الإنسانية البازغة.. د. أحمد أبوزيد
الإنسانية البازغة.. د. أحمد أبوزيد
يتميز الجنس البشرى على غيره من الأنواع والكائنات بالقدرة على الخلق والإبداع، والتكيف مع مايحيط به من أوضاع متغيرة وظروف متقلبة، مما ساعده خلال تاريخه الطويل على السيطرة على قوى الطبيعة والتحكم فيها، واستغلالها لتحقيق أهدافه في إبداع وصنع حضارة تعكس رغبته في التقدم وبلوغ مراتب جديدة، والارتقاء طيلة الوقت في سلم تلك الحضارة التي هي صناعة إنسانية بكل معاني الكلمة. ربما كان خير وأبسط مثال على ذلك هو اكتشافه لقوة النار التي كان استخدامها بداية لقيام معظم ما توصلت إليه الإنسانية من تكنولوجيات معقدة، أدت بدورها إلى خلق عالم جديد كما ساعدت الإنسان نفسه وهو صانعها ومبدعها على الاستمرار في الوجود والبقاء. ولكن ربما كان الأهم من هذا كله هو رغبة الإنسان وجهوده الدائمة والمتواصلة للتفوق على نفسه حتى يحقق درجة عالية من التميز تجعل منه إنسانا فائقا بامتياز أو سوبرمان، وذلك عن طريق العمل على صقل مواهبه وقدراته الذهنية والفيزيقية والوجدانية على السواء، بطريقة عقلانية واعية وهادفة، ورؤية واضحة بقدر الإمكان للمستقبل القريب والبعيد. وكما يقول الكاتب الفرنسي الكبير ألبير كامي Albert Camus: «الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يأبى أن يظل على ماهو عليه». هذه الجهود المتواصلة التي بذلها الإنسان خلال تاريخه الطويل، وما نتج عنها من إنجازات علمية وتكنولوجية رهيبة تضعه الآن على مشارف مرحلة جديدة تتمثل، ليس فقط في تطويع هذه التكنولوجيات لخدمة أغراضه الخاصة عن طريق استخدامها بكفاءة، ولكن أيضا في نجاحه في السنوات الأخيرة في زراعة بعضها داخل جسمه حتى تزيد من قدراته الجسدية والفكرية على اكتشاف مزيد من أسرار الكون، بل وتحقيق رغباته الكامنة في مد وإطالة فترة حياته ولو في حدود معينة. وثمة الآن - على سبيل المثال - محاولات لزرع عدسة إلكترونية توفر للشخص إمكانات تلسكوبية تمكنه من الرؤية الليلية واختراق حجب الظلام الدامس واستقبال المعلومات، ونشرها على نطاق واسع. وقد يشير ذلك إلى ما يحدث الآن من تضييق الفجوة بين الخيال العلمي والعالم الحقيقى الواقعي وإن كان يثير في الوقت ذاته بعض التساؤلات حول أخلاقية هذه الإنجازات وأمثالها. وقد طرأت أثناء ذلك تغيرات جذرية في اتجاهات الفكر والثقافة، ومكانة المثقفين أنفسهم في الخارج، بحيث أصبح المثقفون بالمعنى التقليدي للكلمة مهمشين إلى حد كبير نتيجة عدم إحاطتهم بما فيه الكفاية بكثير من متطلبات ثقافة العصر الممهدة للمستقبل والتي تعتمد أساسا على المنجزات العلمية الحديثة. فالثقافة التقليدية ثقافة نظرية إلى حد كبير تعاني من تكرر أساليبها وأفكارها، بحيث توصف في بعض الأوساط بإنها مجرد شروح وتعليقات على شروح وتعليقات تكاد تؤدي في نهاية الأمر إلى ضياع «العالم الحقيقي». بل إن هناك أيضا من يصف تلك الثقافة التقليدية بأنها تلتفت إلى الماضي أكثر مما تنظر إلى المستقبل. فهي ثقافة متحجرة