هلسنكي ابتسامة الجزر على «مسامات» بحر البلطيق

هلسنكي ابتسامة الجزر على «مسامات» بحر البلطيق

تطلّ هلسنكي من خلف الخارطة بقعة صغيرة، متوزّعة كنثار من اليابسة ذرته أقدار الجغرافيا وتحولات الدهور بين مسامات بحر البلطيق، فتشكّلت بلدة وضعتها أقدار التاريخ عاصمة لدولة تدعى فنلندا، المكوّنة من 386 ألف جزيرة وبحيرة، ولم نكن نعرف الكثير عن هذا الزمن الفنلندي لولا همسات «نوكيا» بنغمته الشهيرة في أيادينا، ونحن في بدايات مرحلة التعرّف على الهواتف المحولة نقرأ بحذر: «جزء من النص مفقود»، قبل أن تكتسح كوريا الجنوبية كل النصوص، وتحوّل ما حسبناه معجزة في الاتصالات إلى مجرد فاصلة صغيرة لا ترى، وكان المثير أن أكتشف بأن كلمة نوكيا التي عرفناها كأشهر ماركات الهواتف المحمولة هو اسم بلدة فنلندية.

 

 

أخذتني «فنلندا» إليها لأكمل هذا النص المفقود في أجندة ترحالي، فكل ما فيها يحفّز على اجتياز المسافات إليها، وكان لا بدّ من بدايات الخريف، قبل أن يزحف البرد إليها، وهي التي تدرك ما معنى أن يكون الشتاء شتاء، حيث الجليد يغطّيها بطبقات بيضاء سميكة لبضعة أشهر، لكنها تبقى فاتنة في فستانها الأبيض، فالمدن كالنساء، كل الألوان يكسبهن جمالاً، فكيف إن كان ببياض سماوي!

وقد حدّثتني نفسي الأمّارة بالسفر أن أستكشف هذه البلاد التي عدّها استطلاع غالوب العالمي «أسعد دولة في العالم» عام 2022، وتصدّرت القائمة للسنة الخامسة على التوالي، بجوار جاراتها الدانمارك والنرويج والسويد وأيسلندا التي سيطرت على القائمة، وقبل أن ينتصف نهارها، وبعد نحو عشرين ساعة من التنقل بين طائرات ومطارات خطوت أولى خطواتي على مطارها أمام وابل من أسئلة موظف الأمن، كأنما يرى أنه لا تكفي النوايا الطيبة، والتأشيرة على جواز السفر للخروج من تلك البوابة، إنما كنت منشغلًا بتمعّن تلك الوجوه لعلّي أرى آثار هذه السعادة بعيدًا عن معايير «غالوب».

رأيتها... وجوه محايدة لا تكاد تعرف تقرأ فيها شيئًا، وبالكاد تسمع أصوات الناس كأنهم لا يتواصلون عبر الكلام، لكن خارج مبنى المطار يمكن رؤية ملامح من حياتهم اليومية دالّة على سعادة البشر من حولك، خلال دقائق معدودة تمرّ أمامك أنواع وسائل النقل العام، تسير بفخامة على شوارع هادئة ونظيفة، وعلى ضفافها الكثير من المتنزهات التي تتكاثر فيها المقاعد، أشكالًا وألوانًا، عدا المسارح التي تقدم حفلات غنائية عامة في فضاء مفتوح على الفرح تحت سماء مغطّاة بسقف الغيوم الأبيض، وما أن تسير بضع دقائق حتى تجد متحفًا أو مكتبة، أو محلًا لبيع اللوحات الفنية، كما تتكاثر على الممرات مزهريات ضخمة تجمع أنواعًا من الورد والنباتات الجميلة.

سرت من أجل الشفق القطبي الذي لم يقدني الشمال الفنلندي إليه لعدم مناسبة فترة الزيارة مع إمكانيات ظهوره، وبقيت أرى أكثر من شفق يعبر المسافات في تلك التخوم الزرقاء كل مساء، حيث السواحل نوافذ لا تحصى، والشرفات مفتوحة على مصراعيها لتتلقّى روائح البحر، فتتلقّفها بشرة المدينة، بأشجارها ووردها، بمبانيها الأنيقة وشوارعها المرصوفة بالأحجار، وبمقاهيها الضاجّة بالحياة، وبنصبها التذكارية التي تستعيد زمن الكبار الذين نهضوا بها كبيرة، حتى وهي المكوّنة من تجمّعات جزر تلتقي ببعضها... أو لا تلتقي، فهلسنكي جسورها من ماء، وإن بدت تمد المزيد من الجسور المسفلتة كشرايين لقاء، فالبلاد خلجان وجزر... أو أشباه جزر، تتخللها حدائق وغابات، تفاصيل قادرة على تجميل الحياة، ونثر المزيد من السعادة على الوجوه.

