دمى وألعاب في وسط مدينة ميونخ

كثيراً ما أزور مدينة ميونخ في ألمانيا، المدينة القديمة الحديثة، لها تاريخ يفوق الألف عام، فأنا أعشق السير في ساحاتها وشوارعها حيث الجو البديع والخضرة الدائمة والمسطحات المائية اضافة للمراكز التجارية وأندية رياضية ومدن للألعاب والترفيه، وتزخر في المتاحف لدرجة أن عددها فاق الخمسون متحفاً. فهي مدينة شاملة كل أيات الحياة.

 

في مدخل المدينة يقع الميدان الأشهر "مارين بلاتز" حيث ترتكز كنسية السيدة العذراء في شمال الساحة كانت المفاجأة.. فلن يتوقع أحد أن يكون هناك متحفاً للألعاب والدمى في هذا البرج الضيق والصغير الذي يحوي تاريخاً ونماذجاً من الألعاب تعود لمئات السنين.
قررت الدخول فيه للمرة الرابعة، كي اتشرب من هذا الماضي حول تطور صناعة الدمى عبر الزمن، ما كانت وما آلت إليه في يومنا الحاضر، وأكتب عنه حتى يتسنى لكم المرور فيه يوما ما. بمدخل صغير ولجت من خلاله، وارتقيت عدداً بسيطاً من السلالم الحلزونية إلى الطابق الأول، فوجدت نفسي أمام مكتب بيع التذاكر حيث تجلس سيدة ألمانية مسنة وسط عدد من المعروضات الصغيرة، تبيع التذاكر ونسخ الألعاب القديمة وكتب الأطفال المعاد طباعتها والبطاقات البريدية. فقمت بتحيتها والتحدث معها عن المكان، فشرحت لي بابتسامة أن المتحف أفتتح عام 1983، وتم وضع مجموعة فريدة من الألعاب الأوربية والأمريكية التاريخية في خمس طوابق من برج قوطي في مارين بلاتز في قلب ميونخ. وقالت إن العديد من الالعاب الفريدة الموجودة يعود تاريخها لعام 1805، وهي في كامل حالتها الأصلية، وقد تم الاحتفاظ بها في المتحف الوطني الألماني لسنوات، قبل اخراجها من هناك عن طريق ملاكها وأصحابها أو ورثتها في الثمانينات من القرن الماضي، وتسليمها لمتحف الألعاب هذا، وتتضمن المجموعة 110 من القطع المختلفة تعود لأكثر من مئة سنة. قدمت لي التذاكر وأشارت إلى المصعد للتوجه مباشرة إلى الطابق الخامس أعلى البرج، الذي يضم أقدم ألعاب المصنوعة من الخشب والورق والرصاص والشمع، بالإضافة إلى نماذج تصور الاكتشافات من عصور ما قبل تاريخ الحفريات. وبصعودي هناك كانت شجرة الميلاد تقبع في منتصف الغرفة، ويصطف تحتها مجموعة من الدببة والدمى، وكان النموذج الأجمل لسفينة نوح عيه السلام في مشهد دخول الحيوانات اثنين في اثنين للسفينة، ويمكن للزائر أن يرى توثيق اللعب ودمى الدبية بشكل واضح أسفل أقدام الدببة بمعلومات مبسطة عن كل قطعة.
أكلمت النزول للطابق الرابع وفيها يتسنى رؤية المحركات البخارية، ورجال ونساء من الصفيح الميكانيكي يعملون ويلهون في جولات مرحة، وجدت دمى في المدرسة وأخرى تتسباق في شكل يصور للزائر مشهد المشاركون في سباق الجري والتزحلق.
تركت الغرفة نزولاً للطابق الثالث الذي يتشمل على الأكواخ وبيوت المزارع والإسطبلات وحديقة الحيوانات والحيوانات المنزلية، وكذلك شخصيات من سكان الريف والمدن والغابات، والجنود من الحربين العالميتين، وتماثيل صغيرة جداً للأمريكيين الأصليين والصيادين والمخلوقات من المريخ. جميع أشكال تم صنعها وتكوينها من مواد أولية طبيعية من مادة مركبة من نشارة الخشب، والكازين مصبوب على حديد التسليح.
في الطابق نفسه يمكن للزوار مشاهدة "الدمى الشخصية" المصنوعة من الخزف الصيني. بعضها ظل محافظاً على جماله بسبب تعابير الوجه المفعمة بالحيوية وسحرها. بالاضافة إلى نموذج لمطبخ قديم مع موقد مفتوح.. وسيجد الأولاد روبوتات من الصفيح وصواريخ وسفن فضاء.. وسيسعدن الفتيات بأكثر من مائة دمية باربي الأسطورية منذ بداية انتاجها في 1959.
 تم توثيق النقل الجوي والبري الطابق الثاني من البرج المخصص للألعاب الفنية، حيث يمكن العثور على مجموعة واسعة من الألعاب ونماذج السكك الحديدية السيارات والقطارات ووسائل النقل الاخرى مما قبل الحرب العالمية الأولى وحتى ما بعد الحرب العالمية الثانية صنعت في منطقة الولايات المتحدة الأمريكية. وتشكل السيارات الميكانيكية الفرنسية القيمة من أوائل القرن 18
وحيث تبدأ الزيارة تنتهي في الطابق الأول، ليلفت انتباهي إلى السفن من جميع الأنواع، مع الغواصين والأسماك التي تسبح بينهم، وفوق ذلك توجد مجموعة فريدة من الألعاب المصنوعة من القصدير اللامع ألعاب لا يزيد حجمها عن عشرة سنتيمترات ويمكن للأطفال شراؤها بسعر زهيد. وأجزم أن هذا المتحف ستثير فضولكم.