مجيد مجيدي السينما تعبير عن الطفولة المهمشة

مجيد مجيدي  السينما تعبير عن الطفولة المهمشة

يعتبر مجيد مجيدي من كبار المخرجين الإيرانيين والعالميين الذين اهتموا بقضايا الطفل والطفولة، حيث نشاهده دائمًا يقف في صف الأولاد، ويرصد بهجتهم ومعاناتهم، أفراحهم وأتراحهم، مآسيهم وبراءتهم، نشاطهم وهمومهم... إلخ. وهذا ما نجده في العديد من أعماله: «أطفال السماء»، «لون الجنة»، «نشيد العصافير»، «أطفال الشمس»... حيث حرص على نقل وقائعهم وتفاصيلهم، والدفاع عن قضاياهم وحقوقهم، وتصوير براءتهم وطهارتهم وصفاء سريرتهم، ينادي بحقهم في التعليم تارة، ويصف حياتهم في الشوارع تارة أخرى، ويرصد معاناة الذين يُجبرون على العمل القاهر، ويساند أولئك الذين يتم استغلالهم، ويصرخ من أجل حماية الفئات المهضومة، ويطالب بكرامة ذوي الاحتياجات الخاصة والعاهات المستديمة... إلخ. 

 

وحينما سُئل المخرج مجيد مجيدي في إحدى المقابلات الصحفية عن سر اهتمامه بعالم الصغار، ورصده لعوالمهم وظواهرهم واهتماماتهم، أجاب: «عالم الأطفال هو عالم النقاء والإخلاص، إنهم يؤمنون بكل ما تقوله لهم»، مردفًا في مقابلة أخرى: «إن براءة الأطفال لها أثر علينا، وهذا ما أرغب دائمًا في التعبير عنه». فموضوع الطفولة تيمة متكررة في سينما مجيدي، حاضرة دائمًا في أفلامه وأعماله الدرامية، سنحاول عرضها وتحليل أبعادها من خلال نموذجين سينمائيين بارزين:

1 - فيلم «أطفال السماء»: 
حلم بريء لاسترجاع الحذاء 
فيلم أطفال السماء للمخرج الإيراني مجيد مجيدي من أهم الأعمال السينمائية التي اهتمت بعالم الطفولة. وقد أنتج الفيلم سنة 1997م، وهو من تأليف مجيد مجيدي، رشح للعديد من الجوائز العالمية أبرزها السعفة الذهبية لمهرجان كان، واللائحة القصيرة لجوائز الأوسكار لفئة أفضل فيلم أجنبي.
 يفتتح الفيلم بتعقب حركات البطل الصغير وهو يتكفل باقتناء حاجيات المنزل بعد إصلاحه لحذاء أخته (زهراء)، بعد ذلك يصاب الفتى علي بورطة جعلها المخرج مجيدي بؤرة درامية تتفرع منها مختلف التفاصيل، فبينما علي مشغول بشراء لوازم الدار، إذ يفاجأ بضياع الحذاء الذي كان يحمله في المحل، ذلك أن عامل نظافة أعمى كان يمر من هناك فأخذه بدون قصد، فقلب الطفل علي المحل كله بحثًا عنه دون جدوى، وعاد أدراجه وهو حزين متحسر محطم الفؤاد.
يعود علي إلى منزله، ويلتقي أخته زهراء بوجهه الكئيب الحزين، فتستفسره عن حذائها، لكنه يتهرب ويتماطل في الرد عن سؤالها، ليبوح لها أخيرًا بمآل الحذاء والدموع تنهمر من عينيه، ويتودد لها كثيرًا حتى لا تخبر والديها بهذه المشكلة. تتفاعل زهراء هي الأخرى بتحسر وألم ودموع، وهي تفكر في الطريقة التي ستلج بها المدرسة في اليوم الموالي دون حذائها الوحيد.
