ذكريات القصبجي (1/2)

ذكريات القصبجي  (1/2)

هي نتفٌ من ذكرياتٍ باح بها القصبجي، متّبعًا أسلوب بعض الدّول في الإفراج عن الأسرار بعد فترة من الزّمن تكون ثلاثين عامًا في الغالب، إلّا أنّ القصبجي انتظر ستّينًا من الأعوام، ضمانًا للسّلامة، وتجنّبًا للإساءة والضّرر. 

 

متابعو الموسيقى العربيّة يعرفون جيّدًا المقطوعة الموسيقيّة الّتي وضعها محمّد القصبجي، وعنونها بِـ «ذكرياتي». المقطوعة قائمة بذاتها، ولا علاقة لها بأيّ نصّ شعريّ، مع ذلك كان يتمّ عزفها في بعض حفلات أمّ كلثوم، خصوصًا قبل تقديم رائعته «رقّ الحبيب»، من دون أن تكون تابعة للبناء اللّحني لهذه الأغنية، إنّما لمجرّد أنّها من المقام الموسيقيّ نفسه (نهوند). وكان ذلك يحصل في الزّمن الّذي كانت أمّ كلثوم راضية فيه عن القصبجي، وتسمح له بأن يدلي بإضافاته من مقطوعات وتقاسيم (خصوصًا تقاسيمه الرّهيبة على العود في استهلال لحن أغنية «الأوّلى في الغرام» من تلحين زكريّا أحمد). ولطالما تمّ تدريس «ذكرياتي» في المعاهد الموسيقيّة، ولطالما أيضًا عزفتها الفرق الموسيقيّة هنا وهناك في ديار الموسيقى العربيّة، كما أنّها ترسّخت من قِبل خُماسي الإذاعة المصريّة (قانون محمّد عبده صالح، عود جورج ميشيل، كمانجة أحمد الحفناوي، تشيللّو محمود رمزي، رقّ إبراهيم عفيفي). 
تبدأ موسيقى «ذكرياتي» بسكتة إيقاعيّة قصيرة، وتتدرّج نغماتها بعد ذلك بتمهّل قد تكون دلالته التّروّي وطول التّفكير، إلى أن تنتهي بإيقاع سريع، وكأنّ مبدعها ضاق ذرعًا بتردّده وتحفّظه، قائلًا: تريدون أكثر؟ ها أنا ألقي بالعبء من على كتفيّ. هذا كل ما أستطيع البوح به. تفضّلوا... 
وإذا ما تساءلنا عن ذكريات القصبجي في الحياة اليوميّة الّتي عاشها، فلن نحيد عن مقارنة مقطوعات عمره بمقطوعته الموسيقيّة هذه. وليس غريبًا أن نقول ذلك، فالرّجل لم ينفصل، ولم يبتعد عن الموسيقى منذ طفولته. تمامًا كعدم ابتعاده عن ملهمة ألحانه: أمّ كلثوم، حتّى في ساعات تعبه ومرضه... وشيخوخته. 
