قمة التنوع البيولوجي «تحالف عالمي» لحماية الحياة على الأرض

قمة التنوع البيولوجي «تحالف عالمي» لحماية الحياة على الأرض

برتوكول ناجويا
بداية عهد جديد للتعايش في تناغم مع الطبيعة

بعد ما يقرب من 20 عامًا من المناقشات والجدالات، وافق ممثلو الحكومات المشاركة في الاجتماع العاشر لمؤتمر الأطراف في اتفاقية التنوع البيولوجي، الذي حمل عنوان «قمة التنوع البيولوجي»، والذي عقد في مدينة ناجويا اليابانية، على معاهدة جديدة لإدارة موارد العالم الجينية ذات الأهمية الاقتصادية المحورية على نحو أكثر عدلاً واستدامة. وجاء الاتفاق على تأسيس «نظام دولي بشأن الوصول إلى الموارد الجينية والاستفادة المشتركة منها» في اليوم الأخير للقمة، التي شارك فيها 122 وزيرًا وخمسة رؤساء دول وحكومات.

واعتمدت الدول الأعضاء بالاتفاقية إستراتيجية عالمية جديدة مصممة لوقف فقدان التنوع البيولوجي في العالم، مع اتفاق الدول على صياغة خطط وطنية لتطبيق البروتوكول لحماية الموارد الجينية خلال عامين. كما اعتمد وزراء البيئة المشاركون برتوكولا جديدا حول المشاركة للاستفادة من الموارد الجينية العالمية.

وبالتوقيع على «بروتوكول ناجويا للتنوع البيولوجي»، وافقت الدول على أهداف محددة للحد من فقدان الموائل الطبيعية بمقدار النصف وزيادة الأراضي بنحو 17% من مساحة الأراضي و10% من مساحة البحار والمناطق الساحلية بحلول العام 2020.

وقال الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي، أحمد جغلاف، إن صياغة خطط وطنية لحماية التنوع البيولوجي تهدف إلى وقف الصيد المفرط للأسماك والحد من التلوث وحماية الشعب المرجانية والحد من فقدان التنوع الوراثي للأنظمة الزراعية.

وتتضمن الإستراتيجية خطة لتعبئة الموارد بهدف رفع المساعدات الإنمائية لدعم المشاريع الرامية إلى الحفاظ على التنوع البيولوجي. كما يوضح البروتوكول المعني بالحصول على الموارد الجينية والتقاسم العادل لمنافعها القواعد الأساسية حول كيفية تعاون الدول في الحصول على تلك الموارد.

ووصف جغلاف البرتوكول بأنه أحد أهم الأدوات القانونية في تاريخ حماية البيئة، قائلا إنه سيساعد في تحقيق التنمية المستدامة وتسهيل تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية.

وأضاف: «إن البروتوكول سيسمح لنا بتطبيق اتفاقية التنوع البيولوجي»، مشيرا إلى أنه وضع أسسا لنظام اقتصادي وبيئي دولي جديد مبني على احترام تنوع الطبيعة.

قرارات تاريخية

ففي 29 من أكتوبر الماضي، اختتم حوالي 18 ألف مشارك يمثلون الأطراف المائة والثلاثة والتسعين الأعضاء في اتفاقية التنوع البيولوجي وشركاءهم، «قمة التنوع البيولوجي» في ناجويا باليابان باعتماد قرارات تاريخية من شأنها أن تسمح للمجتمع الدولي بمواجهة التحديات غير المسبوقة المتمثلة في الفقدان المستمر للتنوع البيولوجي والناجم عن تغير المناخ. وقد وافقت الحكومات على مجموعة من التدابير التي من شأنها أن تضمن استمرار النظم الإيكولوجية للكوكب في الحفاظ على رفاهية الإنسان في المستقبل.

وقد حققت القمة أهدافها الثلاثة المترابطة: اعتماد خطة إستراتيجية جديدة على مدى عشر سنوات لتوجيه الجهود الوطنية والدولية إلى حفظ التنوع البيولوجي من خلال العمل المعزز لتحقيق أهداف التنوع البيولوجي، واعتماد إستراتيجية تعبئة للموارد من شأنها أن تمهد الطريق للمضي قدما إلى زيادة كبيرة في المستويات الحالية من المساعدات الإنمائية الرسمية في دعم التنوع البيولوجي، واعتماد بروتوكول دولي جديد بشأن الحصول على المنافع الناشئة عن استخدام الموارد الجينية للكوكب وتقاسمها.

ويقول أحمد جغلاف: «سيذكر التاريخ أنه تمت ولادة عهد جديد من العيش في تناغم مع الطبيعة وتأسيس تحالف عالمي جديد لحماية الحياة على الأرض هنا في ناجويا... وإذا كانت كيوتو قد دخلت التاريخ بوصفها المدينة التي ولدت فيها اتفاقية المناخ، فإنه سيتم تذكر ناجويا بوصفها المدينة التي ولدت فيها اتفاقية التنوع البيولوجي».

