أشتاقُ كثيرًا
للحارةِ،
للجارةِ حينَ تُغنِّي قبلَ غُروبِ الشَّمسْ،
لأحاديثِ الفلَّاحينَ،
لنافذةِ البنتِ، وليلِ السُّمَّارْ!
***
أشتاقُ كثيرًا
للكُتَّابِ، لشيخي، للمقهى، للأبنيةِ المُنخفضةْ،
لفُطُورِ الصُّبحِ معَ العائلةِ،
لحلْقاتِ الذِّكرِ، ليومِ الجُمعةِ،
والزُّوَّارْ!
***
أشتاقُ كثيرًا
للنَّومِ على قشِّ الأرزْ،
لنصائحَ تنضحُ بالحكمةِ يا أبتِ،
لمُشاهدةِ رُعاةِ الأغنامِ بوقتِ القيلولةْ،
لعراكِ كلابِ السِّككِ،
لطينِ الشَّارعِ،
والأمطارْ!
***
أشتاقُ كثيرًا
لأوزٍّ يسبحُ في النَّهرِ
وليسَ يخافُ مِنَ المارِّينَ عليهِ
ويعرفُ كيفَ يعُودُ إلى البيتِ
بدونِ دليلٍ،
لحمامٍ
لمَّا رحلتْ أُمِّي
هجرَ المنزلَ يا أحبابُ
وطارْ!
***
أشتاقُ كثيرًا
لقطارٍ قَدْ عرَّفَني بفتاةِ الأحلامِ،
لطحنِ خزائنَ قمحٍ، لأضاحي العيدِ،
لأرملةٍ تتحدَّى الزَّمنَ الصَّعبَ؛
وتخطو ببنيها نحوَ الحُلمِ الهاربِ
في إصرارْ!
***
أشتاقُ كثيرًا
للطُّرقِ البِكرِ،
وللحضرةِ،
للمجذوبِ القادمِ مِنْ أقصى النُّورِ
ومِنْ أقصى النَّارْ!
***
أشتاقُ كثيرًا
للأسلافْ، لأسانيدِ الماضي،
ولمسقطِ رأسي، لحكاياتِ الجدَّاتِ،
لسيرتيَ الأولى،
للماءِ الأوَّلِ،
ولحملِ الأسفارْ!
***
أشتاقُ كثيرًا
أنْ تجمعَنا مائدةٌ واحدةٌ،
نتبادلَ مثلَ الأمسِ الأثوابَ بحُبٍّ،
نقفَ أمامَ الرِّيحِ العاصفِ صفًّا صفًّا..
مِنْ غيرِ فرارْ!
***
أشتاقُ كثيرًا
أنْ نبقى في أمنٍ وأمانٍ
حينَ نُفتِّحُ أبوابَ منازلِنا/ ونوافذَها،
نتحدَّثَ كيفَ نشاءُ
ولا نخشى إفشاءَ الأسرارْ!
***
أشتاقُ كثيرًا
أنْ أُصبحَ طفلًا
جاءَ إلى الدُّنيا للتَّوِّ خفيفًا؛
ونظيفًا
لَمْ يتلوَّثْ بالعصيانِ
ولَمْ يرتكبِ الأوزارْ! ■