قذائف طائشة تهدد الأرض سعد شعبان

قذائف طائشة تهدد الأرض

في يوليو 1994 حدث أول تصادم من نوعه في الفضاء الكوني، بين مذنب شارد وكوكب المشتري أكبر كواكب منظومتنا الشمسية، ونتج عن هذا الارتطام العنيف انفجار يعادل آلاف القنابل الهيدروجينية وقد وصف الفلكيون هذا التصادم بأنه لو كان قد حدث مع الأرض، لانمحت كل صور الحياة النباتية والحيوانية والبشرية عليها ولغدت الأرض كرة موحشة جرداء بسبب الخوف من تكرار الأمر مع كوكبنا فقد طلب الكونجرس من، وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" القيام بدراسة عن المذنبات التي تقترب من الأرض، خلال الأعوام العشرة القادمة.

في عام 1970 انفلت أحد المذنبات الكثيرة التي تجوس على مداراتها بين كواكب المنظومة الشمسية، ولأن الأمر متكرر ومعتاد فلم يعره أحد من الفلكيين اهتماما كبيرا. ولكن في عام 1992 أخذ هذا المذنب يقترب اقترابا شديدا من كوكب المشتري أكبر كواكب المنظومة الشمسية، ودخل في نطاق جاذبيته، وكان يتابع هذه الحركة المتسمة بالخطورة، الفلكي الأمريكي "إيوجين شوميكر". وزوجته "كارولين" وفي 25 مارس 1993 أعلنا من المرصد الفلكي في ولاية كاليفورنيا الأمريكية، أن اصطدام هذا المذنب الأبق، واقع لا محالة مع الكوكب الكبير الحجم، وقد مضى "شوميكر" وزوجته في متابعة حركة هذا المذنب وحددا بالحساب توقيت التصادم المتوقع، على أنه شهر يونيو 1994. ثم دققا الحساب وأعلنا أن وقوع الكارثة سيكون بين 17 و 24 يوليو 1994، ومضيا يحذران من عواقب هذا التصادم لأن المذنب عندما انجذب للمشترى تفتت رأسه إلى أكثر من عشرين جزءا. وكانت أقطار هذه الأجزاء الصخرية تتراوح بين كيلو متر وأربعة كيلو مترات، كما أن سرعة المذنب كانت 216 كيلو متر في الساعة أي أنها تزيد على سرعة قطار.

ولقد تربص العلماء لوقوع الارتطام، وأطلقوا على المذنب الذي كان مجهولا اسم مكتشفيه ومساعدهما "شوميكر - ليفي - 9" لأنه كان المذنب التاسع في مكتشفاتهم. وفعلا وقع أول تصادم كوني في التاريخ الذي حددوه، فيما يمكن وصفه بأنه كان صورة مصغرة ليوم القيامة. ولكن أهل الأرض لم يشعروا بشيء نظرا لعظم المسافة التي بين الأرض وهذا الكوكب والتي تقرب من (628) مليون كيلومتر.

ولهول التصادم وشدته، فان الأضواء التي نجمت كانت تعكس على سطح الأقمار الكبيرة بوضوح ويمكن تصويرها من الأرض. وبقياس كثافة هذه الأضواء المنعكسة على الأقمار ورصد أطيافها تمكن العلماء من تقدير شدة الانفجارات التي تتابعت على مدى ثمانية أيام. ولقد سجلت المراصد الفلكية أن أول الانفجارات نجم عن ارتطام صخرة قطرها 3,2 كيلومتر، وبلغت شدة الانفجار ما يعادل انفجار 9 ملايين ميجا - طن من مادة ت. ن ت.وهي شدة تفوق انفجار كثير من القنابل النووية المكدسة في الترسانات العسكرية للدول الكبرى. وقدر العلماء أن هذا الانفجار الهائل لا بد أن تتخلف عنه ندبة غائرة في سطح الكوكب، يزيد قطرها على قطر الكرة الأرضية نفسها. وقد توالت الانفجارات، أكثر من عشرين مرة، وقدر العلماء أنها لو كانت قد وقعت على سطح الكرة الأرضية، لكان وجه الحضارة الإنسانية قد انمحى، ولعادت الكرة الأرضية إلى ما كانت عليه قبل (65) مليون سنة.

