ونسلو هومر ربانٌ في سفائن الفن

ونسلو هومر ربانٌ في سفائن الفن

لا يفتأ يُذكر اسم ونسلو هومر إلا وتتبادر إلى الذهن مشاهد البحر بزرقته الأخاذة، وسمائه الصافية حينًا والملبدة حينًا آخر، والصيادون بقواربهم وشباكهم وهم يسعون إلى أرزاقهم، وينتزعون أقواتهم من أحشاء البحر المتلاطم.  ولد هومر في مدينة بوسطن بولاية ماساتشوستس الأمريكية في العام 1836، وكان لعائلته باعٌ كبير في أعمال التجارة المتعلقة بالبحر؛ فكان أبوه تشارلز سافدج هومر تاجرًا. 

 

أما والدته «هنرييتا بنسون هومر» فكانت تهوى التصوير بالألوان المائية ومنها تشرّب الصغير ونسلو ولعه بالفن؛ إذ كانت هي معلمته الأولى التي تعهدت موهبته بالرعاية. وكانت ثمة علاقة روحية تربط بينهما على مدى حياتهما. وبينما كان ونسلو طفلاً انتقلت أسرته للعيش في بلدة «كمبردج» بالولاية نفسها، وفيها تفتحت عيناه على مناظر الريف البديعة. وهكذا، شبّ هومر وشبّت موهبته معه وكذا ولعه بالفن، وفي العام 1854 ألحقه أبوه ليتمرن لدى «جون. هـ. بافورد» مالك أكبر شركة للطباعة الحجرية «الليثوغراف» في بوسطن حينذاك. وقد تعلم هومر تقنيات الطباعة الحجرية الجديدة التي وفدت إلى أمريكا بُعيْد اختراعها بفترة وجيزة في ألمانيا مع بدايات القرن التاسع عشر، ورسم الكثير من التصاوير على أغلفة النوتات الموسيقية، ولم تمض سوى سنوات قلائل إلا وكان هومر قد أتقن مهنته تلك، وشرع ينشر رسوماته في المجلات المصورة، ومنها مجلة هاربرز الأسبوعية. 
بعد ذلك سافر هومر إلى نيويورك وتتلمذ على يد الفنـان فريدريـك رونـدل (1826-1892)، الذي علّمه مبادئ الرسم والتصوير. وفي العام 1861 افتتح مرسمه بنيويورك، وكانت أمه تنتوي جمع المال لإرسال هومر إلى أوربا كي يكمل دراسته للفن لولا اندلاع الحرب الأهلية الأمريكية، وإيفاده من قبل مجلة «هاربرز» مراسلًا إلى الجبهة. لم يصور هومر في رسوماته - إلا في القليل منها - معارك الحرب، بل آثر تصوير حياة المحاربين داخل المخيمات أو بعيدًا من القتال. ورويدًا رويدًا، تحولت رسوماته من تصوير موضوعات طريفة فكهة ما بين الجنود إلى موضوعات أكثر جدية كتصويرهم جرحى متعبين يعتورهم الشعور بالعزلة، أو تصوير زوجات المحاربين في منازلهن إبان فترة الحرب وما يعانينه من خوف وترقب.  