كانت عين الملك غوستاف الأول بصيرة بما ستكون عليه هذه البقعة من الأرض، أو قطع اليابسة بين مفاصل بحر البلطيق، حين وضع أسس المدينة عام 1550م تحت مسمّى هلسنغفورس لتنافس «ريفال» أو تالين (عاصمة إستونيا) كما تسمّى اليوم، وتبعد عنها ثمانين كيلومترًا فقط، كما تبعد عن العاصمة السويدية ستوكهولم 400 كلم، وعن سان بطرس برج الروسية 300 كم، وللحد من التأثير السويدي على عاصمة البلاد قام القيصر ألكسندر الأول بنقلها من توركو إلى هلسنكي، وتحولت أكاديمية توركو الملكية لتكون في هلسنكي، لتحمل اسمها، أملاً في تعزيز مكانة المدينة، مع إعادة بناء وسطها ليكون على الطراز الكلاسيكي الحديث لتشبه سانت بطرسبرج، وأمر الملك المواطنين القاطنين في بلدات أخرى الانتقال إلى البلدة الوليدة.

ولكنها لم تكن كما تمنّاها، فقد بقيت بلدة ساحلية صغيرة مبتلاة بالفقر، وفي عام 1710 قضى مرض الطاعون على الجزء الأكبر من سكانها، لكن جرت المقادير بعد ذلك لتكون «دوقية فنلندا الكبرى» بحكم ذاتي تحت العرش الروسي الذي تمكنت جيوشه من هزيمة السويد عام 1809م، قد كانت تحت حكمهم مجرد أقاليم، وليست كيانًا سياسيًا واحدًا.

أصبحت فنلندا جزءًا من روسيا عام 1809م، حينما لم يكن للمنطقة تاريخها الحدودي المكتوب، مع ظهور القومية كموضة جديدة في أوربا مع نهاية القرن الثامن عشر، فتشكّلت الدول على أساس قومي، وتمتعت فنلندا بجذورها التاريخية القوية التي ألهمت شعراءها، مع طبيعة أخاذة نوّعت الشعر الشعبي فيها، فاستوى على ألسنة مغنّيها.

 

في فضاءات المدينة

في الطريق إلى الميناء كانت القوارب الصغيرة، وبينها الخشبية، تصطفّ بجوار بعضها البعض، مهيأة للجلوس والسهر، أحدها تزيّن بباقات الورد الصناعية، مع جلسات من السعف، فبدا كأنه جلسة شعبية على ساحل في دولة خليجية، وليس ببعيد لوحة تذكارية معدنية تمتد نحو 54 مترًا، بما يتوافق تقريبًا مع متوسط عمق بحر البلطيق، تحمل أسماء المانحين الذين شاركوا في حملة تنظيف بحر البلطيق، وقد وجّهت العائدات إلى مؤسسة جون نورمينين عام 1913م، والعمل الفني مقدم إلى المدينة خلال سباقات السفن الطويلة الذي استضافته هلسنكي، وأراد منفذوه أن يكون نظيفًا لامعًا، كما هي الأمنيات لهذا البحر الممتد نحو 392 كم، تقع عليه 14 دولة ضمن منطقة تجمعات مائية تبلغ مساحتها مليونًا و720 ألف كم، لعلّه يتخفّف من حمولات ما يلقى إليه، وتحسين حالته تحسين لحالة الحياة من حوله.

كانت «باكورة الصباح»، كما رآها الشاعر الفنلندي بوكاربلان، وأشعر أني أقبض على أبياتها على الدروب الحجرية في هلسنكي:

باكُورَةُ الصَّباحِ، 

بَاكُورَةُ الأعْشاب 

هَدْأةُ الدُّروبِ، 

مَزارِعُ واسعةٌ، مُروجٌ، 

مَسالِكُ أليفةُ الظِّلالِ، 

ومِزَقٌ مِنْ ضوءٍ

ونحنُ نَتقاسَمُ السُّكُونَ

والخَاطِرَ العالِقَ في المكان

تصعد الغيوم كجبال بيضاء يتخللها بعض من تدرجات الرمادي، من خلف أفق لا يبدو بعيدًا، تهطل بقوة أحيانًا، لكن كما يقول السائق الباكستاني إنها ليست مقلقة رغم أن الأمطار تمتد نحو شهر، ما يزعجهم أكثر هو ما بعده، حيث يبدأ الشتاء، فتصبح الحياة قاسية، خاصة مع تساقط الثلج فترات طويلة، وتبدو الشمس كأنها ليست من قاموس الكواكب التي تدور حولها الأرض، فكأنما أرض فنلندا تدور حول كتلة جليد هائلة ترمي إليها بما يجمّد بحيراتها، لكنه يضيف إلى البعض متعة أن تكون الجبال مسطحات قابلة للتزلج... والمتعة. 