يتحمل الفتى علي مسؤولية تدبير شؤون المنزل إلى جانب أبيه، فهو خليفته الذي وضع على عاتقيه حمل الاعتناء بأفراد الأسرة: التعاون مع الأم في أعمال المنزل، ومساعدة أخته الصغيرة زهراء في شؤون الدراسة. يلقي مجيد مجيدي الضوء هنا على براءة طفولة مهمشة في مجتمع طبقي يعاني من تفاوتات اجتماعية شاسعة، تفرض على العديد من الأسر الفقيرة تعليم أبنائها الصغار تحمل المسؤولية منذ نعومة أظفارهم، وتجبرهم على الدراسة والعمل أحيانا من أجل العناية بالأسرة، والتكفل بأفرادها، ومساعدتها على تحمل أعباء الحياة الثقيلة.  ففي أحد المشاهد، يؤنب الأب ابنه ويقول له «لم تعد طفلًا، فعمرك تسع سنوات»، دلالة على أن الأب يريد من طفله شخصية أقوى وأجدر بتحمل المسؤولية العائلية.
يستهدف كل من الشقيقين (علي وزهراء) البحث عن الحذاء واسترجاعه من جديد للتخلص من الورطة، يتواصلان مع بعضهما البعض بهمس وسرية بالغة حتى لا يعلم الأبوان، وأحيانًا عن طريق كتابة رسائل ورقية في كراستهما المدرسية. ليخلصا أخيرًا إلى حل مؤقت يرضي الطرفين إلى حين العثور على الحذاء الضائع، وهو التناوب على استعمال حذاء علي في الذهاب إلى المدرسة. فتأخذه زهراء أولاً إلى المدرسة، ثم ينتظرها شقيقها في أحد ممرات الحي لارتدائه بعد عودتها والركض مسرعًا للحاق بحصته الدراسية. وهكذا تمر الأيام عادية في البداية في انتظار إيجاد حل عاجل لمشكلتهما العويصة، إلى أن تبدأ المشاكل في الظهور في هذه الخطة، كتأخر علي ثلاث مرات متتالية عن مدرسته بسبب انتظاره زهراء لإعادة الحذاء، وسقوط أمطار قوية ليلًا أدت إلى تبلل الحذاء، وحجمه الكبير على قدم زهراء، إذ يسقط - عندما تضعه في قدميها - في قناة المياه ويعلق في البالوعة.
يمثل الحذاء، إذن، النواة المركزية التي تتمفصل من خلالها أحداث الفيلم، فهو الحلم الوحيد للفتاة الفقيرة، بعد أن أضاعت ما تملكه، وهو الهاجس الأول الذي يبحث عنه البطل، وكثير من اللقطات التي اعتمدها المخرج كانت تنزل فيها الكاميرا إلى الأسفل لمعاينة الأحذية والأقدام، وأحيانًا عبر هذه المعاينة كانت العدسة تقيم مقارنة طبقية بين تلاميذ الفئات الغنية الذين يلبسون أفخم الأحذية، وتلاميذ الطبقات المسحوقة والذين تمثلهم زهراء المنتعلة لحذاء ذكوري رث ومتسخ وممزق. 
ورغم صغر سنه (9 سنوات) وحداثة  رؤيته للحياة، يتصف البطل علي بالنضج والرصانة في اختيار المواقف والفطنة والذكاء في تقرير الأوضاع، فحينما تنظم بلدية المدينة سباقًا طويلاً للأطفال وتعلن عن جوائز الأبطال الثلاثة (الأوائل)، يقرر علي المشاركة فيه طالما أنه تدرب جيدًا، وربى في جسده لياقة بدنية هائلة ولو بغير إرادة رياضية أو هدف بطولي. ذلك أن جريه المتكرر إلى المدرسة بعد كل تأخر لزهراء عن مده بالحذاء عود جسده على الركض المتواصل بدون تعب أو عياء. 
ومشاركة علي في السباق تعود أساسًا لاختيار لجنة السباق لنوعية جوائزه، وضمنها الحذاء الذي سيربحه صاحب المركز الثالث. حيث يتخلى بطلنا الصغير عن فكرة الفوز بالمرتبة الأولى رغم إمكاناته البدنية الهائلة التي تفوق الجميع، ويصر على تحقيق الجائزة الثالثة (الحذاء) لإهدائه لأخته الحزينة. لكن علي يتوج بالسباق ولو بغير إرادته، فتلتقط عدسة الكاميرا - في لقطة بديعة - مشاهد تتويجه بالمركز الأول وهو يبكي حزنًا وغمًا، بسبب تضييعه لجائزة الحذاء التي يحصل عليها صاحب المركز الثالث فقط.