وقد أظهرت تلك الفترة عمق موهبة هومر فهو ليس مصورًا لمجلة أو أخرى فحسب، بل فنان تشكيلي بمعنى الكلمة. كذا فإن اندلاع الحرب الأهلية الأمريكية قد أثر في الوعي الجمعي الأمريكي بعامة، وفي هومر بخاصة، فجاءت أعماله أكثر قوة وتعبيرًا. وحين وضعت الحرب أوزارها عاد هومر إلى تصوير الحياة داخل المنازل وما تتسم به من هدوء وسكينة وما يشع فيها من سرور وبهجة، فكأنما كان يصور حنين وطنه إلى تلك الأيام الهادئة الناعمة قبل اندلاع الحرب واشتعال أوارها. وإبان تلك الفترة أيضًا أكمل هومر أوليات لوحاته الزيتية اعتمادًا على الاسكتشات التي أنجزها في الجبهة؛ ومن تلك اللوحات ما كان يصف فيه الحياة الناعمة في الهواء الطلق كلوحة «فتيات يلعبن الكريكيت»، أو ما كان موضوعه مستقى من الحرب كلوحة «وطني، ما أجمله!» التي أبدعها في العام 1863، وعُرضت في الأكاديمية الوطنية، ونالت استحسانًا كبيرًا من النقاد. وقد اُنتخب هومر بفضلها زميلاً للأكاديمية ثم عضوًا فيها في العام 1865. ومن لوحاته الشهيرة في تلك الفترة أيضًا لوحة «أسرى من الجبهة» التي أبدعها في العام 1866. وليس ثمة شيء في اللوحة يشتت عين المشاهد عن التركيز في شخوص اللوحة وهم ثلاثة جنود أسرى من الكونفيدرالية يصطفون في مواجهة ضابط من جيش الاتحاد،  ويأتي الضوء مسلطًا على وجوه الأسرى وأياديهم فيما أجسادهم في الظل. ونجد ها هنا أن خط الأفق يتقاطع مع رؤوسهم في انحناءات ما يعضد من حدة نظراتهم المتبادلة مع الضابط، ونرى في اللوحة أيضًا بنادق ملقاةً على الأرض ما يدل على استسلامهم، ويأتي وضع البنادق الأفقي في مقابلة مع بندقية الحارس الرأسية على يسار الأسرى. هذا، ويتبدى في لوحات هومر الأُوَل تلك مدى نضج مشاعره وعمق فهمه وتمكنه من أدواته وتقنياته. 

الحياة الباريسية
وفي أواخر العام 1866 قام هومر بأول رحلة خارج البلاد، وكانت إلى باريس، واستمرت قرابة تسعة أشهر لم يدرس فيها الفن أكاديميًا هناك، ولكنه تعرّف إلى الفن التشكيلي الفرنسي المعاصر حينذاك، وظل يصوّر مشاهد من الحياة الباريسية ومناظر طبيعية ريفية ويرسلها إلى مجلة هاربرز. وبالرغم من تشابه أسلوب هومر في الرسم مع أسلوب مدرسة الباربيزون والمدرسة الانطباعية التي تلتها، وذلك في اتجاهه وتصويره شخوصه في الهواء الطلق، فإنه لم يتأثر بهما تأثرًا مباشرًا؛ إذ ظلت تكويناته مرسومة بدقة وليست خطوطًا ضبابية كما في أعمال الانطباعيين. ومن اللوحات التي تشي بتأثره بالتصوير الفرنسي لوحة (شاطيء لونغ برانش بنيو جيرسي)، فهي تشع بهجة وحيوية، وتتسم بخفة ضربات الفرشاة، وهي موجودة الآن في متحف الفنون الجميلة ببوسطن.  

