رامتان تجديد ذكرى طه حسين

رامتان تجديد ذكرى طه حسين

يعد طه حسين، بما قدم للفن والحياة، أكبر الأعمدة الشامخة في تاريخنا الثقافي في العصر الحديث، خرج من أروقة الأزهر الشريف، ومن صميم التراث العربي، ولكنه تجاوز واقعه بانفتاحه على الثقافات الإنسانية، دون أن يذوب فيها، أو يفقد أصالته.

 

ولد صاحب «الأيام» في 14 نوفمبر من عام 1889 في عزبة الكيلو، على مسافة كيلو متر واحد من مغاغة بمحافظة المنيا بمصر، لأبٍ يعمل موظفًا في شركة السكر، ونشأ نشأة ريفية فقيرة، وفي عام 1895 - وعمره ست سنوات - أُصيب بالرمد وكُفّ بصره.
وفي عام 1902 انتقل إلى القاهرة في رعاية أخيه الأكبر الشيخ أحمد حسين لكي يلتحق بالأزهر، بعد أن أتم حفظ القرآن الكريم، واستمع إلى السير الشعبية، ثم التحق في عام 1908 بالجامعة المصرية القديمة في أول نشأتها، وبدأ يتعلم اللغة الفرنسية في القسم الفرنسي بالجامعة، ويعد رسالة «ذكرى أبي العلاء المعري» التي نوقشت في 15 مايو من عام 1914 وحصلت على تقدير جيد جدا، ونشرت الرسالة في العام التالي، واعتبرت فاتحة مرحلة جديدة في تاريخ دراسات الأدب العربي في العصر الحديث. وفي نوفمبر من العام نفسه أوفدته الجامعة في بعثة إلى فرنسا. وتحت إشراف العالم الاجتماعي اميل دوركايهم أعدَّ طه حسين رسالته عن «الفلسفة الاجتماعية عند ابن خلدون»، وفي 9 أغسطس من عام 1917 تزوَّج من الفرنسية سوزان التي كانت تدرس معه وتعاونه في القراءة والكتابة. 
وفي يناير من عام 1918 نوقشت رسالته وحصل على الدكتوراه، وفي العام التالي عاد إلى مصر أستاذًا للتاريخ القديم بالجامعة المصرية، مسلحًا بمنهج علمي للتجديد على أساس القديم، مُتخذًا من الشك الديكارتي سبيلاً إلى اليقين.
وفي عام 1925 عُين أستاذًا لتاريخ الأدب العربي في كلية الآداب، بعد أن غدت الجامعة المصرية الأهلية أو الشعبية تابعةً للحكومة، وفي عام 1928 عُين عميدًا لكلية الآداب، وتجدَّد تعيينه في 1930، وفي عام 1932 أُحيل إلى التقاعد لأنه رفض أن تمنح كلية الآداب، الدكتوراه الفخرية لعدد من السياسيين حفاظًا على استقلال الجامعة. وبفقده عمادة كلية الآداب أطلقت عليه الصحافة لقب «عميد الأدب العربي». ولكنه ما لبث أن عاد إلى الجامعة، وتولى عمادة كلية الآداب في 1936 إلى 1939 وبعدها انتُدب مراقباً عاماً للثقافة بوزارة المعارف. وفي عام 1942 انتدب مديراً لجامعة الإسكندرية عند تأسيسها.
وفي عام 1949 حصل صاحب «مستقبل الثقافة في مصر» على جائزة الدولة في الأدب. ثم اختير في 13 يناير من عام 1950 وزيرًا للمعارف في الوزارة الوفدية. وأثناء توليه الوزارة قام بإصلاحاته المهمة في التعليم، وفي مقدمتها تقرير مجانية التعليم الثانوي والفني، وتغذية التلاميذ على نفقة الدولة، وتوحيد نظام التعليم في المرحلة الأولية في المدارس الإبتدائية، وفتح آلاف الفصول الجديدة. وفي عام 1959 حصل على جائزة الدولة التقديرية في الآداب، وفي عام 1965 حصل على قلادة النيل الكبرى، وهي أرفع وسام في الدولة المصرية، يُهدى للملوك ورؤساء الجمهوريات. 