وينتهي الفيلم وبطلنا الصغير منكسر وحزين، بعد أن عاد إلى المنزل خائبًا بسبب تضييعه لجائزة الحذاء في السباق. يوجه مجيد مجيدي عدسة الكاميرا من فوق إلى الأسفل للإحاطة ببراءة اللحظة، بدرامية المشهد، بطهر سريرة البطل وصفاء مشاعره وتخوفه الشديد من مصير أخته التي يكن لها كل عواطف الحب الخالص. تتجنب زهراء الكلام معه، ويرمي حذاءه الممزق - من أثر الركض السريع - بألم وتحسر، ويضع قدميه الداميتين في الماء - بعد سباق طويل وشاق - لتحيط بهما الأسماك الذهبية في دائرة مائية صافية تشبه الشمس، دلالة على نقاء أحاسيسه وطهر رغباته وإخلاصه الشديد لشقيقته. لكن الكاميرا تنتقل بعد ذلك لترصد لنا تواجد حذائين جديدين، مخبأين في دراجة والدهما فور وصوله إلى المنزل. وهي نهاية مفتوحة توحي باستمرارية الحياة، وامتداد أحلام الأطفال البريئة، وسعة مخيلتهم اللامنتهية، وصدق عواطفهم النبيلة، وبراءة مشاعرهم الطيبة، وطهر أخلاقهم الشريفة.
ويسعى المخرج مجيد مجيدي من خلال فيلمه هذا إلى نقل صورة صادقة عن فئة الصغار وما تعانيه في مجتمع إيراني مفكك البنى والأواصر، نتيجة التفاوتات الطبقية الشاسعة التي تخلف الفقر والفاقة في الطبقات المسحوقة. إن مجيدي يسعى إلى خلق تعاطف المشاهد مع هذه الفئة المهملة، وما تقاسيه من صعوبات ومطبات في هذه الظروف القاسية. وهو هنا يخلق انعكاسًا أمينًا للواقع الإيراني، ويرسم صورة صادقة للطفولة يفصح فيها عن رسائل فنية وجمالية عديدة، ومقاصد اجتماعية وسياسية كثيرة. 

2 - فيلم «لون الفردوس»: 
قوى خفية تعوض عجز العمى
 تحفة أخرى من تحف المخرج الإيراني مجيد مجيدي المهتمة بقضايا الطفولة وأحلام الصبا نصادفها سنة 1999م، حيث عرض - لأول مرة - فيلمه الروائي الطويل (لون الفردوس). يحكي الفيلم قصة طفل كفيف يبلغ من العمر ثماني سنوات، ينهي سنته الدراسية في معهد للمكفوفين، ويتجه إلى قريته لقضاء عطلته الصيفية ويزور عائلته: جدته وأباه وشقيقاته.  
بينما تنجذب الجدة إلى حفيدها الأعمى (محمد) هي وشقيقاته اللواتي يتابعن دراستهن في مدرسة قروية، يهمل الوالد دوره الأبوي، ويتهرب كثيرًا من مسؤولياته تجاه هذا الابن (العالة) على العائلة حسب ظنه. في مقابل ذلك ينشغل الأب الأرمل بامرأة في قريته، فيحاول جاهدًا أن يتزوجها، رغم معارضة أمه التي ترى بأن زواجه هذا سيثنيه عن الاهتمام بابنه العاجز، ويصرفه عن الاعتناء بكل حاجياته الضرورية كطفل صغير بصير، يحتاج إلى الرعاية والاهتمام الكافيين في هذه المرحلة العمرية والوضعية الصعبة.