Fossil Culture تعجز بالرغم من كل شيء عن إبراز المعاني العميقة التي تنطوي عليها الحياة المعاصرة المعقدة التي تقوم على العلم التجريبي في المحل الأول وتؤلف الأسس الحقيقية لقيام إنسانية جديدة تنظر إلى الحياة من زاوية مختلفة. والاستفادة من وسائل وأساليب الاتصال الحديثة المتطورة. تطورات ثورية فالعالم المتقدم في الخارج يدخل الآن في مرحلة فكرية وثقافية جديدة تتميز بشدة الاهتمام والإقبال على تعرف الجديد، والإحاطة بالتطورات الثورية في العلوم البيولوجية والهندسة الوراثية والنانوتكنولوجي، والذكاء الصناعي والكون المتمدد والتنوع البيولوجي والجينوم الإنساني والواقع الافتراضي والفضاء الكوني وما إليها، ولكنها تميل في الوقت ذاته إلى اعتناق بعض الاتجاهات والنزعات الروحانية إن صح التعبير - المستمدة من الدراسات الإنسانية التي تعطي للبحوث العلمية التجريبية أبعادا جديدة في فهم الكون الذي نعيش فيه. ولن يقتصر تأثير هذه المرحلة الفكرية والثقافية على مجتمعات أو فئات بشرية معينة بالذات، وإنما سوف يشمل كوكب الأرض بأسره. وقد أفلح كثير من العلماء والكتاب في نقل ونشر مبادئ تلك الثقافة إلى أنحاء متفرقة من العالم، عن طريق كتاباتهم وإن لم يصل ذلك بعد إلى عالمنا العربي. وتعتبر هذه المرحلة بمنزلة انقلاب هائل في النظرة إلى الحياة يشمل أسلوب رؤية العالم ورؤية الذات ورؤية الآخرين ورؤية البيئة والكون كوحدة متكاملة، مع حدوث تغيرات جذرية في القيم والأولويات. وعلى ذلك فهى تبتعد ولو بعض الشيء عن النظرة المادية للكون وتقترب بالتالي من النظرة الروحانية التي تسمو فوق الماديات دون أن تغفلها تماما. فلم تعد الطبيعة موضوعا محايدا للبحث العلمي أو مصدرا للاستغلال السياسي والاستنزاف الاقتصادي، وإنما أصبحت «تؤلف نظاما مقدسا ومفعما بالذكاء ووضوح الهدف». فالنظرة الجديدة «تحتفظ بالشعور العميق بقداسة الكون» حسب التعبيرات التي تتردد بكثرة في الكتابات حول هذا الموضوع في الخارج. تحذير إلى الإنسانية في نوفمبر العام 1992 اجتمع أكثر من ألف وستمائة من كبار العلماء المهمومين بمستقبل الجنس البشري وعلاقته بالكون، وكان من بينهم عدد من الحائزين على جائزة نوبل في العلوم، وأصدروا تقريرا أو بيانا بعنوان «تحذير إلى الإنسانية» Warning to Humanity أشاروا فيه إلى أن «الجنس البشري والعالم الطبيعي في سبيلهما إلى الصدام، الذي قد يقلب الأمور رأسا على عقب ويجعل استمرار الحياة صعبا بالشكل الذي عرفناه وألفناه، «وأعلنوا صراحة «أننا نحذر الإنسانية كلها مما ينتظرها، وأنه ينبغى إجراء تغييرات جذرية على أسلوب توجيهنا لكوكب الأرض وطريقة التعامل معه والحياة فوقه إذا أردنا تجنب حدوث مزيد من البؤس الإنساني وتشويه هذا الكوكب بشكل لن تجدى معه أي محاولة للإصلاح». وقد نبه البيان إلى أنه على الرغم من أن الإنسانية واجهت خلال تاريخها الطويل كثيرا من المشكلات، فلم يحدث أبدا أن كانت تلك المشكلات على الدرجة نفسها من الضخامة والخطورة التي وصلت إليها الآن، والتى سوف يمتد تأثيرها السلبي إلى الأجيال القادمة، مما يتطلب إعادة النظر في الوضع العام من منظور جديد وبأفكار وقيم وتقدير دقيق للواقع ومحاولة الوصول لفهم صحيح لطبيعة خصائصه ومقوماته، وبخاصة فيما يتعلق بالتحديات الإيكولوجية التي لها أبعاد فيزيقية واجتماعية بل وروحانية. ولقد أدت الثورة في وسائل الاتصال إلى حدوث ثورة في الوعي والثقافة وترسيخ القدرة على ملاحظة الذات والتفاعل مع الآخرين ومتابعة العمليات والظواهر الكونية والتفكير في المستقبل وحرية الاختيار والانتقاء في ضوء هذه المعرفة الواسعة المتنوعة التي تؤلف في آخرالأمر وحدة معرفية كلية شاملة نابعة من النظرة إلى الكون على أنه «كائن حي، يتألف من نظم متكاملة ومتفاعلة سواء فيما بينها أو في علاقتها بالإنسان كأحد العناصر المكونة لهذا الكون، ولذا فإن من المنطقي أن يتجاوز التفكير العلمي الحديث في رأي بعض العلماء والمفكرين - النطاق الذي تحدده التخصصات العلمية الدقيقة المحددة، وأن يأخذ العلماء في اعتبارهم المبادئ الفكرية الأساسية المميزة للثقافات الأخرى التي تعنى بالجوانب الإنسانية أو الروحانية التي تغفلها أساليب وطرق ومناهج البحوث العلمية التجريبية التي ترتبط بالثقافة الغربية، وأن ذلك سوف يساعد على تحقيق النظرة الشاملة للمعرفة، وهو ماقد يبدو غريبا لأول وهلة. مبادئ للمستقبل يتمثل هذا الموقف أولا في الاهتمام الزائد في الغرب وبخاصة في الولايات المتحدة بدراسة الفكر الشرقي وما يشتمل عليه من نظرات نحو الكون وعملياته والعلاقات المتبادلة والمتفاعلة بين مكوناته المختلفة، ومكانة الجنس البشري في تلك المنظومة الموحدة التي تتيح إمكان تشكل الكائنات بطرق مختلفة والانتقال من هيئة لأخرى نظرا لاشتراكها كلها في مبدأ الوجود والعناصر المكوّنة لها كلها والاسترشاد بهذه الأفكار للوصول إلى فهم أكثر دقة وعمقا لوضع الإنسان في ذلك الكون ودوره في المستقبل المتغير. ويدور كثير من الجدل في الغرب حول إمكان الاسترشاد بتلك الآراء والاتجاهات التي تعتمد على التأمل للوصول إلى باطن الحقيقة والاستفادة منها في مواجهة بعض مواقف الحياة، بل وممارسة بعض أوجه النشاط العلمي والعملي، كما هو الشأن مثلا في بعض مجالات العلاج والتطبيب، بل وتدريس هذه الجوانب في الجامعات الأمريكية. ويتمثل ثانيا في الاهتمام بالثقافات الوطنية الأصيلة والنظريات الثقافية التقليدية وما تشتمل عليه من نزعات إنسانية ووجدانية وروحانية، كما سجلتها على الخصوص الكتابات الأنثروبولوجية، وبخاصة حول ثقافة الهنود الحمر في الأمريكتين، والتي تعنى بدراسة وتسجيل وتحليل تلك الجوانب الإنسانية. وكثير من الكتابات العلمية المعاصرة التي تهتم بالنظرة الشاملة التكاملية للكون تشير إلى أعمال الأنثروبولوجيين الذين كرسواجهودهم وبحوثهم الميدانية للكشف عن الجوانب الخفية، أو العناصر الكامنة وراء عمليات التفكير وأنماط الفعل والسلوك لدى تلك الجماعات كوسيلة لتحديد المبادئ المشتركة بين جميع البشر والتي يرتكز عليها مفهوم العقل الكوكبي أو الكوني. فهذه النظرة العامة الكلية الشاملة تنظر إلى كوكب الأرض على أنه كيان مقدس، وأن جميع الكائنات والموجودات الحية وغير الحية مرتبطة بعضها ببعض ومتفاعلة، وأن ثمة نوعا من «الذكاء» الواعي يكمن وراء كل شيء، بما في ذلك المناخ ودورة الحياة النباتية وعلاج الأمراض ورحلة الروح بعد الموت لدرجة أنه توجد الآن في الولايات المتحدة جماعات عديدة من مختلف المستويات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، تمارس الطقوس والشعائر الخاصة بالحياة الروحية عند الهنود الحمر، مثلما تتحول أعداد كبيرة إلى اعتناق ديانات ومعتقدات الشرق الأقصى، وممارسة طقوسها التطهيرية التي تؤدى إلى إحساسهم بالاندماج في الكون الكبير دون أن يروا في ذلك أي تعارض مع تمسكهم بمظاهر الحياة المادية الواقعية والتفكير العلمي التجريبي. فالعقل البدائي يدور حول فكرة وحدة الوجود، وكثير من المفكرين في الغرب وفي أمريكا بالذات ينظرون إلى هذا النوع من المنطق بغير قليل من التقدير، لأنه منطق متحرر من القوالب الجامدة المحكمة التي يصب فيها الفكر الغربي الذي يصف نفسه بأنه فكر أو تفكير علمي دقيق، وهو زعم يخضعه الكثيرون الآن للفحص الدقيق لمعرفة مدى صدقه. فالمعرفة الحقة ليست مجرد معلومات أو مبادئ وقواعد وإرشادات، وإنما هي بالإضافة إلى ذلك ممارسات عملية وتأمل وتطويع للذات وترويض للنفس، بما يتفق مع تلك التوجهات، وارتياد للعالم غير المادى المليء بالأفكار المجردة، بل وأحيانا بالتخيلات البعيدة عن الواقع المعيش، والذى يوصف في كثير من الكتابات بأنه (واقع غير مألوف ) أو غير معتاد، تزول فيه الفواصل والحواجز بين الأشياء. إنه «واقع» وحدة الوجود الذي تؤلف فيه الأشياء جميعها وحدة متماسكة كلية، بحيث يعكس الجزء أيا كان خصائص الكل وفيه تتفتح أبواب المعرفة على مصاريعها. ويتمثل هذا ثالثا في ازدياد الاهتمام بالأحداث غير العادية أو ما وراء الأحداث العادية المألوفة، التي يهتم بدراستها ماوراء علم النفس أو البارا سيكولوجي. وتشير بعض استطلاعات الرأي في الولايات المتحدة إلى أن النظرة أو الرؤية المادية للعالم التي يعتنقها العلم الحديث بدأت تدخلها تلك العناصر الجديدة، وأن خمسة وعشرين في المائة من كبار العلماء المتميزين أو صفوة العلماء Elite Scientists يؤمنون بهذه الأحداث والظواهر مثل التلباثي أو التخاطر وتحرك الأشياء من مواضعها دون وجود محرك ظاهر؛ وأن ثلثي أعضاء هيئات التدريس في المعاهد العليا يؤمنون أيضا بها. وهذه الظواهر تعني أن عقولنا مرتبطة بعضها ببعض بشكل ما وأن ثمة تبادلا لاشعوريا للتأثيرات بين جميع عناصر الكون، مما يستوجب أخذها جميعا في الاعتبار لإثراء التجربة الإنسانية والشعور بوحدة الكون مما ينعكس بالضرورة على العلاقات الإنسانية. استعادة الـمُـسلَّمَات وكل هذا يشير بوضوح، إلى أن الإنسانية تشهد الآن بزوغ وضع جديد يتمثل في فهم جديد للأنساق الفيزيقية وطرق جديدة للتفكير تستدعي استعادة المسلمات والافتراضات الذهنية المبدئية، وظهور بيولوجيا واقعية للعقل البشري وتحقيق إنجازات وقفزات في الفيزياء وتكنولوجيا المعلومات وعلوم الوراثة والهندسة الوراثية وغيرها من المجالات، التي تمثل تحديات أساسية للإنسان وطبيعته ولمعنى الإنسانية. ولتحقيق ذلك على أسس عقلانية فإن الأمر يتطلب تعاون وارتباط أو حتى اتحاد العلوم والإنسانيات في ثقافة موحدة والرجوع بذلك إلى الماضي ولو جزئيا وإحياء النزعة الإنسانية humanism التي كانت تأخذ العالم كوحدة كلية متماسكة وتنظر إلى المعرفة في كليتها ووحدتها، بالرغم مما فيها من تعدد وتنوع وتباين. وهذا كله يتضمن أتساع النظرة إلى الكون وتاريخه ومستقبله ووضع الجنس البشري في تلك المنظومة المعقدة والمتشابكة التي يتم اكتشاف جوانب جديدة فيها طيلة الوقت. ويكفي هنا أن نتذكر ماطرأ على تصور فكرة خلق الكون من تغيرات. فبعد أن كان التصور العام لتاريخ ذلك الكون لايتعدى ستة آلاف عام إذا بهذا التصور يتمدد ليرجع إلى أكثر من ثلاثة عشر بليون سنة على حدوث الانفجار العظيم وهي حقبة قابلة لمزيد من التمدد والاتساع تبعا لتقدم العلم. وهذا يصدق بشكل أوفى على المستقبل الذي قد يمتد إلى ما لا نهاية، وعلى ذلك فإن من المحتمل ألا يكون الإنسان المعاصر أو الإنسان العاقل هو نهاية حلقات تطور الآدميات وإنما قد يكون مجرد بداية لحلقة جديدة من حلقات التطور التي يدور حولها كثير من الجدل القائم على الملاحظة وتحليل المعلومات المتوافرة، وقراءة التأملات التي يزخر بها الفكر الشرقي والبدائي على السواء. ويعبر عالم الاقتصاد والإدارة الأمريكي بيتر دروكر Peter Drucker عن الوضع الحالي حين يقول: «في كل بضع مئات من السنين من تاريخ الغرب يحدث نوع من التحول الحاد، بحيث إنه خلال العقود القليلة المقبلة سوف يقوم المجتمع بإعادة تنظيم نفسه سواء فيما يتعلق بنظرته إلى العالم أو قيمه الأساسية أو أبنيته الاجتماعية والسياسية أو فنونه أو مؤسساته الحاكمة، وحينئذ لن تستطيع الأجيال القادمة أن تتخيل وجود عالم مختلف كان يعيش فيه أسلافهم وآباؤهم. إننا نشهد الآن حدوث مثل هذا التحول الهائل الذى سوف يحملنا إلى حياة وثقافة تتبلوران بسرعة فائقة، وتتميزان عموما بسعة الإدراك والوعي الكوكبي الشامل». ففي المجتمع الصناعي الذي يقترب من نهايته كان التفكير المادي يسيطر على الثقافة والفكر وكان الشيء «الحقيقي» هو العالم المادي الذي ندركه بحواسنا ونتولى تنظيمه بفكرنا وعقولنا، كما كان الهدف الأخير هو تحقيق المكانة الاجتماعية والنجاح المادي. أما المرحلة الحالية التي تعتبر بداية بزوغ إنسانية جديدة فإنها تنظرإلى الكون على أنه نسق موحد. وهي نظرة تنبثق من رؤية عميقة حول كلية وتفاعل وتماسك وترابط الكون، وفيها يترابط الأفراد من خلال شبكة عميقة من أحداث الحياة، وسوف يكون الهدف من الحياة هو تحقيق علاقات متوازنة بين المشاعر والوجدانات الداخلية من ناحية والظواهر المادية الخارجية من الناحية الأخرى بطريقة فعالة، بدلاً من أن يكون الهدف هو تحقيق النجاح المادي والاجتماعي فقط.
|