روح التفاؤل
أما في صيف العام 1870 فقد قام الفنان بجولة زار فيها جبال وايت، وجبال أديرونداك، ومدينة غلوستر بولاية ماساتشوستس، ومزرعة هوتون بشمال ولاية نيويورك. وخلال تلك الفترة أبدع هومر عددًا من اللوحات بالألوان المائية كانت تشع فيها روح التفاؤل العارمة التي غمرت أمريكا في منتصف القرن التاسع عشر، إذ نقل فيها مشاهد من حياة الريف وأطفال وصبية يافعين يلعبون وصوّر مباهج الطفولة أصدق تصوير. ويتبدى ذلك في واحدة من أعظم لوحاته وهي لوحته الشهيرة (قرقعة السوط) التي أبدعها في العام 1872؛ وفي تلك اللوحة ركّز هومر في لعبة قرقعة السوط نفسها إذ أظهر اللاعبين فقط ولم يصوّر كل ما من شانه تشتيت عين المشاهد كالمتفرجين مثلاً، ولم يكن مبنى المدرسة الخالي سوى خلفية للوحة. لقد اهتم هومر بتصوير حركات الأطفال المتماوجة التي يحدثونها بأجسادهم بأكثر من اهتمامه بتصوير ملامحهم وسماتهم الشكلية.  أما لوحة (هبوب النسيم) التي أنجزها في العام (1876) فقد نالت أيضًا شهرة واسعة، وتعد من أوليات اللوحات التي أبرزت اهتمام هومر باتخاذ البحر موضوعًا للوحاته، وفيها يصوّر أيضًا صبية يخرجون في نزهة بحرية، بيد أن ملامحهم تبدو مشوبة ببعض الجدية وتبدو نظراتهم مستغرقة في تأمل عميق. ومن الجدير بالذكر أن هومر قد توقف عن عمله مصوّرا لأغلفة المجلات والكتب منذ العام 1875 مقتصرًا في عمله على الفن التشكيلي فحسب. وفي العام 1876 سافر هومر جنوبًا في رحلة إلى ولاية فرجينيا والتي أثمرت لوحات فريدة تصف الحياة في الجنوب وحياة الأمريكيين الأفارقة في الريف كلوحة (الاستعداد للكرنفال) التي أنجزها في العام 1877. وقد اتسمت تلك الفترة من حياة هومر بالنضج الفني؛ إذ إنه قد غيّر النمط الأمريكي المتبع في تصوير الشخوص العاديين في الحياة اليومية مرتقيًا بهم إلى منازل الأبطال، وليس ذلك فحسب بل قد ارتقى بتقنية الرسم بالألوان المائية إلى مستوى تعبيري أعلى. فنجد أن بواكير أعماله بالألوان المائية في أوائل سبعينيات القرن التاسع عشر كلوحة (سلة محار) - على روعتها ودقتها - إلا أنها تفتقر إلى المرونة بعض الشيء. أما في أواخر سبعينيات ذلك القرن نجد أسلوب هومر قد تبدل، كذا فإن ضربات فرشاته قد تحررت وأصبحت أكثر مرونة من ذي قبل، وصارت موضوعاته تنزع إلى التأمل والتفكر، كتصوير فتيات بمفردهن في الحديقة، يقطفن الأزهار، ويحاولن الإمساك بالفراشات أو يقرأن في هدوء أو تصويرهن غارقات في تأملات وفِكَر. 

الأبلغ أثرًا
أما الرحلة الأبلغ أثرًا في حياة هومر فهي رحلته  إلى إنجلترا في مارس من العام 1881، فقد سافر إلى ساحل إنجلترا الشرقي  بالقرب من مدينة تاينموث الساحلية. ومكث هومر في قرية كلركوتس - وهي قرية صغيرة يشتغل أهلوها بالصيد - قرابة العام ونصف العام قضاها في مراقبة أولئك الصيادين وهم يزاولون عملهم ويبحثون عن أرزاقهم في بحر الشمال، وصور ذلك بالألوان المائية في لوحات بديعة. وتعد تلك الحقبة نقطة تحول في فن هومر وأسلوبه في التصوير؛ إذ صارت ضربات فرشاته أكثر جرأة وانطلاقًا من ذي قبل، وأصبحت موضوعاته أكثر جدية وشمولا؛ فغدت تعالج نضال الإنسان وكفاحه ضد قوى الطبيعة. وقد تحوّلت فتيات هومر الصغيرات المتأنقات اللائي يزدهين بقبعاتهن إلى نساء بالغات؛ زوجات وأمهات صبورات يتحملن قوى الطبيعة وتقلباتها إلى جوار أزواجهن ويشتغلن بالصيد، أو هن منهمكات في عملهن اليومي يعانين تحت وطأة العواصف والبيئة الساحلية القاسية. وتحوّلت أيضًا سماؤه الصافية وبحره الهادئ إلى سماء مدلهمة وبحر هائج مائج. ولذا فقد تغير أسلوبه في الرسم لدى عودته إلى الولايات المتحدة. وخير شاهد على تلك الفترة لوحة (اسمع! القبّرة) التي أبدعها هومر في العام 1882 ونرى فيها ثلاث نسوة يبدو أنهن يشتغلن بحرفة الصيد، يصطففن متجاورات على منحدر تل على البحر، ويستمعن إلى شدو طائر القبرة، ونرى في أيديهن سلال وشباك، وفي عيونهن أمارات ترقب وأمل.
