الروائي الكويتي طالب الرفاعي يحلق أدبياً في سماء الوطن العربي والعالم

الروائي الكويتي طالب الرفاعي  يحلق أدبياً في سماء الوطن العربي والعالم

تاريخ يفوق الأربعين عاماً في كتابة القصة والرواية والأعمال الأدبية والثقافية، كُرِم عدة مرات في الكويت، وفي بلدان عربية كثيرة، حصل مؤخراً على وسام الآداب والفنون من الجمهورية الفرنسية، ويُعدّ أكثر كاتب خليجي ترجمت رواياته إلى اللغة الفرنسية، حيث وصل عددها إلى ست روايات، وقبلها حاز على جائزة الأدب التركي المترجم عن رواية «النجدي»، كما فاز  عام 2021 بجائزة » شخصية العام الثقافية» بمعرض الشارقة الدولي للكتاب بدورته الأربعين، ونال أيضاً جائزة الدولة التشجيعية مرتين عن رواية "رائحة بحر» عام 2002، و رواية «في الهنا» لعام 2016، إضافة لجائزة المبدعين لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عام 2019.

 

هو القاص والروائي والكاتب الصحافي الأديب الكويتي طالب الرفاعي، الحاصل على بكالوريوس الهندسة المدنية من جامعة الكويت، وماجستير معضد في الكتابة الإبداعية من جامعة «كنغستون لندن»، مؤسس ومدير الملتقى الثقافي منذ عام 2012، ومؤسس «جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية»، له ثمان روايات وعشرة مجاميع قصصية، إضافة إلى ثمان من الدراسات الأدبية والمسرحية.. تُرجم له ما يفوق عن العشرة من أعماله الروائية إلى اللغة الإنجليزية، والفرنسية، والإسبانية، والإيطالية، والألمانية، والصينية، والتركية، والهندية. 
● مشوار إبداعي طويل أنتج حصيلة ثرية من كتب القصة والروايات والدراسات الأدبية، لنتحدث عن الجوائز التي حصدتموها خلال مسيرتكم.. آخرها التكريم الفرنسي، فكيف جاء هذا التكريم وبماذا يختلف عن تكريم الشارقة وكيف تنظرون للجائزة الأدبية، خاصة وأن هناك من يُسخر قلمه لنيل الجوائز؟ 
- جاءت فكرة التكريم من قبل وزارة الثقافة الفرنسية، وبالتعاون مع السفارة الفرنسية بدولة الكويت، حيث تسلمت كتاباً من وزيرة الثقافة الفرنسية تخبرني فيه بوقوع الاختيارعلي لأتقلد وسام فارس في الأدب والثقافة، وقد تسلمته في منزل السفيرة الفرنسية بدولة الكويت السيدة (كلير لوفليشر) في 13 فبراير2023، وجاء ذلك بناء على ستة من أعمالي الروائية المنشورة باللغة الفرنسية، وقد شكلت هذه الأعمال مادة روائية مطروحة أمام القارئ الفرنسي، وربما هذا ما لفت نظرهم بوجود كاتب كويتي/ خليجي يُترجم له سنوياً كتاب باللغة الفرنسية، خاصة وأنني أكتب الرواية وفق مدرسة «التخييل الذاتي»، وهي مدرسة فرنسية، واستخدمتها في رواية «ظل الشمس» و«سمر كلمات» و«في الهُنا»، حيث أتواجد في تلك الروايات باسمي الحقيقي، وهيئتي، وقناعاتي، ومحيطي الأسري والاجتماعي والعملي. التكريم جاءني من بلد الحريات والديمقراطية والفكر والفلسفة والرواية والنقد، لذا أعتبره تكريمًا عالميًا، وأشعر أنه يخصّ وطني الكويت وعموم الساحة الثقافية مثلما يخص طالب الرفاعي. أما تكريمي في الشارقة عام 2021 «كشخصية العام الثقافية»، جاء لمجمل العطاء الثقافي الذي قدّمته طوال مسيرتي الأدبية، كما أنه ممهور بتوقيع صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي، وهو صديق كريم أكنّ لسموّه كل التقدير والاحترام، عاشق للثقافة والمثقفين، وأحد أكبر رعاة الثقافة في الوطن العربي ومنطقة الخليج، وأعتز كثيرًا بهذا التكريم كونه أتى تقديراً لجهدي الإبداعي والثقافي على امتداد كامل مسيرتي الأدبية. 
أردد في كل حديث لي عن الجائزة الأدبية العربية بأنها مشروع خير مهم، خير للكاتب، وخير للجنس الأدبي، وخير للنشر، وخير لجمهور القراء، أنا لا أؤمن بالكتابة للجائزة، لكن أن يكتب كاتبُ ما وفي رأسه فكرة جائزة بعينها فهذا شأنه، ولا عيب في ذلك، فالكتابة في أصلها اختيار شخصي، لكنني أرى أن الكتابة موقف، والكتابة توثيق للحظة المجتمع الراهنة، وهي إلى جانب ذلك مشروع فني جمالي يتصل بالإنسان، ومن هنا، فإنني لست مع الكتابة للجائزة.
