مرايا النقَّاد

مرايا النقَّاد

يعرض النقاد نظرياتهم، وآراءهم في أعمالهم من: كتب ودراسات وحوارات، وفي حالات نادرة يعرض النقاد نظرياتهم وآراءهم من خلال «مراياهم»، فكتبت الفرنسية جان أرقش كتابًا أسمته «مصر في مرآتي»، (علق عليه طه حسين بمجلة «مجلتي» لأحمد الصاوي ع 7، ص 613، أول مارس 1935)، وكتب أبرامز «المرآة والمصباح»، وكتب عبدالعزيز البشري «في المرآة» (كتب للجميع، القاهرة، وهو جملة ما نشره الشيخ عبدالعزيز البشري في جريدة السياسة الأسبوعية، ثم في سلسلة كتب للجميع)، مبينًا الغاية من مرآته في تحليل الشخصية والتسلل إلى مداخلها بصورة فكهة، حيث تناول صورًا عن شخصيات: سعد، وزيور، ويكن، وثروت، والهلباوي، ومحجوب، وعلي أدهم، وفكري أباظة، وحافظ رمضان، وأمثالهم. 

 

ومن كتب المرايا: «مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة ما يعتبر من حوادث الزمان» لأبي محمد عبدالله اليافعي (طبعة حيدر آباد، 1338هـ 1339هـ)، وذيل مرآة الزمان لقطب الدين أبو الفتح موسى البعلبكي (طبعة حيدر آباد 1954)، و«في مرآة الشعر الجاهلي: دراسة فنية تحليلية مقارنة»، فتحي عامر (جامعة القاهرة بالخرطوم 1974، ص350)، و«بانت سعاد في مرآة الأدب والنقد»، السيد مرسي أبو ذكري (دار الطباعة الحديثة، القاهرة 1986، ص 335)، و«الأقنعة والمرايا، دراسة في فن جبرا إبراهيم جبرا الروائي، لإبراهيم السعافين» (الشروق، عمان 1996).
ومن الكتب: «مرايا نرسيس، الأنماط النوعية والتشكيلات البنائية لقصيدة السرد الحديثة» لحاتم الصكر (المؤسسة الجامعية للدراسات، بيروت 1999)، ومنها: «المرايا المشوّهة الشعر العربي في ضوء الاتجاهات النقدية الجديدة» لإبراهيم عوض (ط 2 مكتبة زهراء الشرق 2001). وناقش كثيرًا من الآراء النقدية. 
ومن كتب المرايا: «المرايا والأقنعة في رسالة الغفران» لفوزي أمين (المعرفة الجامعية، الإسكندرية 2001 في 136ص) و«شوقي وحافظ في مرآة النقد»، (المجلس الأعلى للثقافة بمناسبة الذكرى الخامسة والسبعين لرحيل حافظ وشوقي 1932ـ 2007)، إعداد وتقديم محمد عبدالمطلب، ويضم اختيار مقالات كُتبت عنهما بين سنوات 1932، و1982، في المجلات المختلفة في مجلدين، و«المرآة والنافذة» لسمير خوراني (الفارابي، بيروت 2007)، و«مرايا الوطن في شعر يعقوب الرشيد» لتركي المغيض (مجلة الكويت، الكويت، نوفمبر 2008)، وكتاب «مرايا المرايا، مقاربات نقدية في الخطاب الثقافي» لأحمد الهواري (عين، القاهرة 2011)، و«فلسفة المرآة» لمحمود رجب، و«مرايا الهامش، أنطولوجيا الشعر الجزائري المعاصر»، لزينب الأعرج، تقديم واسيني الأعرج (الفضاء الحر، الجزائر 2007)، وكتب حسني حسن «إدوارد الخراط ومراياه المنكسرة» (المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة 1996).
واشتهر كتاب «المرايا المتجاورة، دراسة في نقد طه حسين» لجابر عصفور (هيئة الكتاب، القاهرة 1983).
صدرتْ تلك الكتب وغيرها دون إثارة جدل ما أو مناقشة، لكنه بعد صدور كتاب جابر عصفور «المرايا المتجاورة» أصدر عبدالعزيز حمودة (1937ـ2006) من منطلق دراساته المتخصصة في الأدب الإنجليزي والأمريكي، وفي اتجاه عنايته بالقضايا الحديثة للنقد العربي الحديث والمعاصر على أساس نقدي تراثي عربي في قراءة جديدة للتراث، وعلى أسس فكرية حديثة، وانتقالاً من اهتماماته السابقة الغزيرة بالمسرح أصدر كتابين: أولهما: «المرايا المحدّبة من البنيوية إلى التفكيكية» (عالم المعرفة 232، أبريل 1998) في قسمين: الحداثة العربية نسخة مشوهة للحداثة الغربية، والثاني الحداثة الغربية. 
قال: «المرآة المحدَّبة تقوم بتكبير كل ما يوجد أمامها وتزييفه حسب زاوية انعكاسه فوق سطح المرآة... الأصليون منهم والناقلون... ولم يتوقف ضجيجهم، وهم واقفون أمام مراياهم المحدبة، فهم يتحدثون وكأنهم المخلّصون الجدد لحركة النقد المعاصر» (ص8)، مؤكدا أننا لسنا ضد الحداثة، وأنها ضرورية، لكنْ أنْ تكون حقيقيةً.
والآخر: «المرايا المقعرة، نحو نظرية نقدية عربية» (عالم المعرفة، الكويت 2001)، مؤكدًا ما في سابقه، مضيفًا أن الجيل الثاني من الحداثيين ابتعدوا أكثر فأكثر عن الأصول الغربية للحداثة، اعتمادًا على النقل والترجمة غير الدقيقة (ص9)، ثم كتابه الثالث بعنوان غير المرايا هو «الخروج من التيه: دراسة في سلطة النص» (الكويت، عالم المعرفة، ع 298 – 2003)، الذي اختلفت لغته الواقعية عن لغة سابقيْه، وفيه اهتمام بالنقد الحداثي، وتجلياته الغربية الغريبة في التطبيق العربي وإنجازاته للمنهجين، رافضًا مبدأ النقل من مناخ لمناخ، ومن حضارة إلى أخرى، ومن فلسفة إلى غيرها، «ورؤية العالم من خلال حبة فاصوليا واحدة، كما يقول البنيويون»، وأن البنيوية ووريت التراب منذ 1966، ونقد ما رآه من عد الحداثيين الإنسان إما حداثيًا أو رجعًيا (المرايا المحدبة 18)، عائدًا للنص، ومعيدًا إليه كيانه، وقد هاجم كلاً من: كمال أبي ديب، وجابر عصفور في تعريفات للحداثة، وعز الدين إسماعيل.

