المفكرة الثقافية

المفكرة الثقافية

  • موسيقى: الصينيون يرسمون حلم الإنسانية

حلمي. اسم قصير لكنه يُعبر عن حلم الإنسانية كلها. كان بإمكاننا أن نشاهد فصول ذلك الحلم حية على مسرح الدسمة بالكويت مع لوحات قدمتها فرقة ذوي الاحتياجات الخاصة للفنون الصينية. لا أعتقد أن أحدًا من الحضور قد تسلل إليه شعورٌ ولو ضئيلاً بأن ما شاهده كان لموسيقيين وراقصين وراقصات بعضهم لا يرى، ومنهم من لا يسمع، وفيهم من لا يتحدث إلا بالإشارة، أكاد أقول إن الإعاقة الجسدية حتى تلك التي كان حضورها جليا للبعض لم تظل كذلك حين بدأ الرقص والغناء والعزف. كان الحلم يعني الاكتمال. ولم تكن الحواس التي لدينا تكفي لنلم شمل السحر الذي دشن الاحتفال بالعيد الأربعين لقيام العلاقات الكويتية - الصينية، والمناسبة الواحدة والستين لقيام أكبر دول العالم سكانا: جمهورية الصين الشعبية.

قدمت الموسيقى الجزء الأخير في الصورة اللغز التي تبحث عن كمالها. رحلة بدأت في 1987 حين أقام أكثر من 30 معاقا عاشقا للفنون مهرجانهم الأول للفنانين الصينيين المعاقين. وخلال 13 عامًا نضجت التجربة حتى قدمت في العام 2000 عرضها الأكبر «حلمي». كان نجاح حلم الفرقة الصينية لذوي الاحتياجات الخاصة دافعا لدخول سوق الثقافة، وليبدأ الحلم يطوف بالعالم، ويراه الجمهور حيا على مسارح نحو 70 دولة، وتختار اليونسكو فناني الفرقة سفراء سلام. كانت الأرباح أكثر مما توقع الجميع، فأنشأت الفرقة صندوقا خيريا لخدمة المجتمع. خلال عامين تبرعت الفرقة بمبلغ سبعة ملايين و740 ألف يوان صيني، و770 ألف دولار أمريكي، سواء داخل الصين أو خارجها.

كل عام هناك أكثر من 150 ليلة يتجدد فيها الحلم بعشر دول أو أكثر، وفي كل ليلة من تلك الليالي يزدحم البرنامج بلوحات مستلهمة من التراث الصيني وطبيعة البلاد، وكذلك من فصول الحياة ومتونها.

القصيدة التي تفتتح بلغة الإشارة اللوحات للفرقة الصينية من ذوي الاحتياجات الخاصة، تقول كلماتها: الحياة ملؤها الأحلام، والطموحات الفردية، فلنستمتع بكل شعاع من ضوء الشمس في كل آن. دائما هناك شيء ثمين في قلب الحياة، حتى الشجرة المائلة تمنحنا الظل، والزهرة الملتفة تهبنا العطر. الحياة تجرُبة، فلنقم بتحدياتنا، بقلوب ملؤها السعادة والامتنان. أصدقائي الأعزاء نحن نحاول، لنر ضوءا في حلكة الظلام، لنسمع أصواتا وإيقاعات في لجة الصمت، لننشد الكمال مع ما بنا من إعاقات. ننقي ذواتنا لنرقى في عالم بديع رغم عدم يقينه. اليوم من خلال عروضنا الخاصة، نحكي لكم قصص الأمس، ونسرد عليكم مشاهد من الحياة اليوم، ونرسم أحلام الغد الملونة. كل رقصة ترونها، هي من نبض قلوبنا، وكل إيقاع موسيقي، هو أغنية تمرح في أوردتنا، فانضموا إلينا، شاركونا الحلم.

تتقدم الفنانة تاي لي هو عرض «إلهة الرحمة ذات الألف يد»، وكأنها لوحة تخرج من المعابد البوذية لتمنح بأيديها المحبة للجميع. الإتقان أكثر مما يوصف، والأزياء تجعلك تشارك في الحلم، والسحر الموسيقي يجعل المسافة بين خشبة المسرح ومقعدك تتلاشى فتصبح أنت جزءًا من الحلم، مثلما يضحى الحلم جزءًا منك.