يعاني الأب صراعًا داخليًا قويًا بين مسؤولياته الأسرية من جهة، وبين رغباته العاطفية من جهة ثانية، لذا يهمل كثيًرا ابنه الضرير (محمد) ويحاول أن يتخلص من صداعه بأي طريقة، حتى لا يعرقل مخطط زواجه من امراة أرملة مثله. فيبعده أولاً عن الدراسة في معهد المكفوفين بالمدينة نظرًا لتكاليفها المرتفعة، ثم يرسله بعيدًا ليتعلم النجارة عند أحد معارفه في منطقة أخرى، وهو نجار أعمى تعلم تكييف إعاقته مع الواقع ليصبح عاملا مبدعًا في مجاله. هذا التصرف اللامسؤول من الأب سيؤدي ضريبته غاليًا، وسيجني عليه غضبًا شاملاً وقطيعة تامة من جدة محمد التي ستقرر الرحيل بعيدًا عن منزل ابنها، قبل أن يثنيها هذا الأخير عن ذلك بعد محاولات متكررة للاعتذار والاستعطاف.
 ليستيقظ ضمير الأب في النهاية، ويصوب وجهته إلى صديقه النجار لاسترجاع ابنه بعد سخط القدر عليه وتوالي المصائب المحطمة لأحلامه، من غضبة أمه المرّة إلى فشل مشروع زواجه من الأرملة إلى المصيبة التي لحقته هو وابنه عقب عودتهما إلى المنزل. حيث سيسقط محمد - هو وفرسه الذي كان يمتطيه - في النهر وتجرفهم المياه بعيدًا، ويتبعه الأب محاولاً إنقاذه من الغرق، لتكون هذه المحاولة آخر فرصة أمام الأب للتكفير عن زلاته وتطهير خطاياه.
 فيرأف المخرج بحال البطلين، ويشفق القدر على مصيرهما، وتتلاحم قوى الطبيعة - التي كان الولد يناجيها في السابق - لإنقاذهما وإنجادهما، فترتفع عدسة الكاميرا إلى السماء (في المشهد الختامي) مركزة على ملامح محمد التي بدأت تستعيد وعيها وهي تتناغم مع زقزقة الطيور وأصوات الطبيعة، معبرة في الآن نفسه عن رأفة السماء ورحمتها لحال الضريرين: الضرير الجسدي (محمد) والضرير النفسي (الأب).
إن الفيلم يلقي الضوء على معاناة الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة الذين يقاسون من عاهات مستديمة، تعيق حركتهم ونشاطهم وتفاعلهم الصبياني مع الحياة. لكن ورغم ذلك فبراءة هؤلاء بادية، ومكامن عجزهم هي - في نفس الوقت - نقاط قوة يستمدون منها طاقات هائلة وقدرات غير محدودة، لا يملكها الأصحاء وأصحاب الجسد السليم. فالفتى الصغير بالرغم من عماه، فإنه صاحب كفاءة كبيرة في التواصل مع الطبيعة وإدراك كنهها وإتقان لغة كائناتها وفهم رسائل عناصرها ومكوناتها. إن محمد يبدو وكأنه يرى الجمال والسحر في عناصر الطبيعة بطريقة لا يستطيع الآخرون رؤيتها. حيث يفهم لغة الطيور والعصافير، ويتواصل مع الحيوانات (الأحصنة، الدجاج...) بإشفاق وحنان، ويتفاعل مع صوت الماء، نسيم الهواء، ولمسات الأشجار بطريقة تعكس فهمه العميق للكون والطبيعة والوجود. 
وهكذا فإن مجيد مجيدي يلمح، في فيلمه هذا، إلى علاقة الوثاق التام والرباط الخام بين الإنسان القروي البسيط والطبيعة. هذه العلاقة الفطرية التي ما فتئ الإنسان البدوي متشبثًا بها، ومستنشقًا عبقها ونسيمها، ومتناغمًا مع مكوناتها ومخلوقاتها. حيث نرى في أحد المشاهد الولد الصغير وهو يعيد فرخا صغيرا للعش بعد سقوطه حتى وهو كفيف وبصير، فقط هو الإحساس الفطري بالغاب يعلمه بالمسار الصائب، وصوت الطبيعة - التي تربى في أحضانها - يفتح له البصيرة، وزقزقة العصافير - التي عاش في أكنافها - ترسم له الخريطة. 
في هذا الإطار أيضًا، وفي مشهد آخر، نشاهد الجدة التي بالرغم من الأحزان التي غمرت أعماقها، إلا أن عطفها الفطري على مكونات الطبيعة يظهر بشكل بارز وهي تعيد سمكة صغيرة عالقة إلى الماء، بعد أن سحبها التيار خارج النهر. كما استعان مجيدي - للتعبير عن حميمية العلاقات البدوية، ومتانة العائلة الريفية، وبساطة الإنسان القروي - بمجموعة من المظاهر الطبيعية والفنية والاجتماعية كتوظيف الورود للتزيين في الصباغة اليدوية... بساطة المسكن القروي... وعورة التضاريس الريفية... سلال البيض... حظيرة الدجاج... أعشاش الطيور... اسطبل الأحصنة... براءة الطفولة الظاهرة على محيا محمد وشقيقاته... إلخ.
بالإضافة إلى ذلك، فقد عالج الفيلم مجموعة من القضايا الوجودية المرتبطة بالدين والإيمان والروحانيات، خاصة حينما تركز عدسة الكاميرا على دموع محمد المنكسر والحزين بسبب إبعاده عن عائلته من طرف الأب، حيث يتساءل عن ذنبه في الحياة حتى يكون عالة على الجميع بسبب وضعه الصحي العاجز. ورغم ذلك يتقبل محمد وضعه بإيمان ورضى بالقضاء والقدر، مقتنعًا بأن عذابه الدنيوي هو اختبار إلهي بقدر ما فيه من عراقيل ومطبات، بقدر ما فتح بصيرته على أسرار الكون والحياة، ومكنه من قدرات هائلة في التواصل مع الخلق والتفاعل مع الكائنات والاستشعار بالطبيعة وخصائصها الغامضة.  
فمحمد - رغم عماه - يملك قدرات خارقة في التواصل والتفاعل والتفاهم مع الطبيعة ومخلوقاتها.  وحينما تعرض للغرق في المشهد الأخير، نجاه الله بأعجوبة من هذا الهول المفجع، حيث ينتهي الفيلم بتحريك الطفل الكفيف لأصابعه التي كانت تمثل الوسيلة الأساسية لتواصله مع العالم والحياة. فبواسطة الأصابع تعلَّم القراءة البارزة، ونحت أشكال الطيور بأنامله المبصرة لجمال الكون الذي يمر على الكثيرين، لكنهم لا يرون منه شيئًا. وعن طريقها أيضًا كان يتعرف على الآخرين، ويساعد الحيوانات، وينقذ الطيور، ويتلاعب بالأزهار، وينتعش بالماء، ويتحسس الكون، ويتعرف على أسرار الحياة وأخبار أهلها.
هكذا يتبين لنا، في الختام، أن المخرج مجيد مجيدي اختار طريقًا فنيًا يحاول من خلاله استكشاف معالم الجمال في العالم، ورصد الواقع رصدًا إبداعيًا يلتقط فيه جزئيات الحياة وتفاصيلها. وذلك عبر التركيز على فئة هامشية لم تحضر بالشكل الكافي في أغلب الأعمال السينمائية (الأطفال)، حيث ينقل لنا بساطة حياتهم، وبراءتهم المتأصلة في المجتمع، وارتباطهم العضوي بالعائلة والطبيعة. 
إن أبطال مجيدي أطفال فقراء، يعوزهم المال لكن لا تعوزهم السعادة، أغلبهم من الأطفال العاديين الذين لا يملكون خبرة في التمثيل. ينتقيهم من الشارع الإيراني ويصورهم في أفلامه على أنهم أكثر نضجًا من الكبار، لكنهم يتمسكون ببراءتهم وطهرهم الصبياني، يوظفون ارتجاليتهم وفطنتهم في مختلف المواقف التشخيصية، وينطلقون من عفويتهم وتلقائيتهم الطفولية ■