● يقال بأنه لا ترجمة كاملة.. فنقل المعنى صعب للغاية ويحتاج إلى تحليل نقدي ووقتي، ومعرفة عميقة بمجتمع لغة الكتاب الأصلية، أما الاستمتاع بالقراءة دائماً يكون للغة الأم، ولتستمر حضارة ما وجب عليها الخروج من إطارها المحلي والتعريف عن ذاتها للحضارات الأخرى، فكان الخروج من عباءة الواقع الاجتماعي الكويتي خصوصاً والعربي عامةً، يستلزم الكثير من الجهد للتقارب الفكري بين الحضارات العالمية، يبقى التساؤل من باب علاقتكم بالترجمات خاصة، وسبق وأن خضتم التجربة مرات عدة وبعدة لغات، قدمتم ولا زلتم تقدمون العديد من الأعمال الأدبية المتنوعة، وتُرجم بعضها للغة الإنجليزية والفرنسية والألمانية، والصينية، والروسية وغيرها، فماذا تقدم الترجمة للكاتب وللنص؟
- عبارة «الترجمة خيانة» تبقى حاضرة، لكنها تكون في بعض المرات خيانة حلوة كونها تخدم النص، ومؤكد أنها قد تكون في مرات أخرى بائسة، أنا أقرأ الترجمات باللغة الإنجليزية كوني أتقن القراءة بها، أما اللغات الأخرى فلا معرفة لي فيها، وهنا يكون الكاتب تحت رحمة المترجم، لذلك أحرص دائما على أن يكون المترجم معروفاً متخصصاً، وهو أساسًا ينحدر من اللغة التي سيُترجم لها، وتكون لغة الترجمة هي لغته الأم، فأصحاب اللغة الأصلية أقرب لفهم مجتمعاتهم بمسلكهم وقناعاتهم وأفكارهم وطرق عيشهم، مترجم رواية «خطف الحبيب» الدكتور (لوك باربلسكو) هو دكتور مادة الأدب، ومترجم متواجد على الساحة الثقافية الفرنسية بترجمات عديدة، لذا يأمن الكاتب بأن ترجمة كتابه في أيد أمينة، وهنا لابد أن أعبّر عن سعادتي بانتقال الأدب الكويتي الخليجي إلى الضفة الأخرى عبر الترجمة. 
● بما أننا ما زلنا نتكلم عن الترجمة، فماذا عن رواية «النجدي»، والتي تُرجمت إلى لغات عدة، ونالت أخيراً ترجمتها إلى التركية جائزة أفضل ترجمة؟
- رواية «النجدي» التي تحكي سيرة حياة النوخذة الكويتي علي ناصر النجدي، قدمتني بشكل مختلف للقراء، ولها وقع خاص في نفسي فهي الرواية الوحيدة بين رواياتي التي تتكلم عن التراث البحري الكويتي، علمًا بأن الكتابة عن البحر قليلة في منطقة الخليج، على الرغم من كل التاريخ الذي عاشته دول الخليج وكان البحر مصدر رزقها الأول، قبل اكتشاف وتصدير البترول، وقد تُرجمت للإنجليزية، والفرنسية، والإيطالية، والصينية، والإسبانية، والهندية والتركية، وأسعدني أنها فازت بأهم الجوائز الأدبية للأدب المترجم، وهي من ترجمة ظافر جيلان، ومراجعة د. محمد حقي صوتشين، والرواية تتناول آخر 12 ساعة من حياة النوخذة علي ناصر النجدي، الذي نذر حياته للبحر، وانتهت علاقته به بحادثة غرق وسط عاصفة هائجة، وهي رواية اعتمدت على واقعة حقيقية.

كتب الأطفال
● لكم تجربة في الكتابة للطفل.. لكنكم لم تكتبوا لليافعين، الشريحة الأهم بالمجتمع ففي هذه المرحلة تُبنى توجهات وقرارات الفرد المصيرية وسلوكه، هل فقدتم الاهتمام بالكتابة للصغار؟
  -  لي تجربة يتيمة في قصة «نوّير» مع دار كلمات في الشارقة، لكني شعرت بصعوبة مخاطبة الصغار، ووجدت نفسي أستمتع أكثر بمخاطبة الكبار، فالكتابة الحالية للطفل، وفي زمن ثورة المعلومات والتليفون الذكي لم تعد كالسابق، فالطفل الخليجي أو العربي يعيش مع الآيباد، والموبايل، والموسيقى الغربية التي جذبت انتباهه برتم الكلمات والمشهد المتغير، ومن هنا فإن الكتابة للطفل بحاجة إلى التفرع وفهم عالم الطفل وعالم اللحظة الإنسانية الراهنة.
أما الكتابة لليافعين فهي عملية صعبة جداً وبحاجة إلى رصد دقيق لمشاعرهم واهتماماتهم والاقتراب منهم، ومن ثم الكتابة بلغة قريبة لهم، فإشكالية الكتابة بلغة عربية، وتحديدًا للطفل واليافع صارت تصطدم بواقع لغة الطفل العربي الركيكة، والتي تتخللها الكثير من الكلمات الأجنبية، بل إن بعض الأطفال العرب وحتى اليافعين لا يقرأ ولا يكتب ولا يتكلم بالعربية، وهذه قضية مهمة ومعقدة، ويجب التصدي لها من جهات الاختصاص، وأحاول بين آن وآخر أن ألامس شيئاً من عالمهم في كتاباتي.. خصوصاً وأنا أكتب كما يقول النقاد في مدرسة السهل الممتنع، وأحاول جاهداً أن يكون للنص قراءة أولى سطحية وقراءات أخرى فيما تحت الكلمة، أي في مستوى ثان للتأويل.
لقد عجزت الثقافة العربية أن تكتب قصصها التقليدية الشعبية بشكل يصلح لزماننا، بينما القصص العالمية وبحرفية عالية، استطاعت أن تجمع أكثر من كاتب وعالم نفس ومدرس وطبيب لتقديم عمل قصصي يستند على التراث وبلغة وشكل عصري آسر، فالوضع في الغرب متقدم جداً على مستوى المحتوى، وكذلك نوع الورق والألوان والرسومات، لذا فإن الطفل الصيني، والفرنسي، والأمريكي، والياباني يعرف تراثه، بينما أطفالنا يحفظون سندريلا والجميلة والوحش وأفلام ديزني وغيرها، ولا يعرفون التراث القصصي الشعبي العربي، ولا الألغاز الشعبية المحلية، ومن هنا اتسعت الهوة بين التراث والطفل العربي.

الكتابة للشباب
 ●هناك حركة الكتابة الشبابية المنتشرة بعموم الوطن العربي، متوجهة نحو الأدب وخاصة الرواية، لذا ينبغي القول إن هناك خصائص وشروطاً معينة للكاتب حين يكتب، وحتى تنجح التجربة الإبداعية فهل الموهبة تطغى أم التعلم والممارسة؟ 
- هناك حركة شبابية عربية نشطة جداً، ويوازي ذلك إنتاج شبابي كبير ومتدفق، خصوصاً في السرديات (القصة والرواية)، لكن وللأسف، فإن الضعيف يمثل النسبة الأكبر، صحيح أن هناك أصواتاً جادة تحاول أن تحفر لبصمتها، وهذا رائع، لكن طريق الكتابة طويل أمام أي كاتب يريد أن يكون له حضور وحضور إبداعي تحديدًا.
  عندما درست «الكتابة الإبداعية» في أمريكا وبريطانيا، اكتشفت أنهم يرون بأن الموهبة لا تشكل أكثر من %10 من إجمالي تحصيل الكاتب الثقافي، وأن يتوافر إلى جانب الموهبة رصيد كبير من القراءات، ويكون الكاتب عارفاً بأصول الجنس الأدبي الذي يريد الكتابة فيه، وأخيراً لديه الاستعداد للانخراط في ورش الكتابة الإبداعية لصقل موهبته وإلمامه بعناصر الكتابة الفنية الواجب توافرها في الجنس الأدبي الذي يشتغل عليه.
● بدأتم الكتابة القصصية في منتصف السبعينيات، فكيف اختلف الحال عما هو قائم الآن، وكيف تجدون اختلاف الكتابة الشبابية عما كان سابقاً، وماذا يحتاج الكاتب الشاب لشحذ موهبته والانطلاق في كتابة رحلته الإبداعية؟
- أنا أنتمي لجيل كان الكتاب هو الأساس والمصدر الرئيس للعلم والمعرفة، وكان على من يريد أن يكون كاتبًا أن يكون قارئًا بالأصل، وأن يكون على تماس ومعرفة بشيء من الأدب العربي والعالمي، بدأت كتاباتي بجامعة الكويت في كلية الهندسة والبترول، ثم انتقلت للكتابة في الصحف الكويتية والخليجية والعربية، وحين فكّرت بالنشر، لم يكن هناك الكثير من الناشرين الكويتيين، لذا نشرت كتابيّ الأول والثاني لدى دار الآداب في بيروت. 
 أما اليوم فهناك دور نشر كثيرة بالكويت، وهذا شأن مفرح، لكن السيئ فيه أن بعضًا من هذه الدور تهدف للربح، لذلك تتعامل مع الكاتب الشاب بمبدأ «ادفع ويُطبع كتابك»، لهذا يأتي هذا الكم الكبير من الكتابات الركيكة، ووسط هذا الكم الكبير هناك القليل ممن يجب الوقوف عنده والالتفات إليه لأنه يقدم شيئاً حقيقياً، وقد يُبشّر بميلاد كتّاب مبدعين، وهنا تجدر الإشارة إلى أن أهم ما يجب أن ينتبه له الكتّاب الشباب التعمق والتنوع في القراءة والاستمرار بها كمسلك يومي، واعتبارها حاجة يومية وأساسية لكل من يريد أن يكون كاتبًا حقيقياً بخطى إبداعية.

