لماذا اخترت هذه القصص؟

لماذا اخترت هذه القصص؟

بداية، أوجه شكري العميق لمجلة العربي على الدعوة الكريمة لتحكيم مجموعة من القصص القصيرة لشباب من العالم العربي، وأعتبرها مبادرة نبيلة، تسعى من ورائها المجلة إلى تشجيع الشباب على الكتابة وتكريس روح الإبداع لديهم، مثلما تروم خدمة القصة العربية والعمل على نشرها وإشاعتها في صفوف القرّاء بمختلف مستوياتهم. 
ولتحقيق هذا المسعى الإبداعي الجميل، فقد توصلت من مجلة العربي بخمس قصص، وهي لكتاب شباب ينتمون إلى بعض البلدان العربية.
 وأشير، هنا، إلى أني التزمت الدقة والموضوعية في اختيار القصص الثلاث الفائزة، إلى جانب فرادة الموضوع وسلامة اللغة والتركيز على أدبية النص وحسن التعبير والصياغة الفنية، إلى غيرها من المعايير النقدية الأخرى التي تحكمت في عملية تقييم كل نص قصصي إبداعي. وعليه، فقد انتهت قراءتي هاته إلى اختيار القصص التالية:

المرتبة الأولى: قصة «حياة أخرى» لمحمود فكري/مصر
وقد انصرفت إلى توظيف ما هو اجتماعي (بائعة النعناع) ونفسي (رجل استبدت به مشاعر الأبوة) بلغة سردية تستدعي ما هو نفسي. وهكذا، بعد أن يركن سيارته في مكان عمومي طلبًا للراحة، سيجد السارد نفسه أمام فتاة صغيرة تبيع النعناع. وبفعل براءتها التي سيطرت عليه، سيتمنى السارد أن تكون ابنته، لكن سرعان ما سيخيب ظنه بعد تعرضه لاعتداء من قبل المارة، ليكتشف، في الأخير، إلى أن الأمر مجرد حلم ولد لديه قيمة وأهمية الأبوة بعد أن رأى ابنته في المنام.

المرتبة الثانية: قصة «سكيع المقاهي» لبهاء إيعالي/لبنان
هي قصة تتناول سيرة رجل يعيش ضياعًا وهو يتسكع في شوارع بيروت، وبين فينة وأخرى يرتاد بعض المقاهي. الغريب أنه يلوذ بصمت مطبق ولا يكلم الندل الذين يأتون لخدمته، وعند خروجه يضع نبتة الغاردينيا في جيب نادلة المقهى وهو يغادرها. هذا الرجل البيروتي الصفي يعتبر نموذج الرجل العربي التائه الذي يعيش ضياعًا وغربة. ولما كانت نبتة الغاردينيا ترمز إلى الصفاء والنقاء، فهل وضع النبتة في جيوب الندل هي دلاليًا دعوة إلى العودة إلى النقاء بعد أن أفسدت المدنية حياة الإنسان العربي؟

المرتبة الثالثة: قصة «سجون البوح» لسيد علي تمار/الجزائر
تسرد هذه القصة حكاية عامل زراعي يعمل في ورشة الفلاحة. وإلى جانب إكراهات العمل وتعبه، فقد تحايل هذا العامل على رب العمل من خلال تجنب عدم لقائه خوفًا من مفاجأة غير سارة معتمدًا في ذلك على لعبة احتراق عود الثقاب كاملًا (فأل سيئ)، احتراق عود الثقاب حتى النصف (فأل حسن). والذي حدث أن هذا العامل لم يخرج للقاء رب العمل بعد أن احترق عود الثقاب في الوقت الذي حصل فيه كل العمال على إجازة. وبعد أن تدارك الأمر في وقت متأخر، طلب الصفح من رب العمل فما كان من هذا الأخير إلا أن حسسه بأن السجن الذي كان يقيم فيه (الأفكار السلبية) هو الذي دفعه إلى الصراحة. وهذه القصة تشير ضمنيًا إلى ضرورة التخلي عن الأفكار السلبية والمعتقدات غير المجدية في تعاملاتنا اليومية مع الآخرين، خاصة أرباب العمل الذين يؤمنون بقيم الإنسانية ويلتزمون بالقوانين المنظمة للعمل.