وفي 28 أكتوبر من عام 1973 توفي العميد في فيلا رامتان بالهرم، وخرجت الجنازة الرسمية والشعبية من جامعة القاهرة في 31 أكتوبر.
كتب طه حسين ما يزيد على خمسين كتابًا في القصة والرواية والنقد والأدب والتاريخ وفلسفة التربية وغيرها، وتُرجم كثير منها إلى اللغات الأجنبية مثل الفرنسية، والإنجليزية، والفارسية، والعبرية، والروسية، وكان أول مؤلفاته «ذكرى أبي العلاء» وصدر عام 1915، ومن آخر مؤلفاته «من الشاطئ الآخر» الذي صدر في بيروت عام 1990.
في فبراير من عام 1991 كتب وزير الثقافة الفنان فاروق حسني مذكرة للعرض على رئيس مجلس الوزراء الدكتور عاطف صدقي، لاقتناء الوزارة منزل عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين الذي كان يقيم فيه، والمشهور باسم فيلا «رامتان» بشارع حلمية الأهرام المتفرع من شارع الهرم، وذلك لتحويله إلى متحف لعميد الأدب العربي للحفاظ على مقتنياته وآثاره المهمة وكتبه ومخطوطاته، ولكي يكون مزارًا للجمهور والمثقفين يستفيدون منه الاستفادة الثقافية الواجبة، ولحماية هذا التراث وتلك المقتنيات من الضياع، بالإضافة إلى إعادة تأثيث مكتبة الفقيد التي تضم ذُخرا كبيرا من الكتب والمراجع الأدبية العربية والأجنبية القيمة. وكانت دار الكتب قد حصلت من قبل على جزء من هذه المكتبة مقابل سداد ضريبة التركات والعقار المكوَّن من طابقين على مساحة 860 مترًا مربعًا، ومساحة كل طابق حوالي 250 مترًا مربعًا.
وأوضح وزير الثقافة فاروق حسني في مذكرته أنه في حالة موافقة الدكتور محمد حسن الزيات (وزير خارجية مصر الأسبق، ووكيل ورثة طه حسين، وزوج ابنته أمينة) على شراء المنزل لتحويله لمتحف، فإن الورثة سيقدمون هدية تشمل جميع محتويات المنزل وسجاجيده وتحفه الفنية القيمة، وكذلك أوراق الفقيد وأوسمته وميدالياته، بما فيها قلادة الجمهورية التي منحتها له الدولة، مقابل تخصيص مبلغ مليون ومائة ألف جنيه (1.100.000) مصري، لشراء المنزل لتحويله إلى متحف طه حسين ومركز للإشعاع الأدبي والفكري.
وقد رحب د. عاطف صدقي بالفكرة، حيث إنه كان ملحقًا ثقافياً في يوم من الأيام في باريس، ويعلم أهمية الاحتفاظ ببيوت كبار الكتّاب، وتحوَّل الأمر إلى الدكتور كمال الجنزوري نائب رئيس الوزراء وزير التخطيط المصري - آنذاك- للتنفيذ، وزيادة استثمارات وزارة الثقافة خلال خطة العام 1991/ 1992 بمبلغ 1.1 مليون جنيه يخصص لشراء منزل الأديب الراحل طه حسين.