كان يمكن لنا أن نصفق طويلا للشاب يانج هاياتو الذي ولد كفيفا وهو يغني بطلاقة وتمكن شديدين «علِّ صوتك بالغُنا، لسه الأغاني ممكنة»، الأغنية التي شدا بها الفنان محمد منير في فيلم يوسف شاهين: المصير، ولكن الجمهور الكويتي صفق بحماس وهو يرى الشاب يتحدى أكثر عبر أداء مذهل لأغنية كويتية قديمة تقول كلماتها: «أبو قذيلة (القذيلة هي الجديلة أي خصلة الشعر على الجبين) شبيه الريم (الذي يشبه الغزال) شحليله (ما أحلاه) بعد ماغاب واصلني خنت حيلي خنت حيله (ضعف حيلي وجهدي) سهرنا والملا (الناس) ناموا وعشاق الهوى هاموا من كثر فرح خلي يغنيلي واغنيله حلف مايسمع الواشي (قسم ألا يسمع الواشي)، ويشهد دمعه الماشي (وهو يسيل) دايم الحب يجمعنا ياويل العاذل (الذي يفرق بيننا) ياويله». عرفت سرًا صغيرًا هو أن الفرقة - بمساعدة سفارات الصين في العالم - تطلب الأغنيات الأشهر، ثم تنتقي منها ما يؤديه عازفو ومغنو فرقة ذوي الاحتياجات الخاصة للفنون الصينية. المهم أن لديهم ذلك الفتى الذي يستطيع أن يحفظ اللحن والكلمات بأية لغة شاء!

تضم الفرقة 110 أعضاء من الفنانين المعاقين الذين يبلغ متوسط أعمارهم عشرين عامًا (بعضهم انضم في سن الرابعة فقط)، وهناك 37 عاملا ومدربا وقد انقسمت الفرقة بعد كبر عدد أعضائها إلى فريقين (A) و (B) ولذلك حين زارت الكويت الفرقة (A) كانت صنوها تزور بلدًا آخر. لم تعد اللغة عائقا، ومع ذلك هناك مقدمات كأنها الشعر تسبق كل عرض. ربما لتهيئ مسرح الحواس للوحة التالية. وقد فاز فيلما «حلمي» و«الاقتراب من حلمي» اللذان صورا عن الفرقة وعروضها بجائزتي أفضـــل فيلم تلفــزيـــــوني وأفضل فيلم وثائقي عن موضوع خاص - على التوالي - في مهرجان هوليود الدولي للسينما، وتعدد تكريم العالم لهم، لأصحاب الحلم، الذين يمدون الإنسانية بالإيمان بقدرات أبنائها، حتى ولو تعطلت حاسة لديهم.

الكويت: أشرف أبو اليزيد

  • شهادات: صباح «أمل» لا يترك للمساء ظلمة!

لن أنسى يومًا اصطحبت فيه توتر الشاعر الراحل أمل دنقل أنا والدكتور حسن وجيه وصديقنا المشترك الكاتب الأرميني توماس جورجيسيان، لنشهد مع أمل لحظة قرانه يوم أن تزوج زميلتي عبلة الرويني، ومن دار عبلة في مصر الجديدة رافقناه إلى فندق صغير في وسط البلد قرر أن يمضيا فيه شهر العسل. كثيرا ما كانت عبلة قبل فترة الخطبة تحمل إليّ أسئلتها الحيرى التي تتضاعف كلما التقتني وهي تستفسر عن شخصية هذا الجنوبي المتمرد. اقتربت من أمل خلال العقدين الأخيرين فى حياته، وكنت شاهدا على قصة الحب التي بدأت بينهما عندما راحت عبلة تجري حوارًا مع الجنوبي وتقدمه لأستاذي أحمد رشدي صالح المشرف على الملحق الأدبي والفني بـ«الأخبار» في النصف الثاني من سبعينيات القرن الماضي، في وقت لم تكن الصحافة السيارة قد التفتت إلى حجم موهبته. هل كانت عبلة تود أن تختبر غيرة الصعيدي وهي تخطط لأن نمر معا أمام مقهى ريش في طريقنا لتغطية مهرجان القاهرة السينمائي في دوراته الأولى، وهي تعلم أن فتاها يجلس على هذا المقهى، فإذا ما أبصرنا صاحب «زرقاء اليمامة» غادر مقعده ولحق بها يسألها: «رايحين فين»؟

فردت عليه بكلمة باغتتني: «السينما»!

وهل فهم أمل ما ترمي إليه عبلة فاستقبل الأمر برمته بابتسامة ذات مغزى؟

لا يشبه أمل دنقل إلا البحر الذي يفتت غضب موجه الصخر، ويستسلم لهدوئه الغاضبون، فهل كان البحر مرآة أمل التي تنسخ صورته فحلقت روحه الهادرة على مكتبة الإسكندرية لتتحدث ألسنة الشاهدين على حياته وإبداعه وتفيض بالتحية عليه في ذكرى ميلاده السبعين. اعترف بأنني سعدت كثيرا بلفتة المايسترو شريف محيي الدين، مدير مركز الفنون بمكتبة الإسكندرية، للاحتفال بشاعره الأثير الذي اكتشف موهبته الأدبية وهو بعد لايزال في بداياته المبكرة. أنصت إليه جيدا وهو يقرأ المشاهد التي جمعته بالجنوبي ويقول: منذ كنت في الرابعة عشرة من العمر حتى رحيل أمل، سعدت بصداقته بعد أن قدمني إليه النحات الراحل عوني هيكل، صديقه المقرب، وأصبحت ألتقي به على مقاهي وسط البلد، وتأثرت به، واستمعت إليه وهو يلقي شعره، ونشأت صداقة جميلة بين صبي يحلم بأن يصبح فنانًا وشاعر كبير ذي كبرياء خاص. وبعد رحيله ظلت الصداقة الرائعة مع إبداعه الخالد.

ولم أستغرب أن يصدر شريف محيي الدين عن مركز الفنون أسطوانتين مدمجتين: تضم الأولى قصائد أمل التى لحنها المايسترو، وعلى الثانية نسخة من الفيلم التسجيلي القصير الذي أبدعته المخرجة عطيات الأبنودي بعنوان «حديث الغرفة رقم 8» وفيه نجحت في تصوير والدته التي أورثها الشوق إلى فقيدها ملامح وجهه وهي تستحضر ذكريات طفولة أمل التي اغتالها موت والده فلبس عمامة الرجولة مبكراً، كانت الكاميرا بارعة وهي تركز على يد الأم وأصابعها المرتبكة تتشابك لتقبض على اللحظات الثمينة التي جمعتها بفلذة كبدها، لكنها لا تلبث أن تبتعد لتعلن قلة حيلتها وهي تحكي قصة بعده عنها، وغربته في القاهرة، ثم تركه لكلية الآداب التي كانت تود أن يحصل على شهادتها العليا.

لاتزال خطوات أمه تتعثر وهي تتجه نحو قبره، لكن قلبها-البوصلة يسوق قدميها إليه، لتجثو على ركبتين أرهقتهما الليالي الطوال في انتظار ما لا يجيء، سالت دموعها على وجهها وأنا أستعيد زيارتين كنت قد قمت بهما، منذ بضع سنوات إلى قبر أمل، واحدة رافقت فيها صديقه الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودي، وشقيقه أنس دنقل، والروائي يوسف القعيد، والأخرى كانت بصحبة الشاعر الدكتور محمد أبوالفضل بدران، هناك سمعت صوت أمل يتردد في جنبات المكان، كان الصوت حيا يزلزل الأركان من حولي، صوت لا يسوق إليك رهبة الخوف بقدر ما يشملك بألفة وكرم جنوبي حقيقي، فهل تأتنس الأم بما ائتنست به فوددت لو أبقى لساعة أخرى، أم أن الصوت يضاعف شوقها فتشعر بالقهر ووليدها مسربل بالتراب لا تستطيع أن تنفضه عنه فتنتفض وهي تبكي لتتسربل بالدموع؟

أنا لا أعرف ماذا يحدث، فقد حمل إليّ البريد وأنا أكتب هذه السطور سِفرا أنيقا يحمل كلمة خرجت من قلب أمل يصف فيها حبه للثغر.

«أعشق الإسكندرية» هو عنوان الكتاب الذي حرره بعناية الشاعر الشاب عمر حاذق بتكليف من المايسترو، ليصبح تذكاراً يضم شهادات وكلمات كل من شارك في احتفالية مكتبة الإسكندرية بسبعينية أمل، بدءا من حجازى وعصفور ودرويش وأنس وموافي وطمان.