ملاحظات:
انصرفت هذه العينات من القصص الفائزة إلى التركيز على ما هو نفسي من خلال الانتصار للرغبة (القصة الأولى)، والدعوة إلى الصفاء والنقاء (القصة الثانية)، والتحرر من بعض الأفكار السوداء التي تحاكم الآخرين من دون أي مبرر معقول وبيداغوجي (القصة الثالثة). ولتمرير خطاباتها للقارئ، اعتمدت على التخييل باعتباره معينًا في العملية السردية مثلما اعتمدت على الإيهام بصدقية الأحداث من خلال التركيز على بعض الفضاءات (الشارع، بيروت، المقاهي، المزارع)، والسرد بضمير الغائب أساس السرد، ناهيك عن اللغة التي جاءت سردية وواصفة وهو ما زاد من جماليتها التي لا تستقيم، إلا بالانتباه إلى اللغة والابتعاد عن الأخطاء اللغوية.

 

المرتبة الأولى: قصة «حياة أخرى» لمحمود فكري/مصر

خرجت من عملي مرهقًا وسط شمس الصيف الحارقة، تنساب على جبيني أشعة الشمس اللاذعة، فتنهمر حبَّات العرق على ياقتي البيضاء وبذلتي الفاخرة، ارتديت نظارتي السوداء والتفتُّ باحثًا عن سيارتي الفارهة وسط زحام المارة وأصوات الباعة، ضغطت على زر مفتاحي الكهربائي لأمكث في خلوتي، وأغلقت بابي من ضوضاء الباعة ورائحة المارَّة.
نظرت إليهم باشمئزاز من نافذتي، أدرت سيارتي ومكيف الهواء، توغَّلت بين الشوارع حتى أوقفتني إشارة مرور، نظرت من شباكي الزجاجي فوجدت فتاةً صغيرةً بضفائرها الصفراء تداعب خديها الحمراوين.
 دقَّت زجاج سيارتي ففتحت نافذتي ونظرت لها بعطف، مدَّت يدها الصغيرة بأوراق النعناع النفَّاذة، كم أحببت تلك الطفلة من عينيها ورقَّة ملامحها وبراءتها الرقيقة.
 داعبت قلبي، تمنيت تلك اللحظة أن تكون ابنتي؛ فبرغم كل ما أمتلكه فأنا محروم من لحظة أبوة صادقة، ظللت أناظرها بانبهار الأب ولحظة حرمان، مددت يدي لأجتذب النعناع بعشقٍ ولهفةٍ، أمسكته وأنا أشتمُّ عطره بين يديها الصغيرتين، لماذا لم تكن لي هي وأوراق النعناع؟
 لماذا لم أقتنِها كأي شيءٍ أقتنيه؟
فهي أشياء لا تُشترَى!
أصبحت شاردًا في حضرة جمالها وطفولتها الحانية، أخذت تسألني بابتسامة بريئة:
 - عايز نعناع يا بيه؟
