نظرة جديدة في شعر حسّان بن ثابت وحياته

نظرة جديدة  في شعر حسّان بن ثابت وحياته

حسّان بن ثابت شاعر كثرت فيه وفي شعره الأقاويل، وهو يستحق، بلا شك، نظرة جديدة تتوخى الموضوعية والعدل، بدءًا بشعره، مرورًا بحياته الأسريّة وبعض صفاته، وانتهاء بتاريخ مولده ووفاته.
شهرة مدحه للرسول (صلى الله عليه وسلم) والتباسه بغيره لا يكاد يقال شعر إسلاميّ، ولاسيما في مدح النبيّ (صلى الله عليه وسلم) إلا وينسبه كثيرون إلى حسّان بن ثابت ولو كان لشعراء محْدَثين، كالبيتين اللذين قالهما الشاعر المعاصر محمد سعاد ونحلهما كثيرون لحسّان:
    لمّا نظرتُ إلى أنوارِهِ سَطعتْ
        وضعتُ من خِيفتي كفّي على بصري
    خوفًا على بصري من حُسنِ صورتِهِ
        ولستُ أَنظرهُ إلا على قَدَرِ

يروي كتاب الأغاني أن أبا بكر بن عبدالرحمن المخزوميّ رشا الشاعر أبا نهشل لكي يدّعي أنه سمع حسّان ينشد النبيَّ (صلى الله عليه وسلم) أبياتًا أملاها عليه، فأبى الشاعر ذلك؛ وحينئذ طَلب إليه أن يقول هو أبياتًا في مدح بني أمية وينسبها إلى عبدالله بن الزِبَعْرى، فوافق. والغريب أن «الأغاني» لم ينسب تلك الأبيات إلى أبي نهشل بل إلى ابن الزبعرى، وإلى عمر بن أبي ربيعة، وهي ليست في ديوانه؛ وأن أبا بكر بن عبدالرحمن فقيه محدّث ورع ملقب براهب قريش؛ فالخبر محل شك، لكنه صدى لحقيقة ثابتة أدركها العلماء قديمًا وحديثاً، وهي كثرة الشعر المحمول على حسّان. 
 أشهر مدائحه في النبيّ (صلى الله عليه وسلم)
وأشهر شعر حسّان في النبيّ (صلى الله عليه وسلم) همزيّته التي مطلعها:
عَفَتْ ذاتُ الأَصابعِ فالجِواءُ
إلى عَذْراءَ مَنزلُها خَلاءُ
وقد اكتفى رواة الحديث النبويّ من هذه القصيدة بالجزء الذي فيه مديح للنبيّ (صلى الله عليه وسلم)، وهو اثنا عشر بيتًا من أصل واحد وثلاثين مرويّة في الديوان وفي سيرة ابن هشام؛ وفي هذه الأبيات يخاطب حسّان أبا سفيان بقوله:
هَجَوْتَ مُحَمَّدًا فَأَجَبْتُ عَنْهُ 
وَعِنْدَ اللَّهِ في ذَاكَ الْجَزَاءُ
هَجَوْتَ مُحَمَّدًا بَرًّا تَقِيًّا 
رَسُولَ اللَّهِ شِيمَتُهُ الْوَفَاءُ
فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِي 
لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ
إلى أن يبلغ البيت الثاني عشر. ولعل هذا الجزء هو الجزء الموثوق من القصيدة، لأن نقْد رواية الحديث أصح من نقد رواية الأدب؛ فرواية الحديث تخضع لعلم دقيق، أما رواية الأدب القديم فتخضع للرغبة في الإمتاع. 
لكن هذه الأبيات الاثني عشر معرّضة، مع ذلك، لما تتعرّض له رواية الحديث من التعويل أحيانًا على المعنى دون اللفظ، ومن عجمة محتملة لبعض الرواة، فلذك نثقف في بعضها شيئًا من الركاكة. 