كانت أولى المشاهدات ذلك المبنى الأنيق، ولأن الكتابة بالفنلندية فقد ساعدني «العم جوجل» على ترجمة اللوحات التي أحتاج إلى معرفتها، هذه إذن محطة سكة الحديد، أمامها ساحة تحتفي، كما شأن كل ساحات المدينة، بالزهور، شدّتني تلك الرافعة التي تتدلّى منها ما يشبه جلسة لتناول طعام، فأجد أن الأمر حقًا كذلك، «غداء في الفضاء» كما تدلّ اللوحة، دون حاجة إلى بناء برج تصعد إليه، فالرافعة تقوم بذلك، ويمكنها أن تنتقل بك إلى الفضاء في لحظات، أو أنها تنتقل بكاملها إن لم تسمح ظروف الطقس بذلك.

 

الكاتدرائية والساحة

كانت كاتدرائية هلسنكي على تلّة مرتفعة تشرف على ساحة مجلس الشيوخ وتهبط من تلك التلة مدرجات بحيث تكون قابلة لتحتضن الفعاليات، بدءًا من الساحة أمام الكاتدرائية في الأعلى ونزولًا عبر المدرجات ووصولاً إلى ساحة المجلس، والتي تحدّها عن الشارع بضع مقاهي، فيما يقف وسط ذلك الانبساط بائع وحده، يبدو من أصول إفريقية، لبيع العصائر الطازجة، وسعر الكوب الصغير من عصير الرمان ليس إلا نحو 15 دولارًا فقط!

مبنى الكاتدرائية يطلّ ببياض بالغ حتى تكاد تشعر بإشراقة اللون، خاصة مع انعكاس ضوء النهار عليه، وحينما تقتم السماء مع السحب المتكاثف فإن البياض يغدو أكثر وهجًا، فيما تمنحه شمس الغروب ملمحًا فنيًا، كأنما أراد مهندسوها فعل كل ذلك من خلال اختيارهم لذلك التل العالي، بإطلالته على جماليات المعمار أيضًا، وتنطلق منه جولات «الباص المفتوح» ذي الطابقين المخصص للسيّاح، وتعبره شتى وسائل النقل العام.

ذات تجوال كانت الساحة تغصّ بالآلاف من المحتشدين، وفي أيدي الكثيرين زهرات دوار الشمس بصفرتها المشرقة، بينما ترتفع أعلام أوكرانيا بجوار الأعلام الفنلندية، عرفت أنه احتفال باليوم الوطني الأوكراني، وبالطبع كانت الحرب سمة الحفل، حيث نداءات التعاطف والتعاضد، ودعوات السلام، تكاد تتطاول بصداها أجراس الكاتدرائية في خلف المشهد، وما أن طوى الاحتفال صفحته حتى امتلأت الشوارع الجانبية بالحشود المنفضّة بأمنيات السلام، وفي أيديها تلك الزهرات الدائرية من «دوار الشمس» كوجه شمس حقيقية ضاحكة، مرسومة على دفتر طفل. 

يتوسّط الساحة تمثال ألكساندر الثاني، وحولها مباني الكاتدرائية والقصر الحكومي والمبنى الرئيسي لجامعة هلسنكي بتاريخها العائد إلى منتصف القرن الثامن عشر.

 

في كل صوب... جزيرة

كانت المتعة في تلك الرحلات البحرية، وما أكثرها، حتى أن تذاكر بعضها مجانية مع «الباص الكبير» الجائل في شرايين المدينة منذ ما قبل الظهيرة وحتى ما بعدها، وعلى الواجهة البحرية المحاذية لساحة السوق الشعبي، وعلى مقربة منه عين المدينة التي تدور كلما وجدت زبونًا، وأسفل تلك العين يمكن مشاهدة أحواض سباحة مدفوعة الأجر، لكن يبدو أن تلك الأجساد اعتادت البرد في ذلك الفضاء المفتوح، بينما نحن، أبناء شبه الجزيرة العربية، نرتدي طبقات من الملابس تحمينا من التقاء الهواء البارد بالمطر.

كل عبّارة تأخذ راكبيها إلى بقعة ما، جولة بين الجزر، أو إلى جزيرة ما، وأبرزها جزيرة سوومنلينا، في رحلة تستغرق نحو عشرين دقيقة فقط، لكن النزول إليها إثراء ثقافي آخر، فلا الأشجار والمماشي الخضراء وسط تلك البقعة الزرقاء ما يصنع المتعة وحدها، بل تلك القلعة الأثرية وقد كانت موضع تنافس روسي سويدي للسيطرة عليها، لكنها بقيت في آخر الأمر تحت ملكية فنلندا، ضمن المعالم التاريخية والترفيهية المدرّة للأموال سياحًيا.

