قصص على الهواء

قصص على الهواء

قصص لأصوات شابة تنشر بالتعاون مع إذاعة بي. بي. سي العربية
لماذا اخترت هذه القصص
-------------------------------------------

  • (فستان + الجنة لا تفتح أبوابها لصديقات أبي) رضوى أسامة - مصر

في قصة (فستان): برعت الكاتبة في سطور قليلة في البوح بالكثير. البداية مع النهاية جاءتا في عمل شديد الإتقان ما بين تسلم الهدية وفتحها؛ لتضرب الجملة النهائية بذكاء وحسن تصرف، تعبيرا عن الحال وعن خيبة أمل البنت. والحوار المضفور بين البداية والنهاية كمتن للقصة نجح في تعميق الفكرة في قصة.

(الجنة لا تفتح أبوابها لصديقات أبي)، العنوان بداية جذاب ويحفز على القراءة. الفكرة أيضا متماسكة. وهذا الترابط القوي والحرص في القول بين الزوجة والزوج نراه جملا قليلة تضرب بذكاء في النص. تقول الزوجة للابنة في أول النص (صديقات أبي سيدخلن النار) بهذا استثنت الأم الأب من العذاب. والأب من ناحيته يقول للابنة: (ماما تغيرت وأن الله يغفر لعباده وهي الآن لا تفعل ما يغضبه) بهذا استثنى الأب الأم أيضا من العذاب. التركيز على مشاعر وتفكير الابنة في نهاية هذه القصة جعل طرافة الجملة الأخيرة تبدو واقعية ومؤثرة. الكاتبة استطاعت بأسلوب رشيق مزج كثير من سطور الحوار بالعامية المصرية، إلا أن هذا لم يخل بالتوازن في النص، ولم يكن خارجا عن السياق. توظيف العامية هنا كان ضروريا لتوضيح الأدوار بشكل مبطن، لذا لم تلجأ الكاتبة إلى الكثير من الوصف في قصتيها. هناك بعض الأخطاء النحوية والإملائية يمكن تداركها.

  • (الحوائط) محمد رجب - مصر

قصة ناجحة رغم قصرها وتوزيعها في فقرات ذات عناوين فرعية لم تؤثر في سياق القراءة، لأنها أتت دائرية ومستمرة. اللازمة التكرارية التي استهل بها الكاتب كل فقرة جاءت موفقة وهادفة: (القائد الشاب الذي قاد عشراً من الرجال مات معظمهم في تلك المعركة). الأسلوب قصير الجملة وهادف والبنية ناجحة بشكل كبير. الحبكة لديه متميزة ولها بعد فلسفي يقصده الكاتب من تكرار هذه الشخوص.

  • (بلا رائحة) د. علاء عبد المنعم إبراهيم غنيم - مصر

في قصة (بلا رائحة): على غير عادة وبخلاف الصورة النمطية التي تغلب في الإسهاب والنقد بسبب تغير شكل المرأة وجمالها ورشاقتها بعد سنوات من الزواج ينقل الكاتب صورة عكسية له هو أمام المرآة. يقول إنه ليس من عادته أن يقف أمام المرآة يتفحص ملامحه، نرى الرجل عادلا في التركيز على حالته هو وشكله ورشاقته. ينتقل إلى الزوجة في اتجاه آخر، فالمائدة العامرة التي جهزتها سيتبعها بالضرورة طلب شيء ثمين منه. يتحرك بنا الكاتب في هذه المساحة القصصية القصيرة، لينهي قصته بشكل بارع حين تطلب منه الزوجة الانفصال؛ لسبب يجعلنا نتوقف قليلا ونفكر، حين تقول له (لأنك صرت بلا رائحة). الأسلوب متميز وفيه طرافة القص والقدرة على لضم الأفكار، والجملة والسياق في شكل متماسك البنية.

  • (كان يكبرها قليلا) سهام أفه موغات - سوريا

هذا النص بالرغم من فكرته المتكررة في الأدب المكتوب والمُشاهَد؛ فإن كاتبته تمكنت بمهارة من وصف متأمل بطيء في البداية لينتقل دفعة واحدة لسنوات حتى تهيِّئ القارئ لنهاية، ربما تكون متوقعة. الكاتبة تملك القدرة على القص وعلى لضم الأفكار بشكل متوازن لخلق قصة جيدة، وهذا ما فعلته في هذه القصة.

  • (ولد عيشة) د. محمد المباركي - المغرب

هذا النص بنيته متماسة ونجح الكاتب في التصاعد بفكرته من العرض المكاني منتقلا سريعا إلى حال العباد فيه من الفساد والقسوة مما يخلق أنماطا بشرية غير سوية. من بين هذه الأنماط يبرز «ولد عيشة» المنحدر من قبيلة وضيعة النسب. من وضاعة النسب هذه يتنقل الكاتب بمهارة ليسوق لنا أحداثا بطلها «ولد عيشة». ويبني حبكته مرة أخرى على الاستفادة من وضاعة النسب والعصبية القبلية. الأسلوب رصين ومتوازن، والسرد ذكي في الاستفادة التراثية. الفكرة في استلهام البعد المكاني والزماني موفقة.

  • (أنين الملائكة) سعد وليد بريدي - الإمارات

هذا النص استطاع عرض صور متلاحقة في كل فقرة, مع وتيرة متسارعة في البداية ليبطئ بها بحنكة في الوسط، ليعود في النهاية بعرض الصورة الأساسية التي يختم بها النص. الأسلوب متين ومترابط, والجملة موفقة، والفكرة بالرغم من تكرارها في الأدب كثيرا؛ فإنه استطاع أن يخدمها من منظور آخر شاعري في جملته ليقص لها شكلا آخر منفردا.

----------------------------
فستان - الجنة لا تفتح أبوابها لصديقات أبي
رضوى أسامة - مصر

1 - فستان

أراها وهي تعطي لأمي كيسا بلاستيكيا كبيرا، ألمح طرف الفستان، أستعجل الخروج من عندهم، أتذكر ذلك اليوم الذي رأيتها بالفستان، كان يوم الخميس وتأخرت أمي في تنظيف شقتهم، وتناولنا غذاءنا عندهم، وظللنا حتى وقت متأخر، ارتدت سلمى الفستان لأول مرة، بعد أن جاءت من عند الكوافير، ليصبح شعرها ناعما جدا.

- ربنا يخليلك الست سلمى يا رب وتفرحي بيها وبولادها.

تنطلق أمي في الدعاء لأم سلمى، بينما أتعجل الذهاب إلى البيت لرؤية الفستان.

أنتظر يوم الخميس بفارغ الصبر، حيث تنظف أمي شقة أم سلمى، وألعب معها، أحب أيام الدراسة أكثر، حيث تغيب سلمى عن البيت، وأستمتع أنا بتخيل نفسي مكانها، أجلس في حجرتها، وتخرج لي أمها اللعب من الدولاب وتفتح التلفزيون وتتركني لألعب. أعيش في سعادة إلى أن تأتي سلمى من المدرسة وتفتح التلفزيون وتتركني لألعب.

أعيش في سعادة إلى أن تأتي سلمى من المدرسة وترقبني بتلك النظرة النارية وهي تراني أجلس على سريرها وألعب بلعبها، أنسحب إلى أمي التي تكون قد بدأت في الانتهاء من الشقة، لتنظف الحمام، فتنسحب سلمى بدورها، وتأخذني إلى حجرتها لتذاكر لي ما أخذته في المدرسة اليوم.

تنقذني أمي بسرعة انتهائها من الحمام وننزل.

اليوم مختلف، فور نزولنا على السلم، افتح الشنطة لأجده يرقد في سلام بجوار أشياء أخرى.

سأبدو كالأميرات بهذا الفستان.

- «ماما والنبي لما نروح ألعب في الشارع شويه».

- «ما تعبتيش من اللعب».

- «والنبي يامه، شويه صغيرة.. والبس الفستان».

- «لا.. خليه لما تروحي فرح بنت عمك في البلد الجمعة الجاية».

- «والنبي يامه، البسه النهارده بس».

«لا.. هيتوسخ، يا بنتي هو انتي مافيش حاجه تقعد عندك عدله أبدًا».

أفكر في خطة، سأرتديه في المساء، حينما يعود أبي ويطردنا إلى الشارع، سأرتديه، لن تعرف أمي، ستظل معه في الحجرة مغلقين الباب حتى العاشرة، ويمكنني وقتها أن أرتديه وأغيظ العيال.

حتمًا سأبدو مثل الأميرات، مازلت أتذكر شكل سلمى.

- «يااه لو كانت اديتني الجزمة بتاعته».

- «ماما جزمتي اتقطعت أنا عايزه واحدة، علشان أروح بيها الفرح».

- «حاضر من فلوس الأسبوع الجاي هنزل العتبة أجيبلك واحده أو أشوف أم مها لو عندها واحده قديمة صغرت على بنتها».

- «ما تشوفي أم سلمى يا ماما».

- «يابنتي عيب ما هي لسه مدياكي الفستان».

حتما سيغتاظ أبناء عمي، وسأكون أجمل واحدة في الفرح، عمرهم ما حلموا بفستان زي ده.

- «ينفع يا ماما أروح للكوافير».

- «اتهبلتي يا بت.. ده أمك ما رحتش في ليلة دخلتها.. قولي طب نظفيني الأول من غية القمل اللي بيشغي في راسك».

أتخيل شكلي بذلك الفستان وأنا عائدة لتوي من عند الكوافير وقد تحول إلى الحرير.

سلمى أيضًا شعرها خشن، تلمه أمها في ضفيرتين، ولا تذهب إلى الكوافير إلا في الأفراح.

نذهب إلى المنزل، أخطف الشنطة من يد أمي، أخرج الفستان، أجده غارقا في اللون الأحمر من الأمام.

- «إيه القرف ده».

- «عيب يا بت، هنقعه في جاز.. ده بقعة كركديه»

----------------------------
الحوائط
محمد رجب - مصر

مع الفجر

كان القائد الشاب - الذى قاد عشرًا من الرجال مات معظمهم فى تلك المعركة - يقف أمام قائده، يخبره عن مدى الشجاعة التى أظهرها فى حماية أسوار المدينة، بينما الجندي كان يموت فى بطء وصمت بجوارها.. والبناء يتسلق الجبل مع أدواته ليقطع الحجارة، ليعيد بناء الحوائط.

مع الظهر

بينما القائد الشاب - الذى قاد عشرًا من الرجال مات معظمهم فى تلك المعركة - يمشى منتشيًا ووسام الشجاعة يعلو صدره،كان يقف أمام منزله المتهدم من آثار المعركة صبي صغير يطلب من المارة الإحسان.

لم يكن يعرف القائد الشاب لماذا يذكره هذا الولد بأحد جنوده الذى قتل في المعركة. وقد اعتذر حينها البناء عن ترميم منزل القائد، فهو مازال يعيد بناء الحوائط.

مع المساء

القائد الشاب - الذى قاد عشرًا من الرجال مات معظمهم فى تلك المعركة أصبح عجوزًا، و فقد وسامه بريقه مع السنين. هو بحاجه إلى وسام آخر، فلم لا تكون هناك معركة فاصلة أخرى؟ ويجمع لتلك المعركة الرجال؟ وهنا، تذكر البناء الذي رفض إعادة بناء منزله، وذلك الولد الصغير أمامها، فلم لا يرسل الجميع إلى المعركة.. عند تلك الحوائط؟!

مع الفجر

بينما يقف قائد شاب آخر، يخبر قائدنا الذى أصبح عجوزًا الآن عن مدى الشجاعة التي أظهرها الأول في حماية أسوار المدينة - كان البناء - الذي أخذت منه أدواته وأعطى سلاحًا وأصبح جنديًا، يموت فى بطء وصمت بجوار الحوائط ناظرًا إليها بأسى..فلم يكن هناك أحد ليعيد بناء الحوائط.

----------------------------
بلا رائحة
د. علاء عبد المنعم إبراهيم غنيم (مصر)

لماذا تذكَّره الآن بعد مضي كل هذه السنين؟ ولماذا قرَّر أن يفتحه بعد أن ظل لسنوات طويلة يقاوم هذه الرغبة؟ لماذا لم يوئد فضوله كما اعتاد أن يفعل من قبل؟ لماذا لا يغتال طموحه كما علمته الأيام؟..هز رأسه بعنف وكأنه يفرغها من ضجيج هذه الأسئلة المزعجة، اتجه مباشرة إلى السرير، حمل المرتبة والقى بها على الأرض، رفع الألواح الخشبية المرقمة بالقلم الرصاص، أزاح الملاءات المهترئة التي غطوا بها أشياء لا تستحق لكي يحموها من عبث الدهر، رآه في مكانه، ارتعشت يداه وشددت أوتارها، نز العرق من جبهته، زم شفتيه بحركة لا إرادية، أغمض عينية للحظات وكأنه يحميها من أشعة شمس سافرة، أحمر وجهه بفعل اندفاع الدم في عروقه، تراجع خطوة للخلف، فكر في العدول عن قراره، طرد وساوسه ومد يده في سرعة واقتنصه بقوة الخائف، أطبق عليه بذراعيه احتضنه وأخذ يقبله بشوق الأيام والسنين، شعر كأنه يراه للمرة الأولى، لم يكن جد فرق بين صورته القديمة وصورته الحالية، وكأن الزمن لم يستطع أن يقهره، نعم تشقق جداره الخشبي بعض الشيء إلا أنه لا يزال يحتفظ برائحة شجر اللوز الشائقة، صدئ إطاره النحاسي بعض الشيء ولكنه مازال يتمتع بألقته القديمة، سقطت صدفة وربما اثنتان من فوق واجهته، ولكن مازالت بقية الصدف مصفوفة مشكلة وجهًا غامضًا مبتسمًا وباكيًا في الآن ذاته، حتى القفل الفضي ما زال مفتوحًا كما هو منذ عشرين عامًا، اندهش من قدرته على مقاومة الزمن، أدرك أنه لم يخطئ حينما قرر أن يكتشف ما فيه، عاد بذاكرته إلى الماضي، يومها اندفع إلى بيت أبيه، انفلت من بينهم، استغل انهماكهم في مراسم الدفن، حاول أن يجمع كل ما تطوله يده قبل أن يعودوا ويحصوا الممتلكات ويقسمونها بينهم، جمع أشياء متناثرة بطريقة عشوائية، نظارة شمسية ريبان، ساعة رولكس، قلم حبر ذهبي ماركة باركر، حذاء إيطالي بني مقاس أربعة وأربعين، سلسلة مفاتيح فضية عليها حرف R وهذا الصندوق، حاول دائمًا أن يفسر السر وراء سعيه لهذه الأشياء، فنظارته الطبية المقعرة تحرمه ارتداء النظارات الشمسية، والساعات ذات الإطار المعدني تسبب له الحساسية، وهو غير معتاد على الكتابة بالحبر، ومقاس قدمه لا يتجاوز الواحد والأربعين مما كان يسبب له المشاكل مع زملائه في الفصل الذين كانوا يربطون دائمًا صغر مقاس القدم بصغر مقاس سلاحه الدفين، حتى سلسلة المفاتيح كانت غامضة فلم يكن اسم والده يبدأ بحرف الـR.. آه ولكن اسمي يبدأ بهذا الحرف، ارتعشت يداه وهو يرفع غطاء الصندوق، أصابه وهج القطيفة الحمراء التي بُطِّنت بها جدران الصندوق من الداخل بحرارة شديدة مكثفة وكأنها حرارة الأيام المؤجلة.. قصاصات ورقية صفراء وخاتم ذهبي

