مساحة ود ملك حاج عبيد

مساحة ود

الغفران والنسيان

عندما التقيا أحس كل منهما أنه قد خلق للآخر، لكن للظروف منطقها الخاص الذي لا يعترف بالعواطف. أزهرت حياتهما أملأ قد يكون بعيداً لكنه يضيء.

يلتقيان، يفترقان، يختلفان لكن ليتفقا، تمر الأيام، تنسحب السنوات وهما راضيان بهذا الارتباط الجميل. نهر الحياة يجري هادئاً، مركباهما يسيران متناغمين.. يسيران وهما يعرفان أنهما قد لا يصلان، كان السير حلواً، فاقتنعا بأن الناس تعشق ضوء القمر وضوع العطر وشدو الطير دون أن تأمل منها نفعاً.

ذات يوم عصفت بمركبها الرياح، جرفها التيار، دار المركب، كادت الدوامة تبتلعها. به استنجد القلب، تمنته حضوراً.. يداً.. صوتاً.. لكنه كان بعيداً... بعيداً. لم تشأ أن تناديه ولم يقترب!.

هدأت العاصفة، سكن النهر، استعاد المركب اتزانه، لكن القلب فقد الأمان، إن كان هذا سلوك من تحب فماذا تتوقع أن الآخرين؟. حيرة بلغت حد العجز وسؤال مر يدق الرأس، كيف تميز الأصالة من الزيف، كيف تميز الحب من الادعاء؟. انسل من الروح.. رحل عن القلب والعينين.

ذات يوم وصل إليها صوت لم تعرفه، التفتت لترى صاحبه، كان.. هو...

سألته بهدوء: تذكرتني الآن؟.

قال: اعذريني.

تعذره؟ تعذر من لا تعرف، تعذر من لا يعرفها، ولكن هو؟.. أي عذر تقبل منه هو الذي توطن القلب والعينين.

بسمة حزن عبرت وجهها، حدقت إليه.. أهذا الذي أعطته عمرها وأسمى عواطفها؟.. أهذا الذي لم تر قامة تدانيه ولا خلقاً يساميه؟..

أكان حباً؟.. أكان وهماً؟..

إن لم يكن الحب أن تسأل عمن تحب، أن تقف إلى جانبه، أن تواسيه، تمد له يدك عندما يحتاج، تشعره أنك معه ولن تتخلى عنه، فكيف يكون الحب؟. عيناه تسألان سماحاً.. وعيناها تهربان من الجواب.

يحسان بأن هذا هو آخر لقاء لهما، يمد يده مودعاً، تودعه دون انفعال.

ترى إليه يبتعد.. يبتعد.

تسأل نفسها: أأنا حاقدة عليه؟.

لن تحقد عليه، ما زال له في القلب ود يجعلها تغفر، لكن الغفران لا يعني النسيان.

 

ملك حاج عبيد

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات