عزيزي العربي

عزيزي العربي

  • بابل تستحق الاستطلاع

السيد رئيس تحرير مجلة العربي المحترم..

السلام عليكم.. تحياتي إلى منبركم الكريم مجلة العرب الأولى، وتحياتي إلى إخوتي قرّاء «العربي» جميعًا.

إن إحدى عجائب الدنيا السبع هي «بابل» وطيلة حياتي مع المجلة، لم أر ولم أقرأ أي موضوع أو استطلاع صحفي يخص مدينة بابل الأثرية يعطيها حقها في التحليل والاطلاع على محتويات بابل الأثرية من قبل مجلة كبرى هي مجلة «العربي» الغراء، حيث إن بابل تستحق منكم الاستطلاع والتصوير والأرشيف. وإنني متأكد من فوزها على جميع استطلاعاتكم الوفيرة التي لا تعد ولا تحصى عن المدن والقصبات والجزر، ومتأكد من اشتياق آلاف القرّاء العرب إلى مثل هذه الموضوعات التي تخص حضارة العرب وحضارة وادي الرافدين القديمة وآثار بابل بالذات.

فاهم مجبل شاني
النجف الأشرف - العراق

  • خواطر: لن أتكلم

أنا لن أتعلم ليل نهار.. وكيف أعيش حياة أخرى غير حياتي

يدي في الماء أو في النار.. كيف أغيّر نفسي وأنسى حكاياتي..

نعم.. الفطرة واحدة.. لكنني منذ البداية مختلف.. وأعترف بأني أخطئ أحيانًا.. وأقترف الشهوات.

فأنا الذي تحمّلت أعباء الحياة على كتفي.. ولا يكفي.. إلا أن كنا جماعات..

فلنرتبط بمصير واحد.. ونتعلق برباط واحد.. فسر القوة جمعنا وسر الضعف الشتات..

ولنصبر على آمالنا.. يكفينا أن نبدأ خطوة.. وستتحقق أحلامنا.. مادمنا نؤمن بالآيات..

أنا لن أتعلم عن أشياء لا تسمن ولا تغني من جوع.. فالحل ساعتها الصمت.. والسير في كل الطرقات..

مادامت لي أهداف.. فلابد من وسيلة، لكني الآن أخاف من تلوين الكلمات..

فالكلمة تقيم حربًا وتنشر السلام.. الكلمة سر المعنى، والمعنى سر الذات..

أنا لن أتعلم كلماتك فأنا أعرفها.. لكني أشاهد عينيك وهذي النظرات..

كيف السبيل إلى الوصال مادام الزمن حطّم كل حلم ماضٍ وكل حلم آت..

قرآننا فيه الحياة، فيه العبر، فيه الحقيقة واليقين والإثبات.. فيه الثبات..

فلنتخط كل علوم الوهم الأحمق، ولنتفرغ كي نتفقه ونصل لطريق النجاة..

هل بعد الإيمان شك؟ القرآن والإنجيل والتوراة رسالات سماوية تدعو إلى عبادة الخالق طوال الحياة.. حتى الممات..

تدعو إلى توحيد الرب في عليائه.. وتسمو فوق كل الزلات..

أنا لن أتكلم عن أحداث تزعجني، يكفي سماعي لصرخات القتلى، وأصوات الطلقات..

يكفي انهزامي الداخلي في تحويلي من حر ثائر.. إلى عبد خائف وراضٍ..

يكفي التكتّم قد أصاب مناخنا.. بالقهر وبالطغيان وبالظلام العاتي.

عبدالرحمن فاروق سعد
دمياط - مصر

  • تهويد القدس وتوقعات «العربي»

بكل أسف أقول إن ما توقعته «العربي» قبل 38 عامًا وبالتحديد في العدد 160 (مارس 1972) قد تحقق، وأصبح المسجد الأقصى والقدس محاصرين بالمستعمرات، ويجري قضم الأرض صباح مساء والأمة الإسلامية غافلة، لا بل متغافلة، وهاهي القدس أصبحت قاب قوسين أو أدنى من التهويد الكامل ومقدساتها إلى ضياع فلا حول ولا قوة إلا بالله.

تيسير حدون
عمان - الأردن

  • تجربة عملية: قطاف الزيتون في مدينة حرستا

قال تعالى في كتابه العزيز: زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاء.

