إلى أن نلتقي أنور الياسين
إلى أن نلتقي
عن الموز والدجاج والوطن عن الموز والدجاج والوطن أعرف أن قشرة الموز يمكن أن "تزحلق " الإنسان وأن تدق عنقه، ولكنها أعجز بالتأكيد عن دق أعناق الدول. وأعرف أن الدجاج يمكن أن يغزو المعدة والأحشاء ليستقبل بمثل الحفاوة التي استقبل بها أهل هاييتي وأهل الكويت أيضا القوات الأمريكية، ولكن الدجاج لا يمكن أن يتحول إلى قوات غزو تقام المتاريس وتغلق الحدود لمنع دخولها. وأعرف أن الوطن هو أكبر بالتأكيد من كل دجاج الأرض وموزها وقثائها. مع ذلك، فإن ما يجري على الساحة العالمية يجعلني أشك في هذه المعرفة وفي هذه القناعات الراسخة تحت فروة رأسي. خذ مثلا الموز، قالت مجلة "تايم" الأمريكية، إن الموز يهدد اتفاقية الجات الدولية لتسهيل التجارة بين شعوب الأرض، وكشفت أن هناك حربا عظيمة تدور سرا وعلنا داخل القارة الأوربية من ناحية، وبينها وبين أمريكا الشمالية والجنوبية من ناحية ثانية. كيف؟. الإنجليز، حفاظا على مصالح مستعمراتهم السابقة من جمهوريات الموز، ومعهم الفرنسيون، يطلبون تحديد "كوتا" لصادرات الموز إلى بلادهم، بينما الألمان الذين يستهلك الفرد منهم ما يزيد على عشرة كيلوغرامات سنويا من الموز يرفضون التضييق على أمعاء مواطنيهم، ويطلبون فتح السوق أمام جميع أمم الموز، بها فيها الموز الصومالي من الحجم المعروف. أما في أمريكا، فإن "هاواي " التي لا تملك إلا ما نراه في أفلام السينما من شجر الموز، وهو قليل، تقدمت بالتحالف مع جمهوريات الموز التي تستوطنها الشركات الأمريكية، بشكوى تعتبر أن منع الموز من دخول فرنسا وبريطانيا يتناقض مع اتفاقية الجات، وإذا بدأ الأمر بالموز، فإنه قد ينتقل إلى الفستق والخيار والقثاء.. والاتفاقية تسقط (!). هذا على جبهة الموز، أما على جبهة الدجاج، فإن الولايات المتحدة تخوض حربا ضارية ضد حلفائها وأصدقائها، خاصة في السويد والنرويج، لأنهم "يتحفظون " على استيراد الدجاج الأمريكي، بعد أن أثبتت مراكز الأبحاث الأمريكية نفسها، أن هناك نسبة عالية من "السلامونيلا" القاتلة تستوطن ذلك الدجاج. أصحاب الدواجن الأمريكية، ولديهم لوبي قوي في الكونغرس الأمريكي أطلقوا تهديداتهم مباشرة، ورفعوا شعار "ذبح في أمريكا" لتأكيد "قومية" الدجاج المذبوح. و... ما أكبر الوطن (!)
|
|