على ظهر إحدى «العبّارات» مضينا خارج المرسى، على يميننا وشمالنا جزر، صغيرة لكنها كثيرة، وتساءلت كيف أحصوا كل ذلك العدد، نتوءات من اليابسة تظهر هنا وهناك، بعضها اكتسى اللون الأخضر فبدت كالجزر الحالمة التي نسمع عنها، حيث يهرب إليها الحالمون بالحياة الهادئة والخيال الرومانسي، وبينها ما بقي صخريًا يدور حوله الماء دورانه الأبدي، فيما تمخر عباب الزرقة تلك المراكب والسفن الصغيرة تنقل السيّاح في نزهات تحاول عدسات الهواتف أن توثّقها قدر ما تسمح به مساحة الالتقاط، فليس كل شيء يمكن للصورة أن تفعله، فالإحساس الخفي بمتعة المكان، خفقان القلب بذلك الجمال، أوسع مدى من أي إطار.

بدت على الخارطة جملة «حديقة حيوان» ضمن مقترحات معالم المدينة السياحية، وبيننا وبينها بضع كيلومترات، لكن لا بد لقطعها من عبّارة، فهي على جزيرة تدعى «كوركيساري»، فأخذنا دربنا إليها بتذكرة بدت بسيطة، لكن مع الوصول إلى الجزيرة فإنه محتّم قطع تذكرة دخول للحديقة، كأنما لا مناص إلا فعل ذلك، فأذعنّا من باب أن الفرجة آتية لا محالة، وكان بالقرب من المرسى شبك عال يضمّ صقرين أو نسرين، لم نستطع تبيّن نوعيهما من بعيد.

كان أول الحيوانات نوع من التيوس، ثم الثيران، أشكال غريبة لم نعهدها، أسعدنا وجودها لأننا سنسير مسافات حتى نعثر على حيوان آخر، وليس منه إلا اثنين فقط، هكذا شاهدنا دبّا يختال بينما الآخر انشغل عنّا بعيدًا بتناول وجبته، ونمر من بعيد، وأسد ألقى بجسده المتعب، وكان بالأحرى بحث عن «الحيوانات» في «حديقة حيوان»، لكنها تبقى واحدة من أقدم حدائق الحيوانات في العالم بأسره، فتاريخ إنشائها يعود إلى ثمانينيات القرن التاسع عشر، وما يضيف إلى أهميتها أنها تستقطب مجموعة من الحيوانات المعرضة للانقراض، فتقوم بتربية نمور الثلج والقطط الكبيرة، مثل آمور والنمر السيبيري، وتشير المعلومات إلى وجود أكثر من ألف نوع من النباتات فيها.

كان «التاكين» يجول، ويعد أحد أقارب الماعز والأغنام التي نشأت في سفوح تلال الهيملايا، ويعتبر لدى التبت حيوانًا مقدسًا، لكن صيده مستمر بما يعرضه للانقراض، وتلد الإناث ماعزًا واحدًا في الربيع، وتشير المعلومة إلى أنها تتواصل مع بعضها البعض عن طريق التجشؤ والسعال.

اكتفينا بالسير في فضاءات الجزيرة الحالمة، وعبر خلل الأشجار كانت زرقة بحر البلطيق تطل، فتصطدم أمواجه الناعمة بالأحجار التي تبدو نشازًا خارج المشهد الملتحم بين اللونين الأزرق والأخضر، لكن ثمة حياة تصنعها الطيور وهي تتنقل بين الأحجار، وتندفع نحو الزرقة تلتقط رزقها من بطن الماء إن ضنّت به اليابسة.

 

صخب... بجوار البحر

لم أصادف مدينة بهكذا حيوية على شاطئ البحر، مع أن هلسنكي على علاقة وطيدة بحواف الماء، هي المتشكّلة من جزر وبحيرات، فالعبّارات التي تنقل السيّاح في رحلات لا تهدأ إلا مع اقتراب الشمس من المغيب، وغيابها يتأخر كثيرًا حتى يتعدّى التاسعة، أفواج تنتظر دورها أمام سفن صغيرة، تتنوّع حتى في طاقة تشغيلها، وأفواج أخرى تقفز من على تلك السفن نحو اليابسة محمّلة بذكرياتها عمّا شاهدته في تلك الجزر.

في ذلك الفضاء المفتوح يمكن التمتع بالتسكّع الجميل، فالساحة واسعة وعلى مقربة منها متنزه يطل من عل بأشجاره الخضراء ونباتاته المصفوفة بعناية، والمقاهي تتوزّع على أماكن عدة، بعضها قريب من صخب العبارات وهي تضع مراسيها لعبور العشرات إليها، أو يغادرونها بانتظار زوار آخرين، ومقاهٍ أخرى على مرتفع بالقرب من العين الدائرية، وخلف المشهد تلوح كنيسة أوسبنكي على تلّة أخرى بطراز معماري لافت ولون بنّي قاتم، لا تبعد إلا مسافة سير بضع دقائق عن كاتدرائية هلسنكي، ويختلفان في اللون والمعمار، ولكل منهما جماليته.