وقال رئيس الاجتماع العاشر لمؤتمر الأطراف في اتفاقية التنوع البيولوجي وزير البيئة الياباني ريو ماتسو ماتو: «إن خلاصة هذا الاجتماع هي نتيجة العمل الشاق، والاستعداد للتضحية، والقلق على مستقبل كوكبنا. ومع مثل هذه النتيجة القوية، يمكننا أن نبدأ عملية بناء علاقة تناغم مع عالمنا في المستقبل».

يوم للاحتفال

ومن جانبه، أكد آخيم ستاينر مساعد الأمين العام للأمم المتحدة والمدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة الذي يدير اتفاقية التنوع البيولوجي: «هذا يوم للاحتفال فيما يتعلق بالاستجابة الجديدة والمبتكرة للفقدان المنذر للتنوع الحيوي والأنظمة الإيكولوجية. ويوم للاحتفال فيما يتعلق بفرص الحياة وسبل العيش المرتبطة بالتغلب على الفقر وتوفير التنمية المستدامة». وتتضمن الخطة الإستراتيجية لاتفاقية التنوع البيولوجي، أو «الهدف آيتشي»، التي اعتمدها الاجتماع، عشرين هدفا رئيسيا تنضوي تحت خمسة أهداف إستراتيجية تعالج الأسباب الكامنة وراء فقدان التنوع البيولوجي، وتحد من الضغوط على التنوع البيولوجي، وتحمي التنوع البيولوجي على جميع المستويات، وتعزز المنافع التي يوفرها التنوع البيولوجي، وتنص على بناء القدرات. ومن بين الأهداف، فإنه من المهم أن نلاحظ أن الأطراف:

- وافقت على تخفيض معدل الموائل الطبيعية، بما في ذلك الغابات، إلى النصف، أو إلى ما يقرب من الصفر عندما يكون ذلك ممكنا.

- وضعت هدفا يتمثل بـ17 بالمائة من مناطق المياه البرية والداخلية و10 بالمائة من المناطق البرية والساحلية.

- من خلال عمليات الصيانة والإصلاح، ستقوم الحكومات بإصلاح ما لا يقل عن 15 بالمائة من المناطق المتدهورة.

- ستبذل جهودا خاصة للحد من الضغوط التي تواجهها الشعاب المرجانية.

- وافقت الأطراف على زيادة كبيرة في مستوى الموارد المالية لدعم تنفيذ الاتفاقية.

وسيكون «الهدف آيتشي» هو الإطار الشامل بالنسبة للتنوع البيولوجي، ليس فقط بالنسبة للاتفاقيات المتعلقة بالتنوع البيولوجي، بل وأيضا بالنسبة لمنظومة الأمم المتحدة بأسرها.

وقد وافقت الأطراف على ترجمة هذا الإطار الدولي الشامل إلى إستراتيجية التنوع البيولوجي الوطنية وخطط العمل في غضون عامين.

وسوف تتخذ إجراءات الدعم أيضا على المستويات الفرعية الوطنية والمحلية. وقد أقرت الأطراف خطة عمل بشأن المدن والتنوع البيولوجي، التي اعتمدها مؤتمر «قمة مدينة التنوع البيولوجي» في ناجويا، الذي حضره أكثر من 200 محافظ. كما وافق 122 برلمانيا من مختلف أنحاء العالم، الذين حضروا الاجتماع العالمي بشأن البرلمانيين والتنوع البيولوجي، على دعم تنفيذ الخطة الإستراتيجية الجديدة.

كما حظيت أهمية التحرك للحفاظ على التنوع البيولوجي بدعم خاص من مجتمع المانحين أيضا. وقد اتفق ممثلون لأربع وثلاثين وكالة مانح ثنائية ومتعددة الأطراف على ترجمة الخطة إلى أولويات التعاون التنموية الخاصة بهم.

وكان هناك ترحيب واسع بخطة العمل المتعددة السنوات فيما يتعلق بالتعاون بين بلدان الجنوب بشأن التنوع البيولوجي من أجل التنمية، والمعتمدة من قبل 131 عضوا من مجموعة الـ77 والصين، بوصفها أداة مهمة في خدمة الرؤية الجديدة.

دعم مالي للبروتوكول

وتوالت في ناجويا الإعلانات عن تمويلات لدعم تنفيذ الاتفاقية. حيث أعلن رئيس الوزراء الياباني ناتو كان عن تمويل ياباني بقيمة ملياري دولار أمريكي. كما أعلن وزير البيئة الياباني عن تأسيس «صندوق دعم التنوع البيولوجي الياباني». كما أعلن عن موارد مالية إضافية من قبل فرنسا والاتحاد الأوربي والنرويج. وتمت تعبئة نحو 110 ملايين دولار أمريكي لدعم مشاريع في إطار مبادرة اتفاقية التنوع البيولوجي (لايف ويب) التي تهدف إلى تعزيز جدول أعمال المناطق المحمية.

وسيتم توفير الدعم المالي للخطة الإستراتيجية في إطار إستراتيجية تعبئة الموارد. وستعمل الأطراف على تحديد الوقت المناسب للاجتماع الحادي عشر لمؤتمر الأطراف في العام 2012، والأهداف والآليات التي يمكن من خلالها تحديد الموارد المالية، وتحريرها وتوجيهها.

