عبدالعزيز البابطين صقر الفيافي مناسمات وشهادات من المغرب
هو صقرُ الفيافي، مسافرٌ أَبَدَ العمر في البوادي راكِبًا صهوةَ الشعر، تعشَّقَتْ روحُه بالقفار، كما عَشقَ الأماليدَ الهزارُ. له انتماء أصيلٌ إلى بلده الكويت، وهل يكتوي بحب الأوطان إلا شاعرٌ مشغوفٌ بوطنيته! ألَا إنّ «أحقَّ البلدانِ بنزاعِكَ إليه بلدٌ أَمَصَّكَ حَلَبَ رَضَاعِهِ»، ثم إنّ الفطرة السليمة «معجونةٌ بحبِّ الوطن». أُرجِّحُ أنه والشعراءَ من أمثاله في لحظات احتدامهم ليسوا «بشيء من أقسَامِهم أَقْنَعَ منهم بأوطانهم». فكيف إذا كان الوطن هو الكويت؟!
(كُوَيْتُ) يا جنَّةً في ساحةِ العَرَبِ
ويا عُكاظَ النُّهَى والشّعْرِ والأدَبِ
يا واحَةً لَبِسَتْ من نَسْجِ خالِقِهَا
غلائلًا من ضِياءِ الشّمْسِ والشُّهُبِ
ونَجْوَةً في الصّحاري البِيدِ قد وَصَلَتْ
مَهْدَ «النبيِّ» بمَوْجِ الشاطئِ الذَّهَبِي
بالعلْمِ والحُبِّ والإيمانِ قد مُلِئَتْ
أيامُكِ الغُرِّ دَوْمًا عَنْ أَبٍ فَأَبِ
1 - شاعر المشارق والمغارب
إذا كان الميلُ إلى الـمَوْلِد من كَرَمِ الـمَحْتِد، فإن للشاعرِ الفحلِ عبدِالعزيز سعود البابطين في المشارق والمغارب أشعارًا صانَ عِفَّتَها الوقارُ، فصارتْ في محافل المفاخرة والمذاكرة أُنْسَ الـمُجَالِسِ وزينَةَ الـمَجَالِس. تعلَّقَ شغافُ قلبه بالصحراء لأن نفسه تنطلق فيها «إلى أقصى مداها»، وتتفتح رؤاه «إلى أقصى اتساعها»؛ فهي المكان الفسيح لروحه الهاربة من «ديستوبيا» الصخب والاختناق إلى «يوتوبيا» الساح الرحيب، حيث لا صَخَبٌ ولا اختناق... يستنشق هواءَ التحرر والانعتاق في الفلواتِ بملْءِ رئتيه، ويرنو إلى الفضاءات الممتدة وأفقها البعيد بمدى اتساع الشعر والرؤيا، فيجد فيها «كل ما تشتهيه النفس من راحة وهناء». كتب في صحراء «الرويسات» التابعة لإقليم «جولميم» بالمغرب الأقصى (جولميم تنطق بالجيم المصرية) قصيدةَ «حديث السمار» قال فيها:
سيَذْكُرُني قَوْمي إذا الشّعرُ أَجْدَبَتْ
مَرابعُ فيه من جَميلِ القَصَائدِ
وَيذْكرُ أهْلُ الشّعْر يَوْما بأنَّني
عَمِلْتُ بما أَسْطِيعُ منْ جُهْدِ رائِدِ
أُعِيدُ لبيْتِ الشّعْر أَعْلَى عمُودِهِ
وأَبْنِيهِ بالسّاحِ الرّحِيبِ كَذَائِدِ
لِيَرْجِعَ حِسٌّ مُرْهَفٌ لِهُواتِهِ
