الكذب عند الأطفال

الكذب عند الأطفال

الكذب كمفهوم هو الانحراف عن الصدق في القول والعمل والسلوك والقصد كمحاولة غير سوية وأسلوب اضطرابي لتغطية الأخطاء والقصور وعدم الاعتراف بها، وهو سلوك مكتسب نتيجة تفاعل عوامل عدة: عوامل أسرية، مدرسية، مجتمعية، إعلامية... إلخ.
ويأتي السؤال هنا، لماذا يكذب الطفل؟

 

قد يكذب الطفل لوقاية نفسه من الضرر، أو للهرب من النتائج الحتمية لعمل قام به، أو لتجنب نقد يوجه إليه من الكبار تجاه سلوك قد سلكه، إن كثيرًا من أكاذيب الأطفال سببها عالم الكبر فقد يُكره الأب ابنه على الكذب دون أن يدري، ويعتبر الكذب إحدى الطرق التي يستخدمها الطفل للحفاظ على احترامه لذاته إلا أنه ينبذ هذه الطريقة أو هذا الأسلوب عندما يكتسب القوة والثقة بالنفس، وبعض الأطفال يستمرون في ممارسة الكذب ويصبحون في نهاية الأمر غير قادرين على التمييز بينه وبين الصدق وقد يكون ذلك حالة خطيرة تستدعي اهتمام الأبوين والبحث جديًا عن سبب الكذب، فقد يكون السبب ما يفرضه الراشدون على الطفل من مهمات، أو قواعد معقدة جدًا لا يستطيع الطفل تنفيذها بنجاح فيلجأ للكذب.

تعريف الكذب عند الأطفال
هو تعمد الطفل قول الحقيقة أو تحرّف الكلام أو ابتداع ما لم يحدث مع المبالغة في نقل ما حدث أو اختلاق وقائع لم تقع، وهو سلوك مكتسب من البيئة التي يعيش فيها الطفل، وهو محرم في جميع الأديان.
ويمكن القول إن ظاهرة الكذب لدى الأطفال في الطفولة المبكرة ظاهرة طبيعية بل هي ظاهرة صحية، وتنتشر هذه الظاهرة في عمر (4-5) سنوات فيميلون إلى اختلاق القصص والإطالة في سرد الحكايات، وهو نشاط طبيعي لأنهم يستمتعون بسماع القصص، ولأنهم يخلطون في هذه المرحلة بين الحقيقة والخيال، وهذا بسبب نمو القدرة على التخيل عندهم.

أسباب الكذب عند الأطفال
عندما يدخل الأطفال المدرسة يصبحون قادرين على فهم أن الكذب سلوك خاطئ، عندما يصل الأطفال إلى هذه المرحلة يجب أن يُعاقبوا على كذبهم، لأنه غير شائع في هذه الفئة العمرية، ويكذب الأطفال لعدة أسباب، منها لتجنب العقاب بهدف الخروج من مأزق أو مشكلة معينة، أو يلجأ للكذب لإثارة إعجاب الآخرين، أو لرفع تقدير ذاتهم لدى المحيطين بهم، وقد يلجأ الطفل للكذب للحصول على شيء يريده أو لحماية نفسه أو غيره، لعدم شعوره بالأمان حيث يجد في القصص الكاذبة الطريقة الوحيدة للاحتفاظ بمركزه بين الآخرين، فالكذب المناسب يحدد مدى قبول الآخرين له، إن الطفل الذي يحمل زادًا وافرًا من الحب والحنان والتشجيع والنجاح نادرًا ما يلجأ للكذب، وقد يكون الوالدان قدوة سيئة لأطفالهم من خلال الكذب، حيث يتعلم الأطفال الكذب من آبائهم، وقد يلجأ الطفل إلى نبذ معايير والديه عوضًا عن تبنيها إذا كانت علاقاته معهما مضطربة، وبهذا يكون كذبه شكلًا من أشكال عدم الاعتراف بما يريد الوالدان وقد يُجبر بعض الأطفال على الكذب بسبب رغبة والديهما في الاطلاع الدائم والمستمر على أسرارهم وتفاصيل حياتهم وخاصة عندما يقترب هؤلاء الأطفال من مرحلة المراهقة، لأنهم يرغبون في هذه الفترة بإخفاء أسرارهم عن والديهم.