ويوضح وكيل ورثة طه حسين د. الزيات أن «رامتان» لفظ مثنى، مفرده: رامة، وهي موضع الراحة في البادية، عندما تسير قافلة من القوافل، وتستريح في مكان ما في البادية، يسمى هذا المكان «رامة». وعندما أنشأ طه حسين هذا البيت كان في عزمه أن يعيش فيه مع ابنه مؤنس، ولكل منهما «رامة»، والدكتور مؤنس كان قد تزوج في ذلك الوقت حفيدة أمير الشعراء أحمد شوقي، ابنة المرحوم محمد العلايلي، وكان في نيتهما السكن معه، وسكنا فعلا في الجزء الذي خصص لهما في هذا البيت، ومن هنا كان اسم «رامتان».
ولعل وفاة السيدة سوزان طه حسين عام 1989 هو الذي عجَّل بتحويل الفيلا إلى متحف، بعد أن تم إغلاقها، وكانت تفتح فقط لغرض تنظيفها، وبدأ المقاولون ورجال الأعمال يترددون عليها بغرض شرائها وتحويلها إلى عمارات سكنية ضخمة، أو فندق.
ولأن بيت طه حسين يقع بجانب بيت الفنان الراحل يوسف وهبي الذي تحوَّل إلى فندق سياحي، جاءت أفكار فندقية وأفكار أخرى كثيرة، تعتمد كلها على هدم بيت العميد والانتفاع به وبحديقته. ولكن أُحبطت تلك الأفكار عندما قررت وزارة الثقافة شراء الفيلا وتحويلها إلى متحف ومركز ثقافي.
قبل «رامتان» كان طه حسين يعيش في أماكن مختلفة بالقاهرة منها حي السكاكيني وكان أول حي يقطن فيه، ثم حي الزمالك في الشارع المسمى باسمه حاليا، ثم «رامتان» التي انتقل إليها عام 1955 وظل بها حتى رحيله في أكتوبر 1973.
ويؤكد د. الزيات أنه كان صعبًا عليه وعلى د. مؤنس أن يهدم «رامتان»، ومن هنا رحبا بفكرة تحويله إلى متحف ومركز ثقافي.
وقد ظلت دار السكن كما هي حتى يرى الزائر كيف كان يعيش طه حسين، وكيف كان يؤلف، ويرى الكرسي الذي كان يجلس عليه، والنظارة التي كان يضعها على عينيه، والمكتب الذي كان يكتب سكرتيره عليه، وكيف كان يستقبل أصدقاءه وضيوفه، وقاعة الطعام التي كان يتناول فيها طعامه، والحجرة المخصصة لابنه مؤنس. وإلى جانب ذلك يوجد غرفة أو غرفتان للإدارة، وعرض بعض متعلقات طه حسين من ملابس وأوسمة ونياشين وشهادات علمية وفخرية عربية وأجنبية وقلادة النيل والميداليات التي مُنحت له في مناسبات مختلفة، وغير ذلك.
يتذكر د. محمد حسن الزيات - في حواره مع سلوى فتحي بمجلة «صباح الخير» (عدد الخميس 2 أبربل 1992) أن «رامتان» استقبلت تقريبًا كل أديب أجنبي وصل إلى مصر، وفيه جلس الكتاب يتحدثون مع طه حسين، بل إن بعضهم كان يقرأ بعض مؤلفاته على العميد.
ومن الذكريات التي لا ينساها الزيات أنه دخل الفيلا ذات مرة أديب إيراني وقبل أن يصافح طه حسين، وقف وألقى عن ظهر قلب الفصل الأوَّل من كتاب «الأيام» بالعربية، ولم يجلس إلا عندما أذن طه حسين له بالجلوس قائلاً يمازحه إنه يعلم بقية فصول الكتاب.