تلك هي شجيرة الزيتون النحيلة والمنتصبة التي تنمو في أسوأ أنواع التربة وما أن تنمو حتى يتعقد جذعها ويلتوي، حيث يزرع في ظلها كروم العنب أو بعض الخضراوات، ومن الممكن تركها بمفردها في الشمس المشرقة دون أن يزاحمها أحد، وقد تمضي عليها بضع سنوات دون أن تثمر، إنها الشجرة التي يزرعها الأجداد ليأكل منها الأحفاد.

لي صديق في العمل لديه بستان كبير من الزيتون قال لي إنه في يوم الجمعة القادم سيتم قطاف الزيتون في بستانه ولقد دعاني لمشاركته في هذا العمل، إنه عمل ممتع، ولكنه شاق وبحاجة إلى صبر، في صبيحة ذلك اليوم، انطلقت إلى منطقته القريبة من مدينة دمشق، إنها مدينة حرستا الجميلة التي تبعد 10 كيلومترات عن مدينة دمشق، تلك المدينة الأصيلة التي نقلت ملكيتها من الأجداد إلى الأحفاد عبر الزمن، وما أن اقتربت من البستان حتى سمعت أصواتًا تتعالى هنا وهناك، إنها أصوات العصي وهم يضربون بها الشجر.

وضعنا «الشراشف» على الأرض وقام صاحبنا بضرب الشجرة وهزها ليسقط كل ما هو ناضج ويبقى ما يبقى ليتم مشقه ووضعه في السلة المصنوعة من الصب.

إننا نقطف الزيتون حبة حبة، إنه عمل شاق ولاسيما تلك الحبات الكبيرة الناضجة والتي سقطت بين الحصى والتراب.

بعد أربع ساعات جلسنا لنستريح ونشرب الشاي الساخن، فهذا يشكو من آلام في ظهره وذلك من تشنج في رقبته وذاك من تلوّن أصابعه بالسواد، وتلك تشكو من جروح في أناملها من عملية القطاف.

قلت لصاحبي: لماذا لا تجمعوا المحصول بواسطة الآلة؟ فذلك أسرع من هذا العمل اليدوي فقال لي: إن الآلة تجمع فقط الزيتون المحيط بالشجرة أما الزيتون الموجود في قلب الشجرة والمتشابك من الأعلى والأسفل وبشكل عرضي، فلن تتمكن تلك الآلة المسكينة من التقاطه.

لذلك نضطر إلى تسلق الشجيرات وقطفها يدويًا، وتمر عملية عصر الزيتون في ثلاث مراحل لصناعة الزيت بعد أن يتم غسل حبات الزيتون وتنقيتها من الأوراق والشوائب عبر قشاط متحرك، وبعدها توضع حبات الزيتون في بوتقة تحت دولابين مباشرة ويتم سحق الثمار والبذور ببطء فتتحول إلى كتلة كثيفة رمادية اللون مائلة للخضرة وتوزع هذه العجينة على خمسة أقراص مجدولة من الخيوط تفصل الواحد عن الآخر صفائح معدنية، ومن ثم يتم وضعها ضمن عمود مركزي شبيه بـ«سيخ الشاورما».

بعد ذلك تدخل العجينة المسحوقة والأقراص مكبسًا مغلقًا يدار يدويًا وما أن تتقلص هذه الأداة الضخمة حتى ينساب من الأقراص الزيت على قمع في قاع الأرض وحين يتم عصر كل السوائل من العجينة يفتح قفل الآلة وتكشط النفايات المتبقية، أما اللباب الباقي (الجفت) وهو ذو لون مائل إلى السمرة فكان يستخدم في القديم وقودًا، أما اليوم فتتم معالجته كيميائيًا، لاستخلاص الزيت.

وكان العمل اليدوي يستغرق ساعات ويكون مردوده أقل بكثير فنسبة الهدر كبيرة وكان المزارع يذهب منذ بزوغ الفجر ليعود بعد غروب الشمس. وما أن ينتهي من عناء قطف الزيتون حتى يأتيه عذاب عصر الزيتون.

وأخيرًا وضع صديقي عبوة من التنك تحت الصنبور وانساب الزيت قطرات قطرات ثم ظهر السائل مادة صافية، إنه الزيت الصافي، وأصبح ينظر إليه بفخر وسرور وهو يشتم رائحته ويتذوّق طعمه اللذيذ، إنه ذو طعم خاص، إنه من زيت بلادي، ودُهشت عندما قال لي إن كل مائة كيلوجرام من الزيتون المقطوف تدر حوالي عشرين كيلوجرامًا من الزيت الصافي. تلك هي مدينة حرستا التي أمضينا بها يومًا كاملاً من العمل الشاق، وما أن وضع لنا صديقي الزيت في الصحن ومعه الزعتر والخبز المقمّر حتى نسينا كل التعب.

