الإسكندرية في حياة أمير الشعراء وأعماله

الإسكندرية في حياة أمير الشعراء وأعماله

كان أمير الشعراء أحمد شوقي (1868 - 1932) مولعًا بالإسكندرية لأهميتها التاريخية، ولأنها كانت تمثل العصر الهيلاني الزاهر في مصر البطلمية، وكان معجبًا بالإسكندر المقدوني وبإنجازات خلفائه في مصر الذين جعلوا منها وجهة للعلوم والفنون والآداب.

 

 

يقول شوقي عن الإسكندرية:

أَمِنَ البَحرِ صائِغٌ عَبقَرِيٌّ 

بِالرِمالِ النَواعِمِ البيضِ مُغرى

طافَ تَحتَ الضُحى عَلَيهُنَّ وَالجَو 

هَرُ في سوقِهِ يُباعُ وَيُشرى

جِئنَهُ في مَعاصِمٍ وَنُحورٍ 

فَكَسا مِعصَمًا وَآخَرَ عَرّى

وقد خصَّها في مقطع جميل في «الهمزية التاريخية» (كبار الحوادث في وادي النيل) وجعلها مسرحًا لأولى مسرحياته الشعرية بعد عودته من المنفى «مصرع كليوباترا».

ويرى الباحث الفلسطيني عرفان شهيد في كتابه «العودة إلى شوقي» أن شوقي شاعر الماء والبحر. ولم يعرف التاريخ الشعري أحدًا من الشعراء العرب جاب البحر كما فعل شوقي، وكان أول عهده به لما قطع المتوسط إلى فرنسا للدراسة حوالي 1890 من الإسكندرية إلى مرسيليا. وبعد عودته كان يهرب إلى الإسكندرية وبحرها عندما يضيق بالقاهرة. وقضى صيفي آخر سنتين من حياته في الإسكندرية التي ابتنى بها دارًا في الإبراهيمية أطلق عليها «درَّة الغوَّاص»، ولم يعد له أثر الآن.

ومع أن شوقي كان قاهريًّا إلا أنه أحبَّ الإسكندرية كثيرًا، مثله في ذلك مثل نجيب محفوظ، فهي ميناء، وشوقي يحب البحر، وهناك نظم قصيدته في البحر الأبيض المتوسط، وقصيدته في «النخيل ما بين المنتزة وأبي قير».

في رثائه لحافظ إبراهيم عام 1932 وكان وقتها في الإسكندرية، ينسى شوقي أنه يكتب رثاءً يقول في مطلعِه:

قَد كُنتُ أوثِرُ أَن تَقولَ رِثائي 

يا مُنصِفَ المَوتى مِنَ الأَحياءِ

ويخصص في القصيدة نفسها عشرة أبيات خالصة عن الإسكندرية يقول فيها:

إِسكَندَرِيَّةُ يا عَروسَ الماءِ 

وَخَميلَةَ الحُكَماءِ وَالشُعَراءِ

نَشَأَت بِشاطِئِكَ الفُنونُ جَميلَةً 

وَتَرَعرَعَت بِسَمائِكِ الزَهراءِ

جاءَتكِ كَالطَيرِ الكَريمِ غَرائِبًا 

فَجَمَعتِها كَالرَبوَةِ الغَنّاءِ

قَد جَمَّلوكِ فَصِرتِ زَنبَقَةَ الثَرى 

لِلوافِدينَ وَدُرَّةَ الدَأماءِ

غَرَسوا رُباكِ عَلى خَمائِلِ بابِلٍ 

وَبَنَوا قُصورَكِ في سَنا الحَمراءِ

وَاِستَحدَثوا طُرقًا مُنَوَّرَةَ الهُدى 

كَسَبيلِ عيسى في فِجاجِ الماءِ

فَخُذي كَأَمسِ مِنَ الثَقافَةِ زينَةً 

وَتَجَمَّلي بِشَبابِكِ النُجَباءِ

وَتَقَلَّدي لُغَةَ الكِتابِ فَإِنَّها 

حَجَرُ البِناءِ وَعُدَّةُ الإِنشاءِ

بَنَتِ الحَضارَةَ مَرَّتَينِ وَمَهَّدَتْ 

لِلمُلكِ في بَغدادَ وَالفَيحاءِ

وَسَمَت بِقُرطُبَةَ وَمِصرَ فَحَلَّتا 

بَينَ المَمالِكِ ذِروَةَ العَلياءِ

ويقول عنها في «أسواق الذهب»: «أزري الدهرُ بالإسكندريَّة، فحَجَب ذلك المنَار، ونصبَ على الفنار، وأين الليلُ والنهار، وأين الظلمات من الأنوار؟ ذلك كان أضوأ هالة، وأسطع على التَّمّكِن في الأرضِ دَلاَلة، وأضفَى على مناكب البرِّ والبَحِر جلالة؛ يهتدي به الداخل والخارج، ويستأمن الدابُّ في حماه ُوالدارج، وتنيف (تشرف) عليه البروجُ وتطيف به البوارج؛ وهذا سراج بَيْت، وذُبالة زيْت، وشعاع كنَفَس المحتضر حيٌّ ميْت!».

وأثناء عودة شوقي من منفاه في إسبانيا، يقترب من الإسكندرية، فإذا الإسكندرية تهدي بنورها الباخرة على بعد ثلاث مراحل، كما تهدي المدينة المنورة الحجيج، وإذا منارها يغشِّي البحرَ نورُه، كما غشت الأنوار الإلهية الطُّور، وغطت شعابَه أمام عيني موسى، وإذا ثرى مصر طاهر عبق، فيقول:

هَدانا ضَوءُ ثَغرِكَ مِن ثَلاثٍ 

كَما تَهدي المُنَوَّرَةُ الرِكابا

وَقَد غَشِي المَنارُ البَحرَ نورًا 

كَنارِ الطُّورِ جَلَّلَتِ الشِعابا

وَقيلَ الثَغرُ فَاِتَّأَدَت فَأَرسَت 

فَكانَت مِن ثَراكَ الطُهرِ قابا

وعندما عاد من بعثته إلى فرنسا عام 1894 وصافح وجهه نسيم الإسكندرية أحسَّ بسعادة غامرة.

يصف شوقي حياته في الإسكندرية أثناء مرضه سنة 1931 فيقول: في 16 يوليو سنة 1931 سافرنا إلى الإسكندرية للمصيف في «درّة الغوَّاص» بالإبراهيمية، فاتبعتُ نظامًا جديدًا في كلِّ شيء. كنتُ أقوم في الصباح فآخذُ بسكويتًا وعسلًا، أو بسكويتًا وجبنة بزيت الزيتون، ثم آكلُ في الظهر «كوتليت» لحم حولي مشوي، ولُباب العيش، والحلو «كومبوت» تفاح، وفي المساء أرز بالزبدة، والفاكهة إما خوخ أو كمثرى. وظللتُ على هذا طوال مدة الصيف، وكنت أتريَّضُ قبل الظهر في البلد، وبعد الظهر في طريق المنتزة وسيدي بشر وأبوقير، وكانت السهرة في منزل حسين بك شرين. وكنتُ وقتها أعمل في روايتيّ «عنترة» و«أميرة الأندلس».

في الإسكندرية يذهب شوقي مع سكرتيره إلى رأس التين، وإلى المكتبة العباسية، حيث كان يبحث عن كتب الإمام الغزالي، فوجد بعضها في مكتبات أخرى، فاشترى بعض الكتب منها «إحياء علوم الدين»، كما اشترى «صحيح البخاري»، وكان يبدأُ يومه بأن يقرأ له السكرتير «الإحياء» إلى ساعة الغداء، وما بعد ذلك إلى الليل يقرأ «البخاري». وكان يدعو أحيانًا ابنيه علي وحسين للسماع. 

كما يشبِّهُ الجو في منفاه بإسبانيا (1915 - 1920) بطبيعة الجو اللطيف في الإسكندرية. وفور عودته من المنفى على ظهر الباخرة سيسليا، يرى في ميناء الإسكندرية جمهورًا كبيرًا من السراة والأعيان والأدباء والصحافيين، وقفوا على حافة الرصيف ينتظرونه. ويبصر الجميع وهو على ظهر السفينة قبل وقوفها فكانوا يحيونه برفع المناديل البيضاء، وهو يحييهم، وكان من بينهم صديقه شاعر القطرين خليل مطران الذي كان أشدهم تحريكًا لمنديله، وقد بادله التحية الخاصة عندما رآه. وسمعه يقول مرحبًا به:

أهلاً بنابغةِ البلادِ ومرحبا 

بالعبقري الفاقد النظراءِ

شوقي أميرُ بيانِها شوقي فتى 

فتيانِها في الوقفةِ النكراءِ

مصرُ بشوقي قد أقرَّ مكانها 

في الذروة الأدبيةِ العصماءِ 

ويذكر أيضًا أنه لما بلغ الإسكندرية كان في استقباله هناك الأقارب والأصدقاء الأخصاء فقط، وقد صعدوا جميعًا إلى ظهر الباخرة، وكان أحدهم معمّمًا يلبس الجبة والقفطان، فلما رأته حفيدته، ولم تكن قد رأت هذا اللباس من قبل، إذ نشأت وترعرت في إسبانيا، قالتْ لجدها شوقي في دهشة وتعجب: جدي... جدي انظر إلى الرجل الذي يرتدي فستانًا.

كان شوقي يفضِّلُ السمراوات، ذوات القسمات المصرية الضامرات في غير سقم، الشاحبات في غير ضعف. ويراهنَّ على شواطئ الإسكندرية فيعجبُ لهذا الجمال الفاتن يتمدَّد فوق الرمال الناعمة الندية في هدوء ودعة.

ودائما توحي الإسكندرية لشوقي بكل ما هو جميل وأنيق ورشيق، وتمنى كثيرًا أن تعودَ لسابق عهدها وأن تتجدَّد وتتجمَّل في كل آن. ويقول في قصيدته التي نظمها لحظة افتتاح دار جديدة لبنك مصر في الإسكندرية سنة 1929:

أَمسِ اِنقَضى وَاليَومُ مَرقاةُ الغَدِ 

إِسكَندَرِيَّةُ آنَ أَن تَتَجَدَّدي

يا غُرَّةَ الوادي وَسُدَّةَ بابِهِ 

رُدّي مَكانَكَ في البَرِيَّةِ يُردَدِ

فيضي كَأَمسِ عَلى العُلومِ مِنَ النُهى 

وَعَلى الفُنونِ مِنَ الجَمالِ السَرمَدي

وَضَعي رِواياتِ الخَلاعَةِ وَالهَوى 

لِمُمَثِّلينَ مِنَ العُصورِ وَشُهَّدِ

لا تَجعَلي حُبَّ القَديمِ وَذِكرَهُ 

حَسَراتِ مِضياعٍ وَدَفعَ مُبَدَّدِ

إِسكَندَرِيَّةُ شُرِّفَت بِعِصابَةٍ 

بيضِ الأَسِرَّةِ وَالصَحيفَةِ وَاليَدِ

خَدَموا حِمى الوَطَنِ العَزيزِ فَبورِكوا 

خَدَمًا وَبورِكَ في الحِمى مِن سَيِّدِ

لقد كانت الإسكندرية في ذلك الوقت تكاد تكون مدينة أجنبية، فقد كان للجاليات الأوربية المكان والمكانة في كل شؤن الحياة، حتى العلم والتعليم الأوربي كان يفوق التعليم المصري. كانت توجد مدارس إبتدائية وثانوية مصرية، ولكنها كانت أقل كفاءة وأقل عددًا من المدارس الأوربية - ولا ينكر شوقي أن الأوربيين نشروا الحضارة والعلم والثقافة في الإسكندرية فهذا إنجاز يُحسب لهم.

