المفكرة الثقافية

المفكرة الثقافية

  • ندوة: المراكز الثقافية الأجنبية ودورها في تواصل الحضارات

تشكل المراكز الثقافية الاجنبية المنتشرة في العالم الثالث والعالمين العربي والإسلامي على وجه الخصوص حضورًا لافتًا وتلعب أدوارًا عديدة تواجه بالتأييد حينًا وبالمعارضة أحيانًا إلى درجة تصل إلى أن يتهمها البعض بأنها تنفذ أجندة الدول القادمة منها، وفي هذا الإطار نظم منتدى النهضة والتواصل الحضاري بالخرطوم حلقة نقاش بعنوان: المراكز الثقافية الأجنبية ودورها في تواصل الحضارات وذلك لأهمية هذه المراكز الثقافية الأجنبية في البلاد العربية بتنوعها واختلافها، وللأثر الكبير لها في مجال العمل الثقافي والتعليم والتواصل بين السودانيين ودول هذه المراكز، ويوجد بالسودان من هذه المراكز على سبيل المثال لا الحصر، المجلس البريطاني والمركز الثقافي الفرنسي والألماني والروسي والإيراني.

وقد تحدث في الندوة صديق المجتبى مدير الهيئة القومية لرعاية الثقافة والفنون ورئيس لجنة الإشراف على المراكز الثقافية ملقيًا الضوء على النشأة التاريخية لهذه المراكز، واصفًا إياها بأنها نشأت للتواصل الحضاري، باعتبار أن السودان له موقع استراتيجي، وحدثت فيه تحولات حضارية منذ دخول الإسلام وقيام الممالك الإسلامية، مرورًا بما يسمى الاستعمار العسكري، وقد أضاف مجتبى أن السودان حظي بعدد من المراكز الثقافية، ولا يخفى دور هذه المراكز في نشر الثقافة والتقنيات الحديثة في التعليم وتوفير الكتب.

ورأى مجتبى أن دور هذه المراكز كان من الضروري ان يقوى بعد حوادث 11 سبتمبر لتصبح ذات دور محايد في العملية الثقافية، وقال: «أحداث سبتمبر أحدثت مشكلة في عمل تلك المراكز التي تأثرت بما ينشر في الغرب وكان يجب عليها أن تلعب دورًا كبيرًا في تصحيح تلك الصورة ، وهذا لايعني أن نعفي أنفسنا من المسئولية».

ورأى مجتبى أن كثيرًا من الدول الإسلامية غير قادرة على توصيل ثقافتها للآخر في حين أن بعض المراكز يغلب عليها جانب الانتقائية حيث يتم التمويل وفقًا لأجندة خاصة.

وقال إن هذه المراكز لها أهمية في تطوير العلاقات الاجتماعية وتأثيرها يظهر في تسهيل المعرفة وتبادل اللغات الأجنبية، مشيرا إلى أن المركز البريطاني يعتبر من أقدم المراكز الثقافية في السودان حيث لعب دورًا مقدرًا فى نقل الثقافة السودانية للدول الأجنبية وكان له دور كبير في نشر الثقافة والتقنيات الحديثة وسهل من عمليات ذهاب البعثات إلى بريطانيا إلا ان ذلك الحضور يقابله مردود ضعيف من الطرف الآخر.

وسرد مجتبى لمحة تاريخية عن المراكز الثقافية في العالم الإسلامي والسودان موضحًا أن أحد الخلفاء العباسيين أنشأ بيت الحكمة ليكون معبر التواصل مع الأمم وتتم به الترجمة وكانت هناك بعض المراكز في إسبانيا، أما السودان كدولة حضارة قديمة فإن بعض البعثات تشير إلى أنه عرف التواصل منذ أزمان بعيدة وكذلك في عهد السلطنة الزرقاء، مشيرًا إلى أن المراكز تقوم بعملية التواصل والتفاعل بين الأمم المختلفة.

وطالب المجتبى بأن تساعد تلك المراكز في تغيير الصورة النمطية عن السودان بألا تلتزم الصمت أو تتماهى مع سياسات بلدانها مثل مسألة دارفور - مثلًا - فنحن لو شهدنا لأنفسنا فشهادتنا عندها ستكون مجروحة ولو شهدوا لنا هم فستكون الشهادة حينئذ مقبولة.

ودعا مجتبى إلى أن يكون هناك عمل مشترك بين المراكز الثقافية الاجنبية والمراكز الثقافية السودانية، وألا تتأثر هذه المراكز بالعلاقات السياسية بين الدول، وأن تزول العقبات التي تعوق عمل هذه المراكز الثقافية التي قال إن الجهات المختصة عاكفة على تذليلها، وقال: «قمنا بعمل لائحة جديدة وقانون جديد ينظم هذا العمل، ونأمل في المزيد من التعاون والحوار لتعزيز العلاقات».

وقد قدم الورقة الثانية يوسف ريتشارد وايرس مدير المجلس البريطاني، حيث قال فيها: «نحن نسعى لتقوية الثقة بين الشعوب، وأشار إلى أن استقرار العلاقات الرسمية يمكن هذه المراكز من أداء دورها ونشر ثقافتها، ونأمل أن تتم العلاقات وتعاملات الدول فيما بينها بطرق إيجابية».

وأضاف: «نحن لنا التزام اخلاقي بتقديم ومنح المساعدات الخيرية، والعلاقات الثقافية وعلاقات تعامل وبناء الثقة بين الشعب السوداني وشعب المملكة المتحدة».

ونفى وايرس أي علاقة لهم في المجلس البريطاني بالسياسة حيث إنهم يقومون بتقديم الفرصة لمساعدة الشعوب للدخول في حوار، مبينًا أنهم ينجذبون إلى الشعوب الأخرى لتسويق منتجاتهم في اللغة والفنون وهذا يضمن أمان بريطانيا على المدى الطويل، وأن هدفهم بناء الثقة بين دولتهم والسودان وبناء علاقات للاخير مع الدول الغربية والمجتمع الدولي على وجه العموم.

وفي ختام حديثه كشف عن قيام مشروع الحوار الحضاري في إفريقيا الذي يسعون من خلاله لتوحيد أصوات المسلمين في أفريقيا للبدء في حوار مع المملكة لتعزيز الاحترام المتبادل بين الطرفين.

وأكد السموأل خلف الله القرشي وزير الثقافة السوداني أن المجلس البريطاني بالسودان تربطه علاقات ثقافية كبيرة مع وزارة الثقافة فالنشاط الذي يقوم به المجلس يمثل بداية علاقات طيبة مع الجماعات الثقافية السودانية، مشيرا إلى أن وزارته ترحب بنشاط المراكز الأجنبية لتبادل ونشر الثقافة السودانية والأجنبية.

وفي مداخلته قال الأمين العام لمنتدى النهضة والتواصل الحضاري د. عصام أحمد البشير: «نحن ازاء التواصل الحضاري لدينا بعض المسارات، مسار الفكر المنكفئ على الذات والمنغلق على النفس الذي يعيش في عزلة تامة، وهناك من يتحول التواصل عنده إلى حالة من الذوبان الذي تنتفي معه الخصوصية الثقافية أو الهوية الحضارية»، مشيرًا إلى أن المنهج الوسط يقتضي التفاعل بلا ذوبان وخصوصية بلا انغلاق، وهذه هي المعاني المفقودة.

وأكد البشير أن على الجميع تعزيز المشتركات مبينًا وشارحًا أبعاد لفظة «لتعارفوا» التي ورد ذكرها في القرآن الكريم في الآية يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ .

وقال الشاعر خالد فتح الرحمن الملحق الثقافي السوداني بلندن سابقًا إن بريطانيا تحتاج إلى السودان وهو يحتاج إليها وذلك في إطار العولمة، مضيفًا أنه كان مسئولًا عن الملف الثقافي ببريطانيا وحينها وصلت العلاقات بين الدولتين إلى درجة الصفر ولم ترتفع إلا عن طريق الثقافة وهو البعد الوحيد الذي كان حيًا، موصيًا بضرورة الجدية في التعامل مع تلك المراكز الثقافية الأجنبية.

فيما طالبت نادية جفون السفيرة بوزارة الخارجية المراكز بالخروج للولايات والأطراف وألا تكون انتقائية في تقديم خدماتها، مشيرة إلى أن الدور الثقافي أصبح قوة كبيرة في المجتمع السوداني لأن الثقافة تلعب دورًا في تواصل الحياة بين الأمم. وأضافت جفون: لدينا مراكز ثقافية سودانية خارج السودان لذلك يجب أن يكون هناك تواصل ثقافي مع كل الدول ولدينا معرض للمنتجات السودانية في الخارج ، وقد لمسنا الدور الإيجابي الذي لعبته في تقديم الثقافة والحضارة السودانية.