التحدي الحقيقي
والكتاب تفكير بصوت عال نحو نظرية نقدية عربية، بما يذكرني بكتاب قام على التساؤل: «ما هو النقد؟» لثلاثة وعشرين ناقدًا، بإشراف بول هيرنادي، وطبع مترجمًا في بغداد 1989. وأنهى حمودة كتابه بتساؤل آخر هو: «التحدي الحقيقي في الساحة النقدية الآن، هو: كيف نؤسس لمشروع نقدي عربي؟»، وكان قد أصدر كتابه «علم الجمال والنقد الحديث» 1963، متأثرًا بأستاذه رشاد رشدي، ومواصلاً مقالاته النقدية في الأهرام والأهرام الدولي، وفي عام 2001 وكما قدمنا أصدر إبراهيم عوض «المرايا المشوّهة، الشعر العربي في ضوء الاتجاهات النقدية الجديدة» (ط2، زهراء الشرق، القاهرة، مناقشًا ومفندًا وقد أجرى خليل الجيزاوي معه حوارًا في مجلة «الرافد» مايو 2004، ص 44 ـ 48.

 حمّـودة في مرآة الربـّاعي
في كتاب عبدالقادر الرباعي «جماليات الخطاب في النقد الثقافي، رؤية جدلية جديدة» (جرير، عمَّان الأردن 2015)، كان الفصل الخامس بعنوان «ثقافة الاختلاف في النقد الأدبي، الحداثة وما بعدها نموذجًا (ص223 - 256)، تناول فيه «مرآتيْ» حمودة، وما أثاراه من صدى، ورأى في مرآتيْ حمودة، أنهما استفزتا الحداثيين، بتنوعهم، وأنه قطع بالحكم عليهم دون محاورة، فكان خصمًا وحكمًا، وأن لغة الحوار الهادئ تحولتْ إلى هجوم صارخ منفعل، في لغته وأفكاره، مع حرص على التراث، وحرص على الحداثة الحقيقية، ورأى الرباعي في موقف حمودة تناقضًا، ورأى أن لغة المرايا المقعرة لغة دفاعية، تأثرًا بردود الأفعال لآرائه في المرايا المقعرة.
ولكاتب هذه السطور: ديوان شعر «مرايا المتوسط»، هيئة الكتاب، القاهرة 2006، وقلـت في تصديره:
مراياي موغلة في البعيد البعيدْ 
مراياي راجعة في القرون، الدهور، العصورْ
مراياي سابحة في الشطوط الخطوطْ
فمرآة ذاتي، ومرآة عصري، مرايا خطى العابرينْ
بكهف السنينْ
وله، أيضًا، كتابان نقديان حملا اسم المرايا، هما: «مرايا التلقي» (هيئة الكتاب، القاهرة 2012)، و«الشعر والمرايا» (سلسلة كتابات نقدية، ع235، الهيئة العامة لقصور الثقافة، القاهرة 2016). وكتب د. أيمن تعيلب «مرايا المرايا» وذلك في مجال نقد النقد.
ويا لها جميعًا من مرايا الذات والنقد والشعر والأدب والإبداع، وإن كان تركيزنا - في هذا المقال - ينصب على «مرايا النقَّاد» ■