السرقة عند الأطفال

السرقة عند الأطفال

عندما يسرق الطفل فإن ذلك يصيب الوالدين بالقلق، وينصب قلقهم على السبب الذي جعل ابنهم يسرق، ويتساءلون هل ابنهم أو ابنتهم طفل غير سوي؟

 

الطفل يتعلم أول دروس الأخذ والعطاء داخل الأسرة، فهو يتعلم أن له ملابس خاصة به ولعب يلعب بها ومكان ينام فيه، وعندما يتعامل مع أطفال آخرين يبدأ مفهوم الملكية الخاصة في التغير التدريجي، فنجد أخاه أو صديقه يريد أن يلعب بلعبته، ويريد هو أن يلعب بلعبهم وهنا تصطدم الملكيات الخاصة لكل منهم، والأسرة السوية هي التي تعود أطفالها على الأخذ والعطاء، في الوقت نفسه تدعم الشعور بالملكية الخاصة.
وعلى العكس مما سبق، نجد أن بعض الأسر لا تدرب الطفل على التمييز بين ما يمتلكه هو وما يمتلكه الآخرون، فكل شيء متاح بين الإخوة، من ملبس وألعاب وغيرها، فيتعلم الطفل أن من حقه الحصول على ما ليس له، فلا يميز بين ما له وما عليه، وهنا يتعلم الطفل عدم احترام ملكية الآخرين ومن ثم يجرون أبناءهم إلى طريق السرقة.
 
تعريف ظاهرة السرقة لدى الطفل
السرقة هي الاستحواذ على ما يمتلكه الآخرون بطريقة غير مشروعة أو غير مقبولة وبدون وجه حق، وهو سلوك مكتسب نتيجة تفاعل عوامل عدة أسرية، مدرسية، مجتمعية، إعلامية... إلخ، ولا يدرك الطفل أثر السرقة وأضرارها على المجتمع ونظرة الدين والقانون والأخلاق عليها. 
 
أسباب ودوافع ظاهرة السرقة لدى الأطفال
تؤكد كثير من الدراسات أن هناك أنواعًا من السرقة بعيدة عن دواعي السرقة في مدلولها السالب المهين الذي يوجد لدى الكبار، ويرى العلماء أن هناك دوافع متعددة تجعل الطفل يسرق، من أهمها، الشعور بالحرمان، والنقص، لذلك يضطر الطفل للسرقة لتعويض ذلك النقص كسرقة الطعام والشراب، وهذا النوع من السرقة يُعد مشكلة اجتماعية أكثر منها مشكلة نفسية، لأنه يجب أن يكون هناك إشباع لجميع احتياجات الطفل، وقد يكون سلوك السرقة تقليدًا لمن هو أكبر منه، مثل الأب أو الأخ ممن لهم تأثير في حياته، أو يكون سبب السرقة هو الغيرة والانتقام، وذلك بهدف جذب انتباه الوالدين لانشغالهما عنه وعدم الاهتمام به، أو يسرق من زميله نتيجة غيرته منه وعدم قدرته على مواجهته ومصارحته، وقد يسرق الطفل لأن لديه رغبة ملحة في استخدام أو امتلاك هذا الشيء أي بهدف الامتلاك، وقد تكون السرقة بسبب الحرمان العاطفي، أي يشعر الطفل أنه مهمل ممن حوله فيحاول من خلال السرقة جذب انتباههم إليه عن طريق فعل سلوك مشين يجعله محط أنظار والديه، الذي يفتقد حنانهما ورعايتهما من خلال وضعهما في موقف سيء.
 إن أساليب المعاملة الوالدية اللاسوية التي تعود الطفل أن تجاب له كافة مطالبه ورغباته قد تعلمه على السرقة كذلك، فعندما يكبر ويختلط بزملائه في المدرسة فإنه يصطدم بأنه كما يريد أن يأخذ يجب أن يعطي الآخرين وهم لم يتعود على ذلك، لذلك يلجأ إلى سرقتهم للحصول على ما يريد دون أن يقدم المقابل، هناك عوامل أخرى تدفع الطفل للسرقة، مثل صغر سنه وعدم معرفته لمعنى الملكية، وعدم معرفته كيف يحترم ملكية الآخرين، أو عدم التمييز بين الشيء الذي يخصه والشيء الذي يخص الآخرين، أو بسبب رغبة الطفل في الحصول على مرتبة أكبر بين زملائه.
 
الأساليب الوقائية لعلاج ظاهرة السرقة عند الأطفال
إن الوقاية من السرقة خير من علاجه وهذا يتوقف على أسلوب التعامل مع الطفل، ويجب على المحيطين بالطفل الالتزام بالصدق في الأقوال والأفعال، حتى يحاول الطفل تقليد هذا الأسلوب حتى يلقى القبول من جانب المحيطين به، كما أن الطفل إذا نشأ على الخداع وعدم المصارحة وعدم الوفاء بالوعد والحفاظ على الأمانة من قبل الآخرين فأكبر الظن أن هذا الأسلوب لا يعمل على تكوين اتجاه الأمانة عند الطفل فسوف يدرك أن السرقة وسيلته لتحقيق أهدافه، كما يجب ألا نتسرع في إلصاق تهمة السرقة بالطفل قبل التحقق من ذلك ومناقشته بموضوعية وهدوء، وأن نبصره بمواطن الصواب والخطأ، وعلى الوالدين كذلك تبصير الأطفال بأهمية الملكية الخاصة، وتشجيعهم على احترام ملكية الغير وتوعيتهم أن الحياة للجميع وليس لفرد معين، وحثهم على المحافظة على ممتلكات الآخرين حتى في حال عدم وجوده، كما يجب تجنيب الطفل المواقف المؤدية للسرقة كعدم ترك الأشياء التي من الممكن أن تشجع الطفل على القيام بالسرقة كالنقود مثلا، كما أن التربية الواعية السوية تبحث عن الأسباب التي تدفع الطفل للسرقة وتتفهم أوضاع الطفل الحياتية، كما يجب معرفة الدوافع التي دفعت الطفل لهذا السلوك، وهل هي سرقة عابرة أم متكررة؟ أو هو تقليد للآخرين؟ وهل السرقة كانت لتغطية فقدانه للحب والحنان أم لمجرد التباهي والتفاخر وإثبات الذات؟، وينبغي أن يؤخذ الطفل بالرفق واللين دون تشهير أو سخرية مع النصح والإرشاد المناسبين، ومع هذا لا ينبغي أن نجعل الطفل يفلت بسرقته دون أن نشعره أن هذا السلوك غير سليم، ومن أهم طرق العلاج استشارة أخصائي نفسي أو اجتماعي في حال سرقة الأشياء دون مبرر أو عند ازدياد حدته مع نمو الطفل، حيث المعالج النفسي يقوم بعقد عدة جلسات لمعرفة الأسباب الكامنة لاختيار الأسلوب المناسب في العلاج، مثل أساليب العلاج الفردي أو العلاج السلوكي المرتبط بالثواب والعقاب، وكذلك العلاج الاسري الذي يعتمد على العلاج التعليمي للوالدين فيما يخص أسباب مشكلة السرقة عند الطفل وطرق التعامل الصحيحة معها، كما أن سرد القصص القصيرة التي تحث على الأمانة مفيد جدًا للطفل، لتوضيح جزاء السارقين والعقوبات التي تنتظرهم في الدنيا والأخرة، كما أن تخصيص مصروف يومي أو أسبوعي للطفل مناسب له، يتصرف فيه بحرية لاستكمال ما ينقصه وما قد يحتاج إليه، وعلى الآباء الابتعاد عن العقوبات البدنية وأن يكونوا قدوة حسنة في سلوكهم وتوجهاتهم ■