(إقرار) أقر أنا أحمد أفندي جنيدي بتسلمي عملي كمراقب حسابات بمديرية الأوقاف بالعباسية بالقاهرة.

التوقيع / أحمد جنيدي القاهرة 12 / 10 / 1945م.

- (كارت) السيد مدير أوقاف القاهرة الرجاء الاهتمام بحامل هذا الكارت وإحاطته بعطفكم..

أحمد باشا الزمر القاهرة 3 / 10 / 1945م.

- (برقية) زوجتي الحبيبة، أوشكت مهمتي أن تنتهي هنا، أرجو أن تكوني أنت وإبراهيم ورأفت في أتم صحة زوجك المحب أحمد - الإسكندرية 7 / 5 / 1950م.

- (شهادة) شهادة تقدير من مدرسة الحسينية الثانوية للطالب رأفت أحمد جنيدي بحصوله على المركز الأول على المدرسة في الثانوية العامة بمجموع 85%.

مدير المدرسة أ / خالد الدرديري القاهرة 24 / 7 / 1968م.

- (استدعاء) على الجندي إبراهيم أحمد جنيدي الحضور بالملابس الميرية إلى الكتيبة 22 مشاه بالسويس قائد الكتيبة رائد حازم بسيوني السويس 29 / 9 / 1973م.

- (جواب) أمي الحبيبية كيف حالك وحال أبي، هل مازال يعاني من الآلام بعد عملية الدعامة؟ كيف حال إبراهيم ورأفت، أفتقد سندوتشات مربة التوت والجبنة بالطماطم والباذنجان المخلل، الجو هنا بارد، ولكن الأبرد مشاعر الناس، كلها أربعة شهور وأنتهي من الدكتوراه وأعود لحضنك يا ست الكل.

ابنك العاشق ماجد، لندن 6 / 12 / 1981م.

- (برقية) بابا لقد تزوجت من زميلة إنجليزية وسآتي في العام القادم ابنك د / ماجد، مانشستر 8 / 4 / 1982م.

- (قصاصة) ولدي رأفت... لماذا؟

... / .. / ...

يسقط الصندوق من يده فتتبعثر القصاصات على أرضية الغرفة، لم يجرؤ على الاقتراب منها هذه الليلة، وعندما حاول جمعها في اليوم التالي لم يجد أيًا منها.

----------------------------
كان يكبرها قليلاً
سهام أفه موغات (مصر)

كان يراها أحيانا تلعب في الحي فيداعبها ويحملها. مضت الأيام والسنون وكبرت غالية وتفتحت براعم أنوثتها وأصبح قوامها الممشوق ورشاقتها وشعرها الأشقر موضع إعجاب شباب الحي. وكان حامد يراقبها كل يوم عن بعد وهي تذهب إلى المدرسة. وفي يوم من الأيام وبينما كانت في طريقها إلى المدرسة وقف حامد أمامها فجأة وأخرج من جيبه ورقة تفوح منها رائحة العطر وأعطاها اياها ثم مضى مسرعا. نظرت غالية إلى الورقة باستغراب. ماهذه الورقة...؟ لماذا أعطاني إياها....؟ وماذا أفعل بها...؟ لابد أن يكون فيها سر! دست غالية الورقة في جيبها وتابعت المسير.