الخرطوم
محمد خليفة صديق

  • مؤتمر: إعادة اكتشاف أيقونات الأقباط

يولي مركز الخطوط بمكتبة الإسكندرية الحقبة القبطية من تاريخ مصر اهتمامًا بالغًا، فيدرس ثقافتها وفنونها في محاولة لتوثيقها، وتأكيد تأثيرها في نسيج الثقافة المصرية بشكل عام.

وبالتعاون مع المجلس الأعلى للآثار وجمعية الآثار القبطية عقد المركز أخيرًا مؤتمرًا دوليًا تحت عنوان «الحياة في مصر خلال العصر القبطي: المدن والقرى، رجال الدين والعامة»، وتضمن عدة محاور غطت: تاريخ الحقبتين: البيزنطية، والقبطية وآثارهما، والفنون في مصر القبطية، واللغة القبطية، وعمليات الترميم باستخدام: الأخشاب والمعادن والنسيج، وإبداع الأيقونات ورسم الجداريات، وتطوير الأماكن السياحية، والبيئة والعمارة، والدراسات المقارنة بين الحقبتين الفرعونية والقبطية.

امتد المؤتمر ثلاثة أيام واشترك فيه نحو 120 باحثا من مختلف أرجاء العالم، ومن أبرزهم: بروفيسور بيتر جروسمان؛ أستاذ علم القبطيات ورئيس المعهد الألماني للآثار، ومن مصر: الدكتور عبدالحليم نور الدين، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، الذي تناول في بحثه القبطية كمرحلة من مراحل اللغة المصرية القديمة، وأحمد منصور رئيس وحدة اللغة المصرية القديمة بمركز الخطوط الذي تعرض للطباعة القبطية في مصر وتاريخ نشأتها، ورصد الدكتور لؤي محمود سعيد، منسق عام المؤتمر، ومدير مشروعات مركز الخطوط بمكتبة الإسكندرية كيفية استخدام رمزية الصليب بين القبائل المسلمة في الصحراء المصرية الليبية، وبين المنطقة الصحراوية الواقعة بين غرب نهر النيل في مصر والممتدة حتى السلوم وهى المنطقة التى تتميز بوجود العديد من التجمعات البشرية، وبخاصة في الواحات التى تتوافر بها مصادر المياه الوفيرة.

ولأن الأيقونات تمثل جانبًا مهمًا من جوانب الفنون والحضارة القبطية بوجه خاص والحضارة المصرية بوجه عام، فقد خصص لها ميشيل صبري، الباحث بكلية الآثار جامعة جنوب الوادي، ورقته التي تحمل عنوان «أشهر مصوري الأيقونات في مصر»، فأشار للأهمية الفنية والتاريخية والدينية للأيقونات التي تعد حقلا خصبا لما تتميز به من ثراء وتنوع في عناصر مكوناتها، إذ تجمع بين الألوان والصبغات، من ناحية، وبين أنواع الأخشاب والنسيج والوسائط اللاصقة، من ناحية أخرى.

تناول البحث السمات الفنية للأيقونات القبطية والأساليب الفنية المتبعة في تنفيذها وألقى الضوء على أهم مصوري الأيقونات القبطية في مصر وبخاصة في القرنين: 18و19 الميلاديين، ومنهم: لوقا الإنجيلي، أقدم من نبغ في فن التصوير، والأنبا مقاره البطريرك التاسع والخمسون 931 950 م، وأبو يسر بن يلج، من مصوري القرن الثامن عشر، والأنبا غبريال التاسع، ويوحنا الناسخ، وبغدادي أبو السعد في القرنين السابع عشر والثامن عشر، ويوحنا الأرمني في القرن الثامن عشر، وانسطاسي الرومي الذي كان يعاصر الأنبا البطريرك كيرلس الخامس.

ولم ينس المؤتمر «الاحتفالات القبطية بأعياد القديسين» التي أشارت إليها الدكتورة أليس إسكندر بشاي، أستاذ الاجتماع والأنثروبولوجيا بجامعة كفر الشيخ، وتركزت على هذه الظواهر كما تتبدى في الموالد والاحتفالات الشعبية ذات الجذور في العصر المسيحي المبكر، فهي ترجع إلى القرون الأولى للمسيحية في مصر، وقد تحدث عنها البابا اثناسيوس الرسولي وهو يحذر راهبات أحد الأديرة من التأخر عن حضور الاحتفال بعيد الشهيد.

أما ورقة الأنبا مارتيروس فقد كان عنوانها «تاريخ بطاركة الكرسي الإسكندري للأنبا يوساب، أسقف توه» بمحافظة كفر الشيخ، وهو أحد الأساقفة المشهورين في الكنيسة القبطية ، قام بكتابة سير البطاركة ، البابا كيرلس الثالث «ابن لقلق» البابا رقم 75، والبابا أثناسيوس «ابن كليل المصري» البابا رقم 76، والبابا غبريال الثالث البابا رقم 77 وذلك من عام 1235م إلى عام 1263م . ومن واقع أرشيف الفاتيكان جاءت ورقة الدكتور أيمن محمود تقرأ في المراسلات بين المعلم غالي وبابا روما، لبيان موقف الأقباط منها، يكشف الباحث في مطلعها كيف أن المعلم سرجيوس غالي تبوأ مكانة اجتماعية وجيهة بين الأقباط في مصر في بداية القرن التاسع عشر، نظرًا لموقفه الإيجابي هو وطائفته من تولي محمد علي باشا حكم مصر، فنال المعلم غالي ثقة الباشا، وجعله محمد علي مستشارًا له، ومسئولًا عن الإدارة المالية، مما منح الأقباط حقوقًا وامتيازات لم تكن لهم من قبل في العصر العثماني.

وتأتي دراسة الدكتورة هالة السيد ندا حول مجموعة العملة البيزنطية المحفوظة بمتحف طنطا بهدف إلقاء الضوء على هذه المجموعة الصغيرة وتحديد مصادرها ودور سكها مع مقارنتها بما عثر عليه في الإسكندرية من عملات، على اعتبار أن دراسة العملة من أهم العلوم التي تلقي الضوء على جانب مهم من الممتلكات الثقافية التي تفيد في دراسة تاريخ الشعوب وحياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية والفنية والدينية، وإلقاء الضوء على علاقاتها الدولية عبر العصور. ومن هذا المنطلق جاءت فكرة دراسة مجموعة العملة المحفوظة بمتحف مدينة طنطا والتى يرجع تاريخها إلى العصر البيزنطى، نظرًا إلى تميزها وتنوعها حيث يبلغ عددها أربع عشرة قطعة: تسع من الذهب وثلاث قطع من البرونز وقطعة واحدة من الفضة.

وتطوف الدكتورة مرفت ثابت صليب، مدير عام مكتب رئيس قطاع المشروعات بالمجلس الأعلى للآثار، حول كنائس منطقة الفسطاط، وهي تشير إلى الفتح الإسلامي لمصر عام 641م، الذي ازدادت فيه الأهمية الإستراتيجية للمنطقة، وتؤكد أن العهد الفاطمي شهد ازدهارًا بالنسبة لمصر القديمة فقد تم خلاله تأسيس العديد من الكنائس، لتدخل المنطقة بحلول القرن الثاني عشر إلى دائرة الإهمال، ليعود الفن المعماري في أوائل القرن الثامن عشر إلى التألق ويسهم في تطوير طابع المنطقة كدير كبير وسط المدينة لاتزال أجزاء منه قائمة إلى يومنا هذا.

الإسكندرية: مصطفى عبدالله

  • احتفالية: الرَّيحانيّات في سانت بيترسبرغ

نظَّمت أكاديمية العلوم التربويّة الروسية في سانت بيترسبرغ برنامجًا احتفاليًا بمناسبة الذكرى المئوية لكتاب الرَّيحانيّات الذي يُعتبَر الكتاب التأسيسي لفكر الرَّيحاني وفلسفته. وتضمّن البرنامج محاضرة للبروفيسور بوريس تشيكوف تناول فيها أبرز المحطّات الفكرية والأدبية للرَّيحاني ارتكازًا على كتاب الرَّيحانيّات الذي تصَدَّره شعار الرَّيحاني «قُل كلمتك وامشِ»، والذي أطلقَت على أثره الصحافة العربية، خاصّة المصرية منها، لقب فيلسوف الفُرَيكة على صاحب الكتاب. وتبع المحاضرة أمسية موسيقية تخلّلتها قراءات أدبية وشعرية مختارة للرَّيحاني وعزفت فيها جوليا دراغينا مقطوعات لبتهوفن وباخ وموزارت. واختتم الاحتفال بعرض لشريط من الشرائح الضوئية تلقي الضوء على أعمال الرَّيحاني العربية والإنجليزية وعلى أبرز الترجمات العالمية لنتاجه. حضر الاحتفال أساتذة أكاديمية العلوم الروسية وطلابها وعدد من أعضاء الهيئات الأكاديمية الروسية الأخرى والجمعيات الأدبية والثقافية وممثلون عن السلك الدبلوماسي والقنصلي العربي والأجنبي المقيم في سانت بيترسبرغ. تجدر الإشارة إلى أن احتفالًا مماثلًا أقيم في موسكو في مكتبة باسترناك بمناسبة الذكرى المئوية لكتاب الرَّيحانيّات، وذلك خلال ربيع هذا العام.

  • مسرح: الجزائر تحتضن الأيام المسرحية المغاربية الثالثة

على مدى خمسة عشر يومًا في الفترة الممتدة مابين 12و26 يوليو 2010م، عاشت مدينة باتنة شرق العاصمة الجزائرية، على إيقاعات أبي الفنون، وذلك في إطار الأيام المسرحية المغاربية في طبعتها الثالثة، والتي نظمت تحت إشراف وزارة الثقافة. تضمن برنامج التظاهرة عروضًا من مختلف المسارح في المغرب العربي، كما نظمت عدة ورشات تكوين استفاد منها ما يزيد على مائة طالب من الهواة والمحترفين في فن التمثيل، وتخلل هذه الأيام تنشيط ندوات علمية من قبل عدد من الباحثين والأساتذة المتخصصين في المسرح من بينهم: الدكتور عبدالمجيد فنيش من المغرب الأقصى، والباحث سامي الناصري من تونس، والدكتور معيوف عمّار، والباحث عمرون نور الدين من الجزائر. كما تم تكريم بعض الوجوه المسرحية المغاربية ممن أسهموا في تطوير التجربة المسرحية في المغرب العربي من مختلف الولايات الجزائرية المعروفة بمسارحها العريقة مثل: وهران، وعنابة، وقسنطينة، من بينهم: حليمة بن إبراهيم، وبوبير الصالح، وعيسى مولفرعة، ومن بين المكرمين من تونس المسرحي المتميز منصف السنوسي، ومن المغرب كُرِّم الدكتور عبدالمجيد فنيش.

بعد حفل الافتتاح انطلقت فعاليات هذه الأيام بتقديم مسرحية: «حدوتة ممثلة» لفرقة مسرح المبادرة من المغرب الأقصى، من إعداد وإخراج عبدالمجيد فنيش الذي اقتبسها من نص للمؤلف المغربي عبدالحق الزروالي، وقد تناول هذا العرض المتميز حياة ممثلة كبيرة قضت حياتها مخلصة للمسرح، ما إن تفرغ من دور في مسرحية، حتى تبدأ التفكير في الدور القادم، وبعد أن مثلث لفترة طويلة، وشخصت أعقد الأدوار، وتقمصت العشرات من الشخصيات ذات التركيبة التراجيدية، يتبدى لها أن مشكلتها هي مشكلة استقلالية، يعود سببها إلى المخرجين الذين تعاملت معهم، حيث إنهم لم يروا فيها كيانًا مُستقلًا لها سمات خاصة يُمكن أن توظفها بنفسها، بل قيدوا حريتها واعتبروها مجرد عجينة يصنعون بها ما يشاءون، وبعد فترة تنتابها حالة اغتراب تشعر فيها بأنها قد فقدت ذاتها، وأضحت صورة طبق الأصل للشخصيات التي جسدتها طوال مشوارها على خشبة المسرح، وفي إحدى الليالي تنتفض، وترفض التمثيل احتجاجًا على تهميش ذاتها، وذلك بعد حضور عدد كبير من الجماهير، ما جعل مدير الفرقة المسرحية يقع في حرج كبير، ومن هنا ينطلق في حوار معها بغرض إقناعها بضرورة أداء الدور المُتفق عليه، مؤكدًا لها أن الجمهور قد جاء خصيصًا من أجل مشاهدتها، وبفضل ذكاء مدير الفرقة فإنه ينجح في استمالتها وتغيير موقفها الرافض للتمثيل، وتدخل خشبة المسرح وهي في غاية الارتباك، وبعد فترة تصاب بنوبة قلبية خلال أدائها للعرض، ليظل الجمهور الذي أحبها يتساءل عنها، هل فارقت الحياة، أم واصلت التمثيل..؟