على أن ورود هذا الجزء من القصيدة، مجرّدًا من المقدمات التقليدية يجنّبنا النقاش فيما لا يليق مجيئه في مديح الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وهو الاستهلال الغزلي الخمري افتُتحت به القصيدة، سواء قيلت قبل تحريم الخمر أو بعده؛ علمًا بأن الرسول (صلى الله عليه وسلم) لم يعاقر مُسْكرًا قط لا قبل النبوة ولا بعدها، وقد كرّه القرآن الكريم الخمر إلى الناس قبل أن يأمر بتحريمها، وقبل مدح حسّان للنبيّ (صلى الله عليه وسلم)؛ ومن عادة الشعراء أن يدرسوا أعمال الممدوحين وأخلاقهم قبل مدحهم، ولم يكن حسّان غبيًّا حتى ينشد الرسولَ (صلى الله عليه وسلم) شيئًا يكرهه. كما أن الشعراء كانوا يُمدحون ببراعة التخلص من مقدمة القصيدة إلى غرضها؛ ومقدمة قصيدة حسّان تلك لا تشعر بأي صلة بينها وبين ما يليها، وكأنها مقحمة عليه، وتسمح بالظن أن تكون لحسّان حقًا لكن مأخوذة من قصيدة أخرى له، وأن تكون قيلت في الجاهليّة وفق تقدير الحافظ ابن عبدالبرّ، وأقحمها بعضهم على هذه القصيدة لكيلا يخالف حسان عادة الشعراء في الاستهلال - وكثيرًا ما كان الرواة يلصقون بعض الشعر ببعض -؛ أو أن يكون بعضهم قد وضعها وأقحمها على شعر حسّان. علمًا بأن المقدمات الخمرية نادرة، خلافًا للمقدمات الغزلية، حتى في العصور المتأخرة.
فالاكتفاء بالأبيات الاثني عشر أقرب إلى المنطق، لأن مديح الأنبياء يكون بذكر فضائلهم لا بالنسيب ولا بالتغني بالخمر. 
فالقصيدة تستدعي بعض الأسئلة، ولاسيما مقدمتها الغزلية والخمرية.
والملحوظ أن الديوان يضيف إلى حسّان بيتين مستقلين في مدح النبيّ (صلى الله عليه وسلم) يلتزمان عروض تلك القصيدة وقافيتها، وهما قوله:
وأَحسَنُ مِنكَ لمْ ترَ قَطُّ عَيْني
وأجملُ مِنكَ لم تلدِ النساءُ
خُلقتَ مُبرّأً من كلِّ عيبٍ
كأنَّكَ قد خُلقتَ كما تشاءُ
وهذا مما لا يمدح به الأنبيّاء أيضاً، بل هو أقرب إلى التشبيب منه إلى المديح؛ ومنطق النبوّة يغني عن جمال الطلعة. ثم إن المسلم يتورّع عن القول: كأنّكَ قد خُلقتَ كما تشاء، فيتجرأ على الإرادة الإلهية بما لا يشفع له التشبيه، وبما ينهى عنه النبيّ (صلى الله عليه وسلم) وصحبه الكرام بلا شك. هل يحتمل هذا أن يكون هذان البيتان منحولين لحسّان في العصر العبّاسي؟ ربما...
والقصيدة المشهورة الأخرى هي التي قيل إن حسّان اعتذر فيها إلى السيدة عائشة (رضي الله عنها) من مشاركته في الإفك، وهي غريبة المطلع وتبدو وكأنها مجتزأة، إذ تبدأ بالبيت المشهور:
حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيبَةٍ 
وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الْغَوَافِلِ
وفيها أيماء ضمنيّ إلى السيدة عائشة (رضي الله عنها)؛ لكن أن أحد الأحاديث ينفي قول حسّان لذلك البيت، ويجعله حديثٌ آخر من قصيدة رثاء لابنة حسّان، ويزعم العالم المشهور أبو عبيدة أنه مدحٌ لتلك البنت؛ وكل ذلك من الأمور المشكلة. 

 نظرة في أسرته
يؤكدون أن حسّان أحد المعمّرين، والمعمّرون يلدون ذرية كبيرة حتى في أيامنا، أفيعقل، إذن، ألاّ يكون لحسّان إلا ابن واحد اسمه عبدالرحمن، وهو شاعر، وبنت اسمها ليلى لا نعرف عنها شيئًا سوى أنها أجازت أباها في بعض الشعر ثم امتنعت من النظم، وأن أباها مدحها أو رثاها؟ أما بنته التي حاروا في اسمها أهو أمّ فِراس أمْ فراس فقط، فظنُّنا أنها أم فراس، لأن فراس من أسماء الذكور، وأننا بإزاء كنية لا اسم، ويغلب على الظن أنها كنية ليلى نفسها، إذ قلّما وجدنا كنية لا اسم لصاحبها أو صاحبتها. مهما كانت الحقيقة، فلا يعقل ألا يكون لحسّان إلا ولدان أو ثلاثة في عصر وبّخ القرآن الكريم فيه الناس بقوله: «أَلْهاكُمُ التَكاثُرُ»، وألا يكون لابنه عبدالرحمن إلا ولد واحد اسمه سعيد مع أنه عاش سبعًا وتسعين سنة، وألاّ يُعرف عن سعيد هذا الذي يخبرون أنه كان شاعرًا كأبيه تاريخ ولادة أو وفاة، ثم يذهب ذكر أسرة حسّان التي قيل إنها سلسلة من الشعراء، وكأن قول الشعر يفضي إلى خمول الذكر. ويشار إلى أن أم عبدالرحمن هي سيرين أو شيرين القبطية أخت مارية زوجة النبيّ (صلى الله عليه وسلم)، وكان قد وهبها النبيّ لحسّان في السنة الهجرية السابعة؛ لكنهم يذكرون أيضًا أن لحسّان قينة (جارية مغنية) اسمها سيرين أو شيرين، وأنها غنّت ببعض شعره، فكيف اتفق أن يتطابق الاسمان؟ مصادفة مريبة تحملنا على الترجيح بأن تلك القينة من صنع الخيال، وأن الأمر قد التبس على الرواة بين الجارية الزوجة والجارية المغنية.
ويزعمون أنْ قد كان لحسّان زوجة في الجاهليّة اسمها عَمْرة أو عُميرة بنت الصامت، قيل إنه خطبها ورده أهلها، أو تزوجها وطلّقها، ولا يذكرون مدة بقائه معها، ولا يومئون إلى ذرية له منها، وهذا يرجّح أن زواجهما، إن تزوجا حقاً، لم يدم طويلاً. 
ويزعمون أن له امرأة ثالثة اسمها شعثاء ولدت له أم فراس نفسها التي سيتزوجها ابن أخت معاوية بن أبي سفيان عبدُالرحمن بن أمّ الحَكَم. وقد تزوجت أم عبدالرحمن أباه عبدالله بن عثمان الثقفيّ بعد نزول سورة الممتحنة نحو السنة السادسة الهجرية أو قبيل الثامنة، فمولده بعد أحد هذين التاريخين بيسير، أي بعد إسلام حسّان بما لا يقل عن سبع سنين، فهو من التابعين. ونرجح أن أم فراس كانت أصغر منه، على غالب عاداتهم في الزواج، أي أن يكون تاريخ ولادتها نحو السنة الخامسة للهجرة أو قبل ذلك، وبالتالي قريبًا من عام إسلام حسّان.
ومعروف أن حسّان صحب النبيّ (صلى الله عليه وسلم) أكثر من عشر سنوات، لكنه لم يرو عنه إلاّ حديثًا واحداً، حديثًا رواه عنه ابنه عبدالرحمن الذي أدرك النبيّ (صلى الله عليه وسلم) وعاش أربع سنوات من طفولته في عصره، ولم يرو عبدالرحمن هذا عن الصحابة فوق ذلك ولا عن التابعين إلا ثلاثة أحاديث أخرى، أحدها عن أمه سيرين، أفَلحقتْه ولحقت أباه لعنة الإفك؟ ثم ما بال سعيد بن عبدالرحمن، وهو تابعيّ، لا يروي إلاّ حديثًا واحدًا، ليس عن النبيّ (صلى الله عليه وسلم)، بل في شأن عبدالله بن عُمر وفي أمر شخصي؟
بعض تساؤلنا قد تجيب عنه عادةُ المؤرخين في تجاهل الأغمار، والتخليط في أخبارهم، والالتفات إلى المشهورين أو من ارتبطت أسماؤهم بحوادث مشهورة، ولذلك كادوا يكتفون بمن ذكرنا من ذرية حسّان، ونحن نقدر أن للرجل عقبًا أكبر من هذا أهمله الرواة والمؤرخون. 

 نظرة مختلفة في دعوى جبنه
يستشهد المؤرخون والنقاد على دعوى جبنه بحديث يرويه عبدالله بن الزبير مرة، وجدّته صفيّة بنت عبدالمطلب مرة أخرى، وفيه أن حسّان كان في حصنه في غزوة الخندق أو في غيرها، وأنه خاف التصدي ليهودي متسلل، كما يستشهدون بضحك النبيّ (صلى الله عليه وسلم) منه حين قال شعرًا يفاخر فيه بالشجاعة.
لكن من العلماء من يدافع عن حسّان بتضعيف ذلك الحديث، وملاحظةِ اختلاف الرواة في اسم الغزوة التي جرت فيها هذه القصة، وفي تفاصيل القصة نفسها، ويلفتهم عدم هجاء الشعراء خصوم حسّان له بالجبن، وكون ذراعه مصابة فهي تمنعه من القتال. 
وعندنا أن الخبر المذكور ليس حديثًا نبويًا بل ضرب من القصص، وأن ابن الزبير نفسه يروي خبرًا آخر يزعم فيه أنه كان يومئذ يراقب المعركة في ذلك الحصن، لكنه لا يشير، ولو إلماحًا، إلى وجود حسّان فيه، ولا إلى قصة جبنه، وهذا مما يضعف الخبر الأول والروايةَ الكاريكاتورية التي انفرد كتاب الأغاني بها زاعمًا أن حسّان كان في الحصن يقاتل بسيفه وتداً. والأهم من ذلك كله الحديث المنسوب إلى ابن عبّاس الذي يمدح فيه حسّان بأنه نصر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بلسانه ويده، أو جاهد مع رسول االله (صلى الله عليه وسلم) بلسانه ونفسه، فهو ينفي ضمنًا خبر جبنه كله ولا يؤيد الزعم أنه لم يخض أي معركة في الجاهليّة والإسلام، بل ربما نفَى خبر ذراعه المصابة. ولعل ذلك الاضطراب كله نتيجة شائعة اختُلف فيها، والناس تبني على الشائعة شائعات. ونشير أخيرًا إلى أن الحافظ الذهبيّ لم يضعف ذلك الحديث بل اتخذه دليلًا على أن حسّان قد غزا، وهو استنتاج هامّ لكن الأخبار لا تؤيده ولا تنفيه.

ولادة حسّان ووفاته
يرجح أن حسّان قد أسلم ما بين السنتين الثالثة قبل الهجرة والأولى منها، ونقدر أنه تزوج شعثاء بعد إسلامه لما رأيناه من زواج ابنتهما، والأرجح أن يكون ذلك بعد الهجرة. والغالب عند العرب القدماء أن يتزوج الرجل زواجه الأول شابًّا دون الخامسة والعشرين؛ فلو أن حسّان تزوج عَمْرة أولًا ثم طلّقها، فلا بد من أن يتلو ذلك زواجُه بشعثاء بمدة قصيرة، لأن الجاهليّ لا يصبر على تأخر الزواج والذرية؛ فإذا كانت ابنته أم فراس قد وُلدت بُعيد إسلامه، فالمرجح أن يكون قد تزوج أمها في السنة الهجرية الرابعة أو قبلها، وأن يكون في النتيجة قد تزوج عمرة وطلّقها قبل ذلك في مرحلة قريبة من الهجرة، وأن تكون ولادته نحو السنة الخامسة والعشرين قبل الهجرة، الثانية عشرة قبل المبعث. 
وإذا صح هذا فإن الشك يحوم حول الرواية التي تقول إنه قد سمع في يثرب وهو السابعة أو الثامنة يهوديًا يصيح: «طلع الليلة نجم أحمد» وذلك يوم مولد النبيّ (صلى الله عليه وسلم)، وكذلك ما بني عليها وهو أن حسّان عاش ستين سنة في الجاهليّة، وأن له لِدَتين وُلدا يوم مولده، وعاشا مثله ستين سنة في الجاهليّة وستين في الإسلام، ولاسيما أن ابن قتيبة يشير إلى أن هذين قد أسلما عام الفتح في السنة الهجرية الثامنة، أي بعد إسلام حسان بنحو ثماني سنين، وماتا سنة 54 هـ، أي بعد إسلامهما بست وأربعين سنة لا ستين؛ فالتخليط ظاهر.
ويحوم أخيرًا حول زعم بروكلمان أن حسّان وُلد سنة 590م، الموافقة لسنة 32 أو 33 قبل الهجرة، أي بعد التاريخ الذي استنتجه أكثرهم بنحو ثمان وعشرين سنة. 
كل ذلك يدل على أن الأرقام القديمة غير موثوقة؛ ولهذا نراهم يضطربون في تعيين سنة وفاة حسّان أيضاً؛ وسبقَ أنّ ابن قُتيبة يجعل وفاته في سنة أربع وخمسين للهجرة، وهو التاريخ الذي تبناه بروكلمان والزركليّ وغيرهما، لكن ابن الأثير يشير في الكامل للتاريخ إلى أن حسّان مات سنة أربعين للهجرة، وهذا ينقض رواية الستينَيْن، ورواية اللِدَتين معاً، والروايات التي تجعل وفاة حسان في سنة خمسين أو ست وخمسين. بل إن تاريخ الطبريّ ومروج الذهب للمسعوديّ، يجعلان تاريخ وفاته سنة ست وثلاثين، بعد مقتل عثمان بن عفان (رضي الله عنه) وتولي عليّ بن أبي طالب (رضي الله عنه) الخلافة. فإذا جُمع ذلك مع ما استنتجناه من تاريخ مولده راوح عمره بين إحدى وستين وخمس وستين سنة، أما إذا جُمع مع ما استنتجه بروكلمان من تاريخ مولده فراوح عمره بين التاسعة والستين والثالثة والسبعين، وكل ذلك بعيد جدًا من المئة والعشرين سنة.

النتاج
لم يكتف الرواة القدماء إذن بكثرة الحمل على شعر حسّان، بل جرؤ بعض معاصرينا على نحله بعض الشعر الحديث. أما المقدمة الغزلية الخمرية التي استُهلت بها همزيته فيرجح أنها ليست منها؛ وأن قصيدته في استرضاء السيدة عائشة (رضي الله عنها) ملتبسة وتوحي بعض الروايات أنها مقولة في غيرها. وقد قدّرنا أن أسرة حسّان أكثر عددًا مما توحيه الأخبار؛ وأن المعادلة التي توهّمها الرواة والقائمة على تساوي نصفي عمر حسّان قبل الإسلام وبعده لا تثبت للتدقيق، وأن الأقرب إلى الحقيقة أن يكون حسّان قد ولد قبل الهجرة بما يقارب خمسًا وعشرين سنة (أو ثلاثا وثلاثين سنة في قول بروكلمان)، وأن يكون قد عاش وفق تقديرنا عمرًا يناهز إحدى وستين أو خمسًا وستين سنة، أو تسعة وستين أو ثلاثة وسبعين سنة وفق تقدير بروكلمان لميلاد حسان، وألا يكون حسّان قد توفي سنة 54 التي قال بها ابن قتيبة وبروكلمان نفسه. ولعلنا أول من تنبّه إلى حديث منسوب إلى ابن عبّاس يدافع فيه عن حسّان، وينفي ضمنًا نقيصة الجبن عنه، وإلى أن الحافظ الذهبيّ لم يضعف هذا الحديث، بل استدل منه على أن حسّان قد غزا، ولذلك أهمية خاصّة في هذا الموضوع ■