الكتابة عن المرأة
● الكتابة عن المرأة أشبه بالسير وسط حقل ألغام، وذلك بغية الوصول لعالمها السري وتناول أحاسيسها المُرهفة، والغوص في أدق جزيئات مشاعرها.. طالب الرفاعي تجرأ وأعلن الغوص في خبايا النفس النسوية، متخذاً من التراكيب اللغوية مدخلاً لوصف العوالم الداخلية لها، كأقرب ما يكون التصديق بأن الكاتب هو امرأة وليس رجلاً! فمن أخذ طالب للكتابة عن شؤون المرأة، وهل اختلفت الكتابة عن المرأة عما كان عليه في السابق؟
- الذي أخذني للكتابة عن المرأة، الظلم والمعاناة التي تعيشها بمختلف مراحل حياتها، خصوصًا، وأن هناك أمرأة لها تأثير كبير جدًا في حياتي، وهي والدتي «موضي الفهد» رحمها الله، فمن خلال علاقة والدي إمام المسجد، رحمه الله، بوالدتي وطبيعة علاقتهما، انتحيت إلى جهة أمي، وبقيت إلى جانبها طوال مسيرة حياتي، وحتى وفاتها عام2006 . شعوري بمعاناة وألم أمي، ومعايشتي لواقع الفتاة والمرأة العربية، والظلم والاضطهاد الذي تتعرض له، أخذني لتبنّي قضاياها، والكتابة من أجلها، خصوصًا وأنني محاط طوال عمري بأمي وأختي الكبرى، ومن ثم زوجتي وابنتيَ، بما جعل محيطي العائلي اليومي نسوي بامتياز، وهذا ما يجعلني وجهًا لوجه مع معاناة زوجتي، وأختي، وابنتيَ، وقريبتي، وزميلتي في العمل، مع ضرورة الإشارة إلى أنني أبحث بعمق وتوسع في أي شأن نسوي أريد الكتابة عنه، أبحث عنه بين الكتب مثلما أعمل بحثاً ميدانياً بأسئلة مباشرة لنساء يتماشى وضعهن وطبيعة المادة الروائية التي أريد كتابتها، وأخيراً أذهب لعوالم الإنترنت بمواقعها ومحركات بحثها وصفحاتها الخاصة، وأفلام اليوتيوب وحتى الأفلام الروائية، التي تتناول قضايا المرأة، فلا يصح الركون إلى المعرفة النظرية. 
بقي أن أقول إنني متيّم بالمرأة ونصرة قضاياها، وأنني أرى في ذلك دوراً أساسياً بحياتي، وفيما يخص سؤالكم عن اختلاف الكتابة عن المرأة عما كانت عليه سابقًا، فمؤكد أن الكتابات اختلفت، سواء التي تُكتب بقلم نسائي؛ حيث انفتاح المجتمعات وجرأة المرأة وإقدامها على الكتابة والكشف عما كانت تتردد في كتابته سابقًا، وإذا كان السؤال يخصني تحديدًا، فأيضًا أنا أتغيّر وتختلف كتاباتي «النسوية» من رواية إلى أخرى، بسبب تغيّر اللحظة الإنسانية التي نعيشها وما يترتب على ذلك فكريًا واجتماعيًا وإنسانيًا.
● مغامراتكم الثقافية والأدبية عديدة ومتنوعة، وتجرأتم على فتح الأبواب المغلقة، فقد أصدرتم روايتكم «خطف الحبيب» في 14  دار نشر عربية وبتوقيت واحد.. ما تقييمكم لتلك المغامرة؟
- نعاني جميعاً بالوطن العربي من صعوبة وصول كتبنا للقارئ العربي، فما يصدر في الكويت لا يصل إلى القاهرة، وما يكتب بالمغرب لا يصل إلى الرياض، وهكذا، وأنا بحكم تواجدي في ساحة الكتابة والنشر، تربطني صداقات مع مجموعة ناشرين، لذلك جاءتني فكرة نشر روايتي «خطف الحبيب» بجميع العواصم العربية، بحيث يتكفل كل ناشر بإصدارها في بلده. 
دخلت نقاشات طويلة مع الناشرين، فالفكرة لم ترق لهم في البدء، بحكم اعتماد سوق النشر العربي على تواجده في معارض كتب دول الخليج العربي، وعدم اكتفائه بتواجده المحلي في بلده، لكن بعد نقاشات استمرت لأكثر من ثلاثة أشهر، توصلت معهم إلى اتفاق بنشر الرواية مجانًا لدى كل ناشر وإصدارها في بلده، وهذا ما حصل، فلقد صدرت رواية «خطف الحبيب» لدى
14 ناشراً بأسبوع واحد في كل من الكويت، البحرين، قطر، الإمارات، عُمان، السعودية، العراق، الأردن، فلسطين، مصر، تونس، الجزائر، المغرب، السودان، وبعدد نسخ تجاوز الـ8000  نسخة، وهذا غير معهود بالنسبة لسوق النشر العربي.