وعليك أن تغذّ السير قبل الخامسة ليكتمل مشهد البحر في ساحته الشهيرة تلك، فهي «ساحة السوق» الشعبي التي تقترب من «البلطيق» حدّ التلامس، أسألهم عن «المدينة القديمة» كما تعرف المدن العتيقة هذه التسمية فيقولون إن هذه الساحة على البحر هي ما نعدّه «الشعبي»، خيام برتقالية صغيرة تأوي إليها المتناقضات، بائع الجمبري والأسماك وليس ببعيد عنه بائع الحقائب والجلود، واللوحات الفنية، وألعاب الأطفال، والملابس والتذكارات، أما عن الأسعار فهي شاهدة على أنك في «فنلندا»، الدولة التي تصل فيها الضريبة أكثر من 30 في المئة.

شدّتني كلمة «فلافل» في حافلة صغيرة، وما أعذبها من كلمة، خاصة لمن يبحث عن كلمة «حلال» وسط ذلك المشهد من المطاعم والمقاهي بعددها الكبير، حيث في كل زاوية وممشى ثمّة مقهى، لكن لا يجد السائح «المسلم» بغيته من الطعام في كل مكان.

وجدتها، الفتاة الدمشقية التي تعرض ما نعرفه من المطبخ السوري، هكذا هم أبناء الشام، تفرّقت بهم البلاد، لكنهم يجدون أنفسهم حيثما ارتحلوا، فتصادفهم في عواصم شتى يمضون في التجارة، خاصة العطور، أما عن «الطعام» فما أطيبه إن حمل رائحة بلاد الشام. 

ليس ببعيد عنها شدّتني ملامحه الآسيوية فاقتربت منه، شاب باكستاني اسمه حافظ واجد علي، وتذكرت المعنى العماني في كلمة «واجد» وهي تعني «كثير»، وأدركت عمق المعنى عندما أشار إلى أنه حافظ للقرآن الكريم، تحدّثنا كثيرًا عن حياته في هلسنكي، كان «حامدًا شاكرًا» فالرزق مقدور عليه طالما أن هناك من يسعى في هذه البلاد، وقد أمضى فيها عامًا، يبدأ مشوار طلب الرزق لديهم في الساعة الثامنة مساء، حيث تحط الحافلة في ساحة السوق بجوار البحر، ويبقون حتى الثانية عشرة ليلاً، أما في أيام الإجازات فيمضون مع زبائنهم حتى مطلع الفجر، أو بالأحرى مطلع الشمس، حيث إن الفجر في «فنلندا» يأتي باكرًا، قبل الثالثة صباحًا، بينما يستمرون كمطعم متنقّل حتى الرابعة.

قريبًا من «العين» الدائرة بإطلالة الزوار على المدينة يجلس يعزف، وكأنما أعين العشاق على موسيقاه، وهم يمضون إلى الجسر المقابل يضعون أقفال عشقهم ويلقون بها إلى أمواج «البلطيق»، لكن ما أكثر جسور أقفال الحب في هذه المدينة.

تحوم طيور النوارس، تحاول «خطف» لقماتها، مصدرة ذلك الصوت «المزعج» حينما يبلغ بها الانزعاج ألا تهنأ بحالة هدوء لكثافة العابرين على أحجار المرسى، يشاغب أحدها امرأة مسنّة، وهي تتلذذ بطعم الآيسكريم، فتطرده عنها، لكنه يغافلها بتحليقة مراوغة فيسقط الآيسكريم من يدها، وفي حالة من الغضب رمته في سلة المهملات، عنادًا لهذا الطائر... الخاطف!

 

متاحف... لا تحصى

في كل شارع تكاد تجد متحفًا أو مشغلاً فنيًا... أو مكتبة.

أمارس هوايتي في الدخول إلى المكتبات، مأخوذًا بتلك الأرفف التي تضم أصدقائي بسائر لغات العالم، يكفي التمتع برؤيتهم حتى وإن لم أفهم لغتهم.

لكن المتاحف تقدّم لغة عالمية، نفهم معروضاتها من خلال المقاربات، تشابهًا أو اختلافًا، بدءًا من الأزياء التي تصنع ثقافتها المختلفة، ووصولاً إلى المخطوطات القديمة والعملات الأثرية الحمّالة لأوجه من الحياة كانت ذات حين من الدهر، وقد مرّ عليها بكلكله.

على الخارطة يبدو متحف فنلندا الوطني ليس ببعيد عن نقطة السير التي وصلتها في تلك الظهيرة الممطرة، فمضت بي الخطوات إلى بوابته، «لو أنك جئت ببطاقة صحفية لدخلت مجانًا»، قالت لي الموظفة، لكن مكتوب علينا أن (ندفع) أينما حملنا جيوبنا، وبطاقة البنك اختصرت المسافات والطرق.