يُحَرِّكُ وِجْدانا بنَفْسِ المزَايِدِ
ونَحْـكِي أحَديثًا جَميـلًا رُوَاؤُهَا
أَحَاديثَ مثْلَ الشَّـهْدِ أوْ كالقَلَائِــدِ
وفي الصحراء ذاتها تَخَلَّقَتْ قصيدتان أُخريان هما «وشاهدتني» و«النجمة الخالدة». أما قصيدة «رسالة إلى ولادة» فقد كتبها في صحراء «ابطيح» على مقربة من مدينة طنطان في الجنوب المغربي. ومما جاء فيها:
تَذَكَّرْتُ أيامَ الصَّبَابةِ والجَوَى
و«وَلّادَةَ» الإبْدَاعِ والشِّعْرِ والهَوَى
بأنْدَلُسٍ، والحُبَّ إذْ كان صَافِيا
وفَنَّ «ابنِ زيدون» يُنَاغِي القَوَافِيا
ليست «ولادةُ» في سياق التشكيل الشعري إلا رمزًا متعاليًا يخلعه الشاعر على «ما في الخليقة من جمال مُلْهِمِ». أما ابن زيدون فقد كان بالنسبة إليه عَلَمًا رائدًا؛ كتب في هذا الشأن: «تأثرت بشعره منذ صباي المبكر أيما تأثر، وأحببت شعره بكل شغف وتقدير». ولا غرابة في أن أفْرَدَتْ مؤسسةُ جائزة عبدالعزيز سعود البابطين احتفاليةً خاصة بابن زيدون في قرطبة بالأندلس (خلال الدورة التاسعة التي انعقدت في شهر أكتوبر سنة 2004). وَصْلًا بهذا النسق، لله درُّ مَنْ نَسَجَ على منوال بيتٍ لأمير الشعراء أحمد شوقي، فقال واصِفًا:
عَظِيمُ النَّاسِ مَنْ يَرْعَى العِظامَا
ويُكرِمُهم وَلَوْ كَانُوا عِظامَا
2 - مُنَاسماتٌ وشهادات بأقلام بعض المغاربة
لو استجمعنا ما أنجزتْه مؤسسةُ عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية، واستقصينا أخبارَها وأشعارَها ومآثرَها ومفاخرَها بأرض المغرب خدمةً للثقافة العربية عموما وللشعر خصوصا لطال اقتصاصُها، ويكفي أن نذكر على سبيل التمثيل لا الحصر: انعقاد الدورة الرابعة «دورة أبي القاسم الشابي» بفاس من العاشر إلى الثاني عشر من شهر أكتوبر 1994، ثم انعقاد الدورة الرابعة عشرة «دورة أبي تمام الطائي» واحتفالية اليوبيل الفضي للمؤسسة بمراكش من الحادي والعشرين إلى الثالث والعشرين من شهر أكتوبر 2014، والندوة العلمية التكريمية بمناسبة منح الأستاذ عبدالعزيز سعود البابطين الدكتوراه الفخرية من جامعة سيدي محمد بن عبدالله بفاس، سنة 2006، والندوة التكريمية التي أقيمت بجامعة محمد الخامس بالرباط سنة 2013. لذا سنقتصر على إيرادِ شهاداتٍ لبعض أعلام الثقافة والفكر عرفانًا بسُمُوقِ قَامتِه، وسُمُوِّ مَقامه.
بَوْح الوجدانية المتأججة
كتب الدكتور عباس الجراري في حق الأستاذ عبدالعزيز سعود البابطين، ما يلي: «ليس سهلًا على من يريد أن يكتب عن شخص تعددت خصاله ومزاياه، وتنوعت اهتماماته وعطاءاته، أن يلم بجميع ما حباه الله به في مختلف هذه المجالات حين تسنى لنا اللقاء الذي كان يتكرر في المغرب بمناسبة زياراته للمشاركة في بعض الأنشطة الثقافية التي كانت في بعضها تنعقد بدعم منه. وكم كنت أعجب بكريم شيمه، وكبير تواضعه، وسماحة فكره، وطيب معشره، ورقة إحساسه، وحسن ذوقه الفني الرفيع ثم إني بعد هذا لم أستغرب جهوده في رحاب الشعر، وهو الشاعر الموهوب الذي أغنى هذه الرحاب، بما له من إبداع رائع يبرزه ديواناه الشعريان «مسافر في القفار» و«بوح البوادي» الذي استمتعت بقراءته معجبًا بتعبيره الرصين الملتزم بلغة رشيقة وإيقاع مُطرب، مع بعض الميل إلى تجاوز نمط القصيدة التقليدية بنفس تجديدي متأثر بشعراء الأندلس، والملتزم كذلك بتصوير الواقع مع جموح خفيف إلى الخيال وما قد يتيح من تأويل. وما أظن ربط عنوان الديوان بـ«البوح» إلا ناتجا عما ينمُّ عنه هذا البوحُ من مناجاة باطنية، تكشف تجربة الشاعر وحالته الوجدانية المتأججة بعشقٍ للبادية وما يوجه الحياةَ فيها من قيم نبيلة أساسها مشاعر الحب وأحاسيس الارتباط بالأرض، والاعتزاز القوي بها في حنين دائم إليها، دون إخفاء ما يهدد أصالتها وساكنيها بفعل حضارة العصر، وما لها من إكراهات وتحديات لا تخلو من سلبيات. وعندي أن تفشي هذه السلبيات في البادية وغيرها من أرجاء الوطن العربي والإسلامي، كان الدافع إن لم أقل أهم دافع حث الأستاذ عبدالعزيز سعود البابطين على النهوض بما يحفظ لهذا الوطن ذاتيته، بدءًا من إبداع الشعر وجمعه وتدوينه إلى العناية بكل ما يصون الهوية بعزة وكرامة، من تراث ثقافي وقيم سلوكية وتطلع إلى آفاق مستقبلية واعدة». وليس هذا الذي ذكرنا إلا بعْضًا مما كتبه الدكتور والمستشار عباس الجراري في حق الأستاذ عبدالعزيز سعود البابطين، إبرامًا لعقْدِ محبَّتِهِ، ووصلًا لحَبْلِ مَوَدَّتِهِ، وعرفانًا بريادته وفرادته في خدمة الثقافة العربية.
رجل اجتمع فيه ما تفرق في غيره
أما الأستاذ والمستشار السابق محمد القباج فقد كتب مشيدًا بمفاخر عبدالعزيز سعود البابطين: «يحتاج الحق إلى طرفين: طرف ينطق به وآخر يستسيغه، وليس من باب المجاملة أن أبوح بشهادتي في حق رجل ملأ الساحة وشغل الناس تشرفت وحظيت بمعرفته للمرة الأولى بعد أن أخبرني صديقي الأستاذ عبدالهادي التازي باعتزام مؤسسة البابطين تنظيم الدورة الرابعة لمؤسسة جائزة عبدالعزيز سعود البابطين للإبداع الشعري (دورة أبي القاسم الشابي) بإحدى دول المغرب العربي في أكتوبر 1994، وعندما اتصلت به هاتفيا، وجدت نفسي أمام رجلِ مشاريع فكرية وأدبية لا ينطلق فيها من وصولية أو دافع الانتفاع، وإنما من إيمانه بضرورة مد الجسور بين الشعوب عن طريق الثقافة والأدب. واقترحت عليه العاصمة العلمية مدينة فاس لتنظيم الدورة، ثم التقينا بعد ذلك، فإذا بي أكتشف الرجلَ الشاعرَ الذي يختلف عن غيره من الشعراء في كونه لم يكن صاحب قلم فحسب، ولكنه كان صاحب قضية شعرية استأثرت باهتمامه، أَوْلَاها كلَّ وقتِه بالرغم من ازدحام مشاغله المالية، قضية الوفاء للتراث الشعري العربي القديم والالتزام بالمحافظة عليه لقد شكلت الدورة الرابعة لمؤسسة البابطين حجر الأساس في متانة علاقتنا، إذ عرفت نجاحًا باهرًا، وتمثل ذلك في الموافقة المولوية على إضفاء الرعاية السامية على هذه الدورة وتكليف ولي عهده آنذاك صاحب السمو الملكي الأمير سيدي محمد - جلالة الملك حاليًا - بحضورها. ومنذ ذلك الوقت والتعاون بين جمعية فاس سايس من جهة والمؤسسة من جهة أخرى يعرف متانة ووثوقًا». في إثر ما ذكره المستشار محمد القباج، لا غرابة في أن تتوطد وتشتد أواصرُ الصداقة والمحبة بين الرجلين، وأن تجمعهما معا العضوية في «مؤسسة الفكر العربي» الرائدة.