ارتجف قلبي من صوتها العذب، رسمت البسمة على شفتيَّ الغاضبتين من قدَر الحياة.
فتاة لم يتعدَّ عمرها السابعة تخطو خطوات الشقاء، تبحث عن قوت يومها وتحرق الشمس سنوات طفولتها، تخبئ خوفها بنظرات مرتعشة.
  أيّ أب هذا؟! ألم يخشَ على ملاكه الصغيرة؟
   ووسط كل ذلك تعالت إنذارات السيارات حولي، توقفت أطرافي وحياتي في تلك اللحظة العابرة، دعوت الله أن أترك كل ملذات الحياة، لأتجرع أحضانها وأتذوق طعم الأبوة.
 بدأت تتعالى أصوات المنتظرين بالسيارات وأنا حالم بين عالمها، حتى هرول إليّ رجل المرور ليسألني بكل عُنفٍ وحدة:
- لماذا الوقوف؟!
أشار لي بفتح الطريق، ظللت شاردًا، توقَّف عقلي، لا أرى أحدًا سواها مبتسمًا ماسكًا بأوراق النعناع ناظرًا إليها أتمعن شقاوتها، توقف عمري في لحظة.
احمرَّ وجهها خجلًا من شتائم رجل المرور لي وأنا لا أبالي، أخرج بحَّةً من مناخره وحشرجة تشق أذني سيمفونية منفردة.
«أوبرا مرورية» أصوات نادرة خارجة من المنتظرين بالشارع وأنا لا أبالي إلا بتلك الفتاة، مبتسمًا أشدُّ على أوراق النعناع وأنظر إليها. تزاحم الناس من حولي، أخرجوني من سيارتي وانهالوا عليّ ضربًا مبرحًا وأنا لا أبالي مبتسمًا، أنظر إليها وأنا تحت أقدامهم حتى أتت صفعة آخر مؤخِّرة رأسي، انتفضت من غفلتي لأجد نفسي مُلقَى على حصيرة بالأرض، وإذ بامرأة تصرخ في وجهي، سيدة سمينة الجثة صوتها يخرم أذني لتنادي وتقول:
- قوم يا مَوكوس يا ابن الموكوس قطَّع النعناع، عشان بنتك تسرح بيه في إشارات المرور.
فزعت من هول الصدمة، امتلأت عيناي بالخوف ثم نظرت إليها فوجدت بجانبها الفتاة البريئة في أحلامي هي ابنتي، هرعت إليها واحتضنتها بكل خوف وحنان، كم كنت قاسيًا عليها لا أعرف معنى الأبوة المفقودة! مسكت يديها أقبِّلها بتلهف حابسًا دموعي بين أحضانها أروي شوقي منها.
 حلمٌ أم حقيقة قلب حياتي رأسًا على عقب، كأنني أرى ابنتي لأول مرة في حياتي، حمدت ربي باكيًا على نِعَمه، لم أدرك قيمتها بعد أن فقدتها، لا أعرف إذا كان حلمًا أم تحقَّقت أمنيتي؟!

المرتبة الثانية: قصة «سكيع المقاهي» لبهاء إيعالي/لبنان

ظلّ هكذا قرابة الشهر قبل اختفائه من بيروت، خلاله دائمًا ما شوهِدَ في أحد شوارع المدينة، يجرّ قدميه بطوله وعرضه، في يده ورقةٌ مصفرَّةٌ وفارغة، وكذلك زهرة غاردينيا بيضاء تشعُّ نضرةً وحيويَّة.
يذرع هذه الشوارع جيئةً وذهابًا، ليس دون أن يكون قد رسم مسارًا واضحًا لأجل ذلك: يختار شارعًا وينطلق من أحد مدخليه، يتَّخذ الرصيف الأيمن ويمشي ببطءٍ حتّى يصل أوَّل مقهى هناك، يختار إحدى الطاولات الفارغة ويجلس دون أن يخلع معطفه الصوفيِّ الطويل، يخرجُ من جيبه علبة سجائر، ويلبث قاعدًا ملتفتًا يمينًا ويسارًا.
تأتيه النادلة بقائمة المشروبات وتضعها أمامه، يقلّب الصفحات بنظرةٍ تبيِّن أنَّه لا يرغب بالاطِّلاع على المحتوى بقدر محاولته تأمُّل التصاميم المشغولة بداخلها. يغلق القائمة ويعود إلى التلفُّت يمنةً ويُسرةً كالآخذ حذره من وجهٍ ما، يتأمَّل وجوه الزبائن الجالسين أو مساند الكراسي الشاغرة بحال كان المقهى فارغًا.
تعود إليه النادلة وتسأله بحال يرغب شيء، يظلّ صامتًا وعينيه جائلتينِ بين كراسي الطاولات الشاغرة، بوجوه الزبائن، وبالمنفضة الدائريَّة فوق طاولته. تكرِّر سؤالها له فيجيبها بصمتٍ إضافي. تغيب عنه للحظاتٍ معدودةٍ ومن بعدها تعود ليتكرَّر المشهد ذاته: تسأله بما يرغب ويجيبها بالمزيد من الصمت. وهكذا حتى تنتهي السيجارة بين إصبعيه، يطفئها وينهض من بعدها، يقطف بتلة من بتلات زهرة الغاردينيا ويضعها في جيب قميص الفتاة، راسمًا ابتسامةً كئيبة، ويخرج.
مع خروجه يتَّجه نحو المقهى التالي على نفس الرصيف حيث يكرِّر فعلته، فالذي يليه والذي بعده. وعلى هذه الحالة يستمر: يدخلُ المقهى، يشعلُ سيجارةً ويلتفت يمنةً ويسرة، يلبث هناك حتَّى انتهاء السيجارة ومن ثمّ يخرج بعد وضعه لبتلةٍ الغاردينيا في جيب قميص النادلة. وحين يصل طرف الشارع الآخر يستجمع ريقه، يبصقه منتصف سكَّة الطريق، ومن هناك يعود أدراجه ويعيد الكَرَّة ذاتها في مقاهي الرصيف الأيسر.
لطالما تباينت ردود فعل النادلات إزاء تصرُّفه هذا: منهنّ من رثين حاله البائس فأشفقن عليه؛ منهنّ من وجدن تصرُّفه ودودًا فبادلنه الابتسامة؛ منهنَّ من استغربن تصرُّفه دون ردَّة فعل؛ منهنَّ من غضِبن من تصرفه واعتبرنه متحرِّشًا فشتمنه بسريرتهن؛ منهنّ من استفزَّتهنَّ وقاحته فغضبن وحاولن إجباره على دفع «ثمن طلب»؛ ومنهنّ...
أمّا هو فغير مبالٍ بكلِّ ذلك، يكرِّر فعلته نفسها وكأنَّه يمارسها لأوَّل مرَّةٍ أبدًا، ورغم ثقب أذنيه بالشتائم التي يدركها بعض الأحيان، ورغم حالات الغضب والاستغراب لدى كلِّ مَن يتواجد هناك بمن فيهم عابري السبيل، إلَّا أنَّه لا يبادر بأيِّ إيماءةِ انفعال، بل يمضي وكأنَّ شيئًا لم يكن.
كلّ هذا يحدث وهو ملتزمٌ بصمته.
حينما تنتهي جولته هذه يعود إلى وسط بيروت حيث يتَّجه صوب «كافيه يونس»، وفيها تكون طاولته فارغة على الدوام. يجلس ويطلب كوبين من القهوة بالحليب، يضع كوبًا أمامه وكوبًا قبالته، يدخِّن سيجارةً تلو الأخرى، تظلُّ عيناه محدّقتين بالتناوب في الورقة المصفرَّة أمامه وفي الكرسيِّ المقابل له. يُخرِجُ من جيبه قلمًا، ودون أن يفتحه يكتب على الورقة أمامه، ولطالما حاول بعض الفضوليين معرفة ما يكتبه بتتبُّع حركة يده دون جدوى. يظلُّ هكذا حتَّى يُفرغ كوب القهوة أمامه، يخرج من جيبه كأس زهرة الغاردينيا، يرميه داخل الكوب الآخر، يدفع الحساب ويغادر.
على طريق عودته لا يعبأ بأحد... يمضي وبيده ورقته الفارغة التي أعطتها الأنوار الخافتة بياضها السابق، ذاك البياض المماثل لحياته والذي، بحسب عارفيه، أخرجه من توحُّش أولئك الذين تصطدم كتفه بأكتافهم أثناء سيره على الرصيف.

المرتبة الثالثة: قصة «سجون البوح» لسيد علي تمار/الجزائر

الساعة تشير إلى منتصف النهار، الكل مستغرق في حصد السنابل الذهبية والتي تتراقص مع نسيم الظهيرة الدافئ... الطيور تنتشي فرحًا بالهدوء ومع دندنة العمَّال تزيد من تغريداتها المتنوعة، خلف الأكوام المتراصَّةِ يقبع وحيدًا متلحِّفًا ظله! مستغرقًا في تفكيره الذي أصبح كالسَّجَّان، يضرب على أوتاره المرهفة أساطين الألم والأمل... يأخذ سنبلة من أكوام السنابل المتراصة حوله وفي كل زاوية من زوايا المستودع، الذي يغشاه بصيص نور من ثُقبٍ، وقد رسم مع ذرات الغبار المتطاير سمفونية نقْعَ الحرب! 
يرفع ذلك المرهق الحزين قليلاً من قُبعتِهِ، ليختلس نظرات قبل مجيء رب العمل المتغطرس.
تهتز الأرض وتتمايل مجْنَبَتَيْ الأكوام، بفعل عجلات الشاحنة الضخمة التي تقترب من الحقل والمستودع... في هذه الأثناء يستنفر العمال أصحابهم وقد اصطفوا في انتظار قدوم «حضرة المالك»، في هذه الأثناء ينزع المراهق قبعته وينهض وجعل ينظر من الثُّقب متتبعًا كل خطوة تخطوها الشاحنة الضخمة، يجلس مجددًا وقد أشعل عود ثقاب وقال: «إذا اكتمل احتراق عود الثقاب هذا، فلن أخرج وإذا لم يكتمل سأخرج، أتمنى أن لا تحترق لكي لا يحرقني بألفاظه الحادة!»، وصل «المالك» وقد وجد العمال مصطفِّين كأنهم بنيان مرصوص، وأخذ يرمقهم الواحد تلو الآخر، وبعدما قام بتعدادهم، أخرج ورقة وفيها أسماء الحاضرين من العمال.
بدأ ينادي عليهم ولكن عود الثقاب كان قد اكتمل احتراقه قبل مجيء رب العمل، فما كان من المراهق إلا أن طأطأ رأسه وقال: «يبدو أن الحظ قد عاكسني اليوم!، لن أخرج له سأبقى قليلاً حتى يذهب وأرتاح من ضجيج كلامه، لا أريده أن يُعلمني بدوام العمل الجديد...»، مجددًا ينظر المراهق من الثقب وألزق سمعه مع فتحة الجدار المقابل لثقب الباب، وإذ به يسمع: «أنت ستكون لديك إجازة مدتها أربعة أيام، وأنت لديك إجازة يوم... وهكذا دواليك»، حينها علم المراهق بأن الخير قد فاته وأنه أضاع فرصة «الإجازة التي انتظرها» على أحر من الجمر. 
يفرح العمال بإجازاتهم التي لم يحلموا بها من قبل، وقد تعوّدوا على خرجات «صاحب العمل والمالك للحقل» الذي يتفنن في تحميلهم ما لا يطيقون.
تنفس المراهق الصعداء وقد آلمه تضييع هذه الفرصة وقد علم حينها أن التحايل لا يجدي نفعًا، فقرر الذهاب إلى رب العمل واستسماحه عما بدر منه من اختباء، وعدم قدومه للقيام بالدوريات الاعتيادية لإحصاء العمال. 
بخطى متثاقلات يخرج وقد طأطأ رأسه، حتى اقترب من المالك فألقى عليه التحية وقال له: «سيدي أعتذر، لقد احترق عود الثقاب قبل مجيئك، وخفت أن أخرج وأنا دون أنيس يؤنس حرقتي... أرجوك اصفح عني وأجزني كما البقية»، يلتفت المالك وقد علت مُحيَّاه ابتسامة عريضة وهو يقول: «يبدو أن السجن الذي كنت فيه، قد علّمك صراحة البوح» ■