● منْ يقرأ رواياتكم يرى إصراركم على السير في الطرق الملغّمة، ففي رواية «سمر كلمات» فتاة تتزوّج من زوج أختها السابق، ورواية «حابي» ترصد التحول الجنسي، بينما تغوص «خطف الحبيب» في شائك العلاقة الزوجية والإرهاب، فلماذا هذا الإصرار، وفي كل رواية على الخوض في المواضيع الأخلاقية الشائكة؟
- أنا مؤمن بأن جزءاً من مهمة ومسؤولية الكاتب والكتابة الأدبية، مواجهة ظلمات الواقع، وكشف بؤر البؤس والفساد فيه، وهذا ما يجعلني وفي كل كتابة روائية أو حتى قصصية، أسلط الضوء على ما يجب مواجهته والوقوف في وجهه، من ظلم وجور ولا عدالة، صحيح أن بعض كتبي تحمل جرأة خاصة، لكنه الإبداع وفي مقدمته كسر جمود الواقع الراكد والخروج عليه، وإلا لن يكون إبداعًا.
● من بكالوريوس هندسة مدنية من جامعة الكويت، إلى برنامج الكتابة الإبداعية في «أيوا» في الولايات المتحدة الأمريكية، إلى شهادة ماجستير في الكتابة الإبداعية من جامعة «كنغستون لندن» في بريطانيا... فإلى متى يبقى الأديب طالب الرفاعي طوّافًا وراء المعرفة، وما الذي وجده في الكتابة الإبداعية لكي تسحره؟
-  منذ مطلع شبابي وأنا مغرم بالبحث واكتشاف آليات جديدة للكتابة، والمتابعة والاستماع لكبار الكتَاب، والتعرف على طريقة كتاباتهم، ولا أزال أستمتع كل يوم بكسب الجديد المعرفي، أما بخصوص الكتابة الإبداعية، فلقد تعرفت عليها في الولايات المتحدة الأمريكية، ضمن البرنامج العالمي للكتابة الإبداعية، في جامعة «أيوا»، حيث تدريس الإبداع والأدب بوصفه علمًا، وضرورة إلمام الكاتب الكامل بالعناصر الفنية الضرورية للجنس الأدبي الذي يميل إليه، وهذا ما أخذني لدراسة الكتابة الإبداعية في جامعة «كنغستون لندن» والحصول على ماجستير الكتابة الإبداعية، لأبدأ مشوارًا جديدًا في حياتي يتمثل في تدريس مادة الكتابة الإبداعية في الجامعة الأمريكية في الكويت (AUK) ثم الانتقال لإعطاء ورش الكتابة الإبداعية، في مختلف أقطار الوطن العربي. 
ولقد أصدرت كتاب «مبادئ الكتابة الإبداعية في القصة والرواية»، وأصبح مقررًا أكاديميًا في أكثر من جامعة، وأنا بصدد إعادة كتابته بشكل جديد أكثر عمقً وتخصصً، وتحت عنوان «منهج الكتابة الإبداعية».
● أخبرتني أنك تحلم بمؤسسة عربية تكون بيتًا لترجمة الإبداع العربي إلى الإنجليزية والفرنسية، بالتعاون مع أهم دور النشر الغربية، فكيف السبيل لهذه المؤسسة؟
- الساحة العربية مليئة بترجمات أجنبية، خصوصاً من الآداب الإنجليزية والفرنسية، ومنذ القرن التاسع عشر، لكن للأسف ليس هناك من مؤسسة عربية واحدة أخذت على عاتقها ترجمة الإبداع العربي المعاصر، في القصة والرواية والشعر والمسرح، لذا فالأديب العربي ليس موجودًا على خارطة الإبداع العالمي. 
أحلم بمؤسسة عربية تُعنى بالترجمة، تحوي مكتبة تضمّ أهم ما كُتب في الأدب العربي المعاصر، وهي على صلة بأهم الناشرين الأجانب في بريطانيا، وفرنسا، وأسبانيا، وألمانيا، بحيث يتم ترجمة أهم الأعمال العربية بمهارة عالية من خلال مترجمين أجانب، وتصدر الأعمال وتُعرض في واجهات أهم دور النشر الغربية، فهو حلم وأتمنى أن يرى النور.

الانفتاح نحو الغرب
●  يتضح من كتاباتكم توجهكم نحو الغرب أكثر من الشرق، فما السبب وراء ذلك؟
- الثقافة العربية منذ بداية القرن العشرين انصبت ترجماتها في معظمها على الإنجليزية والفرنسية، لذا فتحصيل الأديب العربي أكثر انفتاحاً على اللغتين الانجليزية والفرنسية منها عن الانفتاح على الدول الشرقية باستثناء الأدب الروسي، وذلك لأنه قُدر لمجموعة من الأدباء العرب والمترجمين العرب أن يترجموا للروسية عن الفرنسية، منها ترجمات دوستوفيسكي وتشيخوف وجوجل ومجموعة أخرى كبيرة، بدأت القراءة وأنا في الصف الثاني متوسط، وبما يعادل السنة السادسة، وحينها رتب قراءاتي أحد من الأصدقاء، في مقدمتهم الراحل الروائي إسماعيل فهد إسماعيل، والمرحوم عبدالمحسن البراك، ووكان حينها بدأت في الأدب الروسي، روايةً، وقصةً، وشعرًا، وفلسفة، وهذا ما جعلني أتعمق به وأتأثر بعوالمه، وجعلني وما أزال مشدودًا لكتابات أنطون تشيخوف في القصة القصيرة، وأعمال دوستوفيسكي في الرواية، وفي مرحلة لاحقة بدأت قراءاتي بالأدبين الأوربي والأمريكي. وهذا ربما يبرر تأثّري بالكتابات الروسية، خاصة تلك التي تحمل نظرة وملمحاً إنسانياً لا يزال باقيًا حتى يومنا هذا.
