التبول اللاإرادي

التبول اللاإرادي

تعد مشكلة التبول اللاإرادي من أبرز المشكلات التي يعاني منها الآباء مع أبنائهم في مرحلة الطفولة، سواء حدث التبول اللاإرادي أثناء النوم أو في اليقظة، وتستمر هذه المشكلة حتى سن الخامسة، وفي بعض الحالات تستمر حتى سن العاشرة، وربما إلى ما بعد ذلك، الأمر الذي يقلق الآباء ويؤثر على صحة الصغير النفسية ويشعره بالخجل والنقص. التبول اللاإرادي مشكلة يتعرض لها الأطفال الذكور والإناث، ومن المتعارف عليه أن كثيرًا من الأطفال يمكنهم ضبط المثانة في نهاية السنة الثانية من العمر، في حين أن بعضهم قد يصل عمره إلى ست سنوات وهو غير قادر على ضبط عملية التبول، ويعرّف التبول اللاإرادي على أنه ضعف قدرة الطفل على ضبط المثانة وعدم القدرة على التحكم فيها لفترة معينة، وهي نوعان، فإن تبول في فراشه أثناء نومه سمّي تبولًا ليليًا، وإذا تبول أثناء لعبه وجلوسه أو وقوفه سمي تبولًا نهاريًا.

 