أضواء على الفاعل

لقد مضينا في وصف الحدث وتفاصيله، وأصبح مناسبا أن نلقي الضوء على "المذنب" الذي أحدث هذا التصادم. ذلك أن عالم المذنبات مازال محاطا بكثير من الأسرار، ولم تكتشف بعد كل تفاصيله. ولا بد للعلماء أن يمضوا بجدية في إماطة اللثام عن هذه الأسرار، لأن كثيرا من المذنبات تحوم حول مدار الأرض وتقاطعه. والعهد بنا ليس ببعيد عندما اقترب المذنب الشهير "هالي" منا عام 1986، وكان ممكنا رؤيته بالعين المجردة، وهو يهل علينا كل 76,1 سنة، وسبق أن شارك مرصد حلوان في رصده وتصويره عام 1910

وفي عام 1986 انتهز العلماء فرصة قربة من الأرض، واستخدموا وسائل عصر الفضاء، التي لم تكن متاحة من قبل، وقاموا بالتحكم في مدارات عشرات من الأقمار الصناعية وسفن الفضاء لتصويره من مسافات لم تكن متاحة قبل ذلك. ولقد شارك في هذه الجهود علماء الدول المتقدمة فضائيا وهي الاتحاد السوفييتي (سابقا) والولايات المتحدة واليابان ووكالة الفضاء الأوربية وألمانيا الاتحاديه وإيطاليا. والسبب في هذا الحشد، هو محاولة فض المجهول من أسرار المذنبات التي مازال العلماء يعتقدون أن مادتها في حالة تجمد، وكأنها في ثلاجة كونية، وإنهاء ستظل إلى قيام الساعة على هذه الحالة، وأنها تدور على مدارات بيضاوية ولكن هذه المدارات مفرطة في الاستطالة وتغوص في الفضاء حتى بلايين الكيلو مترات. كما أن المذنبات التي تقترب من المنظومة الشمسية، عندما تدخل في نطاق جاذبية أحد كواكبها فإنها تنجذب إليها، فتحيد عن مدارها قليلا، ثم تواصل الغوص في الفضاء البعيد بعد ذلك. ولعل ما يلفت النظر إلى المذنبات دون سائر الأجرام الكونية الأخرى، شكلهـا المميز الذي يتسم بالغرابة. ذلك أنها تجر وراءها ذيلا طويلا، يبلغ طول بعضها آلاف أو ملايين الكيلو مترات، وتظهر حول رأسها الذي يبدو أن مادتها الصخرية تتركز به، هالة مضيئة تنعكس عليها الأضواء. ولقد حيرت مادة ذيول المذنبات العلماء طويلا، لأنها شفافة لا تحجب ما وراءها من أضواء النجوم، ودائما يتجه ذيل المذنب، إلى اتجاه يبعده عن الشمس، فيظهر للناظر إليه والمتتبع لحركته وكأنه طاووس يختال بين النجوم، شارعا ذيله بعيدا عن رأسه الذي تحوطه هالة من الضوء. ويزيد من غرابة المذنبات أن ذيل كل منها غير ثابت الطول بل يزداد طوله عندما تكون ذؤابة رأسه أقرب ما يمكن من الشمس. وعندما يبتعد عنها، يبدأ الطول في التناقص. ولقد ثبت من تحليل أطياف الأضواء التي تصدر من الرأس والذيل أن المادة المركزة في الرأس تعتبر بمثابة مصنع كيماوي، إذ تتحول نوى ذرات مادته التي تتألف من أحجار وغبار، إلى مركبات كيماوية وأيونات متكهربة.

كما أن سرعة المذنب على مداره ليست سرعة ثابتة، فهي تزيد باطراد كلما اقترب من الشمس، ثم تقل وهي تبتعد عنها وتغوص غوصا شديدا في الفضاء.

ولقد ارتبط ظهور المذنبات في سماء الأرض بقدر هائل من الخرافات، وربط عامة الناس بينها وبين حدوث الكوارث والفيضانات والزلازل والقحط والأوبئة، واشتط البعض في الربط بين ظهورها وتهاوي العروش واشتعال الحروب.

ولذلك ورد ذكر المذنبات في كثير من المراجع القديمة مثل "الإلياذة"، ووصفت بأنها نجوم ذات شعور، وتسقط منهـا الأوبئة والجرب على الأرض.