● كيف تفسرون تراجع الآداب الأخرى من الكتابات الفكرية والنقد والقصة والشعر في وقتنا الراهن؟
- في الستينيات والسبعينيات وحتى منتصف الثمانينيات كانت القصة القصيرة والشعر الأكثر حضورًا على المشهد الثقافي العربي، ثم جاءت الرواية لتكتسح الساحة وتصبح الحاضر المتمكن على مستوى الكاتب والناشر والجائزة العربية وجمهور القراءة، لكني أرى أن الوضع بدأ يتغيّر، وأن كتابات قصصية كثيرة بدأت تأخذ مكانها الإبداعي المهم، وربما ساهمت «جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية» التي أنشأتها عام 2015.
بالنسبة للكتابات الفكرية فهي قليلة لقلة جمهورها وصعوبة تسويقها، وبالنسبة لاختفاء النقد فهذه ظاهرة ثقافية عربية مؤلمة، فلم يعد هناك نقاد عرب يتعاملون بموضوعية وصدق وشفافية مع النصوص الإبداعية، فوسط قلة النقاد والعدد الهائل من الإصدارات الثقافية العربية والمترجمة صار من الصعب اللحاق بكل جديد، ولهذا اختلط غث الإصدارات بسمينها، مع قناعتنا بأن العمل المتميّز سيأخذ مكانه ولو بعد حين. 

الملتقى الثقافي
● تقيمون شهرياً في منزلكم الخاص صالونًا ثقافيًا منذ العام 2012، هو «الملتقى الثقافي» وبتواجد مميز وحافل بالأدباء والفنانين والمهتمين من داخل الكويت وخارجها، ولقد انبثقت عن المتلقى «جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية» عام 2015، فما الدافع وراء الملتقى، وكيف تقيم مسيرة جائزة الملتقى؟  
- أسستُ «الملتقى الثقافي» بمشاركة كوكبة من المبدعين الكويتيين، وعلى رأسهم الراحل إسماعيل فهد إسماعيل، والزميلة العزيزة ليلى العثمان، ود. نجمة إدريس، ود. علي العنزي، وهدى الشوا، وباسمة العنزي، ومحمد جواد،
ود. ساجد العبدلي، ويوسف خليفة، وفتحية الحداد، وذلك ليكون صالونًا ثقافيًا، يحتفل بكل ما هو جديد على مستوى الفكر والإبداع، ويحتفي بإنتاج الشباب، وهو الحمد لله مستمر بجلساته بفضل مشاركات أدباء ومفكرين من الكويت وخارجها.
جاءتني فكرة «جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية» بسبب الجفوة التي يعانيها فن «القصة القصيرة» العربي، حيث لاقت دعمًا كريمًا وقت تأسيسها عام 2015 من قِبل المرحوم الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح، والجامعة الأمريكية في الكويت، ولقد فوجئت بإسراع كتّاب القصة القصيرة العربية إليها، ومشاركاتهم السنوية الكبيرة فيها، وهكذا أخذت الجائزة مكانها ومكانتها العربية الكبيرة، لتكون صوت الكويت في مشهد الجوائز العربية، خاصة بعد انتقالها لتكون تحت رعاية جامعة الشرق الأوسط الأمريكية (AUM)، وكونها نائب الرئيس في «منتدى الجوائز العربية» خاصة وأن جميع المجاميع القصصية التي فازت بها سرعان ما انتقلت إلى ترجمات عدة.
● الزمن في رواية «النجدي» كان 12 ساعة، وفي «سمر كلمات» كانت القصة في 21 دقيقة، أما «حابي» فساعتان قبل العملية وساعتان في الطائرة.. فما التحدي الذي يواجهكم مع الزمن؟
- أنا مسكون بهاجس الزمن، فلا شيء ثمين بالنسبة لي كما اللحظة الإنسانية التي إن ذهبت فلا يمكن تعويضها أو إرجاعها، وهذا ما جعلني أنتبه لعنصر الزمن في القصة والرواية، فوحده عنصر الزمن هو ما يحيط بإجمالي أحداث القصة أو الرواية، ويخلق الحبكة ويسير بالعمل الأدبي إلى نهايته، وهنا أذكر أنه حينما سُئل الكاتب العالمي ماركيز بعد تسلمه لجائزة نوبل ما الذي يخيفك بالكتابة؟ قال: الزمن.
