المخرج السينمائي أنور قوادري: أنا أكبر مغامر سينمائي في الوقت الحاضر

يظلّ الشرق والمنطقة العربية تحديدًا مصدر إلهام للمخرج العالمي أنور قوادري، والمنبع الذي ينهل منه أغلب ثيمات وأفكار أعماله الفنية، سواء كانت أفلامًا أو مسلسلات درامية. ومنذ إقامته في العاصمة البريطانية لندن في سبعينيات القرن الماضي؛ لم ينقطع قوادري عن وطنه العربي، وقد نالت أفلامه تقدير النقاد الغربيين وأشادوا بها.
أنور قوادري مخرج وكاتب سيناريو ومنتج سوري، من مواليد دمشق 1953م، تخرج في الأكاديمية المركزية للعلوم السينمائية والدراما عام 1976م، وحصل على منحة في لندن لدراسة فن المونتاج والإخراج السينمائي. رفض والده المنتج والموزع السينمائي تحسين قوادري فكرة سفره ودراسته للسينما في لندن، لكنه رضخ أمام ضغوط الأصدقاء من الفنانين والمخرجين. كان فيلم «جوليا» عام 1978م، أول أعماله في السينما العالمية.
عُرفت أعمال قوادري بجرأتها، فقد تناول في فيلم «غرفة انتظار» عام (1980م) مسألة التفرقة العنصرية وقضايا المهمشين في الغرب، وقدم فنانين أصبحوا نجومًا في ما بعد مثل الممثلة العالمية فينولا هيوز التي قدمها لأول مرة في فيلم «كسارة البندق» (1983م)، وخالد الصاوي الذي قدمه في دور البطولة في فيلم «جمال عبدالناصر» (1998م). ومما يحسب لجرأته أيضًا تحويله فيلم محمد خان «موعد على العشاء» إلى فيلم عالمي «كلوديا» (1985م)، كما أخرج وكتب العديد من الأعمال الدرامية في مصر وسورية، وفي ما يلي تفاصيل الحوار:
● ساعدتك دراسة الإخراج والمونتاج في لندن، وحياتك في المجتمع الأوربي، على كتابة وإخراج العديد من الأفلام البريطانية... إلى أي مدى أثرت شخصيتك وثقافتك العربية على تناول قضايا المجتمع الغربي؟
- انتقلت من دمشق إلى لبنان لظروف عمل والدي المنتج والموزع السينمائي تحسين قوادري، وكنت حينها بالمرحلة الثانوية والتحقت بمدرسة داخلية. أحببت اللغة الإنجليزية كثيرًا مما ساعدني على التعرف على الأدب الإنجليزي في لغته، وفتح الآفاق أمامي لقراءة الأعمال الأدبية لشكسبير وبرنارد شو، وغيرهما من الكتاب الغربيين، كنت أقرأ إلى جانب ذلك الأعمال الأدبية العربية خاصة كتابات نجيب محفوظ، التي ارتبطت بها كثيرًا وكنت أقوم أثناء القراءة بتخيل الشخصيات وحركتها، وكأني أقوم بإخراج فيلم عن أحداث الرواية. لقد كان لدي منذ البداية هاجس المحافظة على هويتي العربية وفي الوقت نفسه أسعى إلى التعلم من الثقافة الغربية وأحاول التوازن بين الثقافتين.
في فترة أخرى عندما بدأت كتابة السيناريو، استفدت من الخطوط الدرامية العريضة التي ينسجها محفوظ، كما استفدت أيضًا من البناء الدرامي لبعض الأعمال العالمية خاصة عند شكسبير وفيكتور هوجو، مما شكل لدي تلك الخلطة العجيبة التي ساعدتني على تقبل الحياة والتعايش في أوربا منذ جئت إلى لندن عام 1973م، حيث بدأت دراسة علوم السينما. وهو ما ساعدني على تفهم المجتمع الغربي وثقافته، فضلاً عن انني كنت محظوظًا بمتابعة أحدث الأفلام التي كانت تنتج في هوليوود ولندن وفرنسا، إلى جانب الأفلام العربية بالطبع. فقد كان لدي شغف أن أقضي عطلة نهاية الأسبوع بمشاهدة أكبر عدد من الأفلام وأن أتعرف على المخرجين السينمائيين، ولذلك توطدت علاقتي بهم خاصة أولئك الذين أعجبت بتجاربهم مثل سرجيو ليون صاحب فيلم «من أجل حفنة دولارات» وحرصت في ذلك الوقت أيضًا على مشاهدة أفلام المخرجين المصريين أمثال صلاح أبو سيف، وهنري بركات، وكمال الشيخ، ومخرجي الموجة الجديدة التي كان يتزعمها حينذاك حسين كمال، وسعيد مرزوق، وغيرهما.
ذكريات لا تنسى
● هل تحدثني عن ذكرياتك مع والدك المنتج والموزع تحسين قوادري؟ وما الذي أضافه إليك على الصعيد الفني خاصة اتجاهك لدراسة السينما في أوربا؟
- لم يوافق والدي في البداية على دخولي مجال السينما لما يعيشه السينمائي من معاناة حقيقية، وكان يفضل أن أكون مهندسًا مثل إخوتي، أو طبيبًا، وقد زادني ذلك تمسكًا وإصرارًا على اختيار السينما مستقبلاً لي، وهو الأمر الذي جعله يوافق بعد مجادلات وشد وجذب، وكان لصديقه المنتج السوري نادر الأتاسي الدور الأكبر في ذلك، وكنت قد عملت معه في فيلم «قطط شارع الحمراء» عام 1971م، من إنتاجه بالاشتراك مع والدي، وأنتج لي في ما بعد الفيلم العالمي «كسارة البندق».
كما تدخل لإقناع والدي أيضًا بعض الفنانين مثل نور الشريف، وحسين فهمي، وهنري بركات، وغيرهم. وكنت قد التقيت بمعظم الفنانين في مكتب والدي بلبنان أمثال: حسن الإمام، وحسن يوسف، ومحمود ياسين، ونادية لطفي، وشادية، وتربطني بهم ذكريات كثيرة وأيام لا تنسى، وساهموا في إقناع والدي بأن أدرس الإخراج في لندن.
● من هم الأكثر تأثيرًا على تجربتك الفنية سواء في أوربا أو في الوطن العربي، أقصد أساتذتك الذين تعلمت منهم وتأثرت بتجاربهم؟
- تعلمت كثيرًا من الأفلام الغربية التي شاهدتها واعتبر المخرج الإيطالي سرجيو ليون أستاذي، كما تعلمت من ديفيد لي، فقد كانت تعجبني أفلامهما وأكرر مشاهدتها، فقد كنت محظوظًا بأن والدي موزع ومنتج سينمائي، مما وفر لي ارتياد قاعات السينما مجانًا، وكنت أحب تكرار مشاهدة بعض الأفلام، وأحيانًا أحسب الوقت لأدخل إلى قاعة العرض على مشهد معين أود مشاهدته.
أما السينما العربية فقد تأثرت وتعلمت الكثير من عاطف سالم وهنري بركات على صعيد التجربة العملية. أيضًا أنا من عشاق عبدالحليم حافظ وفريد الأطرش، وكنت أداوم على مشاهدة أفلامهما، خاصة أن الموسيقى والطرب يلعبان دورًا كبيرًا في حياتي. وقد ارتبطت بالعملاق بليغ حمدي وارتبطنا معًا بالكثير من الذكريات، خاصة الفترة التي أقام فيها بلندن فقد كان صديقًا مقربًا من والدي.
عملت مع العقاد
● لديك الكثير من العلاقات مع نجوم هوليوود، فضلاً عن دخولك مجال الإنتاج السينمائي، لماذا لم تُقدِم على إخراج أعمال كبرى كما فعل المخرج مصطفى العقاد، مثلاً، في تجربتيه الكبيرتين «الرسالة»، و«عمر المختار»؟
- من حسن الحظ أنني عندما كنت أدرس بلندن، كان مصطفى العقاد يجري أعمال المونتاج لفيلم «الرسالة»، وطلب منه والدي أن أتدرب معه في مونتاج النسختين العربية والإنجليزية، وبالتالي كنت محظوظًا بأن أراقب وأتعلم من كادرين كبيرين، مثل جون بلوم المونتير البريطاني الذي ترجم النسخة الغربية، وحسين عفيفي الذي قام بمونتاج النسخة العربية. استمتعت كثيرًا بذلك برغم أنني لم أكن حينها أميل إلى الأعمال الملحمية إلا في ما بعد مع أفلام مثل «جمال عبدالناصر»، بل كنت أميل في ذلك الوقت إلى الأعمال الرومانسية والأعمال التي تقوم على الجوانب الإنسانية.
