المركز العربي للبحوث التربوية لدول الخليج صرح تربوي لتعزيز التعاون المشترك

المركز العربي للبحوث التربوية لدول الخليج صرح تربوي  لتعزيز التعاون المشترك

أدى المركز العربي للبحوث التربوية لدول الخليج دورًا بارزًا في النهوض بالتعليم وتوحيد غاياته وتطوير مناهجه، وتوفير الدعم اللازم لتحقيق التقدم والازدهار لشعوب الدول الأعضاء. وقد نجح المركز منذ إنشائه في عام 1977 بقرار من المؤتمر العام الثاني لوزراء التربية والتعليم في الدول الأعضاء بمكتب التربية العربي لدول الخليج، في تحقيق التعاون القائم على وحدة الهدف والمصير بين دول المنطقة وشعوبها التي يجمعها روابط الدين والدم واللغة والأرض. 

 

جاءت فكرة تأسيس المركز تلبية لرغبة قادة الدول الأعضاء لتنشئة أجيال جديدة على الهوية الخليجية المشتركة وتنمية وعيها بالروابط الوطيدة بين شعوب المنطقة وتاريخها المشترك من خلال اتباع النهج العلمي بربط مشاريع التطوير بنتائج البحوث والدراسات التي يجريها حول واقع نظم التعليم في الدول الأعضاء، وتوصيف الحلول وفق أحدث التوجهات التربوية على الصعيد العالمي، إلى جانب عقد الندوات واللقاءات والمؤتمرات العلمية بشكل متواصل. 

نشأة المركز 
سعيًا لتحقيق التعاون وترسيخ العلاقات في شتى المجالات، وبخاصة في مجال التربية والتعليم بين الأشقاء في دول الخليج العربي، أُنشئ المركز العربي للبحوث التربوية لدول الخليج بقرار من المؤتمر العام لوزراء التربية والتعليم في الدول الأعضاء بمكتب التربية العربي لدول الخليج، ونص القرار على أن يكون مقر المركز في دولة الكويت بعد أن تم توقيع اتفاق المقر في عام 1993 بين حكومة دولة الكويت ومكتب التربية العربي لدول الخليج في شأن امتيازات المركز وحصانته. ويمارس المركز عمله بإشراف مكتب التربية العربي لدول الخليج طبقًا لنظام أساسي للمركز وضعته لجنة متخصصة شكلها المكتب. ويضم المركز في عضويته الدول الأعضاء بالمكتب وهي: دولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين والجمهورية اليمنية ودولة الكويت والمملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان ودولة قطر. 
وفي مقابلة مع مدير المركز العربي للبحوث التربوية لدول الخليج د. محمد الشريكة قال إن المركز هو ذراع فنية لمكتب التربية العربي لدول الخليج، الذي يضم أربعة أجهزة قائمة، وهي جهاز الإدارة العامة في الرياض ونشاطاته موجهة للمعلمين والطلاب، والمركز العربي للتدريب التربوي في الدوحة المعني بقضايا التدريب وتحسين الممارسات التدريبية على مستوى الدول الأعضاء، والمركز التربوي للغة العربية في الشارقة المتخصص في قضايا اللغة العربية وتعزيز استخداماتها وخدمة غير الناطقين بها. وجميع هذه الأجهزة تتكامل فيما بينها لتحقيق أهداف توضع من قبل وزراء التربية والتعليم بشكل دوري، وقد اتجهنا الآن بحكم رتم الحياة المتغير والمتسارع إلى وضع خطط برامجية كل سنتين يتم تطويرها بالتوافق مع وزارات التربية والتعليم بناء على احتياجاتها. 

الهيكل التنظيمي للمركز 
يتكون الهيكل التنظيمي للمركز من: مكتب المدير والعلاقات العامة، ومجلس الأمناء، ووحدة الشؤون المالية والإدارية، ووحدة التوثيق والمعلومات، ووحدة القياس والتقويم، ووحدة البحوث التربوية. ويتولى مدير المركز الإشراف على تنفيذ ومتابعة الخطط والبرامج والمشروعات، واقتراح المشروعات والبرامج والموازنة التقديرية للمركز ورفعها للإدارة العامة لدراستها تمهيدًا لعرضها على المجلس التنفيذي. ويشرف مدير المركز على العمل لتنمية قدرات موظفي المركز ومهاراتهم ومعارفهم وإتاحة فرص التدريب والتأهيل اللازمة لهم، واقتراح اللوائح والتنظيمات الداخلية لعمل المركز. ويأتي دور مكتب المدير والعلاقات العامة بالتنسيق بين أعمال الوحدات الرئيسية بالمركز، والقيام بالتغطيات الإعلامية لأنشطة المركز، وتنظيم العلاقات العامة مع الجهات والهيئات المحلية والدولية التي يتصل عملها بمجالات عمل المركز، بالإضافة إلى القيام بإجراءات الاستقبال والضيافة للضيوف. 
وتقوم وحدة الشؤون المالية والإدارية بجميع العمليات المالية التي تستلزمها احتياجات العمل بالمركز، وإعداد مشروع الموازنة الخاصة بالمركز، وتنظيم السجلات والملفات والمراسلات. وتجري وحدة البحوث التربوية مسح أولويات الدول الأعضاء في مجال البحث التربوي للاستجابة لها في خطط المركز، وإعداد البحوث والدراسات، وتقديم الخدمات الاستشارية لطالبيها في مجال البحوث والدراسات التربوية، وتنشيط حركة البحث التربوي وتنمية الوعي بأهميته لدى المشتغلين بالتعليم، وتزويد وحدة التوثيق والمعلومات بالتجارب والبحوث التربوية الناجحة إقليميا ودوليًا والعمل على نشرها للمهتمين. وتعمل وحدة القياس والتقويم على إعداد البحوث والدراسات العلمية في مجال القياس والتقويم التربوي، بالإضافة إلى تقديم الاستشارات الفنية لطالبيها في هذا المجال، وتقديم خدمات التقويم التربوي في مجالات المناهج والقيادة التربوية والمعلم والطالب والبيئة، والمساعدة في بناء القدرات الوطنية وتطوير أساليب التقويم والاختبارات وتحديثها. 

مصدر للمعلومات
وتوفر وحدة التوثيق والمعلومات الإحصاءات والمعلومات والدراسات التربوية المختلفة وتوثيقها ونشرها، ورصد نتائج البرامج والمشاريع لتكون مصدرًا للمعلومات متاحًا للباحثين والمهتمين، وتبادل المعلومات مع المراكز المعنية بالبحث التربوي، وإصدار المطبوعات الإحصائية السنوية وملخصات الدراسات والبرامج، بالإضافة إلى بناء قاعدة معلومات تكون مرجعًا أساسيًا للمهتمين بالمجال التعليمي والتربوي، كما تشرف وحدة التوثيق والمعلومات على مكتبة المركز وتزويدها بالمراجع والدوريات ذات العلاقة بأعمال المركز، ونشر ملخصات الدراسات ونتائج المشاريع والتقارير والمستجدات على موقع المركز الإلكتروني.

أهداف المركز ومهامه
يهدف المركز إلى الإسهام في تطوير حركة التربية على أسس علمية في الدول الأعضاء لجعلها قوة فعالة في تنمية الثروة البشرية والتطوير الاجتماعي والاقتصادي للمنطقة، من خلال القيام بالبحوث والدراسات التربوية والتعليمية ذات الصلة بالميدان التربوي في الدول الأعضاء، ونشر وتعميم نتائجها، وإثراء الميدان بأحدث وأفضل ما انتهت إليه مراكز البحوث والدراسات الإقليمية والدولية، والتعاون في ذلك مع الدول الأعضاء. 
 ويشير مدير المركز د. محمد الشريكة إلى أن المركز إذا لم يكن له أثر على المحيط المحلي فلن يحقق أثرًا على المستوى الإقليمي، ونحن نسعى حاليًا لتطوير علاقتنا وشراكاتنا مع المجتمع المحلي، ومن ثم تطويرها على نطاق أوسع لتشمل المجال الإقليمي حيث كانت في السابق أغلب النشاطات محلية، ولكننا متجهون الآن لتكون الأنشطة مدورة على جميع الدول الأعضاء لتعمق علاقاتنا مع مسؤولي الدول، وتوجد صدى للأنشطة التربوية للمركز. 
وأفاد بأن من أهداف المركز القادمة التعاون والاستفادة من الخبرات الدولية؛ حيث قال إننا نعمل حاليًا على مشروع مع منظمة اليونيسكو في بيروت ومع خبراء دوليين بالإضافة إلى العمل للتعاقد مع المجلس الثقافي البريطاني لإنجاز مشروع متعلق باستراتيجيات تعليم اللغة الإنجليزية للمراحل الدراسية الأولى لتنفيذ بعض المشاريع بالتعاون مع جهات دولية، فضلاً عن علاقات المركز الواسعة مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ومقرها باريس، وسبق وأن عملت معهم في فريق عمل بناء على طلب من الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي، ووضعنا دراسة عن الفجوة بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل، صدرت في عام 2021، وتم نشرها على موقع مكتب التربية العربي لدول الخليج. وقد ناقشت الدراسة متطلبات سوق العمل في المستقبل بصورة عامة، وأعطت وقدمت استراتيجية لوزارات التربية والتعليم في دول الخليج العربي حول هذا الموضوع. 
ولفت الشريكة إلى أن العلاقات مع المنظمات والشركاء مستمرة وقائمة، ولكن في الوقت نفسه نعمل على خلق نوع من التوازن بين الاستفادة من الخبراء الدوليين والاستفادة من الخبراء المحليين؛ فمن المهم إتاحة الفرصة للخبرات المحلية لكي تثبت جدارتها على المستوى الدولي، وكذلك من المهم أيضًا الاستفادة من الخبرات الدولية في بعض القضايا، حيث نحاول قدر المستطاع أن نطوّر علاقاتنا مع المراكز العلمية الإقليمية والعالمية والربط مع تلك المراكز التي تخدم أهدافنا وتمكننا من إنجاز بعض المهام التي لم تكن متاحة في السابق. 
وعن طريقة التعاون مع الخبراء سواء محليين أو دوليين، أكد أن علاقة المركز مع الخبراء تكون عن طريق خبراء موظفين في المركز، وعن طريق خبراء من خارج المركز، والذين يستطيعون المشاركة وتقديم عروضهم الفنية والمالية عن طريق موقع المركز الإلكتروني حيث يمكن للخبراء من جميع دول العالم التواصل معنا. 
وبالنسبة لتنظيم العلاقات وتطويرها يذكر الشريكة أن المركز وضع أخيرًا بعض المعايير والقيم للعمل، من ضمنها قيمة الشفافية؛ ففي السابق كانت البرامج تطرح من خلال اجتهادات بعض الخبراء، أما الآن فقد أصبحت متاحة على موقع المركز الإلكتروني، وأصبحت متاحة لكل خبير يجد في نفسه القدرة على تقديم استمارات عروض فنية ومالية والتي يتم تقييمها من قبلنا، وهذا من باب إتاحة المجال للجميع للتقديم والمشاركة في برامج المركز ونشاطاته.
وعن مستهدفات المركز في الوقت الراهن، ذكر أن المستهدفات الأساسية تتمثل في تطوير البنية التحتية للمركز وتوسعة مرافقه، وكذلك تهيئة الأجواء للعاملين بحيث تكون بيئة عمل مريحة وجاذبة من حيث نوعية الخدمات المقدمة، وإنشاء قاعدة بيانات للمستفيدين سنحاول فيها حصر جميع الخبراء وأن يكونوا جزءًا أساسيًا من أنشطة المركز وإتاحة مشاركتهم عن بعد. وأضاف أن المركز طوّر أخيرًا قسم نظم المعلومات، وأصبح العاملون يصلون للأدوات التكنولوجية الحديثة عن بعد، كما يسعى المركز لتطوير طاقم العمل والتركيز على العمالة المحلية؛ بحيث تكون جميع العمالة في المركز من أبناء مجلس التعاون الخليجي. كما تشمل أهداف المركز الإسهام في صياغة السياسات التعليمية من خلال المعلومات المبنية على البحث التربوي، وإجراء البحوث والدراسات التربوية حول الظواهر والمتغيرات المرتبطة بالتربية والتعليم في الدول الأعضاء، ورصد حركة البحث التربوي في العالم، وتجريب الممارسات والمستجدات التربوية للتعرف على مدى فعاليتها، بالإضافة إلى تشجيع حركة البحث والإسهام في تعزيز ممارسات القياس والتقويم، وتقديم الخدمات الاستشارية والفنية، وإنشاء وتحديث قواعد بيانات بمراكز البحث التربوي وبالباحثين التربويين، والتعاون مع المؤسسات التربوية وعقد الشراكات مع المؤسسات والمراكز المعنية بالبحوث والدراسات التربوية، وكذلك تسويق برامج المركز وإصداراته ونشاطاته وتعميمها على وزارات التربية والتعليم ومؤسسات التعليم في الدول الأعضاء. 

مجالات عمل المركز 
تتنوع مجالات عمل المركز لتشمل إجراء البحوث والدراسات، وعقد الندوات العلمية، وإقامة المشاغل التربوية وورش العمل، وتقديم الاستشارات التربوية، والمشاركة في المؤتمرات والندوات التربوية محليًا وعالميًا، وتنفيذ مجموعة من البحوث والدراسات التي تبحث قضايا التعليم ومشكلاته وسبل تطويره. وقد نفذ المركز الكثير من البحوث والدراسات التي غطت جميع جوانب الواقع التعليمي والتربوي والثقافي في الدول الأعضاء في مجالات عديدة، منها تطوير المناهج الدراسية، وتعليم اللغة العربية، وتعليم ذوي الاحتياجات الخاصة، وتعزيز قيم المواطنة، وتنمية مهارات التفكير، وتعزيز الوعي الأسري والمجتمعي بالقضايا التربوية. ومن مجالات عمل المركز عقد الندوات واللقاءات العلمية التي تجمع بين الخبراء والاختصاصيين بوصفها نشاطًا أساسيًا ضمن آلية تنفيذ برامجه. وقد نفذ المركز منذ تأسيسه العديد من الندوات واللقاءات بهدف عرض ما أنجزه المركز من أبحاث ودراسات على المسؤولين والاختصاصيين في الدول الأعضاء وإطلاعهم على نتائجها وتعرف ملاحظاتهم عليها، ومن ثم تعديل هذه الأبحاث والدراسات. كما يقوم المركز بتقديم الدورات التدريبية وورش العمل، ومساعدة المعلمين والعاملين في المجال التربوي على اختلاف تخصصاتهم ومراكزهم على النمو العلمي والمهني والثقافي. 
ومن ضمن مجالات عمل المركز إصدار مطبوعات دورية ربع سنوية تتضمن خلاصة أحدث نواتج الدراسات والبحوث العالمية في المجالات التربوية وتطبيقاتها بعنوان «مستقبليات تربوية»، والتي ترصد الأعمال البحثية المتميزة على المستوى الإقليمي والعالمي واستخلاص أبرز نواتجها المرتبطة بشؤون التعليم وتطويره. كما يقيم المركز موسمًا ثقافيًا تربويًا في كل عام، يشتمل على محاضرات وندوات علمية، ويشارك فيه اختصاصيون في مختلف المجالات الثقافية والعلمية والتربوية، والتي يسعى المركز من ورائها إلى توثيق علاقته بمحيطه الاجتماعي والثقافي وتعزيز دور الأسرة والمجتمع في التعليم، بالإضافة إلى عقد المركز للحلقات النقاشية بمشاركة اختصاصيين أكاديميين وفئات من المعنيين في المجال التربوي، وتهدف الحلقات النقاشية إلى تناول المستجدات التربوية والقضايا الملحّة ذات العلاقة بالتطوير التربوي. 
ومن ضمن خطط برامج المركز تنظيم مؤتمر تربوي دولي في كل دورة مالية يشارك فيه خبراء تربويون من مختلف مناطق العالم، لإيجاد حلقة تواصل دولية تسهم في نقل الخبرات والممارسات الدولية في جميع المجالات التربوية والتعليمية، والإسهام في إبراز تجارب الدول الأعضاء ومبادراتها في تطوير التعليم. 
وتشمل أيضًا مجالات اهتمامات المركز تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء في مجالات البحث التربوي، ودعم التجديد والابتكار في مجال التعليم، وتوثيق مشروعات التطوير التربوي في الدول الأعضاء، وتطوير قواعد البيانات وتبادل الخبرات المهنية، ووضع آليات للعمل المشترك. وقد حرص المركز منذ إنشائه على إقامة روابط بينه وبين المؤسسات والأجهزة الإقليمية والدولية المعنية بالتعليم والبحث التربوي، ومن بينها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو)، والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إسيسكو)، والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو)، ومكتب التربية الدولي التابع لليونيسكو بجنيف، والمعهد الدولي للتخطيط التربوي التابع لليونيسكو، ومكتب اليونيسكو الإقليمي للتربية في الدول العربية ببيروت. ويقدم المركز الخدمات الاستشارية في مجالات البحث والتطوير التربوي للجهات والمؤسسات التربوية الحكومية والخاصة الراغبة في الاستفادة من خبرات المركز. 
وتوفر خدمات المعلومات والتوثيق كل الإمكانات اللازمة لتنمية خدمات البحث التربوي داخل المركز وخارجه. وقد قام المركز بتطوير المكتبة التي أولاها عناية خاصة ووفر لها جميع الإمكانات لتنمية قدراتها المعلوماتية، بحيث تتمكن من تقديم خدمات عالية الجودة لجمهور المستفيدين والمختصين في القطاع التربوي، بالإضافة لخدمة المنظمات والمؤسسات التربوية الأخرى ■