كان طه حسين يخصص يوم الأحد من كل أسبوع للأدباء وأساتذة الجامعات، ومن أكثر زوَّاره انتظاماً أساتذة اللغة العربية في جامعات القاهرة والإسكندرية وعين شمس. وكل الذين يدرسون هناك، كانوا يذهبون إليه للاستشارة، كما أن أعضاء مجمع اللغة العربية بلجانه المختلفة كانوا يعقدون جلساتهم في هذا البيت، حيث كان صاحب «دعاء الكروان» قليل الحركة في أيامه الأخيرة، ولذلك كانوا يجتمعون عنده وتتم أعمالهم هناك.
وفي «رامتان» استقبل طه حسين، صلاح الشاهد مندوب رئيس الجمهورية عندما منحه قلادة النيل في 19 ديسمبر 1965، وكان أول شخص يحصل عليها دون أن يكون رئيس دولة. كما أن سفير إسبانيا ذهب إليه ومنحه الدكتوراه الفخرية من جامعة مدريد، وأيضا سفير إيطاليا منحه دكتوراه فخرية إيطالية، وغيرهم.
ومن الطريف أن الفيلا تعرضت للسرقة بعد وفاة صاحبها وسُرقت قلادة النيل، وعندما نُشر الخبر في الجرائد، وعرف اللص أن ما سرقه هي فيلا طه حسين، أعاد جميع المسروقات على الفور. 
وقد استمرت أعمال الإنشاءات وإعادة هيكلة بعض الزوايا والجدران وبعض الأشغال المعمارية والجمالية حتى موعد افتتاح المتحف في يوم الثلاثاء 15 يوليو 1997 بعد إنشاء مبنى ملحق ليكون مركزاً ثقافياً يحمل اسم (مركز رامتان الثقافي) على جزء من حديقة الفيلا.
ولكن أُغلق المتحف بعد ذلك لمدة ست سنوات تقريبا بسبب هبوط فى الأرض الزراعية التي بني عليها المبنى، وافتتح مجدّدًا في يناير 2013 بعد تطويره وتحديثه بتكلفة إجمالية قدرها 2 مليون جنيه تقريبًا، ليصبح منارة ثقافية تليق بمكانة عميد الأدب العربي. 
دخلتُ من البوابة الرئيسية للفيلا، تحدوني قصيدة الشاعر نزار قباني التي ألقاها في إحدى قاعات جامعة الدول العربية بالقاهرة عام 1973 في رثاء طه حسين:
ضوءُ عينيكَ أم هما نجمتانِ
كلهم لا يَرى... وأنتَ تراني
ضوءُ عينيكَ أم حوارُ المرايا
أم هما طائران يحترقانِ
ارمِ نظارتيكَ ما أنتَ أعمى
إنما نحن جوقةُ العميانِ
على يميني متحف طه حسين، وعلى يساري المركز الثقافي، تتوسطهما حديقة يانعة بها تمثال نصفي من البرونز لصاحب «الأيام» من عمل الفنان عبدالقادر رزق سنة 1936.
المتحف يتكون من طابقين، يحتوي الطابق الأول على غرفة مكتب الدكتور طه حسين، وجزء من مكتبته التي بقيت في مكانها بعد رحيله، وهي تزخر بأعداد ضخمة من الكتب والمراجع العربية والأجنبية، كما تحتوي المكتبة على مؤلفاته التي بلغت (54) مؤلفًا. هذا إلى جانب ترجماته التي بلغت تسعة كتب. وكل الكتب مجلَّدة ومكتوبٌ على كعوبها المتماثلة اسم المؤلف وعنوان الكتاب، ومقتنيه.
أما الطابـق الثاني، فيتكون من حجرة ابنه مؤنس، وحجرة الموسيقى، وحجرة زوجته سوزان، وحجرة نوم عميد الأدب العربي، وحجرة المعيشة. 
ولنتجول داخل حجرات وقاعات «رامتان» مع مصورنا الفنان علي محمد علي.