● رغم انتقالك للعيش في أوربا منذ السبعينيات، إلا أن علاقتك لم تنقطع بالوطن العربي، سواء على مستوى التواصل الإنساني، أو على صعيد العمل... كيف استطعت أن تحدث هذا التوازن؟
- التوازن بالنسبة لعلاقاتي بالفنانين والسينمائيين سواء الغربيين أو العرب، كان نتيجة طبيعية لشخصيتي المعجونة بالطرفين، فقد كنت أتابع بشكل مستمر ـ وإذا التقيت بسينمائي غربي أو مخرج أو فنان عربي، ليس لدي مشكلة عن أعماله، وكانت بيني وبينهم مناقشة مستمرة حول الأعمال السينمائية. وفي بداياتي كان أغلب تركيزي في العمل على السينما العالمية، لكني عدت إلى المواضيع العربية التي لها امتداد غربي، حتى نوضح قضايانا للجمهور الغربي، بالتالي فالتوازن موجود بالطبع كوني مواطن عربي يعيش في الغرب، ولذلك استطعت التعامل مع الفنانين الغربيين والفنانين العرب في الوقت نفسه دون أدنى مشكلة، وأنا الآن بصدد العمل على أعمال عربية يكون لها امتداد عالمي.
اكتشاف نجمة عالمية
● في فيلمك الشهير «كسارة البندق» بطولة النجمة العالمية جوان كولينز، قدمت لأول مرة الوجه الجديد فينولا هيوز، لتلعب دور الراقصة السوفييتية التي تهرب إلى بريطانيا، لتصبح هيوز نجمة هوليوودية بعد ذلك، ومنحت الفنان خالد الصاوي البطولة المطلقة في فيلم «جمال عبدالناصر» ولم يكن معروفًا حينذاك... ما الذي يدفعك لذلك؟ ألا تخشى المغامرة، وهل هناك مغامرات أخرى تجاه ممثلين آخرين؟
- أنا أكثر مغامر سينمائي ممكن تواجهه في الوقت الحاضر، وكنت في البدايات لا أفكر في المغامرة أو في كسر القاعدة في التعامل مع النجوم الغربيين، لكني أردت اكتشاف نجمة عالمية في فيلم «كسارة البندق» هي فينولا هيوز فقد كانت تعمل كومبارس في مسرحية «كاتس»، رأيتها بالصدفة وأصبحت من نجوم هوليوود، نفس الأمر حدث مع الفنان خالد الصاوي، الذي اكتشفته وقدمته بطلا في فيلم «جمال عبدالناصر».
«بولينا»... جائزة مهرجان شيكاغو
● خلال مسيرتك الفنية في إنجلترا كانت خطواتك تسير بوتيرة ثابتة إلى حد ما، حيث اعتدت أن تقدم فيلما كل عامين أو ثلاثة، جاء فيلم «جوليا» عام 1978م، بعدها «غرفة الانتظار» 1980م، ثم «كسارة البندق» 1983م، و«كلوديا» 1985م ... ثم توقفت مسيرتك لمدة ثماني سنوات، عدت بعدها بفيلم «سباق مع الزمن» عام 1993م، لماذا هذه التوقفات؟ هل تتعامل مع العمل السينمائي بمزاجية الهواة؟ أم ما الأمر؟
- موضوع انتقاء الأعمال وتحضيرها يستغرق وقتًا طويلاً، وهذا ما حدث في الأعمال التي قدمتها مثل فيلم «بولينا» الذي حصل على جائزة من مهرجان شيكاغو، وكذلك «غرفة انتظار»، و«كسارة البندق»، وتحويل فيلم محمد خان «موعد على العشاء» إلى فيلم عالمي «كلوديا» والذي نجح نجاحًا كبيرًا، فالمتبع أنك تنقل فيلمًا أجنبيًا إلى عربي، لكني أعجبت بالفيلم فقمت بتحويله إلى فيلم عالمي، بمشاركة ممثلين عالميين قاموا بلعب الشخصيات التي قدمها أحمد زكي وحسين فهمي وسعاد حسني.