أنشئ المتحف عام 1912م، وروعة معماره تعود إلى كونه مصممًا على طراز فن «الآرت نوفو»، فتستقبلك مداخل قاعاته الفخمة بمئات من اللوحات الجدارية، والأخرى المنتشرة عبر عدة قاعات واسعة.

وكأي «شيخ طريقة» مضيت بين المعروضات كأني أحاذر خطواتي أن تقطع سرّ الصمت الكامن، وكأنما لغة التاريخ لا تحتمل حتى الهمس، فتسمعها بروحك، وإن لم تبلغ المعنى، رحلة عبر المعروضات تأخذ الرائي إلى ما قبل التاريخ، ووصولاً إلى مرحلة الدولة الحديثة، أزياء وبنادق وعملات وما اعتادت المتاحف أن تعرضه من الأزمنة التي تعبر على الأرض، حربًا وسلامًا، ثقافة بلاد عرفت أمجادًا وحروبًا وثورات، كشأن ما يفعله البشر على هذه الأرض، فتختلف بعض التفاصيل حينا بين بلد وآخر، بناء على امتداد الرقعة الجغرافية والسكانية.

مجموعة من المعارض الدائمة، ترى فيها العملات المعدنية والقلائد والمجوهرات، كأثمن ما تركه البشر من حيواتهم التي مضت عليها سنين طوال، ثم البنادق وأدوات الحرب، كما يعرض تاريخ الحياة الملكية، راويًا تطور المجتمع والثقافة في فنلندا، من العصور الوسطى، في القرن الثاني عشر وحتى بدايات القرن العشرين، خاصة حقبة المملكة السويدية التي وضعت بصمتها على هذه البلاد، ثم جاءتها الإمبراطورية الروسية لتصنع ملمحًا آخر على لوحة التاريخ الفنلندي، وفي ركن آخر هناك معرض «أرض وشعبها» يقدم الثقافة الشعبية في فنلندا خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، ومرحلة ما قبل التصنيع.

في المتحف نماذج لقطع ذهبية ترمز إلى ما حدث في خريف عام 1939م، حينما افتقر الجيش إلى جميع اللوازم الضرورية للصمود فبدأ الفنلنديون بجمع الذهب، ووضعت العناصر الأكثر قيمة تاريخيًا بالمتحف، فيما صهر الباقي، ومن بين المعروضات مطرقة استخدمت في محاكمة مجرمي الحرب، حيث التزمت فنلندا التي خسرت الحرب بمحاكمة المتهمين، وسلمت هذه المطرقة لاحقًا إلى عائلة رئيس الوزراء.

من قاعة كبرى إلى قاعة أكبر، بين لوحات فنية على الجدران، وطاولات عرض تتطلب الوقوف طويلاً لتأمل كل قطعة فيها، لكن لا بد من العبور سريعًا، للبحث عن مختلف أعمق، شدّني قميص استنتجت أن له تاريخًا ما، مكتوب عليه أنه قميص يوجين شومان (1875 - 1904م) الذي أطلق النار على نفسه إثر قتله للحاكم العام بوبريكوف في 16 من يونيو من عام 1904م، وعليه آثار دماء جافة، وهناك ليس ببعيد مقعد رئاسي حيث كانت هناك ستة عروش للإمبراطور وضعت في مدن مختلفة من روسيا، واستخدم الإمبراطور الإسكندر الأول هذا المقعد في البرلمان في بورفو عام 1809م عندما أصبحت فنلندا جزءًا من روسيا، إضافة إلى صورة أخرى بإطار مذهب للإسكندر الثاني نيكولايفيتش (1818-1881م) الذي سمّي بالقيصر المحرر في روسيا حيث ألغيت العبودية في عهده.

بجوار ساحة مجلس الشيوخ تشدّني كلمة متحف أيضًا، إنه متحف هلسنكي، مبنى صغير، لا يعرض الكثير مما توقعته، يركّز في لوحاته على ظاهرة العنصرية، والتطرق إلى الفنلنديين من أصول إفريقية، حيث برزت بين الفقرات على الصور المعروضة جملة أن «الأسوأ هو الشعور بأنك غريب، حيث إن الفنلنديين يدلون باستمرار بملاحظات صغيرة حول الأشخاص ذوي المظهر المختلف، فتتخذ العنصرية شكل خطاب الكراهية أو التمييز أو العنف، تتجلّى العنصرية الهيكلية في ممارسات محايدة ظاهريًا تستبعد في الواقع بعض الأشخاص». 

متحف مدينة هلسنكي هذا له سبعة أفرع منتشرة في المدينة. وفي هذا الفرع المركزي، الواقع بالقرب من ساحة مجلس الشيوخ، بإمكانك أن تستكشف تاريخ هذه المدينة وثقافتها، بالإضافة الى ذلك فإنه يوفر الكثير من المعارض المؤقتة والمتغيرة، صور فوتوغرافية عن جرائم، ومشروبات تقليدية، وغيرها مما يتطلب سؤال الترجمة الإلكترونية عمّاذا يكون ذلك، لكن المتجر الصغير لبيع الهدايا التذكارية يمنح الزائر ما يمكن أن يعود به دالاً على «هلسنكي».

