الكائن ذو الأشواك
نحن من أقدم الكائنات الحية على كوكب الأرض. فمنذ 450 مليون سنة، وجدنا في بحار العالم، أي قبل وجود الديناصورات بحوالي 220 مليون سنة، أي قبل ما يعمر البشر الأرض. لدينا العديد من الأقرباء وأبناء العمومة، حيث يوجد هناك تقريبًا 950 نوعاً من أقربائنا منتشرون في بحار العالم قاطبة. كما لدينا مساكن عديدة في كل المحيطات وكل الموائل، ابتداء من المناطق الساحلية وحتى الأعماق السحيقة التي قد يصل عمقها إلى 5 آلاف متر.
أجسادنا الكروية الصغيرة ليست ناعمة، ولكن تغطيها الأشواك الهشة، لذلك تم تصنيفنا من كائنات شوكيات الجلد. قد يرانا بعض البشر كائنات مخيفة نظرًا للأشواك العديدة التي تغطي أجسادنا، إلا أن لهذه الأشواك وظائف عديدة تعود بالنفع علينا.
نحن نستخدم هذه الأشواك للدفاع عن أنفسنا، فهي بمنزلة سلاح فتاك، حيث تنتهي كل شوكة من أشواكنا بحويصلة تحتوي على سم قد يشكل خطرًا على البشر، ولكنه سم غير قاتل، ويتسبب ببعض الحكة والشعور بالضيق. فعلى مرتادي الشواطئ أخذ الحيطة والحذر من عدم الدهس علينا حتى لا يجرحوا أقدامهم، وحتى لا يصيبوننا بأية أذى. ولكن إن أصابتهم أحد أشواكنا، فيجب عليهم فورًا ان يزيلوها وأن يضعوا عليها بعض الخل حتى يُذيب هذه الأشواك السطحية، ويُطهر الجروح التي سببتها تلك الأشواك، وحتى يتم التخلص من بعض أنواع البكتيريا التي قد تتجمع في تلك الجروح.
ورغم أن البعض من مرتادي الشواطئ قد يرانا كائنات خاملة لا نتحرك كثيرًا، إلا أننا كائنات اجتماعية ونحب ممارسة الرياضة بصورة يومية. كما نحب التنزه بين صخور الشاطئ ونسبح في البرك الصغيرة المترامية هنا وهناك في المنطقة التحت ساحلية. كما أننا نستمتع بالتنقل من مكان إلى آخر بحثًا عن الطعام.
وربما تتساءلون أعزائي القراء أنه كيف لكائنات ليس لها أقدام بأن تنتقل وتمشي. نحن نستعمل سلاحنا الفتاك ليس فقط للدفاع عن النفس، ولكن للحركة كذلك. عندما نرغب بالتنقل، تساعدنا عضلاتنا القوية الملتصقة في قاعدة كل شوكة لتحريك هذه الأشواك بحركة واحدة متناسقة فيما بينها حتى تمكننا من المشي والتنزه في موؤلنا الطبيعي.
وقد يستغرب البعض من أنه كيف نقوم بكل تلك الوظائف وليس لدينا أية عيون أو أيدي أو أرجل لتمكننا من أداء مهامنا ككائنات بحرية على أكمل وجه، كما أنه ليس لدينا مخ أو عقل أو إدراك. والذي نملكه فقط شبكة أعصاب بسيطة على شكل حلقة عصبية تمكننا من الشعور بما يحيط بنا من كائنات، والتي إما قد تكون مصدرًا للغذاء، مثل الطحالب والقشريات وفتات أجساد الكائنات البحرية الميتة، أو قد تكون مصدر خطر يحدق بنا، ويأتي من أسماك الهامور والشعري وسمكة نابليون ذات الألوان الزاهية. ورغم أننا لا نملك جهاز تحكم رئيسي مثل المخ عند الإنسان، إلا أننا كائنات مهمة وعنصر أساسي في النظام الأيكولوجي البحري، ولدينا وظائف مهمة في مجتمعنا، حيث نساهم بالتخلص من الكائنات الميتة في بيئتنا عن طريق التغذي على فتات أجسادها مطبقين بذلك مفهوم إعادة التدوير في البيئة البحرية، فالإنسان ليس الكائن الوحيد على كوكب الأرض الذي يقوم بإعادة تدوير نفاياته. ورغم تكويننا الحيوي البسيط، إلا أنه نمتلك الكثير من المشاعر والعواطف وننتظر موسم التزاوج في شهر يونيو ويوليو من كل عام بفارغ من الصبر. حين ترتفع درجة حرارة ماء البحر كنذير بنضوج وخصوبة الغدد المسؤولة عن التزاوج في ذكور وإناث فئتنا، لإنتاج الأجيال القادمة ولضمان بقاء نوعنا في بحار العالم.
وتستمر أعمالنا وأنشطتنا التطوعية الإنسانية مع البشر، فنحن على تفاعل مستمر مع العلماء والباحثين من الذين يكرسون جل جهودهم لخدمة البيئة البحرية والمحافظة على استدامتها. وبالنهاية، هل علمتم يا أعزائي القراء أيًا من الكائنات البحرية نكون؟ نحن الكائنات الملقبة بقنافذ البحر، ولكن سكان الكويت يطلقون علينا العديد من الأسماء المحلية. على سبيل المثال عندما تكون أشواكنا قصيرة، فيسمون الفرد منا بالشيت. وعندما تكون أشواكنا طويلة يطلقون علينا لقب الرَّماي، لتبيين الفرق بين هذين النوعين الأكثر شيوعًا في بحر الكويت. طلبنا الأخير هو أن نتعايش مع الإنسان بسلام ووئام.