معنا على الكوكب السمك المهرج الذكر الأنثى!

فيما تعيش بعض الأسماك حياة انفرادية أو تتفاعل فقط مع أفراد مجتمعها، إلا أن هناك أسماكًا باستطاعتها التعايش مع كائنات مختلفة عنها من حيث التكوين. وهذه العلاقة تعتبر من العلاقات النادرة وبالأخص في البيئة البحرية.

ولكن أولًا دعوني أعرفكم بنفسي. يطلق عليَّ «سمكة المهرج»، ولقد حصلت على هذا الاسم بسبب ألواني الزاهية، البيضاء والبرتقالية، والتي تزين جسدي بخطوط عريضة والتي تشبه في تصميمها وجه المهرج الذي يظهر عادة في السيرك أو في المهرجانات أو في حفلات عيد الميلاد. 

وأعيش مع بقية أفراد أسرتي من أسماك المهرج في البحار الضحلة، وبالأخص في المحيطين الهادي والهندي، إضافة إلى تواجدنا في المياه الدافئة المحيطة بالشعاب المرجانية. ونفضل خلال فصل الشتاء، حيث تكون المياه باردة، بأن نهاجر إلى المياه العميقة للتدفئة لننعم بالدفء، والذي يمكننا من ممارسة كافة شؤون حياتنا، مثل البحث عن الغذاء والتزاوج وزيارة أقاربنا. ولأننا أسماك مرحة نحب الحياة ونحب التفاعل مع بيئتنا المحيطة، فبمقدورنا العيش حتى نبلغ عمر الـ 8 سنوات في بحار العالم، كما أنه بمقدورنا العيش لنبلغ 12 عامًا أو أكثر في بيئة محمية، مثل حوض السمك في البيت.

نحن مخلوقات تملك شهية كبيرة، وطعامنا المفضل شقائق النعمان، تلك الكائنات اللافقارية من عائلة قناديل البحر. كما نتغذى على العوالق الحيوانية والعوالق النباتية والرخويات والقشريات الصغيرة، بالإضافة إلى الطحالب البحرية المختلفة.

ونفتخر بأننا من ضمن مجاميع الأسماك في مختلف بحار العالم بأننا نملك لغة تخاطب نتحاور بها فيما بيننا. وقد تتساءلون أعزائي القراء عن ماهية لغة التخاطب هذه؟ تتواصل أسماك المهرج عن طريق إصدار أصوات مميزة تعتبر مزيجًا من أصوات الفرقعة والنقر للتواصل فيما بينها.

وحيث إننا نعيش في مجتمع هرمي مرتب تحكمه القوانين الصارمة، سوف تجد الأنثى هي على قمة هذا الهرم من حيث المسؤولية، فهي تقوم بتوزيع كافة المهام على ذكورنا، والذين يقومون بوظائفهم الزوجية على أتم وجه. فذكور سمكة المهرج هم آباء مخلصون، حيث يقومون بتجهيز العش للإناث حتى يتسنى لهم وضع بيضاتهم، التي يتكفل الذكور بحراستها ويقومون كذلك بتنظيف العش من القاذورات.

ومن الأمور المثيرة للدهشة في مجتمعنا هو أن جميع أسماك المهرج تولد ذكورًا، فلديهم القدرة على تبديل جنسهم من ذكر إلى أنثى، ولكنهم لن يفعلوا ذلك إلا ليصبح أحد الذكور الأنثى المهيمنة في المجموعة. ويجب عليك عزيزي القارئ أن تعلم أن هذا التغيير في جنس سمكة المهرج يعتبر تغييرًا لا رجعة فيه. بمعنى آخر أنه عندما تموت الأنثى المهيمنة في المجموعة، يتحول الذكر المسيطر إلى أنثى، وذلك من أجل استمرارية نوعنا في بحار العالم.

ولقد حظينا على نصيب لا بأس به من الشهرة، وخاصة في مدينة هوليوود السينمائية. وقمنا بتجسيد أبطال الفيلم الأمريكي «العثور على نيمو»، والذي تدور أحداثه حول رحلة بحث سمك المهرج عن ابنه والذي تم اختطافه وضاع في الحيد المرجاني الكبير في المياه الإقليمية الأسترالية، ومن ثم إرساله إلى مدينة سيدني في أستراليا.

ودعونا نحدثكم عن علاقتنا التكافلية مع كائنات لا فقارية ذات صلة قرابة مع المرجان، ويطلق عليها «شقائق النعمان»، بسبب تشابه شكلها مع أزهار شقائق النعمان الجميلة المنظر. وتتركز هذه العلاقة بالمنفعة المتبادلة، حيث إنه تقوم شقائق النعمان بتوفير الحماية لأسماك المهرج من بقية الكائنات المفترسة الأخرى في البحر. وذلك بسبب امتلاكها لخلايا لاسعة في زوائدها. ولا تسبب هذه المخالب اللاسعة أي أذى لسمكة المهرج، وذلك بسبب الغشاء المخاطي الذي يغطي جسدها ويحميها من لسعات شقائق النعمان. وبدورها تتغذى شقائق النعمان على فضلات الطعام الذي نتناوله في حمايتها، مثل بقية الطحالب، وفتات الأسماك والمغذيات الأخرى. ورغم أنه هناك قرابة 1000 نوع من شقائق النعمان، فليست كلها على علاقة تكافلية معنا نحن أسماك المهرج. وفقط هناك أزواج معينة منا ومن شقائق النعمان على توافق مع بعضها البعض.

وفي الختام، هل أعجبتكم أعزائي القراء كم المعلومات الوفير عنا نحن أسماك المهرج؟