وفي الأدب العربي ورد ذكرها في كتاب "الكامل" لابن الأثير، ووصف مذنبا بأنه "ظهر على يسار القبلة كأنه كركب وكان له ذيل طويل، ولكن الناس تطيروا منه".

وذكر "ابن إياس" في تاريخ أحداث عام 860 هجرية أنه "ظهر في السماء نجم له ذيل طويل يتجه نحو الشرق، وزاد الكلام السيئ بين الناس بسببه)!!. وفي العصر الحديث رصدت عدة مذنبات شهيرة وأطلقت عليها أسماء لتمييزها عن مذنب "هالي"، منهـا مذنب "كهوتيك" الذي يكرر دورته حول الأرض كل 75 ألف سنة، وقد صوره معمل السماء الأمريكي (سكاي لاب) عام 1974، عند اقترابه من الأرض. ومذنب آخر اسمه "إيراس" رصد عام 1983.

أما المذنب الذي نحن بصدده، والذي نطح كوكب المشتري وأحدث به أول تصادم فضائي كوني، فإنه كان مجهولا حتى عام 1970 كما أسلفنا.

أسرار كوكب المشتري

يعتبر كوكب المشتري كواسطة العقد في تسلسل ابتعاد كواكب المنظومة الشمسية عن الشمس.

إذ يحتل المركز الخامس في انتظام أبعاد الكواكب التسعة التي تتدرج أبعادها على النحو التالي:

عطارد - الزهرة - الأرض - المريخ - المشتري - زحل - أورانوس - نبتون - بلوتو.

ويبلغ متوسط بعده عن الشمس 778 مليون كيلومتر، ويتميز المشؤي على سائر الكواكب الأخرى، بأنه أكبرها حجما فقطره يبلغ قدر قطر الأرض (2 را ا) مرة وبالتالي فإن حجمه يفوق حجم الكرة الأرضية (1295) مرة

وفضلا عن ذلك فإنه أغناها من حيث اجتذابه للأقمار التابعة له إذ يبلغ عددها (16) قمرا، وهو أمر لا يدانيه فيه كوكب آخر.

وهو يتم دورته حول الشمس خلال 11 سنة و 313 يوما، بينما يتم دورته حول محوره في مدة لا تتجاوز تسع ساعات، و 55 دقيقة. ولاستكشاف تفاصيل سطح المشتري وأقماره، فقد أطلقت الولايات المتحدة الأمريكية السفينة "بيونير- 10" في عام 1972، وحملت السفينة رسالة مدونة بالرسم حطت على سطحه برفق في محاولة للتخاطب مع أي من العقلاء قد يكونون فوقه. وكانت الرسالة المحفورة على لوحة معدنية وكأنها تحمل رسالة مرسومة تقول "نحن نعيش على الكوكب الثالث بالنسبة للشمس، ونرسل لكم هذه الرسالة بسفينة، والحياة عندنا تقول أساسا على ذكر وأنثى".

وفي عام 1977 عاودت الولايات المتحدة إطلاق سفينتين من طراز "فواياجير" لغزو أربعة كواكب منها المشتري. وأعطت أولاهما فيضا من التفاصيل عن سطحه وأقماره، وعددها الذي قفز عما كان يرصده العلماء بالمراصد الأرضية. وقد ثبت من الصور الفضائية أن المشتري يدور حوله حزام يبلغ سمكه 35 كيلو مترا، على ارتفاع 60 كيلو مترا من خط استواء الكوكب. ويتكون هذا الحزام من أتربة وأحجار كونية، ويرجح أن تكون نشأته نتيجة لتفكك أحد أقمار الكوكب.

كما أظهرت الصور الفضائية أن منطقة على سطح المشتري تعارف العلماء على تسميتها "العين الحمراء"، قد تحود لونها من اللون الأحمر إلى اللون البني. وهي منطقة تموج فيها عواصف دوارة وتتحرك فيها الرياح حركة حلزونية فيما يشبه الأعاصير العاتية، والتي لا تقل سرعتها عن 400 كيلو متر في الساعة. وهي ليست حركة الهواء بل حركة دوامية لغازات الهيليوم والنشادر والهيدروجين وبعض من بخار الماء.

