الصّمتُ صوتٌ أسود

 الصّمتُ صوتٌ أسود

شعر

صوتي على المرآة يخدِشُ ذاتَهُ
ودمي يَرَاعٌ قد أضاعَ دواتَهُ
كم سطّرَ الحبُّ العنيفُ دفاتري
وإذا النوى تخِـذَ الأسى ممحاتَهُ
شردَ اللقاءُ على ضفافِ تفجّعي
وأنا ألملمُ في البكاء رُفاتَهُ
سيفٌ من الحسراتِ قطّعَ رحلتي
سعياً إلى الأحلام سلّ سُباتَهُ
وأتى يحمّلني تثلّمَ حلمه
ويعُدُّ من طين الرّدى أوقاتَهُ
صمتٌ من الأصوات غلّق نهرهُ
ومضى يحاول في السّماء فراتَـهُ
سأفكّ كلّ جوانحي عن بعضها
لأعيدَ للنهر الأسير حياتَهُ
صبراً على الآتي يقضّ خواطري
فتصيرُ كلّ رغائبي ملهاتَهُ
إني على وشك الرحيل .. وآيتي:
عمري يطرّزُ في الهوى مأساتَهُ
يا مرهق الأوراق عاج شقيّنا
نحو الحروف وقد أرتْهُ فتاتَهُ..
تختال بين الغيم وجهاً مقمراً
فيخالُ شمعَ بحارِهـا مرآتَـهُ
قلقٌ يسيلُ على الخرائط حاملاً
جرحَ الغريب يلمُّ فيّ شتاتَهُ
هو لا يجيدُ الأمنَ يرقدُ واقفاً
قلِقاً يدوّنُ في دمي ميقاتَـهُ
ضحّى بورد العمر.. باع قطيعه
ومشى مع النسيان يندُبُ شاتَهُ
هو صمتُ هذا الغيب فجّرَ حزننا
وأبانَ عتْمَ القلبِ ثمّ وفاتَـهُ
هو في مجال الجاذبيّة معدمٌ
لكنّه في الحبّ أعلى ذاتَهُ
وسما على الأشياء حطّ رحالَهُ
بين النجوم ملوِّنـاً أصواتَـهُ
هو تائهٌ في تائهِ أو هائهِ
يجتازُ لغزَ الأرضِ أو ما فاتَـهُ..
من عالمٍ في الأفقِ أحيا ما الْتقى
من كوثر الجسدَينِ ثمّ أماتَـهُ
يستشرفُ الماضي ويفلِقُ يتمَهُ
فعصاهُ من موسى تهدّ عُصاتَـهُ
قلمي تلبّدَ بالظّلام وإنّ في
سفْحِ الحياة صدىً أقامَ ولاتَـهُ..
نجماً أشاحَ بضوئهِ عنّي وعن
دربِ الغزالِ فلاتَـهُ ونجاتَـهُ
لو أنّ أفروديتَ حلّتْ لغزهـا
ورأت زليخةُ يوسفاً وأناتَـهُ
لعرفتَ أن الأرضَ أنثى .. أمُّنـا
والبحرَ يُبدي نحوها إنباتَـهُ
وعرفتَ أن الصّمتَ صوتٌ أسودٌ
فلتهدموا أصنامَـهُ ورُعاتَهُ
البوحُ ممزوجٌ بجوع كلامنا
والسّرُّ أخفى سرَّهُ وأقاتَـهُ
والحبُّ لولا الحبّ أظلمَ بيتُنـا
والحبّ سبّقَ عمرنا وفواتَـهُ
والشّعرُ أن ترقى .. وتلهجَ باسمهِ
فالشعرُ يُسكِنُ خوفَنا أبياتَـهُ

 

 

 

 

منير محمد خلف