وفي العام 1883 انتقل هومر إلى «براوتس نك»، وهي منطقة نائية على الشاطئ الجنوبي لولاية ماين، وعاش منعزلاً في بيت مملوك لعائلته على بعد خمسة وسبعين قدمًا فقط من المحيط. وأمضى هناك بقية حياته وكأنه ناسك ممسك بفرشاة يدرس حياة البحر والبحارة والطبيعة الساحلية المتقلبة وأثرها على حياة من يعيشون هناك وطباعهم. وفي خلال تلك الفترة أبدع هومر الكثير من لوحاته الخالدة. ففي البداية انصبّ اهتمامه على تصوير كفاح الصيادين الذين يكسبون أقواتهم من البحر، وبعدها اتسعت نظرته فصوّر في لوحاته صراع قوى الموت والحياة. ونرى في لوحة «الشبكة» التي أبدعها في العام 1884 اثنين من الصيادين يسحبان الشبكة المحملة بالسمك إلى سطح القارب قبيل تجمّع الغيوم واضطراب البحر. ونجد أن اهتمام هومر في اللوحة منصبٌ على ذلك الفعل الشاق نفسه وهو الصيد، فالسمك يبدو جليًا في اللوحة ويسترعي نظر المشاهد بينما نجد أن خلفية اللوحة غائمة والقارب يبدو بلون داكن، والصيادين يبدوان كظلال ضبابية. ومن اللوحات التي تصوّر الإنسان وهو يواجه أخطار البحر وتقلباته تأتي لوحة «تيار الخليج» في المقدمة؛ إذ أبدع هومر لوحته تلك في العام 1899 وهي تعرض للمشاهد عدة تفاصيل إن نُسجت معًا فهي تسرد قصة؛ إذ نرى القارب مائلًا والبحر هائجًا وثمة أثر صارٍ قد كُسر، كذا نلحظ وجود بقع دماء في البحر وأسماك قرش تنوش القارب في أحد جوانبه، كل ما سبق يحيك قصةٌ حزينةٌ نهايتُها على الأغلب؛ فالشخص معزول تمامًا ولا أمل في نجاته؛ إذ لا يظهر في الأفق سوى سفينة واحدة ولكنها بعيدة جدًا لن تستطيع مد يد العون إليه. ومن المفارقة أنه يشيح بوجهه بعيدًا من تلك الأخطار التي تتهدده فكأنه منكر لها لا يريد رؤيتها، أو أن ثمة إيمانًا راسخًا بداخله بقدرته على الصمود والنجاة. 