حجرة المكتب
كان طه حسين يستمع في هذا المكتب المفتوح على الحديقة الشرقية إلى من يطالع له، ويملي فيه مقالاته التي كتبها على أنغام الموسيقى الكلاسيكية المنبعثة من جرامافون قديم كان صاحب «الحب الضائع» يديره بنفسه. وقد شهد هذا المكتب الاجتماعات واللجان التي يرأسها العميد في السنوات الأخيرة من حياته، حيث اشتد عليه المرض، ولم يتمكن من مغادرة الفيلا لحضور هذه الاجتماعات لذا كان يباشر أعماله ولقاءاته العديدة من غرفة مكتبه الخاصة.

قاعة الاستقبال
بجانب غرفة المكتب توجد قاعة الاستقبال، وتحتوي على انتريه صغير من الجلد، ويزين جدرانها قطعة من كسوة الكعبة الشريفة مهداة لصاحب «الوعد الحق» أثناء إحدى زياراته للمملكة العربية السعودية عام 1954 تقديرًا لدوره الكبير في إثراء الثقافة العربية، والقطعة تحتوي على زخارف تمتاز بالرقة والجمال والتناسق. 

غرفة الصالون
اكتسبت هذه الغرفة جماهيريتها عندما سُجل فيها البرنامج التلفزيوني «نجمك المفضل» الذي قدمته الإعلامية ليلي رستم، وقد التقى في هذا الصالون عدد من أدباء ومفكري مصر، وعدد من المستشرقين والصحفيين والموسيقيين وبعض الممثلين والرسامين، ومن كبار روَّاد هذا الصالون من الشعراء والكتَّاب: حافظ ابراهيم، وتوفيق الحكيم، ونجيب محفوظ، ويوسف السباعي، وعبدالرحمن الشرقاوي، وعبدالرحمن بدوي، وأنيس منصور، وثروت أباظة، وغيرهم، ومن الكتاب الفرنسيين الكاتب الشهير اندريه جيد، وتتسم هذه الغرفة بالرقة الشديدة في مكوناتها وألوانها الهادئة، وتضم مدفأة يعلوها مذياع حيث كان العميد حريصًا على استماع القرآن الكريم من محطة القرآن الكريم، كما تضم جهاز بيك آب وبعض الصور الفنية، كما تضم آلة البيانو التي أهداها طه حسين لزوجته سوزان في أحد أعياد ميلادها.

غرفة الطعام
في الجزء الآخر بالقرب من نهاية الصالون توجد غرفة الطعام وتتسم بالطراز الفرنسي، وتحتوي على مائده مستديرة من خشب الأرو وتسعة مقاعد، كما يوجد أيضا بوفيه من الخشب البني الداكن، وتضم أيضا منضدة من الخشب يعلوها لوحة للفنان تاروهيلي بير 1950، إلى جانب بعض الأعمال الفنية العربية والأجنبية التي تزين الجدران لفنانين من أمثال اتيين ماريل، وعبد جوهر، وزينب عبد العزيز.

الطابق الثاني
عندما صعدنا للطابق الثاني وجدنا في الجهة اليمنى غرفة نوم مؤنس طه حسين، وهي غرفة شديدة البساطة بها سرير، ودولاب بالحائط، وركنة من الخشب عليها تمثال من الخزف للفنان حسن حشمت، وبعض المقتنيات، ويزين جدران الغرفة صورة والدته سوزان بالألوان المائية للفنان أحمد صبري 1941. وبجانب غرفة مؤنس يوجد ممر ووحدة عرض بها مجموعة من بذلات العميد، وعدد 2 روب لصاحب «جنة الشوك». 

غرفة الاستماع الموسيقي
يلي غرفة مؤنس ممر يؤدي إلى غرفة الموسيقى، وهي الغرفة التي كان يستمع فيها صاحب «حديث الأربعاء» إلى روائع الموسيقى، وتحتوي على انتريه بسيط من الخشب المكسو بالقماش، وعلى الجانب الآخر من الغرفة منضدة عليها جهاز بيك أب لتشغيل الأسطوانات. ويزين جدران هذه الغرفة اللوحات الفنية، وإحداها من عمل الفنان ساندرو بوتشيلي 1482، هذا إلى جانب شهادات تحية وتقدير وتكريم لعميد الأدب العربي وزوجته السيدة سوزان.

غرفة سوزان
يلي غرفة الموسيقى غرفة السيدة سوزان طه حسين، وهي تتسم بالذوق الفرنسي الرفيع، ذات ألوان هادئة ورقة متناهية، وتحتوي بالإضافة للسرير على عدة كراسي ومنضدة ومرآة صغيرة ودولاب مثبت بالحائط يحوي مجموعة من أزياء سوزان، ويزين جدران الحجرة أيضا بعض اللوحات الفنية الجميلة، ومنها لوحة «العذراء» التي أهداها طه حسين لسوزان في عيد ميلادها عندما تعرف إليها في مدينة مونبلييه بفرنسا 1915 قبل زواجه منها في 9 أغسطس 1917. 

غرفة طه حسين
نذهب الآن إلى غرفة العميد، حيث وجدنا في نهاية غرفة نوم السيدة سوزان بابًا آخر يؤدي إلى غرفة نوم الدكتور طه حسين لسهولة رعايتها له، وتمتاز هذه الغرفة بالبساطة المتناهية في تكوينها. فهي تتألف من سرير ودولاب مثبت بالحائط، وكمود عليه تليفون أرضي بلونه الأسود، وكمود آخر عليه أباجورة، واثنين فوتيه من الجلد الأبيض، ويوجد أعلى السرير صورة فوتوغرافية لابنه مؤنس مرسومة بأقلام الفحم من عمل الفنان عبدالقادر رزق، وتزين الجدران مجموعة من اللوحات الفنية لمشاهير الفنانين من أمثال بيير بيبي مارتان، ويوسف كامل، إلى جانب صورة فوتوغرافية للسيدة سوزان.
وتفتح الغرفتان على تراس كبير يربط بين غرفتي طه حسين وزوجته ويطل على الحديقة الخلفية ذات الأشجار العالية والرؤية الخلابة.

غرفة مؤنس
تضم هذه الغرفة أثاثًا بسيطًا، وتحتوي على سرير وكرسي فوتيه، وكرسي صغير، ويزين الجدران صورة فوتوغرافية لمؤنس، وأخرى بألوان زيتية، وهناك تمثال صغير من الخزف لسيدة جالسة من عمل الفنان حسن حشمت.

غرفة مكتب الدور العلوي
وبها المكتب الذي كان يجلس عليه العميد وسكرتيره الخاص في أيامه الاخيرة. وتحتوي على مكتب باللون الأسود، ولوحة تحتوي على القرآن الكريم كاملا مهداة من الفنان محمد إبراهيم، مؤسس مدرسة تحسين الخطوط بالإسكندرية، وفي الجهة الأخرى من الغرفة توجد لوحة للعميد بأقلام الفحم.

غرفة المعيشة
يؤدي ممر آخر إلى غرفة المعيشة، وهي الغرفة التي كان يجلس فيها صاحب «صوت أبي العلاء» في حال عدم تمكنه من النزول للطابق الأرضي، وتتكون من صالون بسيط في منتصف الغرفة تحيط به أكثر من منضدة في مواضع مختلفة، وفي إحدى أركانها مدفأة يعلوها تمثال نصفي لابنته أمينة، وصورة فوتوغرافية لمؤنس. وعلى الجدران أعمال فنية لمشاهير الفنانين من أمثال راغب عياد، ومحمد ناجي، وأندريه لوت وغيرهم. 
وتمتاز الغرفة بأنها تضم بين جدرانها جائزة حقوق الإنسان التي حصل عليها عميد الأدب العربي من الأمم المتحدة، وكتبت الجائزة بأكثر من لغة، وقد تسلمها بالنيابة عن الأسرة في 10 ديسمبر 1973 الدكتور عصمت عبد المجيد أثناء عمله آنذاك في بعثة مصر الدائمة بالأمم المتحدة.
وفي نهاية الممر توجد وحدة عرض من الزجاج يحتوي على الأوسمة والنياشين وقلادة النيل وعددها 36 وسامًا ونيشانًا وميدالية من عدد كبير من الدول العربية والأجنبية تقديرًا لدور طه حسين العلمي والثقافي. إلى جانب الشهادات والبراءات باللغات العربية والأجنبية، وعددها 31 بالإضافة إلى الوثائق العربية وعددها 579 وثيقة.  ونخرج من متحف طه حسين لنتجه إلى المبنى المقابل له، «مركز رامتان الثقافي» الذي يتكون من طابقين، ويحتوي على صالة كبرى تصلح لجميع الأنشطة الثقافية والفنية، وعدد من المكاتب الإدارية والقاعات والحجرات.
وتنتهي جولتنا - للمتحف والمركز التابعين لقطاع الفنون التشكيلية برئاسة الفنان د. وليد قانوش- على إيقاع قصيدة الشيخ محمد متولي الشعراوي في استقبال الدكتور طه حسين في الأراضى المقدسة عام 1955، والتي زارها العميد كرئيس للجنة الثقافية بالجامعة العربية، في الوقت الذي كان فيه الشعراوي عضوًا ببعثة الأزهر بالمملكة العربية السعودية، فألقى الشعراوي قصيدة في تحية عميد الأدب العربي مكونة من 112 بيتًا (من نفس البحر الذي كتب فيه نزار قباني قصيدته، وهو بحر الخفيف) يقول فيها:
يا عميدَ البيانِ أنتَ زعيمٌ... بالأماناتِ أَرْيحيّ الأداءِ
وإذا القوسُ أُعطيتْ مَن بَراها... فارتقبْ موقنًا سديد الرماءِ
لكَ في العلْمِ مَبْدأٌ طَحْسنيٌّ... سرى في العالمين مسْرى ذكاءِ 
يجعل العلمَ للرعيَّةِ جمعاً... َمشاعًا كالماءِ بل كالهواءِ ■