جلست غالية في الصف وهي في حالة ذهول ووضعت رأسها على المقعد وقد استحوذ أمر الورقة على تفكيرها وتعللت بالمرض أمام زميلاتها ومدرساتها وبدا الوقت طويلا وكأنه قرن من الزمن. أخيرا انتهى دوام المدرسة وأسرعت غالية إلى البيت. دخلت غرفتها وأغلقت الباب خلفها وأخرجت الورقة من جيبها وبدأت تقرأ. نعم إنه معجب بها ويتمنى أن تكون رفيقة دربه وشريكة حياته في المستقبل. أعادت غالية قراءة الرسالة عشرات المرات ولأول مرة في حياتها أحست بدقات قلبها وشعرت أن كل دقة تعزف سيمفونية حب رائعة. تراقصت الأحلام حولها وملأت النشوة قلبها.

في صبيحة اليوم التالي نهضت غالية باكرا وارتدت ملابس المدرسة ووقفت أمام المرآة وتأملت وجهها كثيرا وفكت ضفائرها وأسدلت شعرها الأشقر على كتفيها ثم خرجت من البيت بخفة ودلال. كان حامد ينتظرها على الرصيف المقابل وقد استبد به القلق واللهفة لمعرفة ردة فعلها على رسالته. وما أن نظرت إلى وجهه والتقت عيناهما وشاهد ابتسامتها العذبة حتى تهلل وجهه فرحا وسار خلفها كعادته حتى وصلت إلى المدرسة.

توالت الأيام وهما يتبادلان الرسائل والأحلام والأماني وقد تعاهدا على الإخلاص مدى الحياة واتفقا على كل شىء حتى على عدد الأولاد الذين سينجبونهم والأسماء التي سيطلقونها عليهم. انتظرها بفارغ الصبر حتى تخرجت في المعهد ثم تزوجا وعاشا معا ثلاثين سنة في الحب. كانت ترى فيه الزوج والحبيب والصديق والأهل وهو توأم الروح الذي لن تستطيع العيش من دونه. علقت صوره على الجدران في كل غرف المنزل لأنها تريد أن تراه أينما التفتت.

ذات يوم رن جرس الهاتف فردت وإذ بصوت يقول لها: آسفة لقد وجدنا رقم الهاتف هذا في جيب السيد حامد. إنه عندنا في المشفى وهو في حالة غيبوبة إثر حادث أليم.

وقبل أن تكمل الممرضة كلامها تركت غالية سماعة الهاتف من يدها وركبت سيارتها وذهبت إلى المشفى على جناح السرعة. وهناك سألت الممرضة عن مكان وجود حامد فأشارت إلى غرفة العناية المركزة. أسرعت غالية إلى الغرفة ونظرت إلى وجه حامد المغطى بأجهزة التنفس وقلبها يكاد ينفطر خوفا عليه ثم قالت: الحمد لله إنه يتنفس وقلبه ينبض، سينجو أليس كذلك؟

أجابت الممرضة: نعم سيدتي، كما أن زوجته استعادت وعيها وقد أخبرتها قبل قليل أن وضع زوجها حامد مستقر. ألا تريدين سيدتي الاطمئنان عليها؟ جحظت عينا غالية وتسمرت في مكانها وطلبت من الممرضة تأكيد ماقالته عن تلك السيدة وتذكرت في تلك اللحظة دقات قلبها عندما قرأت أول رسالة من حامد قبل ثلاثين عاما ولكن قلبها كان قد توقف الآن إلى الأبد.

----------------------------
«ولد عيشة»
د. محمد مباركي - وجدة - المغرب

في هذا الجزء من المغرب الأقصى، أين تقبل السهول أقدام جبال «بني يزناسن»، وتسرح في انبساط واسع يمتد جنوبا حتى النجود العليا، كانت يد المَخـْزن الشريف (الحكومة) قصيرة، تاركة العباد يتقلبون بين مد «السيبة» وجزر الطاعة. الطاعة التي تفرضها «حركات» المخزن بالقوة لجمع الإتاوات الشرعية وغير الشرعية، وتـُقرّع المخالفين وتضرب على أيديهم. هذا في أوقات قوة السلطة المركزية بفاس، أما في حالات ضعفها، كان العصاة يستأسدون ويوزعون المنطقة بينهم إلى مناطق نفوذ، يملكون فيها رقاب العباد ويعيثون الفساد في البلاد. ومن هؤلاء «ولد عيشة» أو «المحروق». لما كان يذكر اسمه في هذه الربوع، ترتعد فرائس الكبير والصغير. كان زعيم عصابة من المجرمين لا ترحم. يترصد السابلة وقوافل التجار على طول الطرق والمسالك. يهجم وعصابته، ينهبون ويسلبون ويسبون، وينسحبون بالسرعة التي هجموا بها. وفي القليل من الأحيان كان يقبل ولد عيشة «الزطاطة» وهي إتاوة تقدمها له القوافل والناس شرط سلامة المرور بالمناطق التي يراقبها. وكان يستثني من غاراته كل من حمل إشارة من شيخ الزاوية أو من صاحبهم رسول من قبله، للاحترام والتقدير الذي كان يكنهما لهذا الشيخ ومريديه. لذا كان الشيخ يعطي عمامته أو سلهامه لرؤساء القوافل والتجار لخفر ذمتهم. فتمر القوافل في أغلبها بسلام.