وفيه أتوقف أمام شهادة الدكتور محمد رفيق خليل، رئيس مجلس إدارة أتيلييه الإسكندرية وهو يلقي الضوء على مكانة الإسكندرية في قلب شاعرنا:

«عرفت أمل فيما بين عامى 1962 و 1964 حين قدم من الصعيد إلى الإسكندرية، بعد عام واحد فقط قضاه في القاهرة. وكنت صبيًّا أحاول أن أطرق دروب الشعر في منتديات الثغر، فتعرفت على هذا الشاعر الشاب عن طريق اثنين من متمردي الشعر آنذاك: عبدالمنعم الأنصاري وسيد الشرنوبي. وكان الثلاثة روادًا للحداثة والرفض الإيجابي، إلى جانب شاعر أكبر منهم بعقدين مشارك لهم في التمرد والتجديد هو محمود العتريس. وكانت بداية الستينيات من القرن العشرين لحظة فارقة في الثقافتين: العالمية والمصرية عامة، وثقافة الإسكندرية بصفة خاصة. في هذه الظروف عرفت أمل الذي عاش في الإسكندرية بنسيجها متعدد الألوان وتأثر بها، ربما يكون قد خاف منها في البداية مثلما قال الأديب الفرنسي ألفونس دوديه لدى وصوله إلى باريس «إيه يا باريس.. يا لك من مدينة متوحشة»، ومثل هذا نجده في قصيدة بعنوان «رسالة من الشمال»:

«هي إسكندريةُ بعد المساء
شتائية القلب والمحضنِ
شوارعها خاويات المدى
سوى حارس بيَ لا يعتني»

ونجده في نهاية القصيدة عندما يصف الإسكندرية بشمال الشمال ويعتبرها قطعة من أوربا؛ يقول:

«أنا قادم من شمال الشمال
لعينين في موطني، موطني»

ولكننا نراه بعد ذلك يختزل المدينة في المقهى الصغير ذي الطابع المتوسطي «بيتي تريانون» إذ يعتبره اختصارًا للمدينة والغربة فيها، ولديمومة الحياة بها:

«لم يعد يذكرنا حتى المكانْ
كيف هُنّا عنده والأمس هانْ
قبلَنا يا أختُ في هذا المكانْ
كم تناجى وتناغى عاشقانْ
ذهبا ثم ذهبنا وغدًا
يتساقى الحب فيه آخرانْ
فلندعه لهما ساقيةً
دار فيها الماء ما دار الزمانْ»

وغريب يلتمس الراحة في الحضن الدافئ للمدينة، ويحدثها عندما يخاطب ماريا ساقية المشرب:

«قد جئنا الليلةَ من أجلِكْ
لنريحَ العمرَ المتشرد
خلف شعاع الغيب المهلِكْ
في ظل الأهداب الإغريقية
ما أحلى استرخاءة حزن في ظلكْ
في ظل الهُدب الأسود».

والإسكندرية ماثلة في شعر أمل دنقل وهو يتحدث عن روما سبارتاكوس، فيذكر اسم شارع الإسكندر الأكبر في الإسكندرية حتى ينقل المعادل الموضوعي لثورة سبارتاكوس إلى أديم مصر طاويًا الزمان والمكان:

«يا إخوتي الذين يعبرون في الميدان مطرقينْ
منحدرينَ في نهاية المساءْ
في شارع الإسكندر الأكبرْ
لا تخجلوا ولترفعوا عيونكم إليْ
لأنكم معلقون جانبي على مشانق القيصرْ».

من هو القيصر؟! هل هو الزعيم الذي أحبه أمل لمشروعه القومي وكَره ديكتاتوريته؟.. أم هو القوى الغاشمة الكبرى التي سعت إلى وأد حلمنا الوطني للتقدم؟! قد تكون الإجابة هذا أو ذاك، ولكن الشيء المهم أن «من قال لا لم يمتْ، وظل روحًا عبقرية الألم».

لايزال الكتاب يحتاج إلى وقت طويل لقراءة متأنية ومعايشة الشهادات المتنوعة التي رصدت حياة أمل من كل الزوايا وصنعت من موته حياة سحرت من أتوا بعد رحيله فكتبوا عن خلوده.

القاهرة: مصطفى عبدالله

  • ذكرى: الشاعر الإسباني ميغيل أرناندث في مئوية ميلاده

يعتبر الشاعر الإسباني ميغيل أرناندث واحدا من أبرز شعراء إسبانيا في القرن العشرين، وكانت حياته القصيرة مليئة بالأحداث، فقد عانى شظف العيش، فلاحا في مزرعة والده، في مدينة أوريولا، شرق إسبانيا، ومن ثم انتقل الى مدريد، ليشهد التقلبات السياسية التي عصفت بإسبانيا في الثلاثينيات، ومن ثم نشوب الحرب الأهلية الإسبانية بين الجمهوريين وانصار الجنرال فرانكو بين عامي 1936 و1939. كان أمل ميغيل أرناندث هو أن يفوز الجمهوريون، فوقف الى جانبهم بشعره ومقاتلا بسلاحه، لكن خاب ظنه، بعد خسارة الجمهوريين، وهي الخسارة التي شكلت نكسة كبيرة في حياته، فحطمت آماله بالكامل.

شهد أرناندث منذ ولادته يوم 30 أكتوبر (تشرين الأول) عام 1910، تقلبات شديدة في حياته، فمنذ صغره كان عليه أن يعمل في الحقل، وما أن غدا يافعًا حتى دخل في صراع مع عائلته، حيث كان والده ملكيا، بينما كان ميغيل أرناندث جمهوريا، فدخل في نقاشات حادة مع والده، أدت في النهاية الى القطيعة بين الاثنين، وكان البغض بين الاثنين قد وصل الى درجة أن وفاة الابن لم تحرك مشاعر الأب، فعندما وصل خبر وفاة ابنه قال والده دون تأثر: «هذا ما كان يبحث عنه».

عاش ميغيل أرناندث فقيرا فعمل في الفلاحة والرعي، لكنه كان دائم البحث والتقصي وقراءة الشعر، ويحلم في أن يحتل مكانه اللائق بين الأدباء المعروفين، فانتقل إلى مدريد في بداية الثلاثينيات، وهناك التقى بأبرز الأدباء من أمثال بيثنته اليكسندره، الحائز جائزة نوبل في الآداب، وفدريكو غارثيا لوركا، والشاعر الشيلي بابلو نيرودا، وآخرين، وما أن نشبت الحرب الأهلية الإسبانية (1936-1939) حتى تطوع للدفاع عن الجمهوريون ضد قوات الجنرال فرانكو، فعانى خلال الحرب الأمرين، لكنه كان على أمل أن ينتصر الجمهوريون، ولكن امله خاب، فقد كان الانتصار من نصيب الجنرال فرانكو.

وفي عام 1937، أي في فترة الحرب الأهلية الإسبانية، تزوج خوسفينا ماتريسا، ثم توالت عليه الويلات من كل جانب، فما ان رزق بولد حتى توفي ولم يبلغ العام من عمره، ثم ولد له آخر. وواصل حظه العاثر، فقد كان مقاتلا مع الجمهوريين الذين خسروا المعركة مع قوات الجنرال فرانكو، ولم يكن أمامه إلا أن يهرب الى الخارج، فقرر الهروب إلى البرتغال، لكن الحظ لم يحالفه كما هي العادة في كل مرة، بينما حالف الحظ آخرين من أقرانه في هربهم، فالقي القبض عليه عند الحدود البرتغالية واقتيد الى السجن، وهناك عانى من جديد، آلام الحسرة والخسارة من جهة، وآلام السجن والمرض من جهة أخرى، فأصيب بمرض السل، ومن ثم جاء قرار المحكمة ضده باتهامه بالعمل لمصلحة الجمهوريين ومقارعته لقوات الجنرال فرانكو، فحكم عليه بالإعدام، لكن الحكم تأخر لتوسط الكثير من الأدباء لمصلحته، وبقي في السجن حتى توفي فيه يوم 28 مارس (آذار) من عام 1942، وهو في الثانية والثلاثين من عمره. أي أنه أكثر شعراء جيل الـ 27 شبابًا، بمن في ذلك فدريكو غارثيا لوركا الذي قتل شابا في بداية الحرب الأهلية عام 1936 عن ثمانية وثلاثين عاما.

من قصائده عن الإسبانية:

كم كنت أتمنّى أن أكون طائرا
كم كنت أتمنّى أن أكون طائرا،
فراشي من غصون
وذراعي من ريش
أطير في الهواء، ولا أتمنّى شيئا آخر.
ومنقاري يغني
وصديقي السماء
حبيبي على الشجرة.
كم كنت أتمنـّى أن أكون حقلا،
كي يكون رأسي مثل شجرة لوز
وشَـعري من الحلفاء،
وأتنفـّس نسيم شجر الحور،
وأرى الأرض المزروعة مناقير،
كلامي سكوت
وشفتاي خط محراث

مدريد: صبيح صادق 





ناي يعزف وورود تتساقط حزناً





الفنانة تاي لي هو في العرض الافتتاحي على مسرح الدسمة





رقصة الطاووس





استعراض الأرض الصفراء





أكفاء يكتشفون ألوان الربيع هنا





المزارع المرح ونباتاته الخضراء الحية





الطالب محمد أمل فهيم محارب دنقل بالشهادة الإعدادية بقنا 1952 - 1953 م





شهادات سبعينية أمل





ميغيل أرناندث مع زوجته خوسفينا





أرناندث يلقي قصائده المؤيدة للجمهوريين في مدريد في الثلاثينيات