 وفي شتاء العام 1884 سافر هومر في رحلة إلى كل من فلوريدا وكوبا وجزر الباهاما وأبدع عدة لوحات بالألوان المائية بتكليف من مجلة «سنشري» وقد تحول من وصف الطبيعة العاصفة والبحر الهائج إلى وصف سماء الكاريبي الصافية، وكذا من وصف الرجال الأشداء إلى وصف أولئك من ذوي البشرة الداكنة الذين يحيون حياة لا تعب فيها ولا نصب. هذا، وقد غيّر هومر تقنية رسمه بالألوان المائية واختيار شخوص لوحاته وكذا ألوانه؛ فإقامته في تلك المناطق المدارية قد أنعش حسه الفني تمامًا بمثل ما حدث مع بول غوغان حين سافر إلى تاهيتي. وتأتي لوحة «حديقة في ناساو» بألوانها الحية النابضة، تلك التي أنجزها في العام 1885 خير دليل على ذلك. وعاد هومر إلى «براوتس نك» ثانية ليكمل إبداعاته، ومنها لوحته الخالدة «صيد ثعلب» التي أبدعها في فصل الشتاء وهي تصوّر سربا من الغربان الجائعة يهم بصيد ثعلب أعاقته الثلوج عن الفرار. إن اللوحة تصور جمال الطبيعة وقسوتها في آن واحد؛ فها هو الصياد أضحى مصيدًا على شفا الهلاك، وتلك اللوحة هي كبرى أعمال هومر حجمًا. 
كان هومر بين الحين والآخر يذهب في رحلات صيد وقنص مع شقيقه تشارلز على ساحل الكاريبي وجبال أديرونداك ما شحذ همته لإبداع أعمال قيّمة بالألوان المائية. أما أواخر أعماله التي أبدعهما في العقد الأول من القرن العشرين فقد اتسمت بشيء من جدة وابتكار ما أرهص ببزوغ نجم الفن الحديث؛ ومنها لوحة  «قبلة على وجه القمر» التي أبدعها في العام 1904 وهي تمزج بين العنصرين التجريدي والواقعي؛ فنرى فيها أشخاصًا ثلاثة ساكنين صامتين كلٌ غارقٌ في أفكاره، ما يذكرنا بالصبية في لوحة «هبوب النسيم»، ويبدو أن أولئك الرجال في قارب يواجهون الرياح ويصارعون الأمواج في ثبات، غير أن القارب لا يظهر في اللوحة فهو مختفٍ في خندق بين موجتين متلاحقتين، ومما يضيف لغموض اللوحة ضوء القمر الشاحب الذي ينافس في شحوبه وهج الشمس الغاربة المتضائل. 
وفي لوحة «اليمين واليسار» التي أنجزها هومر في العام 1909 أي قبل عام من رحيله، نجده متأثرًا فيها بتقنية التصوير الفوتوغرافي في تسجيل لحظة بعينها، واللحظة ها هنا هي لحظة فاصلة بين الحياة والموت، لحظة إطلاق الرصاص على بطتين؛ تطير إحداهما لأعلى محاولة النجاة بينما تهوي الأخرى ميتة وقد أصابتها الرصاصة. لم يظهر في اللوحة ما يشي بإطلاق الرصاص ولكن المشاهد يستدل عليه من تناثر المياه تحت البطتين، وكذا من ريشة متطايرة في أقصى يمين اللوحة. 
ونلحظ أن عين المشاهد في مستوى البطتين تمامًا، فيا ترى هل المقصود من ذلك أن نتماهى مع البطتين أم مع قاتلهما؟ إن تلك اللوحة تعد لوحة فلسفية تجريدية تثير في النفس أسئلة تترى عن الموت والحياة والخيط الرفيع الذي يفصلهما. ونلحظ في أواخر أعمال هومر أنه طفق يصوّر البحر وحده فلا يظهر في اللوحة بشر، فقط أمواج تتكسر على الصخور، ربما كان هومر بذلك يتبع نصيحة كان قد أسداها لأحد تلامذته يومًا إذ قال: «اترك الصخور إلى اليوم الذي تصير فيه شيخًا؛ فإنها أيسر في التصوير». وفي التاسع والعشرين من سبتمبر من العام 1910 ترجّل الربان هومر عن سفينته، وتوفي في مرسمه في «براوتس نك» في ولاية ماين، ودُفن في جبانة «مونت أوبورن» بكامبردج بولاية ماساتشوستس الأمريكية ■