وقبلها أحدث الإسكندر الأكبر والبطالمة في مصر ثورة علمية كبيرة، فكانت مدرسة الإسكندرية القديمة التي علَّمت العالم، وقال:

شاد اسكندر لمصرَ بناءً 

لم تشده الملوكُ والأمراءُ

بلدًا يرحلُ الأنامُ إليه 

ويحجُّ الطلابُ والحكماءُ

ويرى شوقي أنه يكفي الإسكندرية فخرًا أنها أنجبتْ سيد درويش الذي قال في ذكرى وفاته سنة 1931:

بُلبلٌ إسكندريُّ أيكُهُ 

ليس في الأرض ولكن في السماءْ

هبطَ الشاطئَ من رابيةٍ 

ذاتِ ظلٍّ ورياحينَ وماءْ

في الإسكندرية سنة 1924 يرى شوقي الملحن والمطرب الشاب محمد عبدالوهاب، فيسعد لسماعه ويبدي إعجابه به، وقد ذهب إليه عبدالوهاب ليذكره بنفسه حيث سمعه شوقي من قبل عندما كان صغير السن، فخاف على تلك الموهبة أن تتبدَّد صغيرة السن، وذلك الصوت أن ينشرخ أثناء تكوينه، فطلب منعه من الغناء حتى يكبر قليلاً وتستوي حنجرته، وعندما كبر عبدالوهاب، والتقيا مجددًا في الإسكندرية، رعاه شوقي، وعلمه قواعد الحياة الراقية من طريقة الكلام وطريقة تناول الطعام، وجلب له من يدرسه اللغة الفرنسية، وقدمه لكبار الصحفيين والسياسيين من أمثال طه حسين وسعد زغلول.

اكتشف شوقي النخيل وجماله وهو في الإسكندرية، فيقول: لفتني خيالي إلى النخل رياضتي المحببة إليه كل أصيل، فعندما أكون في الإسكندرية في الصيف، حيث اعتدتُ أن أبرحَ داري إلى طريق أبي قير، وفي هذا الطريق كثبٌ من رمال أطلعت نخيلاً، بعضها مغمور إلى عنقه في الرمال، والبعض خالص الجذع، فاستهوتني هذه اللوحة الطبيعية بجمالها، فقلتُ:

وباسقة من بنات الرمال 

نمت وربت في ظلال الكُثُبْ

تطول وتقصر خلف الكثيب 

إذا الريح جاء به أو ذهبْ

أهذا هو النخل ملك الرياض 

أمير الحقول عروس العرب

طعام الفقير وحلوى الغني 

وزاد المسافر والمغترب

ومن شدة تعلق شوقي بالإسكندرية وحدائقها وخاصة حدائق المنتزة وقصرها، صمَّم بيته كرمة ابن هانئ في المطرية، (قبل أن ينتقل إلى كرمة ابن هانئ بالجيزة بعد عودته من المنفى) على نسق قصر المنتزة بالإسكندرية.

ويقول حسين شوقي عن أبيه في كتابه «أبي شوقي»: «تعلَّق أبي بمدينة الإسكندرية، فصار يقضي فيها وقتًا طويلاً صيفًا وشتاء، ولكن هذه الهواية الجديدة كلفتنا غاليًا، إذ اشترى قطعة أرض بالإبراهيمية تطل على البحر، ثم شرع يبني عليها بيتًا صغيرًا سماه (درَّة الغوّاص)، كما أنه اشترى عزبة في ضواحي الإسكندرية، ثم رأى أيضًا أن يشتري سيارة أخرى اتَّخد لها سائقًا خاصًا تظل بالإسكندرية في خدمته ليذهب بها في زياراته للعزبة المذكورة.

ويذكر حسين أنه في عام 1930 توفيت عمته (شقيقة شوقي الوحيدة)، فسافر أبوه بعد تشييع الجنازة مباشرة إلى الإسكندرية، أي أنه لم يحضر ليالي المأتم، فانتقده بعض الأقارب على هذا التصرف. ويبرر حسين تخلف أبيه عن تأدية هذا الواجب بحساسيته الشديدة. ويقول: عندما كان يمرض أحدنا مرضًا شديدًا، كان أبي يهرب من البيت، بل يسافر إلى الإسكندرية، ويظل هناك حتى يزول الخطر.

أما سكرتيره أحمد محفوظ، فيقول في كتابه «حياة شوقي»: في الصيف بالإسكندرية كان يرتاد التريانون، وجروبي بشارع شريف، وذلك عصر كل يوم في الساعة الخامسة مساء. وكان يختار هذه الأماكن لقراءة صحف المساء. وكان يفضل مطعم جوانيدس دائمًا لتناول عشائه، وكان تجواله في طريق الجمرك، ومحرم بك. وكان يحب الإسكندرية ويغرم بالبحر المتوسط غرامًا عظيمًا، وله فيهما قصائد رائعة. وقد أقام بيتًا في محطة الإبراهيمية وسماه بالزاهي (أو دُرَّة الغوَّاص) وكان يحرص على أن يسلخ فيه الصيف كله، ويختلف إليه في بعض أيام من الشتاء.

ويوضح أحمد محفوظ في كتابه أن شوقي في الإسكندرية كان يتخذ من دار حسين شرين للسمر والحديث وتزجية الوقت، ولكن نزل الموت بحسين، فاقتضب أنس الشيخ المريض (يقصد شوقي)، فأصبح بعده حائرًا، أين يقصد ومع من يمضي سهراته في الإسكندرية؟ وأصبح يردد: أصبحت لا أخاف من الموت، وكنت أخافه. فليس لي في الدنيا ما أعمله. لقد فقدت كل أسباب حياتي. فقدت شهية الطعام، فقدت القدرة على السير وحيدًا، فقدت لذائذ الكيف، فلا سجائر ولا منعشات، فقدت أسباب الاستمتاع بالجمال التي كانت تعينني عليها العافية، وساء خلقي، وأصبحت ثقيلاً على أولادي وعلى الناس. هكذا كان شوقي. يسير إلى الموت ويهيئ نفسه له، ويعينه المرض على السير حتى بلغ آخر المطاف.

وفي مسرحية «مصرع كليوباترا» التي تدور أحداثها في الإسكندرية، حيث كانت عاصمة مصر في الحقبة البطلمية، يقول شوقي:

صارت الإسكندريَة 

هي في البحر المنار

ولها تاجُ البريَة 

ولها عرشُ البحار

ويقول في إحدى قصائده عن الإسكندرية وشاطئها المزدحم زمن الصيف:

وَتَرى الغيدَ لُؤلُؤًا ثَمَّ رَطبًا 

وَجُمانًا حَوالِيَ الماءِ نَثرا

وَكَأَنَّ السَماءَ وَالماءَ شِقّا 

صَدَفٍ حُمِّلا رَفيفًا وَدُرّا

أما زكي مبارك الذي صادق شوقي عددًا من السنوات، وتوفي عام 1952، فقد قرأ ما كتبه شوقي من شعر في الإسكندرية، ويبدو أن الإسكندرية قد تدهور حالها على أيام زكي مبارك فقال في كتابه «أحمد شوقي» الذي أعدته ابنته كريمة زكي مبارك 1988: «ولو عاش شوقي إلى أن شاهد ما تعاني الإسكندرية من كوارث وخطوب لواساها بأطايب الشعر البليغ، فإلى روحه في دار الخلود أهدي هذا القصيد...». وقال:

بأهل اسكندرية بعض ما بي 

من الأحزان للثغر المصابِ

عروس البحر والدنيا سفينٌ 

تروّع بالقواصف والضّباب

عروس البحر ما هذي الرزايا

تُصبُّ على بنيك بلا حسابِ

ويتذكر زكي مبارك لحظة تلقي شوقي خبر وفاة حافظ إبراهيم وهو في الإسكندرية فيقول: «كان شوقي يصطاف في الإسكندرية، وكان يختار الجلوس بالقهوة التجارية ليستوحي الأمواج، فقرأ في جريدة «البلاغ» أن حافظًا مات، فغام وجهه وأنشأ أعظم قصيدة قالها في الرثاء» ■