ينحدر «ولد عيشة» من قبيلة «بني نْياط» الوضيعة النسب. ومعناها في اللهجة المحلية قبيلة الحدّادة الذين يمارسون مهنة الحدادة الحقيرة في المخيال الاجتماعي لسكان المنطقة، لارتباطها بنفخ الكير في النار لتطويع الحديد وطرقه لصناعة سنابك الخيل والبغال والحمير ووسائل الإنتاج اليدوية، فهي في حسبانهم في تماس مع القذارة.

بدأ ولد عيشة اليتيم متعلما منذ صغره لدى أحد الحدّادين من قبيلته. أبدى حذاقة وسرعة في تعلم أصول الصنعة، وبالرغم من ذلك كان يتعرض لكل أنواع التنكيل من قبل معلمه الفظ لأدنى خطأ لا يتعمده. حمل آثار الضرب والكي على أطرافه ووجهه بالخصوص، فلقبه أقرانه بالمحروق. فكان يهرب من معلمه لما يشتد به التنكيل. وفي كل مرة كانت أمه الأرملة ترده إلى مشغله، فينكل به أكثر. لذا كان يهرب منه ومن ورشته إلى الزاوية ويحتمي بالشيخ ومريديه. فيكرمه الشيخ ويحسن وفادته ويطلب من المعلم أن يرأف به.

ولما اشتد عود «ولد عيشة» وقويت بنيته أصبحت ورشة الحدادة تلك لا تسعه، وعاد معلمه صانع عقدته التي استفحلت مع الزمن، عدوّه الأوحد. وكان دائم التفكير في أي طريقة سيرد له بها ذلك الإرث الثقيل من العقاب، حتى استقر رأيه على رميه في النار. وذلك ما فعل، ليفر إلى مكان قصي، جمع فيه بعض الأجلاف من قبائل المنطقة صنع منهم كتلة من المجرمين. قادرين على التحرك السريع في تضاريس جبلية صعبة المسالك يعرفونها تمام المعرفة.

والذي يقتل مرة يمكن أن يعيد القتل مرات. وولد عيشة بعد قتله لمعلمه بتلك الطريقة البشعة، أصبح مطاردا من قبل أبناء الضحية وأهله، طلبوه حيا أو ميتا، مما جعله يحصن نفسه بسلاح ناري (فردي من نوع بوخرصة) وسيف مهند وخنجر بربري بلسانين. وكان لا يثق في أفراد عصابته.

كاتب الناس قائد المنطقة والعامل، بل وكاتبوا حتى الحضرة العلية بفاس، دون جدوى. فكانوا يلجأون دوما إلى شيخ الزاوية ليدرأ عنهم عصابة ولد عيشة.

أرسل الشيخ أحد مريديه من شرفاء المنطقة ليدعو ولد عيشة إلى التوبة وترك الإجرام. وعرف هذا الرسول بوجاهته وسمو همته وبقدرته الخارقة على المفاوضة وانتزاع مبتغاه من غريمه. فخرج صحبة «طالبين» شابين سوسيين يطلب العصابة ورئيسها. تجشم الثلاثة عناء المسالك الوعرة في تلك التضاريس. وفي منتصف الطريق اعترضتهم العصابة دون رئيسها وأمرتهم بفظاظة ودون مماحكة بالرجوع سالمين من حيث أتوا.

لما علم ولد عيشة بقدوم الوفد وفيه الشريف عبر عيونه التي لا تنام، انسحب إلى كهف في الأعالي اعتاد التحصن فيه، وأوفد عصابته لاعتراض الوفد ورده، متجنبا الشريف ومفاوضات يعلم أنه خاسرها سلفا.

احتار الشيخ من هذا الأمر مدة، وعرضه على مريديه مرات حتى وقعت عينه على شاب نبيه حمّله أمر مفاوضة ولد عيشة بالطريقة الأصلح، التي يراها. وزوده بالنصائح ومهادنة العصابة والوصول إلى رئيسها ومخاطبته رأسا لرأس. ودعا له بالتوفيق والتمكين.

خرج هذا الشاب لوحده ليلا متسلحا بمعلومات جمعها حول العصابة ورئيسها، وركز أكثر على أصولهم وأنسابهم القبلية. قصد الكهف المجهول وهو يعلم أن عيون العصابة تراقبه منذ خروجه من القرية. أحس بها من وراء قعقعة الصخور والغبار البعيد المتطاير أمامه وخلفه، فضحها سكون الليل وظلمته الحالكة الباعثة على الخوف والرعب من أي حركة تصدر عن إنسان أو حيوان أو طير. لكن الشاب ومن خلال ملازمته للشيخ في الزاوية نهل من الورع ما ملأ قلبه بخوف الله دون غيره، وامتاز بين أقرانه بالحيلة والمكر. رأى أن توظيفهما قد حان في هذه المهمة ليريح البلاد والعباد من عصابة ولد عيشة.