محمد بشير نعمة
دمشق - سورية

  • حول قصيدة «الكعكة الحجرية»

في العدد 606 - مايو 2009 من مجلة «العربي» ص100 - 105، نشر الدكتور جابر عصفور قراءته التحليلية لقصيدة «أغنية الكعكة الحجرية» لأمل دنقل. وقد بدأ الدكتور جابر يعرض الخلفية السياسية للقصيدة، حيث ذكر أنها كُتبت نتيجة اعتصام الطلاب في يناير 1972 وما ترتب عليه من تدخل الأمن المركزي لفض الاعتصام والمظاهرات. وقد جعل الدكتور من هذا الحدث تحديدًا سببًا في كتابة عفيفي مطر قصيدة من عيون شعره، حيث يقول:

«واستمرت انتفاضة الطلاب، وامتد اعتصامهم إلى فجر 24 يناير، حيث قامت قوات الأمن المركزي بمهاجمة الجامعة والقبض على الطلاب الذين لم يحاولوا المقاومة. وقد دفع اقتحام قوات الأمن للجامعة الشاعر محمد عفيفي مطر إلى كتابة قصيدة من عيون شعره عن سيل الدروع الذي اقتحم حرم جامعة القاهرة، مروّعا الطلاب الذين كانوا جديرين بالتكريم لا الترويع».

وهنا مكمن الخطأ، حيث لم يكتب عفيفي مطر شيئًا عن تظاهر الطلبة واعتصامهم عام 1972، وإنما كتب قصيدته المعنونة «1968» عن حركة الطلاب عام 1968 عقب عام النكسة.

ثم ينتقل الدكتور جابر من الخلفية السياسية إلى التحليل المباشر لنص القصيدة، فيقول: «وبالطبع، يبدأ الإصحاح الأول حادًا بارز الإيقاع، يستغل الإمكانات النغمية التي تنطوي عليها تفعيلات «بحر الخفيف» التي تصوغ منها القصيدة تنويعات إيقاعية تتلاعب بوحدتي البحر (فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن) لكي تتجاوب وتباين الموجات النغمية التي تُجسّد تدافع التدفقات الشعورية، خصوصًا في تباين أطوالها، وتنوع سرعاتها، وتراوحها ما بين الشدة واللين، ويوازي ذلك تدافع مجازي تتداخل فيه الاستعارة والكنية والتشبيه».

وحقيقة الأمر أن قصيدة «الكعكة الحجرية» لم تكتب على بحر الخفيف الذي بنى عليه الدكتور جابر جزءًا من قراءته، وإنما كُتبت على بحر المتدارك، وهو البحر السادس عشر الذي زاده الأخفش وتدارك به على الخليل بن أحمد الفراهيدي، وتفعيلته الأساسية «فاعلن»، وقد تصير «فعلن» بسكون العين أو تحريكها.

وهذا ما يتطابق مع قصيدة «الكعكة الحجرية» على هذا النحو:

أيها الواقفون على حافة المذبحة
(فاعلن فاعلن فعلن فاعلن فاعلن)

أشهروا الأسلحة
(فاعلن فاعلن)

أما بحر الخفيف فاستخدامه في الشطر الشعري شديد الندرة، لأنه بحر مركّب، وشعر التفعيلة يلجأ غالبًا إلى البحور البسيطة ذات التفعيلة الواحدة المتكررة. ولم تكتب على البحور المركبة، وتحديدًا الخفيف، إلاّ قصائد نادرة جدًا مثل قصيدة «أغنية للقاهرة» لأحمد عبدالمعطي حجازي في ديوانه السادس «أشجار الأسمنت».

وفي نهاية الاقتباس السابق قال د.جابر «الاستعارة والكنية والتشبيه». وأظنه قال «الكنية» سهوًا بدلاً من الكناية، أو أنه قال «الكناية» وتعرضت المقالة لخطأ مطبعي، لأن السياق لا يسمح إلاّ بالكناية التي هي من مباحث علم البيان، وهي اللفظ الذي أريد به لازم معناه مع جواز إرادة المعنى الأصلي لعدم وجود قرينة مانعة من إرادته.

أود أن أشير في الختام إلى أنني لم أتحمّس لكتابة هذه الملحوظات إلاّ لعلمي أن ما يكتبه الدكتور جابر عصفور يعدّ مرجعًا للباحثين والدارسين، فأرجو أن يتسع صدره لما كتبت.

بشير رفعت - مصر