الزمن الواقعي يسير بوتيرة ثابتة لا يمكن التدخل فيها أو الوقوف بوجهها، لكن الكاتب هو من يستطيع كسر رتابة الزمن، واللعب عليه عبر الاسترجاع أو التوقف أو التنبؤ، فاللحظة مليئة بالحضور الإنساني بالمكان والحدث والرائحة والأصوات، ومن الصعب جدًا الإحاطة بها، لذلك أحاول أن أختصر أعمالي لتكون في وقت محدد، وأترك للراوي النظر من زوايا مختلفة. 
● في المشهد الثقافي العربي كلنا يعلم قلة الإقبال على الأدب العربي وهجر الكتاب الورقي والإلكتروني، بسبب الحروب والتهجير والنزاعات بين الدول وانشغال الإنسان العربي بمعيشته اليومية.. فهل من الممكن أن نرى «مجلس أعلى للثقافة العربية»، كمنظمة ثقافية عربية تسعى للتقارب الفكري العربي ودعم ورفع مستوى الآداب بشكل عام؟
- ربما يمكن القول بأن أقطار الوطن العربي تمرّ حاليًا بواحدة من أسوأ لحظاتها التاريخية، بسبب ما آلت إليه الأوضاع في العراق وسوريا واليمن والسودان وليبيا وغيرها، وبما يُشير إلى استحالة تأسيس هكذا مجلس، وحتى إذا ما تأسس حاليًا فهذا يعني أنه سيولد ميتًا.

الفرق بين الروايتين العربية والأجنبية
● مؤكد هناك فروقات بين الرواية العربية ونظيرتها الأجنبية فما الذي أخَرنا عن العالمية.. إذ ليس هناك إلا نجيب محفوظ فائز وحيد بجائزة نوبل للآداب، وهل سيكون هناك «بست سيلرز» عربي؟  
 -  في العمق من الكتابة الإبداعية الروائية، يمكن القول بكثير من الصحة، إن بعض الأعمال الروائية العربية لا تقل في مستواها الفني أبدًا عن الرواية الأجنبية، لكن المختلف عندنا بالوطن العربي، مستويات القراءة، وسوق النشر، ووضع المواطن العربي المؤلم، وإذا ما تمعنا نظريًا فيمكن أن يكون عندنا «بست سيلرز»، لكن على أرض الواقع نجد خلاف ذلك، وربما تستبعده، وهذا مؤسف، وهو عينه ما جعل الكاتب العربي بعيدًا عن الظهور العالمي، فهو بحاجة إلى جهود جبارة لينتقل إلى العالمية، ويكون مطلوباً لدى قراء العالم.
● تحلق مفردات جديدة في سماء المعاني، دون دخولها لقواميس اللغة العربية، فهي بحاجة إلى لغة حية تشعر بها وتطورها وتتفاعل معها، فنجد القواميس الأجنبية في تطور وإضافات دائمة، بينما تبقى القواميس العربية عصية على قبول الجديد من المعاني، وكلنا يعلم أن جمالية اللغة في تطورها عبر العصور، ما يخلق إعجازها في ورد المعنى.. فما تقييمكم من منظور الكلمة والمعنى لواقع اللغة العربية في القواميس العربية؟
- اللغة العربية كأي كائن حي يحتاج لمن يقوم على رعايته، وعلى الرغم من عظمتها واتساع معانيها، إلا أنها لا تجد من يسعى لتجديدها وإلباسها ثوب اللحظة الراهن، فهناك هروب كبير من الشباب والأطفال من اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية، والفرنسية، وحتى الصينية وغيرها. ففي بلدان كثيرة يخرج كل عامين معجم جديد بالكلمات الجديدة المضافة، لكن للأسف هذا غير موجود لدينا في قواميس العربية، لذا نتمنى على مجمع اللغة العربية، والذي أصبحت له مراكز كثيرة، أن يلتفت إلى تطوير اللغة العربية، والعمل على تجديد دمائهما بكلمات دخلت عليها، وصارت جزءاً من تعاملها اليومي.
