للتصرف في زمن الفيلم وتوجيهه بحسب رؤيته الفنية ومقاصده الجمالية، وذلك من خلال استثمار الآليات التقنية التي يتيحها هذا المكون الفيلمي في التلاعب بمسار الأحدات وإيهام المشاهد بواقعية الوقائع، عبر حلقة زمنية مستمرة ومتواصلة تترك تأثيرها النفسي والدرامي على وعي المتلقي، الغارق في المتابعة والتقصي، والمسحور بجاذبية الصورة والصوت، والمبهور بتطور التفاصيل وتقلبها المفاجئ.
 أما فيما يخص الزمن الروائي فقد جسد لغويًا عبر تقنيات سردية متعددة حاولت التحكم في إيقاعه وسيرورته الخطية إما بإبطائه أو بتسريعه أو بالانتقال في ثنايا فصول الرواية، عبر مراحل متفرقة ومحطات تتنقل من فضاء إلى آخر، ومن شخصيات لأخرى، ولكن مع احترام تام للمنطق الزمني لتسلسل الأحدات، وترابطها، وانتظام مسارها.
5ـ توسلت رواية «شيفرة دافنشي» بأدوات لغوية وتعبيرية قوامها اللفظ والتركيب والجملة والنص وأسلوبها السرد والوصف والحوار: السرد لتسريع وتيرة الأحداث، والوصف والحوار لتمطيط وإبطاء زمن الوقائع. بينما عالج المخرج النص السينمائي انطلاقًا من التقنيات السمعية والبصرية التي أتاحتها الثورة التكنولوجية لمجال الفن السابع. 
فلغة الصورة تفترض حضورًا أساسيًا لعالم التقنية الذي يحول النص المكتوب إلى سيناريو أولي مجهز للعرض، ثم إلى فيلم سينمائي خاضع لقواعد متعددة تتنوع بتنوع المجالات التي يستند عليها العمل الفني. فينهل الفيلم من الصوتيات عوالمه السمعية (الموسيقى والأصوات والحوار)، ومن الصورة عوالمه البصرية (اللقطة - المشهد - زوايا التصوير - حركات الكاميرا... إلخ)، ومن المؤثرات الفنية عوالمه التشكيلية (الإنارة - الأزياء - الألوان - المؤثرات التقنية... إلخ).
هكذا نخلص في الأخير إلى التأكيد على استقلالية كل مجال بوسائله الفنية واستئثاره بأدواته التعبيرية وتقنياته الجمالية تبعًا لمكوناته الأجناسية والنوعية التي تلزمه التقيد بخصوصية المجال وقواعده المتعددة. ومن هنا فلا يمكن الحديث عن طبيعة الصورة الفنية في أي مجال دون العودة إلى تربتها الأصل ومصدرها الأساسي، القائم على تفاعل مجموعة من الوسائل والتقنيات التعبيرية. وقد ارتبطت هذه الوسائل والتقنيات، في دراستنا هذه، بوسيطين (الرواية والسينما) متشابهين في المبنى الحكائي العام، ومختلفين في الآليات والأدوات التي يعبران بها عن موضوعهما وغايتهما الجمالية ■