عبرناه إلى متحف المعماريين الفنلنديين، تاريخ المعمار في هذه البلاد، وكيف تبدو البنايات في مواجهة البقاء، ردهة كتب عليها جملة ترحيب «في مكتب المهندس المعماري»، حيث إنه «يتم تصميم كل ما رأيناه حتى الآن في رحلتنا من أبراج المياه إلى ساحات الضواحي هنا. هنا يفكّر المهندسون المعماريون في حلول لمشاكل التصميم وبدائل الإنتاج الضخم من قبل شركات البناء».

أما متحف الفنون فيضم بين جنباته نحو تسعة آلاف عمل فني، وأعيد افتتاحه بعد التجديدات، وأعيدت تسميته باسم المدينة، عام 2015، ومن هذا المتحف إلى متحف الصحف اليومية، معرض فريد، يقدم تاريخ الصحافة في البلاد، وسائل إعلام قديمة وأخرى معاصرة، ووضع الحريات، ليس في فنلندا فقط، بل في العالم، كما يقدم قصة أكبر صحيفة يومية في فنلندا بدأت منذ أكثر من 130 عامًا.

ما أكثر المتاحف في المدينة، والوقت أضيق من ثقب إبرة حينما يتعلق الأمر بالتجوال في مدينة كهلسنكي، فهناك متحف التاريخ الطبيعي الذي افتتح عام 1924م عارضًا نماذج للحياة الطبيعية عبر طوابقه الأربعة، فتجد الهياكل العظمية للديناصورات، وصولاً إلى نماذج لمختلف الحيوات الأخرى، للثدييات والزواحف والكائنات البحرية، وفي معرض الرياضة ستجد قصصًا مثيرة، دراما العبور من خيبات الأمل إلى الفرح الذي يواكب بلوغ النصر، قصص رياضة صنعت المجد الفنلندي في هذا المجال، بدءًا من الألعاب الأولمبية في هلسنكي ووصولاً إلى عالم الرياضة الإلكترونية.

حتى الترام أقاموا له متحفًا، يعود تاريخه إلى عام 1900، عارضًا تاريخ هذه الوسيلة التي قطعت شوارع هلسنكي حيوية وتنقلاً، ولكن من وجهة نظر راكب، فيمكنك التجوال في هلسنكي الأمس وأنت راكب على متن ترام قديم.

أما متحف التصميم فهو حكاية أخرى، وقد أنشئ عام 1873م، وكان دخوله بالمجان، فهلنسكي اختيرت عام 2009م كعاصمة للتصميم العالمي، والعبور إلى فضاءات المكان متعة بصرية، البحث عن عناوين التصميم في أشياء كثيرة تحتاجها حياتنا، حتى في صناعة العجلة داخل الدراجات الهوائية، لكن ما يشد النظر أكثر ما احتواه الطابق الثاني كمعرض لفنان يدعى كوستا ساكسي، وهو من مواليد عام 1975م، اشتغل على النسيج «ليأخذنا في رحلة عبر مساحات انتقالية غريبة تظهر بين المتخيل والحقيقي، النوم واليقظة، الجنون والعقل»، كما أشارت إحدى التعريفات المعلقة عن المعرض، إضافة إلى أن موضوعات لوحاته النسيجية تظهر تجربته مع الصداع النصفي الذي يعاني منه منذ أن كان في السابعة من عمره، «والتجارب العالمية للأحلام ورؤى الهلوسة والروايات الأسطورية» فطالما كان ساكسي «مفتونًا بالدماغ البشري خاصة قدرته على معالجة المعلومات الحسية بشكل مختلف وغير متوقع»، فهو يسرد، وعبر ممارسة فنية، القصص المرسومة، وعبر وسائل تعبير مختلفة، سواء كان ذلك من خلال تصميم الأنماط أو المنشآت المكانية أو الصور المتحركة أو الأثاث أو المنسوجات، وقد أخذت ساكسي في مسيرة مهنية تزيد عن عشرين عامًا، ويعيش حاليًا مع عائلته في أمستردام، حيث يقع الأستوديو الخاص به.

 

تكريم الأبطال

هذه بلاد تكرّم صنّاع ثقافتها وحضارتها، فأينما تأخذك خطواتك ستجد حتمًا نصبًا تذكاريًا لشخصية ما، في المسار ما بين الكنيسة القديمة والبحر مسافة مشي نحو نصف ساعة، وتعبر متنزّهين، كل واحد فيهما تمثال يروي جانبًا من تاريخ فنلندا، حتى وإن عبثت النوارس، بما تبقيه من فضلات، بتلك الشوامخ الصخرية، وما تمثله من مجد إنساني صنعه صاحب التمثال/ النصب.