تشير الدراسات إلى أن نسبة انتشار التبول اللاإرادي في الولايات المتحدة الأمريكية تختلف باختلاف العمر، فهو في عمر أربع سنوات تصل نسبة انتشاره إلى (52 في المئة) بين الأطفال، بينما تقل هذه النسبة لتصل إلى حوالي من (5-10 في المئة) في عمر سبع سنوات، وتقل لتصل إلى أقل من (5 في المئة) في عمر (10 سنوات)، بينما تقل النسبة عن ذلك في مرحلة المراهقة.
وتختلف أشكال التبول اللاإرادي، السائد منها يسمى التبول اللاإرادي الليلي، ويحدث ليلًا أثناء النوم فقط، وتصل نسبتهم حوالي ثلثي حالات التبول اللاإرادي، ومنها التبول اللاإرادي النهاري، ويتم فيه عملية التبول إراديًا ساعات الاستيقاظ نهارًا، وتظهر هذه الحالات خلال السنوات الأولى من المرحلة الابتدائية، وهناك التبول اللاإرادي الليلي النهاري، ويحدث التبول لاإراديًا في الليل والنهار، بينما التبول اللاإرادي النكوصي قد يحدث فيه التبول اللاإرادي بعد التحكم في السيطرة على عملية التبول لفترة لا تقل عن ستة شهور أو سنة، بعدها نجد الطفل ينتكس مرة أخرى ويعود للتبول اللاإرادي، وقد يكون أحد أسبابه الغيرة، بينما قد يحدث التبول اللاإرادي مصاحبًا لأحداث معينة، مثل وفاة أحد الوالدين أو رسوبه في الاختبار، أو تعرضه لحادث مؤلم... وغيرها.
ويرى العلماء أن هناك عوامل وأسبابًا متعددة تجعل الطفل يتبول لاإراديًا، من أهمها الأسباب العضوية، ويكون السبب فيها وراثيًا أو بسبب صغر حجم المثانة، مما يجعلها تمتلئ بسرعة وتفرغ بسرعة لصغر حجمها، وقد يكون بسبب زيادة الحمضيات أو القلويات في البول، أو بسبب حالات الصرع، حيث يحدث حالة تشنج للطفل، وكذلك الطفل المصاب بحروق أو ببعض الديدان أو إصابته بالتهابات مزمنة في أعضائه التناسلية أو إصابته بمرض السكري، والسبب الغالب في حالات التبول اللاإرادي هو عدم النضوج وعدم النمو الكافي لميكانيكية السيطرة على المثانة، وهناك الأسباب النفسية والتي تكون بسبب نتيجة تعبير عن حالة إحباط نفسي يمر بها الطفل، أو لكونه يريد أن يلفت انتباه والديه، إما بسبب ولادة أمه لطفل جديد أو بسبب زواج أمه بشخص آخر، أو بسبب نتيجة تخلي الآباء عن الاستمرار في معاملته كطفل مدلل، أو تعرض الطفل لموقف نفسي صعب أو الخوف من الظلام، كما أن عقاب الطفل بقسوة أو إذلاله وهدم شخصيته أو منعه من القيام بنشاط معين محبب لديه قد يحدث لديه التبول الليلي اللاإرادي.
وكذلك هناك الأسباب الاجتماعية، ومنها أساليب المعاملة الوالدية اللاسوية، ومنها العقاب والتهديد ومحاولة السيطرة والتحكم في كل تصرفاته، مما يجعل الطفل يقوم بعملية التبول اللاإرادي في محاولة لا شعورية، وكذلك خطأ التدريب على التحكم في عملية التبول، حيث يستعجل بعض الآباء في التدريب على هذه العملية قبل اكتمال نضج أجهزة الطفل التناسلية في قدرتها على السيطرة على التبول، أو التعامل بقسوة أثناء تدريبه كنوع من المبالغة على نظافته، مما يترتب عليه فشله في السيطرة على عملية التبول، والأسباب المدرسية لها دور كبير، خاصة خوف الطفل من المجتمع المدرسي عند بداية التحاقه بالمدرسة، أو نتيجة لخوفه من معلم بعينه يعاقبه بشدة أو بسبب غيرته من بعض الزملاء الذين يتفوقون عليه أو فشله في التفوق الدراسي، وأكثر الأسباب الاجتماعية شهرة هي التفكك الأسري، مما يجعل الطفل يفقد الشعور بالأمان والطمأنينة داخل المنزل نتيجة للصراعات التي تحدث بين الوالدين والمشاجرات التي قد تحدث أمامه مما يترتب عليها من خلافات أو ترك أحد الوالدين للمنزل أو زواج الأب أو زواج الأم.
إن تشخيص حالة طفل يعاني من التبول اللاإرادي يجب أن يتم من قبل أخصائي نفسي وطبيب مختص، حيث يجب التأكد من بيئة الطفل على أن يتم خلوها من الخبرات النفسية المؤلمة، وينبغي على المعالج أن يبدأ بتشخيص الحالة في ضوء عدد من المحكات، منها ألا يقل عمر الطفل الزمني عن خمس سنوات، وعمره العقلي عن أربع سنوات، وكذلك يجب أن يكون خاليًا من أي اضطراب جسمي كالصرع والتهاب مجرى البول أو التهاب الجيوب الأنفية أو غيرها من الأسباب، وأن يتكرر البول اللاإرادي مرتين على الأقل إذا كان عمر الطفل ما بين الخامسة والسادسة.
ومن أهم الطرق التي يجب على الآباء اتباعها لحل مشكلة التبول اللاإرادي العلاج الطبي، وذلك لمعرفة الأسباب العضوية إذا وجدت والتأكد من سلامة الطفل من الناحية الطبية، يعقبها العلاج الفردي بعقد جلسات فردية مع الطفل بهدف التعرف على الأسباب التي تدعو للتبول اللاإرادي، ووضع خطة علاج تناسب حالة الطفل وتعيد الثقة بنفسه، وكذلك العلاج السلوكي والذي يهدف إلى تعديل السلوك، والأهم من ذلك هو العلاج الأسري، وهو نوع من العلاج التعليمي والتوجيهي للوالدين فيما يخص أسباب المشكلة، وطرق التعامل الصحيح معها وأساليب المعاملة السوية التي يجب أن يستخدموها في تربية الطفل وكيفية معاملة الطفل في حال حدوث مشكلة في المستقبل، ومتى يتم استشارة الاختصاصي أو الطبيب المختص ■