توقفت فترة عن الإخراج وكنت أعمل حينها بالإنتاج، والإنتاج ليس مجرد تمويل إنما كنت أعمل بعقلية الفنان، فعملت على إنتاج أفلام ومسلسلات، إلى أن جاء فيلم «جمال عبدالناصر» الذي استغرق حوالي 5 سنوات، فقد كنت أعد عن عبدالناصر خمس حلقات تلفزيونية، إلى جانب فيلم ملحمي عالمي بنجوم عالميين، ثم قررت أن أعمل بنصيحة والدي بأن يكون الفيلم عربيًا مع الحفاظ على الخط الأجنبي، فأحضرت نجومًا عالميين يؤدون أدوار الشخصيات الأجنبية. ولذلك فهو عمل عربي له امتداد عالمي وقد نجح العمل ويعرض على القنوات التليفزيونية في العالم من حين لآخر، وأصبح وثيقة تاريخية أفتخر بها.
● لماذا توقفت عن السينما بعد فيلم «جمال عبدالناصر» عام 1998م، ولم تقدم أي عمل حتى الآن؟
- لم أتوقف عن السينما، لكن بعد فيلم «جمال عبدالناصر» دخلت في إنتاج أفلام عالمية في بريطانيا وهوليوود، مثل فيلم «ترنيمة مدينة»، وذلك حدث أيضًا مع مصطفى العقاد الذي اهتم أكثر بالإنتاج بعد فيلم «عمر المختار». وجاء توقف آخر بسبب انتشار وباء كوفيد 19، وانتهزت الفرصة وكتبت ثلاثة مسلسلات وفيلمين روائيين.
المهمشون في أوربا
● قام فيلم «غرفة الانتظار» على تناول قضية التفرقة العنصرية في الغرب، ألم تخش أن يتخذ الجمهور موقفًا ضدك خاصة أن الفيلم كان عملك الأول في بريطانيا؟
- فيلم «غرفة انتظار» نقطة تحول في حياتي وفتح أمامي الطريق للسينما العالمية، وقامت بتوزيعه أكبر شركة توزيع في بريطانيا، وهو من أقرب الأفلام إلى قلبي، فقد كنت في بداية انطلاقتي ولا أخفيك أني كنت مندفعًا بسبب ما أراه من ظلم يقع على المهمشين، حيث كانت هناك تفرقة عنصرية في الغرب وخاصة في بريطانيا، وكان من المهم أن أقدم فيلمًا عن هذه القضية، وهو ما فتح لي المجال أن أقدم فيلم «كسارة البندق» مع كولينز، وجعل اسمي يعرف في الغرب كمخرج ملتزم، لاسيما أن اسمي العربي كان مفاجأة في الغرب في تلك الفترة التي كان من الصعب أن يشق مخرج عربي طريقه في السينما العالمية، لكن تفاعل الجمهور والنقاد مع الفيلم ساعدني كثيرًا.
● لا شك في أن فيلم «كسارة البندق» مثّل نقلة كبيرة في مسيرتك الفنية وانطلاقة نحو العالمية؟
- من المؤكد أن فيلم «كسارة البندق» عام 1983م وضعنا على خريطة السينما العالمية بدون شك، خاصة مع وجود نجمة هوليوودية بريطانية كبيرة في الفيلم هي جوان كولينز، مما جعل الأمور تتبدل وأصبحت الأبواب مشرعة أمامي لكي أبدأ مسيرتي في السينما العالمية، فأفلامي تعرض على القنوات الفضائية والمنصّات في أوربا وأمريكا وكثير من دول العالم.
بين الخيال والواقعية
● في مسلسل «سحر الشرق» يمتزج الخيال بالواقعية، وتبرز الرومانسية من خلال قصة عاطفية تعيشها سيدة إنجليزية في سورية، حيث فضلت العيش في البادية مع زوجها، بعد أن افتتنت بالحياةَ البدوية البسيطة... ما الذي دفعك لهذا العمل؟ وهل مايزال في الغرب من يفتتن بالحياة العربية؟
- بدأت العمل على هذا المسلسل وإعداده عن قصة حقيقية جلبتها لي جوان كولينز، ونصحني والدي تحسين قوادري بالعمل عليه كمسلسل تلفزيوني بدلا من الفيلم، واستجبت لرأيه. وقدمت الممثلة اللبنانية تينا جروس في دور جين ديجبي التي حققت حضورًا لافتًا. وحقق المسلسل ردود أفعال جيدة. شارك بالمسلسل كوكبة كبيرة من الفنانين، منهم جمال سليمان، وأمل عرفة، وعبدالهادي الصباغ، ويتناول سيرة جين ديجبي وهي سيدة أرستقراطية من البلاط البريطاني عاشت في القرن التاسع عشر، وقد تركت القصور وحياة النبلاء وعاشت في الشرق حيث أحبت وتزوجت شيخًا بدويًا.
● كيف تقيم علاقتك بالسينما في مصر؟
- ارتباطي بالسينما المصرية كان مبكرًا، فقد عملت في بداية شبابي ملاحظ سيناريو مع عاطف سالم وهنري بركات، لذلك تجدني أحب العمل في مصر، وفيلمي «جمال عبدالناصر»، مثال حي على ذلك. وحينما قدمت مسلسل «عرب لندن» أول أعمالي للتليفزيون عبر عن الجالية العربية في لندن وحقق نجاحًا كبيرًا فقد جمع فنانين من مصر ولبنان وفلسطين والخليج وشمال إفريقيا. وهناك طرفة لا تنسى، فمن سماني أنور هو الفنان أنور وجدي، وكان يريد أن يتبناني فنيًا، حتى أن والدي قال له مازحًا: «أنا أبيع أفلامي يا أنور ما أبيع أولادي».
تحولات السينما السورية
● إلى أي مدى تستطيع السينما السورية أن تعبر مستقبلاً عن الأزمات التي عاشها السوريون بسبب الحرب؟ وألم تفكر في أخذ زمام المبادرة؟
- السينما السورية تحولت من سينما مزدهرة عندما كان والدي ورفاقه يقومون بإنتاج أفلام في مصر إلى أن دخلت الدراما التليفزيونية وطغت على الإنتاج، فلم يعد الجمهور يقبل على السينما وقل الحضور مع انتشار الدراما التلفزيونية فتحول الجمهور من السينما للدراما، ولذلك تجد معظم المسلسلات السورية يتم تصويرها بطريقة سينمائية، وقل الإنتاج السينمائي. مما جعل الجمهور يرتبط بالدراما ويهجر السينما. كما أصبحت المؤسسة العامة للسينما تابعة للحكومة ولم تعد تعتمد على الجهود الفردية كما كان مع تحسين قوادري ونادر الأتاسي. كانت هناك شركات إنتاج سورية تتعاون مع مصر، وكان كبار المخرجين يأتون إلى سورية وكانت هناك وفرة في الإنتاج المشترك، كل هذا توقف تمامًا.
على السينما السورية الآن أن تستعيد الثقة بالفيلم السوري الذي ينتجه القطاع الخاص، وهذا لا يتوفر الآن بكل أسف، لأن دور العرض التي كانت منتشرة بدمشق وحلب والمدن السورية الأخرى أغلقت، ولم يعد هناك سوى عدد قليل من دور العرض، وليست هناك مقومات مجدية ماديًا لعودة السينما السورية، بينما الدراما مربحة، ولذلك اتجه المنتجون إلى الإنتاج الدرامي، وكان والدي قد تنبأ بذلك وذكر أن المستقبل سيكون للدراما التلفزيونية، وكان يشعر بالحسرة لأنه من الذين بذلوا جهودًا كبيرة لتكون هناك سينما سورية ■