● دخلنا منعطفًا كبيرًا جداً وجديداً بعد جائحة كورونا، فما التحديث المطلوب لهذه الفترة ونحن أمام توترات عالمية وهجرات، وأمام حرب روسية - أوكرانية، وتشويش سياسي واقتصادي واجتماعي هائل، وسبق وأن خرجت بكتاب خلال هذه الفترة بعنوان (لون الغد) ضم آراءً للعديد من كتاب ومفكري العالم العربي، فما السبيل لمواجهة مستجدات الزمن في مجال الثقافة بشكل عام والأدب بشكل خاص؟
-  كل جديد يأتي بمعتاده، ووباء «كورونا» جاء بجديد للبشرية جمعاء، وأحد أهم ما جاء به، هو كشف عجز الإنسان عن مواجهة الأوبئة، فمشهد الضحايا الذين دفعوا أعمارهم ثمناً لجائحة كورونا، وفي أكثر دول العالم تقدمًا، مثل الولايات المتحدة الأمريكية، كل هذا يدعونا للخوف والحذر، والعمل أكثر لتسخير علم وجهد ومال الإنسان لمزيد من الدراسات العلمية والطبية، واحترام الطبيعة والبيئة، إضافة لذلك فإن «كورونا» ضرب التواصل الإنساني، وجعل الجميع يهاب الاقتراب من الجميع، وزاد من عزلة وتقوقع الإنسان على نفسه، وهروبه إلى وحدته خلف بعده، إن كتاب «لون الغد.. رؤية المثقف العربي لما بعد كورونا»، الذي ألفته أثناء الجائحة، كان استبيانًا لقرابة 90 مفكرًا ومبدعًا عربيًا، لتوقعهم عن الكيفية التي سيؤول إليها العالم بعد «كورونا»، وقد انقسمت الآراء بين متفائل ومتشائل ومتشائم، لكن حسرة كبيرة برزت بين جميع الآراء من أننا في جميع الأقطار العربية، لم نشارك العالم محاولة إيجاد حلول للجائحة، وأننا وللأسف كنا ننتظر حلًا وعلاجًا يأتينا من الآخر، كما أن عددًا كبيرًا تمنى اهتمامًا أكبر بدراسات الطب والطبيعة.
● الحضن الأول الذي احتوى طالب الرفاعي كان والدته، ومن ثم زوجته وأسرته والأصدقاء، كيف كان الدعم وسط الانشغال بأمور الحياة اليومية، خاصة وأن الكاتب يحتاج دوماً لساعات من العزلة اللذيذة للتفكر والكتابة؟
- أنا بطبعي قريب إلى أسرتي منذ صغري، لذا كنتُ ولا أزال أحاول التوفيق بين أن انتمي لمسرات وأوجاع أسرتي وأهلي، وبين أن أكون في عزلتي لوحدي مع أفكاري وقراءاتي وكتاباتي، الكاتب إنسان موزّع، يتمنى لو يتفرغ لعالمه الإبداعي، ويخشى الابتعاد عن أهله وأحبابه، وكأنه مكتوب عليه التضحية بأحدهما ليستقيم وصله بالآخر، وكم أعاني وأعاني بسبب ذلك إلا أن للعزلة لذتها العابرة، لكن ثمنها غال، أحاول ما أمكن أن أكون بقرب أسرتي، وأن أنتمي لوحدتي في الكتابة والقراءة، وما أصعب ذلك وأمرّه!
● لكل منا محيط من الصداقات التي واكبت مسيرته، وكانت داعمة له في شق طريقه، فمن أصدقاؤكم الذين ساروا معك طريق الصداقة والكتابة والثقافة؟
- منذ بداياتي كان الأديب إسماعيل فهد إسماعيل، والأديبة ليلى العثمان في مقدمة أصدقاء العمر الذين مشيت معهما، وكلاهما له حضوره الإنساني والإبداعي الكبير، ما ساعدني على شق طريقي، وشكّلنا على امتداد عقود من الزمن مجموعة حاضرة في المشهد الأدبي داخل الكويت وخارجها، إضافة إلى مجموعة أخرى من الأصدقاء الذين كانوا ولا زالوا بقربي بودهم ونصائحهم ووصلهم الإنساني الكريم. 
● جربتم السير في مسارات روائية متعددة، منها العلاقة الزوجية، العمالة الوافدة، التراث البحري، التحول الجنسي، آثار التطرف الديني، فماذا بعد؟
- أعمل حالياً على التجهير لكتابة ونشر رواية تاريخية، وأقوم بدراسة وبحث في حالة الكساد المالي الذي حدث في الكويت للفترة 
(1920 - 1938) حيث كساد سوق اللؤلؤ والحصار التجاري الذي تعرضت له الكويت، وكيف واجه أهل الكويت هذا الوضع بقيادة الأمير الشيخ أحمد الجابر الصباح، ومؤكد أنني لا أعلم كم من الوقت سيأخذ مني هذا المشروع ولو أنني أتمنى أن تصدر الرواية في بداية عام 2025.
● أؤمن دائمًا بأن الخيال مولّد الأفكار ورديف الجمال، فالكاتب يستطيع بناء قصة كاملة من الخيال، لتكون الجمالية محتمة بالنجاح أو الفشل.. بينما الكتابة في المواضيع الواقعية المطعّمة ببعض من الخيال هي السهل الممتنع، فأين يجد الأديب طالب الرفاعي نفسه حين يقرر البدء بكتابة إصدار جديد؟
- أي عمل أدبي، ينهض بالدرجة الأولى على الخيال، ومن ثم يأتي وعي الكاتب وخبرته بمفردات لغته، لقد تعوّدت أن أقلب فكرة أي عمل أدبي في رأسي قبل الذهاب للكتابة لكن ومع بدء الكتابة يكون الخيال هو المحرك الأساسي، وتكون اللغة هي ترجمة لمشاهد وأحداث وصور تعبر عن ذلك، لا كتابة إبداعية بدون خيال، وربما عُدَّ الخيال شعلةً تُنير درب أي كاتب ■