أشكال الكذب عند الأطفال
يأخذ الكذب عند الأطفال عدة أشكال، منها القلب البسيط للحقيقة أو التغيير البسيط في الكلام، أو المبالغة في القول، أو التلفيق، كأن يتحدث بشيء لم يقم به، وقد يخلط في الكلام كأن يتكلم الطفل بشيء جزء منه صحيح وجزء غير صحيح، أو يكون على شكل تهمة خاطئة، بأن يوقع اللوم على غيره فيما فعله هو.

وقاية الأطفال من الكذب
إن الوقاية من الكذب خير من علاجه، وهذا يتوقف على أسلوب التعامل مع الطفل، ويجب على المحيطين بالطفل القيام بعدة أمور لحماية الطفل من الكذب، منها الالتزام بالصدق في الأقوال والأفعال، خاصة الآباء والمعلمين، حيث إن الطفل إذا نشأ على الخداع وعدم المصارحة من قبل الآخرين فسوف يدرك أن الكذب وسيلته لتحقيق أهدافه، فوجود القدوة الحسنة هو ما يجعل الطفل إنسانًا سويًا في المستقبل، وكذلك تبصير الطفل بأهمية الصدق في القول والفعل وتشجيعه باستمرار، ومعاقبته بعقوبة تناسبه في حالة الكذب عدة مرات دون اكتراث بما تنصحه، ويجب تجنيب المواقف المؤدية للكذب حتى لا يضطر فيها للكذب، وألا نبالغ في تصديقه لكل عمل يقوم به ونضايقه في كل صغيرة وكبيرة، لأن هذا الأسلوب الصارم لا يجدي كثيرًا في الإقلاع عن الكذب الذي لا يجد الطفل مفرًا من اللجوء إليه كمحاولة للظهور بالمظهر الذي نريده. 

الأساليب العلاجية لعلاج سلوك الكذب
لعلاج هذا السلوك، يجب تقويمه بشيء من الحزم الذي تتخلله النصيحة، والتلقين بأنه أمر يفقد الطفل ثقة والديه وثقة أحبائه ويدعو إلى احتقارهم له، وكل حالة من حالات الكذب لها ما وراءها من أسباب، لذلك لابد من دراسة الأسباب لاختيار الأسلوب المناسب في العلاج، ومن أهم العلاجات العلاج الفردي، حيث يقوم المعالج بعقد مجموعة من الجلسات الفردية مع الطفل بهدف التعرف على الأسباب التي تدعوه للإصرار على هذا السلوك والتمسك به، ووضع خطة العلاج التي تتناسب مع حالة الطفل وتعيد الثقة المفقودة بينه وبين المحيطين به، وتعزز مكانة الطفل في نظر والديه ومعلميه دون الحاجة إلى اللجوء للكذب والخداع، وهناك العلاج السلوكي والذي يرى أن الكذب سلوك مكتسب تم تدعيمه وتعزيزه في نفس الطفل من قبل المحيطين به دون وعي من الأسرة أو من البيئة المحيطة بالطفل بمخاطر هذا السلوك على الطفل، لذلك فالعلاج هنا يتم بهدف تعديل هذا السلوك عن طريق الثواب والعقاب بحيث يدرب الأبوين على تشجيع وتدعيم الاستجابات الجيدة المتمثلة في صدق الطفل وإهمال الاستجابات السيئة المتمثلة في كذب الطفل وتنفيذ العقاب عند حدوثها■