كائن بحري ذكي جدًا
اجتمع العلماء في رأيهم على أننا من أذكى الكائنات الحية، ومن أكثرها تميزًا في عالم البحار والمحيطات. دعوني أعرّفكم بنفسي. أنا كائن بحري من عائلة اللافقاريات وتحديدًا من الكائنات التي تسمى برأسيات الأرجل، وذلك لأن أطرافنا متصلة مباشرة برؤوسنا. وقد حصلنا على هذا اللقب من المصطلح اليوناني «سيفالوبود»، الذي يعني «رأس القدم».
نحظى بشعبية كبيرة بين مصادر الغذاء حول العالم، ولقد أصبح الطلب يزداد على رأسيات الأرجل مصادر للغذاء بسبب الانخفاض في أعداد الأسماك وتدهور المخزون السمكي في شتى بحار العالم، ونظرًا للقيمة الغذائية المتواجدة فينا، حيث نعتبر مصدرًا ممتازًا لأحماض أوميجا 3 الدهنية، والتي تعد من الدهون المفيدة لصحة القلب.
نحن من أكثر الكائنات تضحية من أجل صغارها، حيث تجتهد إناثنا في التضحية بحياتها من أجل حماية بيضها، خاصة أن الأنثى لدينا تضع من 400 إلى 500 ألف بيضة، وتتكفل في حمايتهم حتى أنها تتخلى عن الأكل بينما تركز على واجبها في حراسة البيض خوفًا من أن تتغذى بقية الكائنات البحرية على تلك البيوض. ويستغرق البيض ما لا يقل عن خمسة أشهر ليفقس، وبعد أن تفقس هذه البيوض تنتهي مهمة الأم وتموت من فرط التعب والإجهاد! مثلها مثل ذكور نوعنا والذين مجرد ما أن يتزاوجوا مع الإناث، تتسارع حياتهم نحو نهايتها متيحين بذلك مجالًا لجيل جديد من رأسيات الأرجل بأن يعيش ويتكاثر.
وهل تعلموا أنه إذا فقدنا أحد أطرافنا، فإنه لدينا القدرة على إعادة نموها من جديد! لقد حبانا الله بالقدرة على تجديد الأطراف التي فقدناها على سبيل المثال خلال معركة من المعارك مع بقية الكائنات المفترسة، وأطرافنا الجديدة عادة ما يكون نموها جيدًا وبكفاءة الأطراف المفقودة. وتتميز أذرعنا، بأن لها عقلاً خاصًا يحتوي على ثلثي الخلايا العصبية من مجموع الخلايا العصبية في جسدنا، وتمكن هذه الخلايا أذرعنا على التذوق، واللمس، وحتى التصرف من تلقاء نفسها ويتم كل ذلك من دون أية تدخل من دماغنا.
ونحن نمتاز بامتلاكنا لثلاثة قلوب في جسد واحد، حيث إن لكل قلب وظيفته الخاصة. اثنان من هذه القلوب يقومان بضخ الدم إلى خياشيمنا، وأما القلب الثالث فيقوم بالمحافظة على تدفق الدورة الدموية إلى بقية أعضائنا، كما يتميز هذا القلب بأنه يتوقف عندما نسبح! من أجل ذلك نحن ككائنات بحرية نفضل الزحف على قاع البحر لا السباحة، لأنها تشعرنا بالتعب.
نحن كائنات غير اجتماعية وتفضل العزلة والعيش المنفرد، حيث نبني أوكارًا من قطع الصخور الصغيرة أو من بقايا الأصداف البحرية الملقاة على قاع البحر. كما نعتبر مهندسين معماريين بارعين، حيث بإمكاننا صناعة أبواب محكمة لأوكارنا من الصخور البحرية والتي نوصد بها منازلنا لنعيش فيها بأمان.
كما نتميز بذكائنا، فقد ترانا نستخدم قشرة جوز الهند كمنزل متنقل نرتاح فيه عندما نقوم في جولاتنا اليومية عن طريق تجميع النصفين مع بعض وجلوسنا في داخلها للراحة. وعندما أخضعونا موظفو المتحف المائي للمراقبة والدراسة، لاحظوا أننا نحل الألغاز بطريقة منتظمة، مثل التنقل في مسارات ومتاهات وضع بها بعض العوائق والتي تطلبت منا التفكير في كيفية اجتيازها.
ويعتبرنا البعض مخلوقًا شديد السميّة، لأن القاطنين منا في المياه الأسترالية والذين يتميزون بحلقات زرقاء يعتبرون أحد أكثر الحيوانات البحرية سميّة في العالم؟ ورغم أن طولهم يبلغ من 5 إلى 8 بوصات فقط، إلا أنهم يحملون سمًا يكفي لقتل 26 شخصًا بالغًا، وهو أكثر سمية بـ 1200 مرة من مركب السيانيد الشديد السمية.
هل عرفتم أي نوع من المخلوقات نحن؟ نحن الكائنات التي يطلق علينا اسم الأخطبوطات ومفردها أخطبوط. لدينا رؤوس منتفخة، وعيون كبيرة، وثمانية أذرع مفيدة للغاية نستخدمها في شتى المهام الملقاة على عاتقنا، مثل صيد الفرائس، وفتح الأماكن المغلقة، والتثبيت أو السباحة في التيارات المائية القوية... إلخ من الوظائف. وحصلنا على اسمنا من الكلمة اللاتينية «أكتوبوس»، وهذه الكلمة مركّبة من مقطعين، الأول «أوكتو» ويشير إلى الرقم ثمانية، والثاني «بوديس» ويعني الأقدام. لذلك فاسمنا يعني ذي الأقدام الثمانية.