الإنسانُ متجردًا من اللَّفِّ والزَّيْف
ذكر الدكتور عبدالرحمن طنكول بعد أن جالس الأستاذَ الشاعرَ عبدالعزيز سعود البابطين وتحدث إليه، ما يلي: «ما لفت انتباهي فيه على الدوام خصاله النبيلة المتمثلة في تواضعِه وثراءِ ثقافته، عمقِ معرفته بتجارب الحياة بمنعرجاتها وما تنطوي عليه من ألغاز وأسرار، نجاعةِ خبرته بقضايا النمو العالمي إن على مستوى التفكير أو على مستوى الممارسة التطبيقية، نقاءِ سخائِه وكرمِه وطيبوبته. ومن المعلوم أن صيت الشاعر عبدالعزيز سعود البابطين تجاوز حدود خارطة البلدان العربية بفضل هذه الخصال الإنسانية الرفيعة، فما إن تراه مشاركًا في أي لقاء ثقافي إلا وتشاهد الحضور، على اختلاف مشاربه وأصنافه وأجياله، متعطشًا للالتفاف حوله والاحتفاء به وتوجيه التحية إليه والاقتراب منه لمعانقته، ففي مشاهد كثيرة كهذه، والتي تضفي على وجهه مسحة من الفرح لا مثيل لها، تبرز بجلاء صورة عبدالعزيز سعود البابطين؛ إنها مشاهد يبدو فيها الإنسان في طبيعته الأصيلة متجردا من كل قناع للتستر واللف والزيف». من المؤكد أن مثل هذه المشاهد - بحسب شهادة الدكتور عبدالرحمن طنكول - «تعكس بامتياز ثقافة ناضجة وازنة تغذت من مرجعيات قيمنا العربية والإسلامية، وارتوت من ينابيع علوم الحضارات الإنسانية والكونية». إن من يعرف الأستاذَ الشاعر عبدالعزيز سعود البابطين «يعرف مدى موسوعة ثقافته وقدرته على التحليق في أجواء المعرفة والغوص في أعماقها».
البابطين في معارج الصفاء
يقول السوسيولوجي المغربي أحمد شراك: «في معارج الشعر انكتابًا وتجربةً وممارسةً ورفْعَة، يتربع الشاعر عبدالعزيز سعود البابطين فاعلاً ثقافيًا رائدًا على عرش الفاعلين الثقافيين العرب في الزمن المعاصر، وقد يمتد هذا الفعل بعيدًا، لأن ما ينفع الناس لا يعرف المحوَ أو الغياب». ولعل في عبور هذه المعارج بعضًا من مفاتيح الاقتراب من شخصية عبدالعزيز سعود البابطين شهادةً واستقراءً وتأويلاً... يواصل أحمد شراك قائلاً: «يمكن وسم التجربة الشعرية البابطينية من خلال حَدَّيْن متفارقين في المظهر، لكنهما متلازمان في المضمر، وهما الصفاء والخلاء، أما الصفاء فهو مرتبط بالزمن النفسي والملمح الوجداني المتدفق العامر بالحب والحب العامر، حب غارق في الوجد ومتخوم بالتقشف في العبادة والكتابة، يصوم اللذائذ ويجعل فطورَه البوح، مقتفيًا بلاغة الأثر، الأثر الرمزي... أما الخلاء فهو تجلٍّ مكاني، مادي، منبسط، عار من الحواجز والشوائب، يعبر في الفضاءات المقفرة، أو يبوح في الصحراء والبوادي. في هذا العبور يتوحد الزمان بالمكان، يتوحد الصفاء (كزمن خالٍ) بالخلاء (كمكان صافٍ). إن هذا التوحد بين الصفاء والخلاء، والخلاء والصفاء هو عنوان مقول شعري ومفعول شعري. والعلاقة بين المقول والمفعول علاقة جدلية، عمودية وأفقية في المسار والفعل والحياة، عنوان سعادة أنطولوجية، رعشة وجودية في الصحاري والقفار كأمكنة أولى، كأمكنة شبيهة بالتشكلات الأولى والصنع الأول للوجود، يصطاد فيها الشاعر لحظات روحية ملؤها هذه السعادة الأنطولوجية التي لا تقدر، بعيدًا عن الصخب والضجيج والفتنة المادية التي لا تتمظهر بالمكان، وإنما يترجم سحرها في الفعل والسيرة والعطاء».