وقد اعتمدت الأطراف «بروتوكول ناجويا بشأن الحصول على الموارد الجينية والتقاسم العادل والمنصف للمنافع الناشئة عن استخدامها». ويقدم الاتفاق التاريخي إطارا يوازن بين الحصول على الموارد الجينية على أساس الموافقة المسبقة عن علم والشروط المتفق عليها بخصوص التقاسم العادل والمنصف للمنافع، مع أخذ الدور المهم الذي تؤديه المعارف التقليدية بعين الاعتبار. كما يقترح البروتوكول إنشاء آلية عالمية متعددة الأطراف من شأنها أن تعمل في المناطق العابرة للحدود أو في الحالات التي لا يمكن فيها الحصول على الموافقة المسبقة عن علم.

ومن المتوقع أن يدخل بروتوكول ناجويا حيز التنفيذ بحلول العام 2012 من خلال دعم مقدم من قبل مرفق البيئة العالمية بقيمة مليون دولار أمريكي لدعم دخول البروتوكول حيز التنفيذ بشكل مبكر.

ويذكر أن «اتفاقية التنوع البيولوجي» دشنت في قمة الأرض في ريو دي جانيرو العام 1992. ودخلت حيز التنفيذ في ديسمبر 1993. وهي معاهدة دولية لحفظ التنوع البيولوجي والاستخدام المستدام لمكونات التنوع البيولوجي، والتقاسم العادل للفوائد المستمدة من استخدام الموارد الجينية. وتحظى الاتفاقية بشبه إجماع عالمي في ظل تصديق 193 دولة عليها. وتسعى الاتفاقية إلى معالجة جميع التهديدات التي يتعرض لها التنوع البيولوجي وخدمات النظام الإيكولوجي، بما في ذلك التهديدات الناجمة عن تغير المناخ، من خلال التقييمات العلمية وتطوير الأدوات والحوافز والعمليات ونقل الكنولوجيات والممارسات الجديدة، والممارسة الكاملة والفعالة من قبل أصحاب المصلحة ذوي العلاقة، ويشمل ذلك السكان الأصليين والمجتمعات المحلية والشباب والمنظمات غير الحكومية والنساء ومجتمع الأعمال.

ومن جانبه، يسعى بروتوكول قرطاجنة بشأن السلامة الأحيائية، وهو معاهدة مكملة لاتفاقية التنوع البيولوجي، إلى حماية التنوع البيولوجي من المخاطر المحتملة التي تشكلها الكائنات الحية المعدلة وراثيا الناشئة التكنولوجيا الحيوية الحديثة.

استجابة عربية سريعة

وبعد شهر واحد فقط من قمة التنوع البيولوجي في ناجويا، اجتمع المسئولون الحكوميون من البلدان العربية في القاهرة في أواخر نوفمبر الماضي لإعداد استجابات وطنية وإقليمية لنتائج ناجويا. وكانت حلقة العمل العربية الإقليمية بشأن التنوع البيولوجي والتمويل أول استجابة إقليمية لنتائج ناجويا، وأحد الأنشطة الأولى في المنطقة العربية التي تهدف إلى دعم تنفيذها.

وقد بادرت إلى تنظيم حلقة العمل الأمانة الفنية لمجلس الوزراء العرب المسئولين عن البيئة التابع للجامعة العربية، وشارك في تنظيمها المكتب الإقليمي لغرب آسيا التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة وأمانة اتفاقية التنوع البيولوجي. وحضرت حلقة العمل مؤسسات التمويل والوكالات الإنمائية النشطة في المنطقة العربية بغية بحث وصياغة برنامج عربي بشأن التنوع البيولوجي والتمويل حتى العام 2020.

كما هدفت حلقة العمل الإقليمية إلى تمهيد الطريق لخطة عمل إقليمية فعالة لإستراتيجية حشد الموارد وآليات مالية مبتكرة. وقدمت منبرا لإعداد رؤية والتزامات مشتركة وإجراء ملموس للتمويل بالنسبة للبلدان العربية وشركائها الخارجيين من أجل دعم تنفيذ الخطة الإستراتيجية للفترة 2011-2020 والأهداف المرتبطة بها في المنطقة.

 

 

أحمد خضر الشربيني




الاتفاق بمنزلة إستراتيجية عالمية جديدة مصممة لوقف فقدان التنوع البيولوجي في العالم





18 ألف مشارك مثلوا الأطراف الـ193 الأعضاء في اتفاقية التنوع البيولوجي في «قمة التنوع البيولوجي» في ناجويا





بالتوقيع على «بروتوكول ناجويا للتنوع البيولوجي»، وافقت الدول على أهداف محددة للحد من فقدان الموائل الطبيعية بمقدار النصف





رئيس الاجتماع وزير البيئة الياباني ريو ماتسو ماتو





آخيم ستاينر مساعد الأمين العام للأمم المتحدة والمدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة





أحمد جغلاف الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي