قُصُورُ الرَّمَادْ

قُصُورُ الرَّمَادْ

شعر

إلى الشاعر الراحل أحمد السقّاف

قَبلَ عِشرينَ عَامْ
عَلَّقَ المَوتُ أَجْرَاسَهُ
فوق «أَجْنحةِ العَاصِفَةْ»
وَارتَدَى «أَحْمَدا»**
مِنْ دُمُوْعِ النَّدَى
وَاغتِرَابِ الجِرَاحْ
تَارِكًا حَسْرَةً نَازفَةْ
مِنْ نَشيدِ الصَّبَاحْ
تَصْطَلِيْ فِي الظلامْ
مُنْذُ عِشرِينَ عَامْ
وَالمَدَى قَاحِلٌ
لَيْسَ غَيرُ القِفَارْ
تَسْتَثِيرُ الغُبَارْ
.. فِيْ الدُّرُوبْ،
لَمْ تَعُدْ في السُّهُوبِ
الطُّيُوبْ!
لَمْ يَعُدْ مِزْهَرُ الرِّيْحِ
يُغْرِيْ الغُصُونْ
لَمْ يَعُدْ لِلُّحُوْنْ
سُلَّمٌ أَوْ مَقَامْ!

***

مُنْذُ عِشرينَ عَامْ
وَالجُذَامْ
يَأْكُلُ الجِلْدَ مِنَّا
يَمُصُّ العِظَامْ
مُنْذُ سَالَتْ عَلَى الأَرْضِ
شَمْسُ الجُدُوْدْ
وَاسْتُبِيْحَتْ عُرُوبَتُنَا وَالحُدُودْ
مُنْذُ صَارَ السَّلامْ
عُبْوَةً نَاسِفَةْ
وَالبِلادْ..
لَمْ تَقُمْ مِنْ قُصُوْرِ، الرَّمَادْ
لَمْ تَعِ الدَّرْسَ
لَمْ تَفْهَمِ الحَدْسَ
مِمَّنْ وَعَوْا!

***

فِيْ فَضَاءِ الجَهَالاتِ
رَاحَتْ تَسِيْرْ
وَالرّطَانَاتُ فِيْ بَحْرِهَا
جَادِفَةْ!
وَالضَّمِيرْ
يَسْتَجِيرْ:
أَوْقِفُوا المَوْجَةَ الجَارِفَةْ
غَيْرَ أَنَّ الهَدِيرْ
صَمَّ نَبْضَ الشُّعُورْ!
وَحْشَةٌ مِنْ قَتَادْ
فَتَْتَتْ رُوحَ هَذَا الوَطَنْ
أَينَ صَوتُ التُّرَابْ
فِي حَنَاجِرِنَا..؟
أَينَ بَرْقُ السَّحَابْ
فِيْ نَوَاظِرِنَا..؟
أَينَ جَمْرٌ مُذَابْ
فِي دَفَاتِرِنَا..؟
أَينَ مَنْ فَجَّرَ الكِبْرَ فِي الانْهِزَامْ؟
أَيْنَ مَنْ قَالَ:
- يَا أُمَّتِي لَنْ يُضَامْ
قَلْبُ شَعبٍ تَخَضَّبَ بالانْقِسَامْ
فَانْفُخِيْ فِيْهِ مِنْ رُوحِكِ الخَالِدَةْ
كَيْ يَهُبَّ النِّيَامْ..

***

أَينَ «سَقَّافُنَا» اليَعْرُبِيُّ الدِّمَاءْ؟
أَيْنَ مَنْ صَاغَ فِي أَرْضِنَا الانْتِمَاءْ؟
أَيْنَ وَالِدُ أَعْوامِنَا الصَّاعِدَةْ؟
أَينَ مَنْ صَانَ أَقلامَنَا الوَاعِدَةْ
مِنْ فَسَادِ المِدَادْ؟
أَينَ مَنْ زَغْرَدَ الضَّادُ
فِي عَهْدِهِ
وَاسْتَقَامَ الكَلامْ؟

***

بَعْدَ عِشرِينَ عَامْ
لَمْ يَلُحْ نَجْمُهُ فِي الجِوَاءْ
لَمْ يُرَجِّعْ صَدَاهُ الغِنَاءْ

***

سَوَّرَتْهُ المِحَنْ
فَطَّرَتْ قَلْبَهُ المُمتَحَنْ
عُجْمَةٌ وَارْتِدَادْ
في صَحَارَى البَدَادْ
سَمَّمَتْهُ الفِتَنْ
وَالأفَاعِي التي طَوَّقَتْ بَحْرَنَا
وَالوِهَادْ..
لَمْ يُطِقْ جَدْبَ إِعْلامِنَا
لَمْ يُطِقْ صَمْتَ حُكَّامِنَا
فَانْزَوَى يَعصرُ الكِبْرِيَاءْ
فِي مَحَابِرِنَا النَّاشِفَةْ
دَاعِيًا حَادِيَ المَوْتِ
أَنْ يَحْمِلَ الفِكْرَةَ الوَاقِفَةْ
فِي عِنَادْ،
لِلسَّمَاءْ..!.

---------------------------
** هو الشاعر الراحل أحمد مشاري العدواني الذي رحل عام 1990، وأجنحة العاصفة هو ديوانه الأول.

 

 

جنة القريني 




الشاعر العراقي الراحل الجواهري أثناء وجوده في الكويت وبجواره السقاف أمين عام رابطة الأدباء في الكويت