وقد جسدت هذا الدور الممثلة المغربية «كنزة فريدو» فأجادت أيمًا إجادة في الأداء، وكان إخراج المسرحية مُوفقًا إلى أبعد الحدود، حيث وظف المخرج تقنية التمثيل داخل التمثيل، ومنحنا متعة المشاهدة، ومتعة الاستماع، وكل منهما من العناصر الرئيسة لنجاح أي عرض مسرحي، كما أحسن استغلال الفضاء الركحي، إضافة إلى تقنية الحكي التي عمد إليها المخرج من خلال شخصية الراوي الذي قام بالربط بين مختلف المشاهد مُدعمًا ربطه بأداء غنائي مباشر، وقد ركز المخرج على رمزية الفضاء، ووزع الأدوار والأمكنة من خلال الإنارة، وامتدت مساحة العرض لتشمل القاعة ككل بتسليط الضوء على شكل جوانب وبقع يفصل بينها السواد، وذلك بغرض إبراز تحولات الزمن، والتدليل على الانتقال من مكان إلى آخر، وفي ختام هذا العرض عبر المخرج عبدالمجيد فنيش، وأعضاء الفرقة عن إعجابهم الكبير بالجمهور الذي تفاعل مع المسرحية.

ومن العروض التي قُدمت طيلة نصف شهر مسرحية تحت عنوان «لالات النساء» للمسرح الوطني الجزائري محيي الدين بشطازي، وهي من تأليف إبراهيم بن عمر وإخراج دليلة مفتاحي، كما قُدمت مسرحية «بلاوي الصدف» من تأليف وإخراج الفنان حميد قوري من المسرج الجهوي لمدينة عنابة، في حين قدمت فرقة المسرح الجهوي لبجاية مسرحية «رجال يا حلالف» من اقتباس عمر فطموش عن مسرحية تحمل نفس الاسم للمخرج الراحل مالك بوقرموح. كما شهدت التظاهرة عروضا مسرحية أخرى مثل «شظايا» لمسرح سيدي بلعباس، اقتباس يوسف ميلة وإخراج أحسن عسوس، و«البصيص» للمسرح الجهوي لأم البواقي، تأليف وإخراج دين الهناني محمد، بالإضافة إلى مسرحية «الرحيل» لفرقة مسرح معسكر، اقتباس وإخراج بالعالم أحمد، ومسرحية «الحلوة» للمخرج خالد شنان ، من أداء فرقة روسبينا للإنتاج الفني بالمنستير بتونس، ومسرحية «لعبة الزواج» للمخرج عزري غوثي من المسرح الجهوي لمدينة وهران، ومسرحية «خيال الظل» التي قدمها أعضاء فرقة المسرح الجهوي لمدينة سكيكدة، وهي من إخراج بوزيد شوقي، ومسرحية «الرقصة الأخيرة» للمسرح الجهوي بباتنة، وهي من تأليف الدكتور العربي بولبينة، وإخراج لحسن شيبة، ومسرحية «خيوط العشقة» للمركز الوطني للفنون الدرامية والركحية لمدينة الكاف.

وفي اليوم الأخير، كان مسك الختام مع مسرحية: «قف حدود» للمخرج كمال كربوز من المسرح الجهوي لعنابة، وقد قُدمت هذه المسرحية عوضًا عن مسرحية «صور في الذاكرة» للمسرح الوطني ببنغازي بليبيا.

الجزائر
محمد سيف الإسلام بوفلاقة





كبار الضيوف في مقدمة الحضور بأنشطة المراكز الثقافية





جانب من المؤتمر





ملخصات الأبحاث





أمين الريحاني