البيوت جار الله الحميد

البيوت

ثلاث قصص قصيرة جداً
بنت الجيران

كان الباب مقفلا. والبنت تعلقت بالباب. أقول لها: إنهم غير موجودين بالتأكيد. فتنهرني باكية: بلى. إنهم بالداخل. إنهم مصريون. أقول لها: أعرف أنهم مصريون (مع أنني لا أعرف) ولكنهم غير موجودين. فتصيح بي مكررة نفس الكلام. كان المطر يدق الأبواب بعد أن غسل الشارع، ثم خلف فيه بحيرات صغيرة. واستمر بضرب الأسفلت. أمسكت بيدها. قلت لها: عندما يتوقف المطر تذهبين إليهـم. إن أهلك قلقون. قالت: من قال لك ذلك؟. قلت: هم جيراني فكيف لا أعرف؟ (ثم تذكرت أنني لم أرهم منذ شهور طويلة - منذ أن صرنا جيرانا- إلا عند باب العمارة. داخلين أو خارجين) قالت لي وهي تمسح دموعها بكمها: إن أهلي نائمون الآن. ولن يستيقظوا إلا في الظهـيرة.

شاي

جلسنا متقابلين على الطاولة التي يحط عليها الذباب بكسل. ويطير ببطء. قال (كاف)- وهذا هو اسمه المستعار: هل تبعد (تبوك) كثيرا من هنا؟. قلت مخمنا: لا. ربما مائتي كيلومتر. فتضايق مفتعلا الاغتباط: زين. صلحوا السيارة! قال (كاف) وهو يزفر: ولكن مائتي كيلو متر كثيرة قلت: ماذا نفعل هل تطلب من تبوك أن تقترب؟ قال غير آبه لسخريتي: وكم تبعد (معان) عن تبوك؟ قلت بآلية: حوالي ثلاثمائة كيلومتر. نظر إلى ساعته. ثم وضع يده على جانب صدره الأيسر مستمعا بحرص. ابتسم للمرة الأولى. نفض ذبابة كسولة من على الطاولة. وقال: هيا ينا. نشرب الشاي الطيب في (معادن) يا ولد!

ظلام يشبه البحر

حاولت أن أنزل السلم. لكن الظلمة رهيبة ومفزعة. وضعت قدمي اليمنى على أول عتبة. سحبتها بسرعة إذ كدت أن أهوى. دق قلبي بسرعة حتى صار رأسي يهتز. وضعت المفتاح بالباب. ألقيت نظرة على بحر الظلام الرهيب. دخلت إلى الشقة. وأضأت الأنوار. لم أشعر بالدفء. إنني وحيد وخائف. فماذا أفعل؟ رمقت التلفون بنظرة جانبية. أجرب؟. لا فائدة جلست بملل وحزن. لو كانوا وضعوا (لمبة) لنزلت إلى الشارع وتدبرت أمري. المشكلة أن رجلي اليمنى أقصر من الأخرى. لهذا لا أستطيع ضبط توازني. ولو وقفت لانقطع نخاعي الشوكي. ومت!. مثل خالي!

 

جار الله الحميد

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات