لا وقت بساعتي الثكلى
كانوا يبتسمونَ جميعًا
فى قلب اللوحةِ ويشيرون
إلى النهرِ
يثيرون الصخبَ
وكنت أنا وحدي
خارج لوحتهم
أتأملهم...
أحيانًا أحسد فرحتهم
فأنا البكَّاء المستوطنُ
فى أرض الحزنِ
فمَن يُدخلني معهم
من يمنح روحًا ظامئةً
صك جواز مرور للغبطة
من؟...
***
لا رأسَ بمُخي
لا بطنَ بكبدي
لا أمعاءَ
ولا قلبَ بشرياني
***
لا بنتَ تسمى زينبُ
دَخلت تاريخ الشعر العربيّ
كأشجارِ طيبةِ الرائحةِ
وحسناء المنظرِ
دخلت قلبًا
من أوسعِ بابينِ
ولم تخرج
منذ ثلاثينَ من الأعوام
وحتى هذي الدمعةِ
حتى هذي الهذي المكتوبةِ...
***
لا وطنَ بخارطةٍ
تمتد
وتشتدُ
وتحتدُ صراعاتِ تترى
لا ماء بغزةً
لا مصباح
ولا
لا مأوى لصغير
يبحث منذ ثلاث عذاباتٍ
عن أمٍ
فقدت آثارَ خطاه؛
وخربشةِ أصابعه السمراء
على جدران الروح...
ولا وقت بساعتي الثكلى
منذ هروب عقاربها الموقوتةِ...
فاتجهت للساعاتيّ العاطلِ
تستطلع وقتًا
... تسألُ
عن موعد بنتٍ
غادرت البيت إلى المدرسة
وعادت للقبرِ
وتركت في الصبح أخاها الأوحد
يبكي
يسترجع ذكرىً
وغناء
وحكاياتٍ
ودموع أبٍ شيخٍ
فى الستين من القهرِ
وأمًا
لم تصبرلدقائق
لبست (عقد الحزُّونِ)*
وهامت في الليل
ولطّخت الشَعر بطينِ
وأهالت فوق الثوب ترابًا....
لتحدث جنيّات سودٍ
يتراقصن أمام البيت
ويجذبن يديها للنهرِ
فتغرقُ
كي تطفوَ
كالفرعونِ
تجوب بلادًا
وتظل بذاكرة الولد الشاعرِ
وتظل
تظل
إلى أن يفنى حزنًا
ويذوبَ... ■
* «عقد الحزون» عقد لونه أسود تلبسه الثكالى
في جنوب مصر.