لما وصل إلى عرين العصابة ورئيسها، استقبل بالترحاب وكرم الضيافة لكونه جاء من قبيل الشيخ يحمل السلام ودعوات الرجوع والتوبة وقبول إصلاح ذات البين مع عائلة القتيل. أبدى ولد عيشة استعدادا قبليا للعرض، خاصة أن الشيخ هو من كان سيتحمل دفع« الدّية» لأولاد القتيل ويشرف على طقوس المصالحة. لكن العصابة رفضت العرض رفضا باتا، فتراجع رئيسها عن ذلك الاستعداد الذي أبداه للشاب في بداية اللقاء.

أبدى الشاب عدم الاكتراث بالأمر، وبقي في ضيافة العصابة أياما يتقرب من كل فرد فيها، وركز على بعض الخرقى، يجالسهم ويحادثهم عن أهلهم وقبائلهم ويدس في كلامه سؤالا بطريقة أو بأخرى. مفاده: كيف لهذه العصابة قد سمحت لشخص يقودها في مثل ولد عيشة المنحدر من قبيلة «بني نياط» الوضيعة، والعصابة فيها من هو أجدر منه بأمر الرياسة.

غادر الشاب العصابة وترك السؤال يتحول إلى بذرة نمت على مهل، أثارت النعرة بين القوم. ومع المدة تصدّعت العصابة،و تكونت فيها أحلاف انبنت على العصبية القبلية، اقتتلت في يوم مشهود وصلت أصداءه إلى الناس. فمات من مات وجرح من جرح.

وانتهت حكاية ولد عيشة الذي قتله «اعبيدة» أخرق وأضعف عصابته.

----------------------------
أنين الملائكة
سعد وليد بريدي - الإمارات

تحت أشعة الشمسِ الحارقة، والأصفادُ الحديديةُ الصدئة تكبل أيديهم وأرجلهم، وقد أنهكَ التعذيبُ أجسادهم الهزيلة، والسجانون من خلفهم ينهالون عليهم لكمًا وجلدًا وركلًا.. وقفَ معهم، وجميعهم سيشاهدون تنفيذَ حكمٍ بالقتلِ رميا بالرصاص لأحد سجناء المعتقل.

بدأ السجانون بجر المحكوم من جذعهِ الأعلى وهو يتخبطُ بعنفٍ على الأرض يحاول التشبث بها.. يسحلونهُ كما تسحل الشاة. دقائقُ قليلة حتى ربط الجنود المحكومَ عليهِ على عمودٍ ملتهب شربَ كل هجير الظهيرة، وقبل أن يطلق الجنودُ نيرانهم هرول أحدهم نحو المحكوم بإيعازٍ من آمر المعتقل - الذي وقف بالأعلى يراقب ما يدور - ثم نزعَ الكيسَ الأسود من رأسهِ وعاد بسرعة كي يمسك سلاحه...

دُفـعَ بهِ بقسوةٍ نحو زنزانتهِ الصغيرة، زنزانةٍ منفردةٍ لا تربطها مع الحياة أي صلة... معزولة... جدرانها مصفحة... لا يوجد بها أي منفذ للعالم الخارجي، سوى بابٌ حديديٌ صلب. كانت هذه الغرفة بالنسبةِ لهُ فصل ربيعٍ دائم، لا يذبلُ ورده، ولا تموتُ أشجارهُ... وبداخلها قلبُ شاعرٍ حر، لا رقيبَ على قلبهِ ولا سلطان على فكره، كان يعلم أنهُ سيموت، فمصير كل من دخل المنفردة قتلٌ قريب.

في حجيرتهِ هذهِ استطاع أن يخفي شمعة متهالكة صغيرة، كان يحتفظُ بها من أجل ساعاتِ الاستلهام، فحينما يحين موعد العشق تراهُ يوقدها لينعكسَ نورها الخافت على الجدار الأصمِ الذي صار بدورهِ الورقَ الذي سيكتب عليهِ أجمل قصائدهِ....

لقد سلبوهُ القلمَ والورقَ والحبَر والنور، لكنهم ما استطاعوا أن يسلبوهُ الحب.

استعاض عن الورق بجدار زنزانتهِ، واستعاضَ عن القلم بمسمارٍ حديدي عتيق التقطهُ من فناء السجن، واستعاض عن الحبر بدمهِ، واستعاضَ عن النور بشمعةٍ تفنى من أجل أن تنير لهُ بصيصَ أملٍ.