رصد الحدث

كمثل ما حدث في عام 1986 بالنسبة لمذنب "هالي"، تحفز العلماء لرصد اصطدام مذنب "شوميكر" بالاستعداد لتصوير نتائج المصادمة المتوقعة بشتى الوسائل، فضلا عن الترقب للتصوير بالطريقة التقليدية بواسطة المراصد الفلكية الأرضية، فإن الخبرة المكتسبة من وسائل عصر الفضاء أضافت إلى وسائل الرصد الفلكي الكثير من الأجهزة والوسائل. هذا فضلا عن إمكان التصوير والقياس من مسافات أكثر قربا من الكوكب نفسه وأقماره. مع التخلص من كثير من المعوقات، مثل وجود السحب والغيوم في الغلاف الجوي للأرض، والتعرض للانكسار الضوئي في طبقاته، وتشتت الصور بسبب الأضواء المنبعثة من المدن ليلا. ومن ثم فقد عملت محطات المتابعة الأرضية في توجيه سفن الفضاء التي تدور على مقربة من موقع الاصطدام، لكي تقوم بإرسال الصور لتفاصيل ما يحدث. وأهم هذه السفن هي السفينة "ماجلان" الموجودة في الفضاء منذ عدة سنوات، وسفينة الفضاء "جاليليو" التي أطلقت عام 1989 مستهدفة التوجه إلى كوكب الزهرة عام 1990، ثم كوكب المشتري قرب عام 1995. ولقد استحدثت في هذه السفينة طريقه لاستغلال الجاذبية بين الكوكب والأرض، لدفع السفينة نحو غايتهـا في الاقتراب من سطح المشترى.

كما وجهت عدسات السفينة "فواياجير- 2" التي سبق إطلاقها منذ 12 عاما، والموجودة علي بعد 6 ملايين كيلومتر من الكوكب لتصوير تقابل التصادم ومخلفاته. وكان موقع هذه السفينة مهما، إذ سمح لها بالتصوير المباشر، لوجه كوكب المشتري الذي لا نراه من الأرض. ومن أهم الصور التي نقلت التصادم كذلك، تلك التي صورها المرصد الفضائي الأمريكي "هابل" والذي أجريت عمليات إصلاح لمزاياه أخيرا.

كما كلف رواد مكوك الفضاء الأمريكي "كولومبيا" والذي كان يحلق في رحلة وقت حدوث الانفجار، بالقيام بتصوير التصادم، غير أن الرواد أخفقوا في تنفيذ هذه المهمة. ولكن نجحت كثير من المراصد الفلكية الأرضية، في تصوير الأضواء الباهرة التي صاحبت الانفجارات وظهرت انعكاساتها على أقمار المشتري، ومن أنها مرصد فلكي في جنوب إسبانيا، ومرصد القطامية في مصر، وعدة مراصد أخرى في الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا. ولقد تيقن العلماء من شدة الانفجارات التي توالت على مدى ثمانية أيام، من قياس شدة الضوء الذي انعكس على أقمار المشتري وخاصة المسمى "إيو". وبلغ قطر بعض البقع الضوئية التي صورت، أكبر من قطر الأرض ثلاث مرات، كما قاس العلماء أطياف غاز الميثان الذي صاحب الانفجارات وما صاحبه من إحرار وإشعاعات.

وقفة أمام النتائج

لقد أصبح السؤال الذي يتردد على الألسنة ويؤرق عقول العلماء هو: ماذا كان يمكن أن يحدث، لو كان هذا التصادم مع كوكب الأرض؟. وكيف يمكن أن ندرأ الأخطار عن كوكبنا، أمام وجود (15) مذنبا على الأقل، تمر مداراتها قرب مدار الكرة الأرضية؟.

إن الحقائق العلمية المتوافرة تشير إلى أن مثل هذا التصادم لو حدث مع الأرض لتصاعد بسببه غبار كثيف كفيل بأن يحجب ضوء الشمس عدة شهور، ولنتجت عنه موجات لفح حرارية كافية لتبخير مياه البحار والمحيطات كلها، وحرق أشجار الغابات وإخفاء كل صور الحياة الحيوانية والبشرية، ولتحولت الأرض إلى كرة جرداء موحشة، لا حياة فوقها ولا ماء، ولتكررت الصورة التي تخيلها العلماء عن الفناء الذي حل بالأرض قبل 65 مليون سنة والذي كان سببا في فناء الدنيا صورات والبرمائيات والحيوانات والطيور العملاقة والتي حفلت بتصويرها كتب القدامى قبل بدء عصر الثدييات التي تطور معها ظهور الإنسان على وجه البسيطة.

كما كان أيضا باعثا لعلماء الصين، لتوجيه دعوة إلى علماء العالم للتعاون معهم في دراسة الأجسام الطائرة المجهولة التي تسبح في الفضاء وخاصة بعض الشظايا التي تخلفت عن تصادف شوميكر مع كوكب المشتري. وأخذت لجنة العلوم بالكونجرس الأمريكي قراراً بتكليف وكالة الفضاء "ناسا" بإعداد دراسة عن المذنبات التي ستقترب من الأرض خلال عشر السنوات المقبلة. والذي لا شك فيه أن حالة من الفزع. بدأت تسيطر على العلماء، أمام احتمال تكرار التصادم لكن مع الأرض، فالمذنبات الشاردة تتقاطع مداراتها مع مدار الأرض، بين حين وآخر. وقد حدث هذا فعلا منذ بضعة شهور قليلة، وكان فارق الوقت بين تقاطع مدار الأرض، مع مدار مذنب شارد هو ست ساعات فقط.

ولقد اكتشف أخيرا لفيف من العلماء البريطانيين أن هناك مذنبا أطلق عليه اسم "ماكهولز- 2" يتجه بسرعة هائلة نحو الشمس، وتحققوا من أنه انشطر إلى أجزاء، يتجه مسار بعضها نحو الأرض. لكن كثيرين منهم أوضحوا أنه من الصعب التنبؤ بسلوك هذه الشظايا، والمقدر أن تقترب من الأرض بعد مائة عام، وأن مصيرهـا من الصعب تحديده من الآن، لأنها ستتأثر بالتجاذب الضخم الذي يحدث لها عند دخولها نطاق جاذبية المشتري والكواكب الأخرى والتي قد تطوح بها خارج المنظومة نفسها، أو قد تؤثر في مدارها وتدفع بها نحو مدار الأرض. ومن ثم فإن هذا التخبط إن دل على شيء فهو يدل على الحاجة إلى إجراء مزيد من الدراسات للتعرف على العوامل التي تحكم حركة المذنبات، وإلى مزيد من عمليات الرصد التي تتابع هذه الحركة. ولقد تصاعد الشطط ببعض العلماء إلى الدعوة لإعداد قنابل هيدروجينية، والاستعداد لتوجيهها بصواريخ نحو المذنبات قبل أن تقترب من الأرض، حتى تنفجر قبل أن تصطدم بها. وهذه الدعوة على ما فيها من جرأة، فإنها تنطوي على قدر من التهور، لأنها أغفلت أن مثل هذا التفجير يصاحبه نشر للرماد والإشعاعات المميتة التي تسقط على مساحات واسعة من الأرض، فبدلا من أن يحدث التصادم ندبة في الأرض، فأنهم يفكرون في تعميم آثاره فوق رءوس ملايين البشر. والذي لا شك فيه أن الكون تسيطر عليه حالة من الاتزان، ودليل ذلك وجود ملايين بل بلايين الأجرام الكونية دون أن يحدث بينها خلل أو تصادم إلا فيما هو نادر أو شاذ، وذلك برغم أن هذه الأجرام لا تعد بالملايين بل بالبلايين. وسمة الانضباط بين إجرام الكون سائدة وغالبة منذ خلق الله الكون، منذ أكثر من 154 مليار سنة. ولقد عبر عن ذلك القرآن الكريم في عدة آيات:
- لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون.(يس 40)
- يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره .(الأعراف- 54)

ووقوع حالات التصادم النادرة بين أجرام الكون، له صور فريدة على الأرض، مثل ظهـور الشهب وسقوط النيازك. وما وقوعها إلا دليل قدرة الخالق على خرق نواميس الاتزان في الكون، ليعتبر البشر ويتذكروا قوله تعالى: الذي خلق سبع سماوات طباقا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور* ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير. (الملك- 3، 4).

 

سعد شعبان

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




قذائف طائشة تهدد الأرض





حركة المذنب بين الكواكب