في حديقة متّسعة، تحاذي البحر في حي تولو، ينجذب السيّاح إلى تحفة فنّية تشكّلت تجريديًا بما ترمز إليه من تخليد لصاحب التمثال، فهو نصب سيبيليوس الذي صمّمته إيلا هيلتونن وكشف النقاب عنه في السابع من سبتمبر من عام 1967م، تكريمًا للموسيقي الفنلندي جان سيبيليوس، والحديقة تحمل اسمه، ووضعت في النصب خوذة هيلتونن، والتي استخدمتها أثناء عملية اللحام.

التمثال مصنوع من أنابيب معدنية ضخمة، يقال إنها تصدر صوت موسيقى مع هبوب الهواء عبر فتحاتها، لم يكن حينئذ أي صوت، لكني تخيّلت عذوبة المشهد، هواء البحر لا يصنع الأمواج فقط، بل هو حالم لدرجة أنه يعزف لحنه الخاص.

بين كل حديقة وأخرى ثمة متنزه صغير محفوف بجداول الورد والمزهريات التي تمنح السائر بعضًا من التفاؤل، وأجمل حدائق هلسنكي حديقة سنترال بارك، مساحة خضراء تمتد نحو عشرة كيلومترات مربعة في قلب المدينة، فتأخذك المسارات بين مساحات كأنها غابات صغيرة من الأشجار، وممرّات الورد والنوافير، ويجد زائرها فرصته إن أراد التنزّه مشيًا على الأقدام، أو عبر الدراجات الهوائية، وغيرها من وسائل السير، فلكل منها مساره.

 

إنها... السبت

تلعب المصادفات دورها بعناية حتى وإن لم نخطط لذلك، سألت عن سوق تقليدي يبيع الأشياء القديمة على وجه الخصوص، فلم أجد إجابة، حتى إذا حان يوم السبت، وجدت أمام الفندق ما يشبع نهمي لرؤية منتجات الماضي معروضة بهكذا كثافة في ساحة لها حكايتها!

تقع أمام فندق الإقامة ما حيّرني، هل هي مقبرة أم حديقة، فعرفت لاحقًا أنها مقبرة «الكنيسة القديمة»، لكنها تحوّلت إلى حديقة جميلة يجلس إليها الكثير من كبار السن، ومجموعات من الشباب أصادف وجودهم دومًا، وكأنهم يتجمعون بعد نهاية يوم عمل.

لكن الذي لم أتوقعه أبدًا أن تشهد هذه الحديقة (المقبرة) سوقًا!!

هكذا جاء يوم السبت، فرأيت «البسطات» تمتد ما بين شواهد القبور، بل أن بينهم من وضع بضاعته على سقف القبر، مستفيدًا من «الشاهدة» في أداء مهمته التي لن تستمر عدة ساعات، فسار الناس بالمئات في تلك الحديقة الصغيرة، ينتقون من الأشياء المستعملة ما يناسبهم، خاصة الملابس التي جاءت بأشكال وألوان، ولم يخل بعضها من فخامة، تباع بسعر زهيد.

لوحات فنية تخلّت عنها جدران فيلل أو بيوت كانت تضيئها بأبّهة تليق بها معروضة على الأرض لعلّها تجد من يعرف قيمتها، مصابيح تنازلت عن مكانتها لتباع بجوار أسطوانات موسيقية وهواتف نقالة قديمة جاءت من الزمن الفنلندي الذي منح العالم «نوكيا» في مستهل تعرفه على الهواتف الخلوية، وآلات تصوير، عفا عليها الزمن، لكنها تتذكر ما زالت ما عبرها من أفلام يدور شريطها في قلبها الحاني عليها حتى من الضوء ■

محطة القطار المركزية في وسط المدينة، وحولها امتداد الساحات

مجسم جميل على زاوية في مبنى محطة القطار

كاتدرائية هلسنكي على تلّة تطل على ساحة مجلس الشيوخ، ومدرجات لاستيعاب الاحتفالات

لقاء الألوان، بين السماء والأرض، سمة تتكرر مئات المرات في هذه البلاد

 ويطل هذا النصب التذكاري كما يليق بمدينة تحتفي بأبطالها

والورد في كل تفاصيل العاصمة، يمد الحياة بالمزيد من الجمال

شجرة التفاح عامرة بثمارها، حيث لا يلتفت إليه أحد

إحدى قاعات المتحف التي تعرض لوحات فنية

سجاد يحمل لوحاته ولكل واحدة منها ما يمكن أن يكتب فيها قصيدة

كهؤلاء الذين يحملون على أعناقهم هذه الشرفة العتيدة

في يوم السبت أصبحت سوقًا للبضائع القديمة

حافلة متنقلة تعرض أكلات شامية، أما الصبية الدمشقية فآثرت عدم الظهور

نساء هنديات بعد مشاركتهن في مناسبة وطنية لبلادهن يستعرضن في ساحة عامة