للقصص الخرافية أسـاسٌ علمـيّ!

تجتذبُ الحكايات الخرافية الصغار والكبار، فعالمها عالمًا لا تحده حدود، وفيها كل شيء يحدث. والحقيقة هي أن محتويات بعض هذه الحكايات قائمة على أسانيد واقعية، فثمة ما يدعمها من العلوم الحديثة. فهيَّا بنا لنبحث فيه:
لنبدأ بقصة الأميرة رابونزيل التي وردت في كتاب من تأليف عالِمي اللغة الألمانيين الأخويْن جايكوب وفيلهلم جريم، وأنتجتها استوديوهات والت ديزني للرسوم المتحركة عام 2010، وتدور حول فتاةٍ اسمها رابونزيل، وقعت في أسر ساحرة شريرة سجنتها في برجٍ عالٍ بغابة. كان لرابونزيل صوت جميل وشعر أشقر طويل جدًا، وفي يوم اجتذب صوت غنائها أميرًا كان يجتاز الغابة، فاتجه إليها، وأحبها، فاستعانت بشعرها الطويل، الذي أنزلته من نافذة البرج ليتسلقه الأمير ويصل إليها ويخلصها من أسرها.
ففي الخيال نرى إن الشَعْرَ يتحمل ثقل رجل، فهل يؤيده العلم؟
نعم. فالثابتُ أن جديلة واحدة متوسطة الحجم من الشعر تقوى على تحمل وزن 700 جرام تقريبًا، وأن الشعر الأسود أقوى من الشعر الأشقر. ويُعدُّ شعر الرأس بالآلاف، ويمكن أن يُجدل منه عددٌ من الضفائر الكافية ليتعلق بها الأميرُ. وبينما يظن البعض إن شعر الفتاة قد يُنتزع من فروة الرأس، ويردُّ الدكتور ناثان هارشمان، أستاذ الفيزياء بالجامعة الأمريكية بواشنطن، مفترضًا أن رابونزيل كانت على دراية بذلك، فلفَّت جدائلها حول شيء قوي ثابت بالجدار، قبل أن تُدلي بأطرافها إلى الأمير، وبذلك تتلاشى قوة الشد من على رأسها، منتقلةً إلى العقدة التي صنعتها الجدائل الملتفة حول النقطة القوية الثابتة.
ولمؤلف قصص الأطفال الدنماركي (هانز كريستيان أندرسُن) قصة خيالية، عنوانها (حورية البحر الصغيرة)، تقررُ فيها حورية بحر اسمها «أرييل» التخلي عن حياة الماء والتضحية بطبيعتها ككائن بحري، أملًا في أن تكون بشرية، بعد إعجابها بأمير شاب، فتلجأ إلى ساحرةٍ تشترط عليها أخذ صوتها الجميل كمقابل لعملية التحويل. وتفقد أرييل صوتها، ولكن في نهاية الأمر تسترد الحورية أرييل صوتها، وتفوز أيضًا بصداقة الأمير.
وعن رأي العلم في مسألة (أخذ الصوت)، على نحو ما فعلت الساحرة الشريرة مع أرييل الجميلة، فقد أعلن الدكتور ستيف كومر، أستاذ هندسة الكهرباء والكومبيوتر في جامعة ديوك في ولاية كارولينا الشمالية، في بحث نشره مؤخرًا عن إمكانية جعل موجات الضوء تنحرف عن مسارها في اتجاه جسم ثابت، فيختفي، وأن المعالجة الرياضية أثبتت أنه يمكن تطبيق ذلك في حالة الموجات الصوتية، باستخدام مادة تعمل على انحراف موجات الصوت على الجدران والأعمدة أو أي مساحة محصورة، فتبدو الموجات وكأن شيئا لا يعترضها، أو كأن شخصًا في حجرة النوم قادر على سماع حديث شخص آخر في حجرة المعيشة، كما لو أن الجدار بينهما قد تلاشى. ونخلص من ذلك إلى أن الموجات الصوتية المتولدة داخل مساحة محصورة لا تتسرب خارجها أبدًا. فهل نستطيع تأويل استيلاء الساحرة على صوت أرييل بأنها تمكنت بقدراتها الخارقة من خلق عازلًا صوتيًا شفافًا غلَّف الحورية أرييل، تمكن الأمير الشاب من إذابته، لينطلق صوتُها الشجيُّ.
أما (بساط الريح) فقد ورد ذكرُه في أكثر من حكاية من حكايات (ألف ليلة وليلة)، كما أنه معروف في ثقافات أخرى. فهل من تفسير علمي لسجادة يركبها (علاء الدين) وتطير به مسافات طويلة؟
نشر ثلاثةٌ من علماء الفيزياء بحثًا يوضح لنا كيف يمكن لسجادة أن تطير في الهواء، مستخدمين بعض القوانين الفيزيائية الأساسية، وأثبتوا أن سجادة صغيرة غير سميكة يمكن أن تطير، إنْ تَحركَ الهواءُ تحتها بمعدل تردد مناسب، وهي تشبه في ذلك ورقة رقيقة تنساب متهادية في الهواء إن تُركتْ لتسقط. وأوضحت حساباتهم النظرية أنه إذا توفرت موجات قصيرة من الهواء، تصدر في نبضات سريعة متكررة، فإنها تدفع السجادة لتنطلق طائرةً بسرعة قدم واحدة في الثانية. ليس معنى هذا أننا يمكن الآن، أو في المستقبل المنظور، أن نرى (علاء الدين) فوق بساط الريح طائرًا في السماء، وإن كان ذلك داخلًا في حيز الممكنات، من وجهة نظر الطبيعة والتكنولوجيا. 
وإلى أن يتحقق في عالمنا المحسوس دعونا نستمتع به في عالم الحكايات الخيالية.