الخوف عند الأطفال

الخوف  عند الأطفال

ليس غريبًا أن نخاف! فالخوف أمر طبيعي يشعر به الإنسان - الكبير والصغير على حد سواء - في بعض المواقف التي تهدد حياته بالخطر، والخوف الطبيعي المعقول مفيد للإنسان بل يعد من عوامل البناء في الشخصية الإنسانية، فإذا كان الفرد منا لا يخاف من موقف مؤلم فقد يتعرض لإصابة خطيرة، لكن هناك من الخوف ما هو مرضي، بل إن من الخوف ما هو قاتل!، فالخوف المبالغ فيه والمتكرر لأي سبب يكون خوفًا غير طبيعي.

والخوف أحد الانفعالات التي يعيشها الإنسان في حياته بل أكثرها شيوعًا، وتثيره في مواقف عديدة لا حصر لها، وقد تتباين تباينًا كبيرًا في حياة مختلف الأفراد، كما تتنوع في شدته من مجرد الحذر إلى الهلع والرعب، ويعتبر إحدى القوى التي تعمل على البناء أو الهدم في تكوين الشخصية ونموها.
الخوف هو رد فعل طبيعي يستجيب به الفرد نتيجة شعوره بوجود خطر يهدده، وقد يكون هذا الخطر حقيقيًا ومتخيلًا، وتترافق مشاعر التهديد بتغيرات جسدية ونفسية، إذ يشعر الفرد بالتعرق، وبرودة الأطراف، والغثيان، والدوران، وسرعة خفقان القلب. وسواء أكان الموقف المهدد حيوانًا مفترسًا يواجه الإنسان أم كارثة طبيعية أم مقابلة مع شخص مهم أم إجراء امتحان فإن التغييرات الجسدية هي بنفسها في الحالات كلها.

مثيرات الخوف
يرى معظم العلماء أن الخوف انفعال يظهر لدى الأطفال في السنوات الأولى من عمر الطفل، وأن الأصوات العالية الفجائية من أهم المثيرات الأولى للخوف في الطفولة المبكرة، خصوصًا عندما تكون الأم بعيدة عن المنزل، ومع تقدم عمر الطفل تزداد مثيرات الخوف وتتنوع، ففي السنة الثانية وحتى الخامسة قد يفزع الطفل من رؤية الأشخاص الغرباء ومن الوقوع من مكان مرتفع ومن الحيوانات التي لم يألفها، ويخاف من الخبرات المؤلمة التي مر بها كالعلاج الطبي أو زيارة طبيب الأسنان، كما يخاف مما يخاف منه من حوله من الكبار في البيئة التي يعيش فيها لأنه يقلدهم، فهو يتأثر بمخاوف الغير حتى لو لم تكن واقعية.
تتنوع المخاوف عند الأطفال، حيث تنقسم إلى الخوف الطبيعي، وهو شعور طبيعي كرد فعل لمؤثر خارجي، حيث يتخذ الشخص إزاءه أسلوبًا دفاعيًا أو وقائيًا، كالخوف من الأفعى، وهناك الخوف المرضي، وهو خوف غير عادي ومبالغ فيه، ويغلب عليه التكرار من أمور وهمية غير حقيقية، وممكن تقسيم مخاوف الأطفال بحسب موضوعاتها إلى مخاوف حسية ومخاوف غير حسية، حيث إن المخاوف الحسية هي التي يمكن إدراكها بالحواس كالخوف من بعض الحشرات وغيرها، والمخاوف غير الحسية كالخوف من الأشباح.
تتعدد مظاهر الخوف، منها الظاهري مثل التعرق وزيادة ضربات القلب، ومنها ما هو سلوكي كالتأتأة والتلعثم والانسحاب والانطواء، كما قد يكون الخوف مصحوبًا بالصراخ والبكاء، وقد يصاحبه التبول اللاإرادي، وله تأثير على البناء النفسي للشخصية وعلى علاقات الطفل الاجتماعية بالمحيطين به.
تتعدد دوافع وأسباب الخوف عند الأطفال، منها الخبرات المؤلمة ويحدث القلق عندما يكون ضيق نفسي أو جرح جسدي ناتج من خوف يشعر به الأطفال بالعجز، وبعدم القدرة على التكيف مع الحوادث، والنتيجة هي بقاء الخوف لفترة طويلة من الوقت، وقد يستعمل الأطفال أسلوب الخوف للتأثير على الآخرين أو السيطرة عليهم، أحيانًا يكون الخوف الوسيلة الوحيدة لجذب الانتباه، مثلًا خوف الطفل من المدرسة، فالطفل يظهر خوفه من المدرسة حتى لا يذهب إليها، والبقاء في المنزل، وإذا كان الوالدان يكافئان الطفل على الجلوس في المنزل، الأمر الذي يجعل الطفل يشعر أنها تجربة ممتعة بالنسبة له وبالتالي يجعل الخوف سبباً له للسيطرة على الآخرين وقد يتحول هذا الخوف إلى عادة. النقد والتوبيخ المتزايد ربما يقودان الطفل إلى الشعور بالخوف، حيث يشعر الأطفال بأنهم لا يمكن أن يعملوا شيئًا بشكل صحيح، ويبررون ذلك بأنهم يتوقعون النقد لذلك فهم يخافون، فالنقد والتوبيخ ربما يصنع أطفالاً خائفين أو خجولين، وكذلك المعارك الطويلة بين الوالدين أو بين الاخوة أو بين الآباء والأطفال تخلق جوًا متوترًا، وتحفز مشاعر عدم الأمان، وبالتالي يشعر الأطفال بعدم المقدرة على التعامل مع مخاوف الطفولة حتى مجرد مناقشة المشاكل الاجتماعية أو المادية التي تخيف الأطفال، وقد تنتج الصراحة والقسوة والقوة أطفالًا خائفين أو يخافون من السلطة، لذلك أكثر الأطفال يخافون من المعلمين أو رجال الشرطة، وإن توقعات الآباء الخيالية هي أيضًا من الأسباب القوية والمسؤولة عن الخوف عند الأطفال، وعن فشلهم، حيث إن الآباء الذين يتوقعون من أطفالهم التمام في جميع الأعمال غالبًا يتكون عند أطفالهم الخوف، ولا يستطيعون أن يلبوا حاجات الآباء، ويصبحون خائفين من القيام بأي تجربة أو محاولة خوفًا من الفشل.

الخوف من الظلام
للوالدين دور كبير لوقاية طفلهم في التغلب على الخوف، حيث يتوقف هذا الأمر على أسلوب التعامل مع الطفل، حيث يجب على الوالدين الامتناع عن استغلال شعور طفلهما بضعفه وقلة حيلته واستعداده الطبيعي للخيالات الواسعة، وعليهما أن يبحثا عن طريق آخر لإلزامه بطاعتهما مثل الحزم والحب، وكذلك الامتناع عن تهديد الطفل وتخويفه، كما يجب إشغاله عن المخاوف بإعطائه فرصًا أكثر للخروج من المنزل للاختلاط مع الأطفال الآخرين في مثل سنه، فكلما زاد انشغاله قل اهتمامه بالمخاوف، وإذا كان الطفل يخاف من الظلام، فيمكن للطفل أن ينام في غرفة بها ضوء، ويقلل الضوء ليلة بعد أخرى، ولا مانع أن يحتفظ بمصباح بجانبه يضيئه إذا شعر بالخوف، ويجب إقناع الطفل بالدليل المحسوس أن الظلام لا يدعو لكل هذا الخوف، ومن أهم العوامل التي تساعد على عدم الخوف من الظلام أن يكون الكبار أنفسهم ممن لا يخوف من الظلام.
الخوف يفسد الحياة ويجعل منها عبئًا ثقيلًا يصعب احتماله، والخوف الزائد لدى الأطفال أمر مقلق للآباء، لذلك ممكن الاستعانة بأخصائي نفسي إذا لزم الأمر ■