إبداع المثاقفة ومثاقفة الإبداع
أما الدكتور عبدالله بنصر العلوي صاحب كتاب «في صحبة مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين، من إبداع المثاقفة ومثاقفة الإبداع إلى ثقافة الحوار والسلام» فيقول: «أسعد بتقديم كلمة عن رجل خبر سبل الحياة وعانى إشكاليات الثقافة، فكان قدوة لمن كدَّ من أجل الحصول على المال، كما كان قدوة لمن وظف المال في خدمة الوطن والهوية العروبية والإسلامية في أبرز مجالاتها: اللغة والشعر حبًا وإبداعًا، وبينها وبين المال مسيرة متوازنة، فكلما نما المال إلا وتجذّر السلوك الثقافي، وكأن الثقافة بالنسبة إلى رجل المال هذا تمثل المنزع الذي يتأثر به ويوجهه نحو مدارج العلا وارتقاء المراتب». تلك بعض ملامح صورة شخصية الأستاذ عبدالعزيز سعود البابطين كما ترسخت في نفس الدكتور عبدالله بنصر العلوي، منذ أول لقاء لهما معًا في خيمة بدوية أصيلة كويتية نصبت بردهة فندق «جنان فاس» أثناء انعقاد دورة «أبي القاسم الشابي». يواصل الدكتور بنصر العلوي قائلاً: «تحدثت معه عن أهمية مؤسسة جائزة عبدالعزيز سعود البابطين للإبداع الشعري وحاجة الثقافة العربية إلى استمرارها، مستحضرًا في نفسي توقف جوائز ثقافية عديدة أجبرتها ظروف على التوقف. غير أني لمست في الرجل الحماسة في الاستمرار بقدم راسخة وهمة عالية وإنفاق غير محدود... ولمست خلال توالي اللقاءات معه في الدورات والملتقيات والمناسبات التي نظمتها المؤسسة، والتي كان لي شرف متابعة أعمالها، وكذا مشاركتي في اجتماعات مجلس أمناء المؤسسة، تمسكه بالاستمرارية والكرم اللامحدود حتى استوى الوقف برجًا عاليًا سيخلد إرادة الرجل النبيل ومقاصد مؤسسته الرائدة».
هذه مقتبسات من بعض الشهادات أوردناها على سبيل «يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق». ولو كان المقامُ مقامَ بسطٍ لأَرْخَيْنَا عنانَ الكلامِ بأَلْيَنِ زمامٍ في ما دَبَّجَتهُ أقلامُ العديد من الأعلام المغاربة في حق هذا الشاعر الفذ.
خاتمة
نام الراحلُ عبدالعزيز سعود البابطين في سرير السكينة الأبدية، بيد أن طيفه ما يزال مُحلِّقا حوالينا مُردِّدًا: نأيْتَ بجسمك عنا لا بفعالك، ما عشْتَ يوما من المآثر خاليا... لله دَرُّكَ ودَرُّ الشاعر إيليا أبو ماضي إذ قال:
إن السِّنِينَ كَثِيرُها كَقَليلِها
إِذَا لَمْ تَزِنْ صَفَحَاتِها الآثارُ
يا حزمة من ضَوْءِ وَمْضٍ قد مضى، سنظل مَدَى الدَّهْر نقتبس من ألق سناك، يا شمعةَ النورِ زيدي ذِكْرَاهُ سَنًا وسَنَاء... لو جَمَعْنَا أشعارَك في هذا المعنى لطال اقْتِصَاصُها ■