وحينما يخيم الليل على المعتقل ويخلد السجناء للنوم، والحراس يتجمعون لتعاطي المسكرات وشرب الدخان، كان يمد يده تحت الوسادة، حيث يخبئ شمعتهُ الصغيرة.كان يكتبُ شعرًا، يناجيها بقلبهِ، يمسك الشمعة بيسراه ويكتب بيمناه، وحينما يغمس المسمار بجراحهِ الكثيرة ليعلق بها الدم كان يتنهد أنينا يخترق الجدران العنيدة، يعبر أطراف المعتقل الضائع تيها بالصحراء، ليصل إليها، حيث تتلقى حروف كلامهِ وتسمع قصائده كما لو أنهما معًا، ثم تغمرها النشوى ويملؤها الإيمان، فتفتحُ نافذةَ غرفتها وتقف مقابلها، ثم تُغمِض عينيها وتستجمع خيالها، ومن ثم تبدأ بإرسال أنينها ردًا على أنينهِ، حينها تراه يتوقف عن الكتابة بالدم، ويطفئ شمعته الصغيرة ويسند رأسه على الجدار يتلقى رسالتها ويبحر في خضم بحرها.

مذ دخل المعتقل وهما يتبادلان الأنين، بالرغم من كل القيود والمتاريس والجدران، فهذا لم يمنعهما من الاستمرار بالحب بل بالتخاطب الخفي فيما بينهما، لكن شيئًا واحدًا كان يعرفه ويحس بهِ، إنه الموت القريب

وفجأة تراقص ضوء الشمعة بجوارهِ حتى خفت ثم خفت ليضمحل تمامًا وينطفئ، هنا شعر بالخوف ولفرط تعبهِ أصابتهُ سِنةٌ ونوم، حينها حَـلُمَ وكأنه ملقى بهِ في روضة ورد، والشمس بمنتصف السماء ترسل شعاعها لكل الأرجاء، لم ير في جسدهِ أي جرحٍ، وعند شجرة قريبةٍ شاهد حبيبتهُ تقفُ بكل عنفوانٍ، مرتديةً لباسًا حريريًا أبيض شفافا، وشعرها كسنابلِ قمحٍ ذهبية تتراقص ذوائبهُ على خصرها المياد، كانت ترمقه بنظراتٍ شديدة الوله، ثم فردت ذراعيها استعدادًا للتلاقي، لينطلق تجاهها ويحتضنها بحنان، ثم تراقصا معًا فوق العشبِ الندي، ليسقطا معًا على الأرض وهما يضحكان...لكن ثمة صوتًا رهيبًا بالقرب منهما... وحين أدار عينيه شاهد سجانا من صناديد المعتقل يحمل فأسًا يطرقُ به على جذع شجرة الصنوبر محاولًا قطعها، وحين اشتد وقعُ الطرق فتحَ عينيه وصحا من نومهِ، وتلاشى حلمه، ليجد السجان ذاته يقف بجوارهِ داخل الزنزانة وهو يطرق على بابها الحديدي بكل عنف كي يفزعه، حينها أدرك صدق حدسه السابق وقال للسجان:

- لقد وقع اختيارُ القتل عليَ اليوم أليس كذلك؟! وابتسم

لم يصرخ ولم يرمش له جفن، بل كان واثقًا متماسكًا. وقبل تنفيذ الحكم بثوانٍ استنشق الهواء بقوة ودار بعينيهِ طواقًا حول المعتقل، ثم تبسم بهدوء حتى أفرغت عليه البنادق ذخيرتها.

ومنذ اللحظة التي رحل بها توقف الأنين الصادر عن المعتقل، بالرغم من عشرات بل مئات المعذبين، لكنه الوحيد الذي استطاع كسر مفهوم المستحيل، حيث نجح في بناء ذلك الترابط الخفي بين البشر والملائكة في مكانٍ لربما يظن الجميع في أنه موطن للشياطين.
----------------------------
* أديب وأكاديمي سوداني مقيم في النمسا

------------------------------------

وليلة ٍ باتَ طلُّ الغيثِ ينسجها
حتى إذا كملتْ أضحى يذبحُها
يبكي عليها بكاءَ الصبِّ فارقهُ
غلفٌ ويضحكها طورًا ويبهجُها
إذا تضاحَكَ فيها الورْدُ نَرْجِسَها
باهي زكيَّ خزاماها بنفسجُها
فقلْتُ فيها لساقينا، وفي يَدِهِ
كأسٌ كشِعْلَة ِ نارٍ باتَ يوهجُها
لاتمزجنها بغيرِ الماء منكَ فإنْ
تبخلْ يداكَ فدمعي سوف يمزجها
أَقَلُّ ما بيَ مِنْ حبّيكَ أنَّ يدي
إذا سمتْ نحو قلبي كاد ينضجُها

ديك الجن الحمصي

 

 

 

طارق الطيب*