ويشترط النّقَاد أن تكون هناك تجارب عاطفيّة في حياة من يودّ كتابة ذكريات صحيحة، تنجح وتلقى رواجًا بين المستمعين والقرّاء والمتابعين، كما يشترطون وجود شبكات من العلاقات الاجتماعيّة (لقاءات وحفلات ومقابلات)، مع ما يتبع ذلك من ظهور واختفاء، وارتفاع وهبوط، ونجاح وفشل، وما إلى ذلك من مغامرات... وهذا ممّا لم يكن القصبجي يسمح به لنفسه، إذ كانت حياته «مفرملة» منضبطة موزونة، يسود فيها التّحفّظ والتّستّر. فالرّجل تزوّج مرّة واثنتين... وأربعًا، ليس في غمراتٍ غراميّة مشتعلة لاهبة، إنّما في تتابع إداريّ رقميّ، طلبًا لذريّة لم تكن متاحة. وما باح به عن علاقته بالمرأة، كان نتفًا من علاقات خفِرة حذِرة، تمّت في مرحلة الطّفولة البعيدة، ليس إلّا. وهو كان مواظبًا على المشاركة في تسجيلات ألحانه للفنّانات والفنّانين، وعلى المشاركة في حفلات أمّ كلثوم في مصر وخارجها، لكنّه كان مواظبًا أيضًا على العودة إلى بيته، أو إلى الفندق، عند نهاية كلّ حفلة. وكان حريصًا متنبّهًا في مصاريفه الماليّة، بحكم الأعباء العائليّة المتراكمة (زوجاته، وأخواته وعائلاتهنّ)، ممّا هيّأ لراغبي الأقاويل أن يتحدّثوا بشكلٍ مستمر عن ضيق ذات يده وتقتيره (وهو بأيّ حال كان ملحّنًا، ولم يكن ممثّلًا في السّينما أو في المسرح، أو منتجًا أو متعهّدًا، أو على الأقل لم يكن مغنّيًا بحيث يتمكّن من جمع المال الوفير). ومن المعروف أنّ مسكنه كان في محلّة بسيطة لا تتيسّر فيها مقتضيات العيش الكريم. 

ذكريات ومذكرات
وفي الحديث عن بقايا ذاكرة القصبجي تلك، ترد كلمتان: ذكريات، ومذكّرات. ففي مجلّة الكواكب (المصريّة)، اعتبارًا من 12 يناير 1954، وعلى مدى حلقات خمس، وردت تلك البقايا تحت عنوان: «ذكريات محمّد القصبجي» (وكأنّ المجلّة اعتمدت تلك التّسمية انسجامًا مع المقطوعة الموسيقيّة «ذكرياتي»). أمّا في كتاب محمود كامل، فقد وردت التّسمية تحت عنوان: «مذكّرات». وفي التّفاصيل أنّ القصبجي، المتكتّم هذا، كان يحرص على تدوين أحداث أيامه، إنّما لنفسه ليس إلّا. وقد بدأ بفعل ذلك، وبشكلٍ مستمر، منذ صغره، منذ كان طالبًا في الأزهر. إلّا أنّه في العام 1942 أصيب بدوارٍ حاد، ممّا جعله يظنّ بأنّه مهدّد بالموت المؤكّد، فأقدم على إحراق تلك المذكّرات كي لا يطّلع عليها أحد من بعده. فهي شخصيّة وتخصّه وحده. وعندما نجا من المرض، استأنف كتابتها من جديد. 
وفي المقارنة بين ذكريات ومذكّرات، يقول المفسّرون إنّ الأولى هي الأحداث الّتي مرّ بها الإنسان في الماضي، وبقيت حيّة في ذاكرته، بينما الثّانية هي تدوين تلك الأحداث والكتابة عنها، بحيث يصبح بالإمكان قراءتها والاطّلاع عليها من قبل الآخرين.
 
في معرض الذّكريات
كان محمّد وحيد أبويه من الصّبيان. من هنا كان دلاله، وبالتّالي شقاوته في الحيّ الّذي كان يعيش فيه: «كنت أشعر بأنّني أشقى أطفال العالم قاطبة، وأنا اليوم من يبدو أكثر هدوءًا من التّرع الرّاكدة، وأكثر خجلًا من عذراء القرن التّاسع عشر». 
وعن حبّه الأوّل يقول، وهو يردّد «يا سلام على حبّ أيّام زمان»: «أحببت فتاة كانت في الرّابعة عشرة، ذات بشرة ورديّة وجمال فتّان. وكانت تغار عليّ. في مرّة قالت لي مهدّدة متوعّدة: عينيك الزّايغة على فردوس تجعلني أفكّر في شتمك في الحارة. ابتعد عنها أحسن لك. عندها تأكدّت من إعجابها بي. مع ذلك كانت تتردّد قبل أن تقابلني. حتّى المقابلات البريئة بين قلبين محبّين بريئين كانت غير ميسّرة». كانا يكتفيان بتبادل الوريقات الّتي كانت تتضمّن عبارات الحبّ والشّوق بينهما. «وكنت ألجأ أحيانًأ إلى أن أكلّمها على طريقتي، بواسطة كلمات أكتبها وألحّنها وأعزفها على العود وأغنّيها من بعيد. أمّا الوريقات فكان يتمّ تبادلها بواسطة أحد صبيان الحي، وكان صاحبًا لي وأعتمد عليه. كان ساعي البريد هذا يتلقّى ملّيمًا واحدًا عن كل ورقة يرسلها، أو يأتي بها. السّاعي كان يتقدّم إلى حديقة منزل الفتاة عندما يقترب الظّلام، ويناديها، فتنزل إليه لتتلقّف الرّسالة. في مرّة أطلّ النّحس برأسه ووقعت الطّامة. أطلق السّاعي الصّوت كعادته وراح ينتظر. اقترب منه خيال شخص ظنّ أنّه الفتاة. خذي، هذا جواب محمّد، قال. لكنّ هذا الخيال كان خيال شقيق الفتاة الحبيبة، الّذي راح يعنّف السّاعي، ويستجوبه ويهدّده. وكان ما كان. وبقيت أسبوعًا كاملًا لا أستطيع الظّهور نهارًا في الحتّة. وكان هذا آخر عهدي بحبّ الصّبايا الصّغيرات». 
لكنّ تلك الشّقاوة كانت تقابلها جدّيّة الوالد في التّربية المنزليّة، وحرصه على متابعة الدّروس. كانت البداية الدّخول إلى الكتّاب لحفظ القرآن، والرّغبة في الالتحاق المستقبلي بوظيفة محترمة، خصوصًا وظيفة التّعليم، من هنا كانت الدّراسة اللّاحقة في معهد المعلّمين: «كان أبي رحمه الله جادًّا في تربيتي، شديد الحرص على تنشئتي تنشئة محافظة صالحة، ولا يزال أثر هذه الشّدّة باقيًا في حياتي حتّى الآن». 
بين فترات الدّراسة مال الولد محمّد إلى العمل بهدف الحصول على المال، والحفاظ على موقعه بين أولاد الحارة. ومن ضمن المهن الّتي خاض غمارها مهنة «عطشجي» في مصلحة السّكّة الحديد (وكانت مهمّة العطشجي هي أن يملأ خزّانات القطار بالماء، فالقطار القديم كان يعتمد على البخار في سيره). والفرق كبير بالتّأكيد بين ضجيج القطار ذاك، وهمس الموسيقى الّتي انتهى إليها لاحقًا. بعد السّكّة الحديد، انتقل الولد إلى العمل في رصف الحروف في إحدى المطابع. وكان خوف الوالد يزداد على ابنه من أن يبتعد عن دروسه. لكنّه لم يبتعد عنها، بل أضاف إليها التّحصيل الموسيقي بعد أن وافق الوالد على ذلك تقديرًا منه لموهبته السّاطعة. عمل الشّاب الواعد مدرّسًا دينيًّا، وبالموازاة، كان يعزف على العود في الحفلات والأفراح، وبالتّالي في الفرق الموسيقيّة التّراثيّة المعروفة. 

القصبجي ملحّنًا
كرّس القصبجي نفسه للتّلحين، فأخلص لرسالته وأتقنها. تميّزت ألحانه بالتّجديد الدّائم، خصوصًا بعد أن طوى صفحة الالتزام بالموسيقى التّراثيّة. حرص على تصوير المعاني، والتّعبير عن مضامين النّصوص، من دون أن يهمل رغبة المستمع في الانسجام مع ما يستمع إليه. وقد غلب الحزن على تلك الألحان، خصوصًا وأنّ نصوصها (وفي أغلبها لأحمد رامي) تدور حول مصاعب اللّقاء بين الأحبّة، وحول الفراق والألم والحيرة... لكنّ ذلك الحزن كان شامخًا معتدًّا صابرًا، ولم يكن بكائيًّا ولا مستسلمًا. وكان القصبجي يقول إنّ مصادر ألحانه ليست معاني النّصوص فحسب، وإنّما كان يأتي بها من متابعته للحالات الصّعبة في الحياة والمجتمع، وفي الطّبيعة، من هنا قوله: «مع الرّعد والبرق تنساب روحي إلى عالم جديد. وكلّ ما هو غير طبيعيّ في المجتمع يؤثّر بي ويلهمني. الجرائم نفسها قد تكون مصدرًا من مصادر وحيي».
لحّن القصبجي في البداية لِـ: توحيدة، منيرة المهديّة، زكي مراد... وبعد ذلك لأمّ كلثوم الّتي حقّق معها نجاحه في إطلاق الصّيغة التّلحينيّة الجديدة: المونولوغ، انطلاقًا من «إنّ حالي في هواها عجب» (1924)، وترسّخًا مع «إن كنت أسامح وأنسى الأسّية» (1928)، مرورًا بأكثر من مونولوغ ناجح، وصولًا إلى «رقّ الحبيب» (1942).
بالإضافة الى أمّ كلثوم، كان يرى أنّ الفرصة متاحة أيضًا مع أسمهان في فرادة صوتها، وخصوصيّة أدائها، وفي قدرتها على تطبيق قواعد الأداء الغربي المتطوّر، مع الاحتفاظ بأسس الموسيقى العربيّة ومذاقها. وكان ذلك متاحًا أيضًا مع ليلى مراد. 
وتكتب جمانة مصطفى عن ميل القصبجي إلى التّطوير: «لقد قدّم أعمالًا سابقة لعصرها في الأسلوب والتكنيك، وأضاف إلى الموسيقى الشّرقيّة ألوانًا من الإيقاعات الجديدة، والألحان سريعة الحركة، والجمل المنضبطة والبعيدة عن الارتجال». وعن القصبجي الّذي ارتضى أن يستمر عازفًا في فرقة موسيقيّة، تكتب: كان في ذلك تقدير للملحّنين الجدد الّذين كان يعزف ألحانهم، وهذا مكسب كبير لهم، واعتراف ضمني بجودة ألحانهم. 
 ومن كتاب إيزيس فتح الله، ومحمود كامل، والسّيّد النّجّار، وسعيد رجب، عن القصبجي: لقد تعلّم مبادئ التّوزيع الأوركسترالي على أيدي قادة الفرق الموسيقيّة الّتي كانت تعمل في مصر. كما كان يحرص على ألّا تفوته مشاهدة مواسم الأوبرا الأجنبيّة، وفرق الباليه الّتي كانت تفد إلى مصر كلّ عام، إضافة إلى حرصه على حضور حفلات الأوركسترا السيمفونيّة في القاهرة، كلّ ذلك أمدّه بالكثير من الإبداعات الموسيقيّة. 
لكنّ هذا القصبجي، وإن يكن قد تأثّر بالموسيقى الغربيّة، إلّا أنّه بقي موسيقيًّا شرقيًّا أصيلًا، وما استقاه من علوم وأنغام إنّما أفاد به موسيقاه الأم، ودعم مسيرتها. وهنا يقول سليم سحّاب: «إنّ استخدام التّلوين المقاميّ المتشعّب، إلى جانب الجمل اللّحنيّة الرّائعة، واللّوازم الموسيقيّة الهرمونيّة، يجعل من مونولوغ القصبجي مناجاة أوبراليّة بكل معنى الكلمة. فالموسيقى عربيّة. عُرب الغناء عربيّة. الإيقاع عربيّ. والهرمونيا ذات طابع عربيّ». 
لم يُكثِر القصبجي من تأليف المقطوعات الموسيقيّة، وما قدّمه من مقطوعات يمكن وصفه بأنّه مناجاة وجدانيّة زخرفيّة، كما أنّ عناوينه تشير إليه: من وحي أفكاري، حيرة، بعد الغياب، كابريس... هذا عدا عن مقطوعته المعروفة والمحفوظة «ذكرياتي»، وهي الدّافعة الى إعداد هذا المقال. وقد اشترك القصبجي مع زملائه: سامي الشّوّا، عبدالحميد القضّابي، علي الرّشيدي... في أداء المقطوعات الموسيقيّة التّراثيّة من بشارف وسماعيّات وتحميلات، إلّا أنّه لم يكتب شيئًا على شاكلة تلك المقطوعات، باستثناء واحدة: سماعي رست، وهذا السّماعي يختلف في حبكته النّغميّة عن معظم السّماعيّات السّابقة، وهو يذكّر بسماعي شت عربان جميل الطّنبوري، وكان ممّا يذكّر به في المعاهد الموسيقيّة: سماعي رست جورج ميشيل، وسماعي زنجران فريد غصن، وسماعي سوزدل سليم الحلو.

القصبجي مغنّيًا
 دأب القصبجي منذ اختياره السّير في طريق الفنّ على أن يكون عمله متقنًا متفوّقًا لافتًا. وهو عمل في بدايته مغنّيًا بهدف إشباع هوايته وبهدف كسب المال. لكن، عندما أصبح الأمر جدّيًّا، وقف يراجع إمكانيّاته خوفًا من أن يتعرّض لنكسة أو صدمة في علاقته مع الجمهور، خصوصًا وأنّ النّشاط الموسيقي هو شأن عام يطّلع عليه الجميع، ويبدي الرأي به الجميع. بذلك استمع مليًّا إلى نفسه بنفسه، وحكم بأنّ لا لمعة في صوته، ولا صفاء رنّة، وبأنّ هذا الصّوت لا يحقّق أمنياته في النّجاح، ولا يستطيع أداء ألحانه الواعدة. بعد ذلك وقف أمام المرآة. سلّم جسده لذاك الزّجاج المصقول، وسأل: هل أنّ شكلي يساعدني في الوصول إلى عيون المستمعين وقلوبهم؟ وقبل أن تنطق المرآة بشيء، قال هو لنفسه: هذا الشّكل لا يصلح للغناء. ويقول القصبجي في ذلك: «هل لو أخذت بنصيحة النّاصحين، واحترفت الغناء، كنت أصبحت المطرب الشّهير محمّد القصبجي؟ أظنّ: لا. لأنّ صوتي مش ولا بدّ، ومع علمي بأنّ الصّوت وحده ليس عدّة المطرب، فهناك الشّكل، لا بل التّكوين الجسماني المتماسك، الّذي لا يذبل بمرور الأيّام، وهذا ما لا يتوافر لديّ أيضًا. فأنا من النّوع الّذي يذبل شبابه بسرعة، وتلخبط الأيّام وجهه من غير تحذير ولا إنذار. إنّ خمسين في المئة من قيمة المغنّي ترجع إلى شبابه وقوامه وجماله. وأضيف: إنّ أنفي يحول بيني وبين الغناء النّاجح، فزكام بسيط يوقف صوتي تمامًا، وهذا يعني أنّني إن غنّيت، قد أغنّي نصف العام في العام». ويضيف القصبجي في ذكرياته: «غنّيت في حفلات خاصّة عديدة في شبابي، وسمعت كلمات الأطراء والإعجاب. لكنّني فضّلت أن أعرف نفسي بنفسي. وهكذا تحوّلت من مشروع مطرب إلى ملحّن ومعلّم في الموسيقى، وهذه رسالة لا تتوقّف حتّى يوقفها الموت» ■